يقول الله تعالى: “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ”، ما هي تلك الامانة؟ هي الاختيار: فرض الله على المؤمنين فرائض إن أدّوها أثابهم وإن ضيّعوها عذّبهم. ومع هذا التكليف وهب الله الإنسان مقوّمات فآتاه العقل والفطرة السليمة والإرادة وحذّره من عداوة الشيطان، وكذلك جعل فيه شهوات يُمتحن بها ،فهو صاحب الاختيار في إشباع شهواته الثلاثة: حبّ البقاء وحبّ الاستمرار وحبّ تأكيد الذات بطُرق شرعية أو غير ذلك، وتركه يتعامل ويتصارع مع كل ذلك فترة من الزمن هي عمره ،ثم يلقى الله وعندها لا ينفعه من كل ذلك إلا أن يلقاه سليم القلب “يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”. أي إنه مطلوب من كل منّا صيانة قلبه على مدار الرحلة، لا يسمح لصعوبات الحياة ولا فتن الدنيا ولا معاملات البشر ولا حتى لطموحاته هو الشخصية أن تنال من سلامة قلبه، فالقلب السليم هو أثمن مشروع يدخله الإنسان في حياته، هو المشروع الذي يستحق الجهد والتعب فهو فقط محلّ نظر الله. القلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، هو القلب الخالي من كل حقد وغلّ وحسد وخيانة، هو قلب يتمنّى الخير لغيره {إن الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، فلا خسارة في الدنيا إلا خسارة ذلك القلب فلا تتردّد في الاستغناء عن أي مصالح يكون ثمنها معصية، فتقوى الله هي التي تورِث سلامة القلب.