تشهد المدينة المنوَّرة – على ساكنها أفضل الصلاة وأتمّ التسليم- حالة من النظافة غير العادية، نظرا لكثافة المُتردِّدين عليها، سواء من الحجّاج أو المُعتمرين أو حتى ساكنيها، فضلا عمّا تحظى به من مكانة عالمية بين المسلمين جميعا، لمكانتها ومنزلتها الدينية.
وعن السُبل والأدوات المُستخدَمَة لتحقيق النظافة المطلوبة، يشير د. نور فرج- الخبير البيئى بوزارة البيئة المصرية، وأحد مسئولى النظافة بالمدينة المنوّرة سابقا- إلى أن عدد سكّان المدينة المنوّرة حوالى 2 مليون نسمة وعدد غير مُحدّد من المُعتمرين من الداخل، و6 مليون حاج سنويا يتردّدون بصورة مستمرة على المدينة المنوّرة.
بدأت المدينة المنوّرة العمل الجاد في منظومة إدارة المخلَّفات منذ أكثر من ثلاثين عاما حيث تم الاستعانة بالقطاع الخاص لتنفيذ الخدمة، وحرصت أمانة منطقة المدينة المنوّرة على إنشاء نظام رقابي ميداني وفنّى قوى حيث تم الاستعانة بخبرات دولية ومحلية لبناء القُدرات الوطنية للإشراف ومتابعة تنفيذ منظومة الجمع والنقل للمخلّفات ثم التخلّص الآمن من المخلّفات حيث تم إنشاء أول مدفن صحّى للمخلّفات منذ حوالى 25 عاما وهو يعتبر أول مدفن صحى بالعالم العربي، يوجد بالمدينة أول مشروع بالوطن العربى لتجميع غاز الميثان ومحطّة للتخلّص من مياه المسالِخ وكذلك بِرَك لمعالجة مياه الرواشح الناتجة عن الفرز الصحّى.
مصنع متكامل
يضيف د. نور: تم إنشاء مصنع متكامل لفرز المواد القابلة للتدوير بطاقة إنتاجية حوالي 2000 طن يوميا، وهو ما جرى تطويره حاليا ليصبح من أضخم محطّات فرز المخلّفات بالشرق الأوسط بطاقة إنتاجية حوالى 5000 طن حاليا، واستخدام تكنولوجيا أوروبية متطوّرة لتقنيات الفرز الأتوماتيكي مع الفرز اليدوي للمواد العضوية والمواد القابلة للتدوير.
تتولَّد كمّية مخلّفات بلدية بالمدينة المنورة تقدَّر بحوالي 3500 طن يوميا، بالإضافة الى كميات هائلة من مخلّفات الحفر والهدم والبناء نتيجة التوسّعات الضخمة التي يشهدها الحرم النبوى الشريف تصل يوميا في بعض الأحيان الى 20000 طن يوميا.
وتبدأ عملية التخطيط لمنظومة إدارة المخلّفات على مستوى البلديات المختصة حيث تشرف على تنفيذ الأعمال والخدمات التي يقدّمها المقاول من خلال قياس مؤشّرات للأداء وتطبيق خصومات رادعة يوميا في حال عدم الالتزام بأداء الخدمات .
ويتم مراقبة آليات ومُعدّات النظافة من خلال نظام مراقبة الكترونى متطوّر والذى يجمع بين تطوّر نظام المعلومات وأنظمة المعلومات الجغرافية، حيث يتم متابعة خطوط ومسارات جميع المعدّات طبقا لخطة تشغيلية محدّدة مسبقا ويتم متابعة رفع جميع صناديق أو حاويات القمامة إلكترونيا والتي يتم رفعها يوميا وتبلغ أعداد الحاويات بالمدينة المنورة 35000 حاوية يتم رفعها يوميا بواسطة المقاول ويتم التأكد من عمليات الرفع بواسطة البلديات المختصة والجهاز الإشرافى من الأمانة (وهى شبيهة بالمحافظة بمصر).
تصاحِب عملية رفع الحاويات العديد من الخدمات المصاحِبة منها التأكد من نظافة مواقع الحاويات وغسيل الحاويات نفسها مرتين شهريا للتأكد من عدم صدور روائح كريهة أو تولّد الحشرات، بالإضافة الى قيام المقاول بتطهير الحاويات باستخدام المبيدات المصرّح بها بالمملكة.
كما يتم غسيل وتطهير ضواغط النفايات يوميا لضمان الحفاظ على شكل المعدّات وعدم صدور أيّة روائح كريهة منها، كما تتم أعمال الصيانة بصورة دورية وكذلك هناك عدد 3 فرق للصيانة المتحرّكة في حال حدوث أية أعطال للمعدّات على الطريق، حيث تضمن أعمال الصيانة صالحية جميع المعدّات والآليات للخدمة.
أما الشوارع فيتم كَنْسَها يدويا في حالة المناطق الشعبية، وآليا في حال الشوارع الكبيرة عن طريق مكانس متطوّرة حيث يتم كنس جميع الشوارع الرئيسية بالمدينة مرّة أسبوعيا على الأقل، جميع المكانس بها خزانات للمياه حيث يتم رشّ المياه أثناء عمليات شفط وإزالة الأتربة لمنع تصاعد أية أتربة أثناء التشغيل ويقوم الجهاز الإشرافى من البلديات المختصة والأمانة بمراجعة المكانس ميدانيا للتأكد من جودة تشغيلها وجودة الأداء .
أما الأرصفة فيتم كنسها وغسيلها مرة كل أسبوعين في بلديات المدينة المنورة اما منطقة الحرم النبوي الشريف فيتم غسيل الأرصفة بها مرة يوميا على الأقل تزيد الى عدد مرتين يوميا في مواسم العمرة والحج.
أما النفايات المبعثَرة والنفايات كبيرة الحجم فيتم جمعها يدويا عن طريق العمال ويتم تجميعها مرتين يوميا ونقلها الى المحطّات الوسيطة.
والنفايات التجارية الناتجة عن المنشآت التجارية كبيرة الحجم أو المطاعم ذات السلاسل لها نظام مخصص لها حيث يلزم النظام باتباع إجراءات محددة تتضمن قيام المنشآت التجارية بالتعاقد مع متعهّد خاص لجمع ونقل المخلّفات الناشئة عنه وإيصالها إلى المَرْدَم العام على نفقته الخاصة، حيث انه من الطبيعي تحمّل المنشآت التجارية لتكاليف جمع ونقل مخلّفاتها ويتم استقبال المخلّفات بالمردم بدون رسوم بموجب تصريح خاص من الإدارة العامة للنظافة بالأمانة والبلدية المختصة.
منظومة متطوّرة
يستطرد د. نور: تضم منظومة إدارة المخلّفات بالمدينة عدد 2 محطة انتقالية متطوّرة حيث تقوم عربيات جمع الحاويات ومعدّات النظافة الأخرى بتفريغ المخلّفات بها والمحطّة مغلقة بالكامل ويتم تفريغ المخلّفات من العربات إلى مكبس هيدوروليكى حيث يتم كبس النفايات مرة أخرى في صندوق تريللا كبيرة الحجم والتي تقوم بنقل المخلّفات الى المردم العام بالمدينة المنورة والذى يبعد مسافة حوالى 25 كم2 حيث يتم وزن المخلّفات وفحصها مبدئيا ثم إرسالها إلى مصنع الفرز حيث يتم فرز المواد القابلة للتدوير (بلاستيك بكافة أنواعه، كرتون، ألومنيوم، أخشاب، ملابس …الخ) وفصل النفايات غير الصالحة على شكل بالات ويتم إرسالها الى الخلية الهندسية لدفنها بالطرق الهندسية السليمة.
وهناك نظام للمخلّفات الصلبة يتضمن تطبيق غرامات مالية على الأشخاص أو المنشآت التي تخالف النظام حيث يتم تطبيق الإشعارات على المخالِفين.
وعقود النظافة لها نظام محدّد وتسمّى عقود أداء حيث يتم ذكر الخدمات الواجب على المقاول “القطاع الخاص تنفيذها” بكل تفاصيلها وطريقة تنفيذها وعدد مرات الخدمة الواجب تنفيذها، كما يتضمن العقد الخصومات أو الغرامات التي يتم تطبيقها في حال عدم الالتزام من المقاول بتنفيذ الخدمات، كما يتضمن العقد الحد الأدنى من العمالة والمعدّات اللازم استخدامها من قِبل المقاول كما يتضمن موديلات الإنتاج لتلك المعدّات ومواصفاتها.
وقد ذقامت الأمانة أيضا باستخدام بيوت خبرة متخصصة للقيام بأعمال التخطيط للمنظومة حيث يقوم الاستشاري بوضع الخطة الاستراتيجية ومتابعة تنفيذها وقياس الأداء فيما يخص الخدمات المقدّمة من مقاولى القطاع الخاص كما يقوم الاستشاري بتصميم البيّنة الأساسية الجديدة لإدارة المخلّفات ومتابعة تنفيذها لضمان استمرارية الخدمة.