مما لا شك فيه أن الأهتمام بالدعاة علي كافة المستويات وبكل السبل هو استثمار من الدرجة الأولي، وليس انفاقاً ترفياً أو نوعاً من الكفالة الاجتماعية، لأن معرفة الدين وشيوع روح التسامح والتطبيق الصحيح لمباديء الدين وأحكامه هي صمامات الأمان للمجتمع الذي نعيش فيه، وأن الأئمة والدعاة هم علي وجه العموم من العلماء الذين هم ورثة الأنبياء ويكفيهم شرفاً أنهم يخاطبون الناس من علي المنبر تأسياً برسول الله صلي الله عليه وسلم.
والحقيقة أن القيادة السياسية رئيساً وحكومة لم تدخر وسعاً من أجل النهوض بالائمة والدعاة.. ولا تخلو مناسبة من المناسبات الدينية إلا ويخاطب فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي الائمة والدعاة ناصحاً تارة وموجهاً تارة أخري وداعماً مادياً ومعنوياً..و ليس أدل علي ذلك من لقائه الأخير الأسبوع الماضي بالدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف موجهاً بتعزيز جهود دعم الأحوال المادية للدعاة وتكثيف البرامج التدريبية العلمية والثقافية عالية المستوي لتكوين جيل متميز من الأئمة المستنيرين الذين يستطيعون صياغة رأي عام ديني منضبط يراعي المستجدات وينتهج فقه الواقع.
لم تمض سوي ساعات قليلة علي هذا اللقاء إلا ويوافق مجلس الوزراء علي زيادة قدرها ٢٥٠ جنيهاً لجميع الأئمة ولكل من يصعد المنبر من القيادات الدينية والإشرافية والتفتيشية الدعوية وحملة الماجستير والدكتوراه وذلك دعماً للدعاة علي أداء مهمتهم انطلاقاً من أن استقرارهم مادياً يدعم الخطاب الوسطي ويدعم الولاء والانتماء والحرص علي أداء المهام الدعوية علي أكمل وجه.
والملاحظ أن الأئمة في هذه السنوات السبع الماضية محظوظون عن غيرهم، فلم تكن هذه الزيادة هي المرة الأولي ولن تكون الأخيرة بإذن الله.. ولكن منذ أن تولي د. محمد مختار جمعة ــ وزارة الأوقاف سألته مباشرة ماذا تتمني للدعاة؟ فقال لي حرفياً “أن يكون راتب الإمام ليس أقل من نظيره في أي وظيفة مرموقة من الوظائف الأخري.
وقد كان.. ففي عهده حصل الائمة علي العديد من الامتيازات المالية بدعم رئاسي مباشر في صور مختلفة منها بدل إغاثة، بدل تحسين وبدل قوافل دعوية ودروس وبدل زي إلي جانب بدل صعود المنبر وقيمته ألف جنيه شهرياً وزيادة بدل صعود المنبر ستمائة جنيه للحاصلين علي الليسانس و٨٠٠ للماجستير وألف للدكتوراه حتي أن أقل زيادة لأحدث إمام تعيين حديث بلغت أكثر من ثلاثة آلاف جنيه.
هذه الجهود المبذولة لتحسين أحوال الأئمة خلال السبع سنوات الماضية ليست مناً من الدولة أو الوزارة ولكن هذا حقهم لعظم المسئولية الملقاة علي كاهلهم وإيماناً بدورهم كونهم كتائب النور التي كتب عليها محاربة الظلام الأمر الذي ينعكس ايجابياً علي الخطاب الديني في مصر فحينما قامت هذه الكتائب بدورها الدعوي ومساندة الجهود التي تبذلها القيادة السياسية الرشيدة لانقاذ البلاد من قوي الشر استطعنا بفضل الله استرداد الخطاب الديني الذي اختطفته قوي الشر وشوهت صورته خلال العقود الماضية عن طريق لى النصوص الشرعية واستخدامها في أغراض سياسية لبث الفرقة والفتنة بين أبناء الشعب المصري.
إنني أري أن الكرة الآن في ملعب الائمة والدعاة فلم تبخل الدولة من الدعم المادي والمعنوي بقدر المستطاع لكن يتبقي مواصلة الجهد وبذل المزيد من أجل مواجهة جماعات الظلام وقوي الشر ونشر الدين الصحيح وتعميق أواصر المودة والمحبة بين أبناء الوطن الغالي مصر.
> > >
وختاماً:
عن أم المؤمنين عائشة ــ رضي الله عنها عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: “إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله”.