كيف جعل قوم نوح- عليه السلام- أصابعهم في آذانهم مع أن الأصابع لا يمكن دخولها في الآذان وذلك في قوله تعالى (وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم)؟
المراد بالأصابع في الآية: جزء منها، وليست كلها.
والمعنى: أنهم سدّوا مسامعهم عن استماع الدعوة إلي الحق. فجعلِهم الأصابع في الآذان يحتمل أن يكون كناية عن انصرافهم عن الحق، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن كفار قريش أنهم كانوا يصنعون مثيل هذا عند استماعهم للقرآن الكريم: (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغَوا فيه لعلكم تغلِبون).
ولا مانع من حمل قوله سبحانه: (جعلوا أصابعهم في آذانهم) على إرادة الحقيقة بسدِّها بالأصابع.
وعبَّر عن الأنامل بالأصابع على سبيل المبالغة في إرادة سدّ المسامع، فكأنهم لو أمكنهم إدخال أصابعهم جميعها في آذانهم لفعلوا. حتى لا يسمعوا شيئا مما يقوله نبيّهم لهم.