متابعة – جمال سالم:
أكد المشاركون في ندوة “هلال شهر رمضان بين الرؤية العلمية والرؤية البصرية” التي نظمها معمل أبحاث الشمس، بالمعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، برعاية د. جاد القاضي- رئيس المعهد- أنه لا تناقض بين الرؤية البصرية الصحيحة بشروطها الشرعية الواجب توافرها في القائمين بالرؤية، وبين الأدوات العلمية الحديثة في رؤية أهلَّة الشهور القمرية.
أشاروا إلى وجود تعاون وثيق بين دار الإفتاء المصرية والمعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية وهيئة المساحة وأئمة الأوقاف في المناطق المحدَّدة للرصد، في القيام بمهمة روية الهلال لأهميته في تحديد العديد من العبادات.
أكد د. أحمد غطاس، نائب رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، أن المعهد يحرص دائما على تنظيم لقاءات علمية فى إطار الدور المجتمعى والبحثى المنوط به، لغرض إزالة اللبس على الشعب المصري في موضوع رؤية أهلّة الشهور العربية ونشر الوعي بين الناس، كذلك من أهم أهداف المعهد القيام بالحسابات الفلكية وتحديد بدايات الشهور العربية، حيث يقوم معمل الشمس- التابع للمعهد- وباستخدام أفضل التليسكوبات والتقنيات المستخدمة لتقديم الحسابات الفلكية وتحديد مواعيد أهلة الشهور العربية، وإصدار دليل فلكي لجميع الظواهر الفلكية التى تظهر فى السماء وهو أمر محسوب بدقة.
أوضح أن المعهد يتعاون منذ زمن بعيد مع دار الإفتاء المصرية، ويقوم بتوزيع لجان مختلفة في أنحاء الجمهورية من القاهرة وحتى أسوان، ويشارك فيها أعضاء من دار الإفتاء وأعضاء من معمل أبحاث الشمس، وأعضاء من قسم الفلك، وعليه تم معرفة نتيجة الاستطلاع، ويتم إخبار مفتي الديار المصرية وهو المسئول عن إعلان مواعيد بداية شهر رمضان.
الدين والعلم
أشار الشيخ علي عمر- ممثل عن دار الإفتاء- إلى أن هلال الشهر يثبت لكل بلد برؤية أهله البصرية، خصوصًا إذا كان أهل البلد يستطيعون رؤية الهلال بوضوح، أو رؤيته في أقرب البلاد إليهم، أو بتحقق رؤيته في أي بلد إسلامي قريب من بلادهم، وذلك إذا قطع علماء الفلك بأن هذا آخر يوم من الشهر ويمكن رؤية الهلال؛ فإن قطع الحساب الفلكي بعدم طلوع الهلال أو باستحالة رؤيته فلا عبرة بالرؤية البصرية.
أوضح أن القواعد والاجراءات المتبعة داخل مصر لاستطلاع أهلّة الأشهر الهجرية تتعلق به قضيتان أحدهما علمية والأخرى عملية. أما العلمية المتعلقة لرؤية ومعرفة أهلة الشهور العربية هي أن ما تقرر شرعًا من أن القطعى مقدَّم على الظني، أى أن الحساب القطعى لا يمكن أن يعارض الرؤية الصحيحة، ولذلك صدر قرار مجمع البحوث الإسلامية سنة 1966، واتفقت المؤتمرات الفقهية كمؤتمر جدّة وغيره على الاستئناس بالحسابات الفلكية القطعية مع الاعتماد على الرؤية البصرية الصحيحة، وهذا يعنى أن الحساب ينفى ولا يثبت، وأنه يعد تهمة للرائى الذى يدّعى خلافه؛ وأنه إذا نفى الحساب القطعى طلوع الهلال فلا عبرة بقول من يدّعيه، وإذا لم ينفِ ذلك فالاعتماد حينئذ على الرؤية البصرية فى إثبات طلوعه من عدمه.
وأكد أنه من القطعى ألا يكون شهر رمضان أبدًا ثمانية وعشرين يومًا ولا يكون كذلك واحدا وثلاثين يوما؛ بل هو كبقية الشهور القمرية: إما ثلاثون يوما وإما تسعة وعشرون يوما، وأنه على المكلَّف باتخاذ القرار أن يضع نصب عينه أمرين: أولهما: ألا يزيد شهر صومه على ثلاثين يوما ولا يقل عن تسعة وعشرين يوما، وثانيهما: ألا يتعارض ذلك مع الحساب الفلكى القطعي.
وعن منهج دار الإفتاء في رؤية واستطلاع أهلّة الشهور لمعرفة بدايتها، قال الشيخ علي عمر: المنهج يتمثل فى عدة خطوات، وهى أن الرؤية تكون لجميع الشهور، ولا تقتصر على الشهور التى تتعلق بها العبادات الشرعية الإسلامية؛ وهى شهر رمضان وشوال وذى الحجة، حتى تنضبط رؤية هلال رمضان وهلال ذى القعدة، وذلك من أجل الوصول إلى أصوب تحديد لأوائل الشهور الثلاثة ذات الأهمية فى عبادة المسلمين، كما أن الرؤية تكون عن طريق اللجان الشرعية العلمية التى تضم شرعيين ومختصين بالفلك، وعددها 7 لجان، موزّعة بمصر فى طولها وعرضها، فى أماكن مختارة من هيئة المساحة المصريَّة ومن معهد الأرصاد بخبرائه وعلمائه، فيها شروط الجفاف وشروط عدم وجود الأتربة والمعوقات لرصد الهلال.
وأنهى الشيخ عمر كلامه مؤكدا أن الرؤية هى الأساس، ولا يتم الاعتماد عليها إذا شابها التُهم، والتى من بينها مخالفة الحسابات الفلكية القطعية، ومصر على مرّ عقود من الزمن، لم تختلف فيها الحسابات الفلكية مع نتائج الرؤية الشرعية، ولهذا لابد من وضع الأمرين فى الاعتبار عند الصائم، أن يتّبع هلال البلد، فيجب على أهل كل بلد متابعة إمامهم.
تضمنت الندوة تقديم د. ياسر عبدالفتاح عبدالهادي- رئيس معمل أبحاث الشمس- نبذة عن دوره في شئون الفلك الشرعي، وكذلك بحث للدكتورة صافيناز أحمد تضمن معلومات عن القمر واختيار موقع استطلاع الهلال، وبحث للدكتور محمد غريب يوضح قرائن توضح احتمالية رؤية الهلال وصحة بداية الشهر العربي، وبحث للدكتور أمير حسن حول سبب الخلاف في رؤية الهلال وبداية الشهر.