د. فتحى عثمان: الأولى مالا وللفقير حرية التصرف
د. أسماء فتحى: الجمهور اتفقوا على “المال”.. والحنفية خالفوا
د. نجلاء صهوان: لا مانع من “الشنط”
تحقيق: مروة غانم
مع بداية رمضان كل عام، نجد الكثير من الناس يتسابق لإخراج زكاة ماله، إذا حال عليها الحول ووجب إخراجها. ونرى الكثير يقوم بتجهيز شنط رمضان يعبّؤنها بالمواد الغذائية المختلفة من أرز وسكر وتمر وزيت وغيره من المواد الغذائية الضرورية واللازمة لكل بيت .
وبالرغم من إقرار دار الإفتاء لذلك، وتأكيدها عبر الكثير من الفتاوى لعلمائها، بإجازة ذلك شرط أن تكون المواد التى تحتوى عليها الشنطة من المواد الغذائية الضرورية لحاجة كل أسرة، إلا أن العلماء وأساتذة الفقه مختلفون فيما بينهم! فمنهم من يصرّ على ضرورة إخراجها مالا وللفقير حرية التصرف فيه، ولا نفرض عليه أشياء قد لا يريدها، ومنهم من يجيز إخراجها فى شكل شنط رمضان.
حول هذا الجدل المثار، وحجة كل فريق، دار هذا التحقيق.
يؤكد د. فتحى عثمان– عضو هيئة كبار العلماء- أن الأولى والأفضل لزكاة المال أن تخرج مالا والفقير أدرى بحاله حتى لا نفرض عليه أشياء قد لا يريدها ونعطى له الحق فى التصرف فى المال حسب احتياجاته ومتطلباته .
جمهور الفقهاء
اتفقت معه د. أسماء فتحى– استاذ الفقه المقارن بجامعة الازهر بالقاهرة- مؤكدة أن الأصل فى زكاة المال أن تخرج من جنس المال المزكى وهذا ما اتفق عليه جمهور الفقهاء. واذا أخذنا برأى الجمهور فإنه لا يجوز إخراج الزكاة فى شنط رمضان إلا ما كان له عروض تجارة غذائية، فيخرج منها وتعطى للفقير والمسكين ولا تعطى لغيرهم، كما يحدث عند توزيع شنط رمضان، فالموزع يكون غرضه إفطار أى صائم، والأصل فى زكاة المال هو تمليك الفقير المال ويأتى بما يريد له ولأسرته فهو أدرى باحتياجاته.
أشارت الى أن المذهب الحنفى أجاز إخراج القيمة بدلا من عين الزكاة وإن كان الأولى والأفضل الأخذ برأى الجمهور واتّباعه .
ولفتت الى أن شنط رمضان تكون من صدقة الأموال لمن أراد أن يأخذ ثواب افطار صائم، فعن زيد بن خالد الجهنى رضى الله عنه: قال رسول الله:” من فطَّر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا “.
أوضحت أن فقراء البلد أولى بمال الزكاة من غيرهم لأنهم فى حاجة إليها حيث قال النبى: “تؤخذ من أغنيائهم فتُرَدُّ لفقرائهم” فالزكاة تعتبر مواساة، فالغنى يواسى بها الفقير الذى فى بلده فاذا فاضت وحصل لهم ما يكفى فلا مانع من نقلها الى بلاد أخرى, كإخواننا فى فلسطين، وتساءلت: لماذا نحصر المساعدات فى باب الزكاة؟ وباب الصدقة أوسع؟ والله يضاعف لمن يشاء. وطالبت جميع المسلمين بإخراج الصدقات ومضاعفتها لإخواننا فى غزة، لتنفيس كَرْبِهم ورفع شئ من العناء عنهم لقول النبى:” من نفَّس عن مسلم كُربة من كُرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة “.
مصارف الزكاة
وترى د. روحية مصطفى– أستاذ الفقه بجامعة الأزهر- أن الله تعالى حدد مصارف الزكاة الشرعية فقال:” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم”.
أوضحت أن إخراج المسلم زكاة ماله فى صورة شنط رمضان التى تحتوى على الأقوات التى يحتاجها الانسان مثل الأرز والعدس والفول والزيت والسكر والتمر، فهذه الأقوات تعتبر قيمة لمال الزكاة وليست عينا لانها بديل عن زكاة المال، وإخراج العين أنفع وأصلح للفقير.
شددت على أن اعطاء الفقير المال أصلح له حيث أنه يقدّر أولوياته ويتصرّف فيه على الوجه الذى يحقق له مصالحه ويقضى حاجاته الضرورية وذلك بخلاف اخراج قيمة هذا المال فى صورة شنط رمضان .
لا مانع
أما د. نجلاء صهوان– أستاذ ورئيس قسم الفقه بجامعة الأزهر بكفر الشيخ- فترى أنه لا مانع من اخراج زكاة المال فى شكل شنط رمضان كما يفعل الكثيرون طالما أن من سيأخذها من مستحقى الزكاة، وطالما أن هذه الشنط تحتوى على مواد غذائية ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها مثل الزيت والسكر والأرز والمكرونة. أما من يعبِّئ هذه الشنط بالمكسرات مثل البندق والفستق او قمر الدين وغيره من باب التوسعة على الفقير وادخال البهجة فهذا لا يجوز مع زكاة المال.