د. عادل أبو العباس: التاجر الصدوق يبيع السلعة القديمة بسعرها
د . صالح الأزهرى: المستغلون والمحتكرون آثمون شرعا
تحقيق: سمر هشام
ما حكم بيع السلعة القديمة بالسعر الجديد؟ سؤال يطرحه الكثيرون في ظل ارتفاع أسعار الكثير من السلع، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد والمدفوعة بارتفاع سعر الدولار وارتفاع التضخم. فهناك الكثير من التجار يقومون بالسيطرة على الأسواق ورفع أسعار بعض السلع بشكل مبالغ فيه! رغبة منهم في تحقيق أرباح عالية! ما أدى إلى حدوث أضرار بالغة اقتصادية.
“عقيدتى” قامت باستطلاع رأى الشرع في ذلك.
فى البداية يوضح د. عادل أبو العباس- عضو لجنة الفتوى بالأزهر- أن البيوع في الإسلام من أهم أبواب الفقه لتعلق أحكامها بقضايا الحلال والحرام ولأن قضاياها تتعلق بحياة الناس في المأكل والملبس والمشرب ولذلك اهتم القرآن والسنة بفقه البيوع لكل من البائع والمشتري لذا ينبغي علي التاجر أن يتعلم فقه البيوع حتي لا يدخل في المحظور.
الصادق والجشع
أشار إلى أن السنة مدحت التاجر الصدوق وذمَّت الجشع الذي يستغل حاجة الناس ووصفته بالفاجر ودعته إلي الرحمة بالناس لاسيما في أوقات البلاء والغلاء، فقال الرسول الكريم: “رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشتري وإذا اقتضي “.
اضاف: إذا تجاوز التجار الحدود في أوقات الشدة فاحتكروا السلع ومنعوها حتي يرتفع سعرها وجب علي الحاكم أن يزجرهم ويمنعهم من أفعالهم النكراء بقوة القانون، ناهيك عما ينتظرهم من عقاب الله في الآخرة حيث تلحقه اللعنة ولا تقبل منه الطاعات لقول الرسول: “المحتكر ملعون “.
فالتاجر الصدوق يبيع السلعة القديمة بسعرها القديم ويحرم عليه تخزينها حتي يرتفع سعرها أما الجديد فبسعره الجديد (لا تَظلِمون ولا تُظْلَمون)، وهذه هي عدالة الإسلام فـ”الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء “.
أمران مختلفان
من جانبه يوضح د. صالح الأزهرى- عضو لجنة الفتوى بالأزهر- أنه يجب علينا التفرقة بين أمرين، الأول: هل هذه السلعة القديمة قام التاجر باحتكارها لفترة من الزمن حتي يرتفع سعرها؟ أم ارتفعت من تلقاء نفسها؟ ففي الحالة الأولي يكون قد وقع في إثم عظيم لقيامه باستغلال حاجة الناس واحتكار السلعة. اما في الحالة الثانية لو ارتفع ثمنها من تلقاء نفسه دون تدخل منه في منعها من التداول فهنا جائز له أن يبيعها بالسعر الجديد.
أشار إلى أن بيعها بالسعر الجديد بشرطين، الأول: ألا يبالغ في ثمنها ويستغل حاجة الناس لتلك السلعة، الثاني: ألا يكون بيعه للسلعة الموجودة تصفية لجميع السلع الموجودة عنده أو عزمه علي عدم العمل في التجارة مرة أخري، بمعني أنه بعد أن ينتهي من بيعها سيقوم بالشراء مرة أخري لنفس السلعة وسيتم البيع بعد ذلك لتلك السلع، فبيعه هنا بالسعر الجديد لا حرج فيه لأن البيع او عقود البيع عموما مبنية علي التراضي طالما أن بيّن وواضح للمشتري أنها سلعة قديمة ولم يخدعه ولم يغشّه في شئ لقول النبي “من غشَّنا فليس منّا”.
أكد أن الأولي والافضل ومن باب الورع أن يبيع بالسعر القديم ويحتسب أجره وثوابه من الله خصوصا أنه لم يقع عليه ضرر من ذلك البيع او خسارة لحقت به.
اضاف: يجب علينا أن نخاطب التجّار ونوجّه إليهم الحديث قائلين: في هذا الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية وارتفاع في السلع نخاطبهم بأن يتقوا الله في الناس في البيع والشراء وألا يستغلوا ندرة السلع أو عدم تواجدها فيحتكرون تلك السلع حتي يرتفع ثمنها أكثر حتي يتضاعف ربحهم، فنبيّن ونؤكد لهم أن هذا الفعل من باب أكل أموال الناس بالباطل واستغلال حاجة الناس وهذا ما نهت عنه شريعة الاسلام من تحريم أكل أموال بالباطل، كما قال الحق سبحانه وتعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) .
وأكد د. صالح أن هؤلاء التجار الذين يستغلون حاجة الناس ويحتكرون السلع ويبيعونها بأسعار مبالغ فيها آثمون شرعا، لما يترتب على هذا الاستغلال من إلحاق الضرر بالناس والتضييق عليهم وهذا يؤدي إلى إيذائهم مادياً ومعنوياً وقد نهى الرسول الكريم عن الإضرار فقال “لا ضرر ولا ضرار”.