أكد المشاركون في المؤتمر السنوي الحادي والعشرين للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن الخروج من أزمة ” كوفيد 19 ” لا يتحقق إلا بتضافر الجهود الرسمية والأهلية وإشراك كافة مؤسسات الدولة في إدارة الأزمة، مؤكدين على أهمية الاهتمام بالبحث العلمي ونشر الوعي والثقافة الصحية بين المواطنين، وإظهار الحقائق للجمهورعن خطورة هذه الأزمة والشفافية والمحايدة في التعامل مع الأزمة.
وأوصي المشاركون في المؤتمر بإعداد كوادر من أساتذة الجامعات والمعلمين للتعامل مع التكنولوجيا ومتطلبات التعليم عن بعد، وإجراء الدراسات التفسيرية؛ لحل المشكلات المختلفة والرجوع فيها إلى الخبراء والمختصين، ووجود آلية للتنبؤ بالمخاطر قبل حدوثها حتى يتم الإعداد لمواجهتها، إلى جانب أهمية نشر ثقافة التطوع خلال الازمات ورفع الوعى بين المتطوعين وخاصةً الشباب تحديدًا لتنظيم تطوعهم والحفاظ على سلامتهم، ودراسة التجارب الناجحة فى التغلب على الأزمة.
ودعا المشاركون في المؤتمر بتقنين الممارسات الإعلامية والاعتماد على المصادر الموثوق فيها، تفعيل قوانين حماية المستهلك لمواجهة أنشطة الترويج المضلل، ورفع وعى المواطن بحقوقه وواجباته وجعله أكثر قدرة على تحديد ما هو مناسب له.
وكان المركزالقومى للبحوث الاجتماعية والجنائية قد عقد مؤتمره السنوي الحادي والعشرين بعنوان “مسارات المستقبل ما بعد جائحة كورونا”، تحت رعاية الدكتورةنيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى ورئيس مجلس إدارة المركز، واشراف الدتورة هالة رمضان مدير عام المركز، واستمر لمدة ثلاثة بمشاركة مجموعة من الباحثين والمتخصصين.
ركيزة اساسية
وأكدت الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى ورئيس مجلس إدارة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية،في كلمتها في افتتاح أعمال المؤتمر، أن البحث الاجتماعي هو الركيزة الأولى في تقدم ورفاهية المجتمعات الإنسانية؛ إذ يهدف إلى تنمية المجتمعِ، ويؤدي إلى الاستغلالِ الأمثل لمواردهِ البشرية، ويعمل على زيادة إنتاجيتها، مشيرة إلى أن البحوث الاجتماعية بصفة عامة هي المحرك الأول لقاطرة التنمية، كما أنها الطريق المستقيم لتحقيق التقدم والحياة الكريمة للشعوب.
وأضافت وزيرة التضامن أن الحياة الكريمة التي تنشدها القيادة السياسية والتي أصبحت منهجا للدولة تأتي فقط بدراسة معطيات الحياة الكريمة، وتقصي الفجوات والتحديات التي تقف حائلاً في سبيل تحقيقها، وتسلط الضوء على الفرص المتاحة لتحقيق إنجازات سريعة للمكونات المختلفة التي يصبو إلى تحقيقها البرنامج الرئاسي «تطوير القرى المصرية… حياة كريمة».
وأضافت الوزيرة أن وزارة التضامن الاجتماعي تؤمن بالبحث الاجتماعى كآلية هامة في دراسة المجتمع والتعرف على مشكلاته وقضاياه، وتعتبر المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية الذراع البحثية الأهم لرصد ودراسة الظواهر الاجتماعية، وقناة رئيسية للحصول على البيانات والمعلومات والحقائق التي تنتجها دراساته وبحوثه.
كما أكدت الوزيرة على أهمية تصميم البرامج والمشروعات التنموية والاجتماعية بناءً على أدلة وإحصاءات حقيقية تعكس الفجوات التنموية وتمثل أولويات المجتمع.
وأوضحت الوزيرة أن التجارب والنتائج الدولية أثبتت أن تقدمَ مستوى البحوثِ الاجتماعية إنما يتوقف بدرجة كبيرة أولاً على إيمانِ الشعوبِ والحكوماتِ بأهميتها في رصد المشكلات والظواهر الاجتماعية، والتنبؤ بها، ووضع أفضل السيناريوهات العملية للتعامل معها والحد منها، بل وأيضاً على إدارة هذه الظواهر والممارسات سواء على المدى القصير أو البعيد.
وأشارت وزيرة التضامن الاجتماعي إلى أنه إذا لم تساهم البحوث الاجتماعية في دراسة الواقع الاجتماعي في علاقته بقضايا التنمية وطموحاتها، وإذا لم تقدم البحوث حلولاً ناجزة لمشكلاتنا الاجتماعية والإنسانية المتوارثة، فسوف تظل البحوث الاجتماعية في ذيل قوائم اهتمامات الحكومات وصُناع القرار، ومهمتنا هو التسويق الفعال للبحث الاجتماعي وإبراز دوره الأساسي في تحقيق الاستقرار والتنمية الاجتماعية الشاملة.
وأكدت أنه اتساقاً مع أولويات الدولة التي ينادي بها السيد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، فإن الاستثمار في البشر يستدعي بناء الإنسان يتفق ومقوماته العقلية والثقافية والروحية وليست فقط الصحية والتعليمية، مشددة على أن العلم يرتبط ارتباطاً وثيقاً برأس المال البشرى، الذي عادة ما يتأثر بحجم المعارف الاجتماعية والبيانات والمعلومات التي تتيحها البحوث الاجتماعية، وكذلك بمدى دقتها وحداثتها، مشددة على أن الاستثمار الحقيقي للبحث الاجتماعي يمكنه أن يساهم بقوة في تغييرِ واقع المجتمع وتحويلهِ إلى واقعٍ أفضل، ونستطيع أن نؤكد أن منظومة البحث الاجتماعي تُعتبر بمثابة محركٍ للنمو الاقتصاديِ والتنمية المستدامة.
واختتمت الوزيرة كلمتها بضرورة مواءمة البحوث المجتمعية التي يقوم عليها أولو العلم والخبرة مع رسائل الوعي الايجابي الذي ينشده رجال الدين وأن ينعكس ذلك في خطاب تنموي يسعى بصدق لبناء الإنسان ونهضة الوطن.
ومن جانبها عبرت الدكتورة هالة رمضان مديرة المركزعن ثقتها بأن هذا الحدث العلمى سوف يثمر عن نتائج وتوصيات مستقبلية تخدم العملية التنموية فى بلدنا الحبيب، وتنير الطريق أمام صانع القرار والتنفيذيين، مشيدة بجهورد أعضاء اللجنة العلمية للمؤتمر لما بذلوه من جهد فى سبيل الخروج بالمؤتمر بشكل مشرًف على المستوى العلمى والتنظيمى.
وشهدت الجلسة الأولى للمؤتمرتأبين الدكتورة ناهد صالح – أستاذ علم الاجتماع ومدير المركز الأسبق ومناقشة الورقة العلمية التى قدمتها للمؤتمر قبل وفاتها تحت عنوان “أخلاقيات البحث العلمى الاجتماعى فى ظل أزمة كورونا – بحوث الإنترنت”، برئاسة أ. د. نجوى الفوال أستاذ الإعلام ومدير المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية الأسبق، حيث عرضت الورقة البحثية التى تناولت قضية أخلاقيات البحث العلمى الاجتماعى فى ظل أزمة كورونا؛ حيث فرضت الأزمة على البحث العلمى الاجتماعى تغيير مساره من الاعتماد على نمط البحوث الاجتماعية التى تعتمد منهجياتها أساسًا على التواصل المباشر بين الباحث والمشاركين فى البحث، إلى نمط البحوث الاجتماعية “عن بُعد”.
وقدمت الورقة عددًا من النقاط المتعلقة ببحوث الإنترنت منها؛ التعريف بأنماط بحوث الإنترنت، ومفهوم أخلاقيات بحوث الإنترنت، إيجابيات وسلبيات بحوث الإنترنت، مناقشة وضع أدلة أخلاقية لبحوث الإنترنت، وطرح أهم القضايا الأخلاقية الخاصة ببحوث الإنترنت. وانتهت الورقة إلى استشراف مستقبل البحث العلمى بعد انتهاء أزمة كورونا، حيث توقعت الورقة أن بحوث الإنترنت ستدخل بشكلٍ واضح فى منظومة البحوث الاجتماعية، سواء كبحوث قائمة بذاتها، أو كبحوث مكملة للبحوث الاجتماعية التقليدية، محذرةً فى الوقت ذاته من “إساءة استخدام” بحوث الإنترنت، نتيجة لتجاهل أوجه قصورها والتى من أهمها تصميم عينات غير ممثلة للمجتمع.
مسارات المستقبل
ثم انعقدت فعاليات الجلسة الثانية للمؤتمر لمناقشة المحور الثانى عن “المنظومة الاجتماعية العلمية ومسارات المستقبل” فى الساعة الواحدة ظهرًا، وقد عُقدت الجلسة برئاسة الأستاذ الدكتور عبد الوهاب جودة أستاذ علم الاجتماع، كلية الآداب، جامعة عين شمس، وأشار جودة إلى أهمية مضمون هذه الجلسة الذى ينبع من ضرورة استشراف المستقبل خاصةً بعد جائحة كورونا. وأوضح أن للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية الريادة فى مجال الدراسات المستقبلية والتى بدأت فيه خلال ستينيات القرن الماضى، وكان سباقًا فى هذا المجال بشكلٍ كبير، وهذا يعد إسهام جيد فيما يتعلق بمسارات مستقبل ما بعد أزمة كورونا.
وأكد أنه فى ظل هذه الأزمة يتوجب علينا إعادة النظر فى النموذج العلمى الذى نسترشد به، والأطر المعرفية التى توجهنا كباحثين فى العلوم الطبيعية أو الإنسانية.
وتناولت الجلسة ورقتين بحثيتين، أولاهما بعنوان “عالم ما بعد كورونا: دراسة سوسيولوجية”، إعداد الأستاذة الدكتورة سامية قدرى، وقدمت هذه الورقة قراءة سوسيولوجية لمستقبل العالم بعد كورونا فى ضوء التداعيات والاستراتيجيات التى انتهجتها الدول لمواجهة الوباء. وقد ناقشت الورقة تداعيات الجائحة على الحياة الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية وأخيرًا الثقافية والفنية. وأخيرًا تسعى الورقة إلى أن تضع سيناريو للعالم ما بعد كورونا من خلال التكهنات والرؤى التى قدمها المحللون للجائحة ومآلاتها.
كما تم استعراض الورقة الثانية بعنوان “تحديات الدراسة المستقبلية للجائحة الصحية العالمية فى ظل تحول المنظومة العلمية المهيمنة” إعداد د. محمد عبد المنعم، والذى يرصد من خلالها أبرز تحولات المنظومة العلمية المهيمنة والتى تتمثل فى الانتقال من مبدأ الحتمية إلى مبدأ اللايقين، والانتقال من البساطة والخطية إلى التعقد والفوضى، حيث يعد التحول صوب تلك المبادئ بمثابة الاستجابة لتحولات الواقع وتمثلًا لها، تنظيرًا وتحليلاً وتفسيرًا.
أكدت الجلسة أهمية دور الدراسات المستقبلية فى حالة الاستثناء وحالة التحول وعدم الاستقرار، وأضافت أن المكسب الحقيقى للجائحة هو الاعتماد على التكنولوجيا فى إدارة الحياة وتوظيفها بشكل إيجابى.
وأوصت الجلسة بضرورة الاهتمام بالدراسات البينية التى تعتمد على تخصصات متعددة إلى جانب ضرورة استثمار الأزمة وتحويلها إلى فرصة، مع ضرورة إنشاء مؤسسة بحثية رصينة للاهتمام بالدراسات المستقبلية.
اختتم المركز فعاليات اليوم الأول لمؤتمره السنوى الحادى والعشرين بعقد ورشة عمل لمناقشة محور المؤتمر الثالث الذى جاء تحت عنوان “جهود بعض مؤسسات الدولة فى مواجهة الجائحة” فى تمام الساعة الثالثة والنصف مساءً. ترأس الجلسة الأستاذ الدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمى، الذى بدأ كلمته بالتأكيد على أن تقدم الدول يقاس بمدى اهتمامها بالعلوم والبحوث الاجتماعية والإنسانية. وتطرق فى كلمته لدور البحث العلمى فى مصر فى معاونة الدولة فى مواجهة جائحة كورونا مع التركيز على دور أكاديمية البحث العلمى، حيث استعرض رؤية الأكاديمية ورسالتها والبرامج والمشروعات التى تقوم على تنفيذها. واختتم كلمته بالتأكيد على أن مجتمع البحث العلمى فى مصر قادر على انتاج المعرفة.
وفى كلمة العقيد الدكتور رامى القاضى رئيس قسم القانون الجنائى بأكاديمية الشرطة ومدير إدارة العلاقات الثقافية والتخطيط بمركز بحوث الشرطة، تحدث عن جهود وزارة الداخلية فى احتواء أزمة فيروس كورنا من خلال أربعة محاور تطرق خلالها لأعمال التأمين ودور أجهزة الوزارة فى التعامل مع الأزمة من خلال تفعيل قرار حظر حركة المواطنين والحد من التكدس وغيرها من الإجراءات الاحترازية، بالإضافة إلى أهم المكتسبات التى تحققت خلال الأزمة مثل توسع وزارة الداخلية فى تقديم الخدمات الإلكترونية والاهتمام بملف التحول الرقمى. كما استعرض جهود وزارة الداخلية فى مواجهة حالات الغش التجارى ومواجهة محتكرى السلع وخاصة الصحية مثل المطهرات والمنظفات بالإضافة إلى قيام الوزارة برصد ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعى من شائعات حول الجائحة.
وفى كلمة الدكتورة حنان موسى رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث بالهيئة العامة لقصور الثقافة تحدثت حول موضوع “الخدمات الثقافية فى ظل جائحة كورنا: الفرص والتحديات فى ضوء منظور العدالة الثقافية”. وفى هذا السياق تطرقت للحديث حول مشروع أهل مصر والفئات التى يستهدفها وتحديدا الأطفال والمرأة والشباب، وأكدت على أن الدولة أولت اهتمامًا كبيرًا للبعد الثقافى فى إطار الرؤية الوطنية للدولة 2030 والتى تشمل التركيز على رفع الوعى العام وتشكيل الوجدان المجتمعى فى مجالات الفنون والثقافة والتراث.
وفى كلمة الدكتور خالد عبد الفتاح رئيس قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة حلوان ومستشار وزير التضامن الاجتماعى لمتابعة وتقييم البحوث (السابق). ركز على استعراض جهود وزارة التضامن الاجتماعى فى مواجهة تداعيات جائحة كورنا. وأشار إلى أن مصر تشهد تغير نوعى حقيقى خلال السنوات السبع الماضية، وخاصة فيما يتصل بمظلة الحماية الاجتماعية وبرنامج تكافل وكرامة. وفى هذا السياق أكد على أن وزارة التضامن الاجتماعى أدارت البرنامج بدرجة عالية من الكفاءة وأن هناك ثلاث توجهات استراتيجية رئيسية استندت إليها الوزارة وهى: توظيف المنهج العلمى، توظيف تكنولوجيا المعلومات من خلال إدارة قاعدة بيانات لتسجيل بيانات المستفيدين مما يسهل استهداف الفئات المتضررة بشكل مباشر وتعزيز تدخل الحماية الاجتماعية للفئات الاجتماعية الفقيرة، بالإضافة إلى التنسيق مع مختلف قطاعات الدولة وتوجيه جهود المجتمع المدنى لمواجهة تداعيات الأزمة وحوكمة مختلف التدخلات وذلك بهدف تجنب التكرار والتضارب فى تقديم الخدمات.
وأكدت الجلسة على نجاح السياسة الاجتماعية فى مصر حيث يتم الربط بين السياسات التنفيذية ومراكز البحوث، وأهمية البعد الثقافى فى عملية التنمية، وتطرقت للجهود السابقة والتراكم العلمى الذى حققته بعض مؤسسات الدولة. وقد أشادت المناقشات فى هذا السياق بدور المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية الذى أجرى مشروع استهداف الأسر الأولى بالرعاية الذى كان أساسًا لبرنامج تكافل وكرامة.
المجال العام
وفي اليوم الثاني شهدت نقاشات مهمة خلال الجلسة الرابعة التي تناولت “تحولات المجال العام ” وترأس الجلسة الأستاذ الدكتور إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية- كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة، الذي أكد أن الحديث عن المستقبل فى مجال العلوم الاجتماعية يُعتبر إنجازًا علميًا فى ظل صعوبة القيام بذلك، مشيرًا إلى أن وباء فيروس كورونا أحدث تغييرًا كبيرًا فى العالم بأثره حيث أصبح العالم يواجه تحديًا واحدًا، وهذا يُحدث تغييرات كثيرة على مستوى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وأشار إلى أنه فى ظل ما نواجهه من تحديات ناجمة عن أزمة جائحة كورونا يُمكننا إنشاء مجلس أعلى لتنمية الوعى نظرًا لما تتطلبه المرحلة الحالية لمواجهة الأزمة. وأوضح سيادته أن أزمة كورونا ترتب عليها عدة نتائج لعل أبرزها كان تراجع نسبة القوة العسكرية؛ فلم تصبح هى القوة الأولى فى العالم، وتزايد الاهتمام بالعنصر البشرى، وهو ما سيؤثر بالتبعية على مستقبل قياسات الرأى العام.
وتناولت الجلسة ورقتين بحثيتين، أولاهما بعنوان “مستقبل الرأى العام فيما بعد أزمة كورونا” إعداد الأستاذة الدكتورة نجوى خليل، وقد استهدفت الورقة القراءة الكاشفة للرأى العام بعد ظهور أزمة جائحة فيروس كورونا واستفحالها عالميًا، بل والاقتراب من مصطلح الرأى العام لكشف مدى تواجده وتحققه فعليًا بعد تصادمه مع جائحة كورونا، ومحاولة التعرف على أهم القوى المحورية والتحديات المؤثرة على بلورته بشكلٍ فعال، أو التى تعيق بلورته بشكلٍ إيجابى لمواجهة الأزمة فى المجال الصحى والأزمات المماثلة فى المستقبل.
بينما تناولت الورقة البحثية الثانية “مستقبـــل حـــق الانتخــــاب فـــى ظـــل جائحـــة كورونــــا” إعـــداد د. حنان أبو سكين، والتى ناقشت عددًا من الإشكاليات تمثلت فى أن الجائحة زادت من الاهتمام والطلب على نقل الخدمات والمعاملات عبر الإنترنت بما فى ذلك التصويت فى سياق الانتخابات، وأن إدخال التقنيات الحديثة يقدم فرصًا جديدة ومخاطر هائلة فى ذات الوقت؛ مما يتضمن سيناريوهات متعددة بشأن مدى الإقبال على بدائل مختلفة للتصويت التقليدى، وما إذا كان التصويت بالبريد أو عبر الإنترنت سيُحسّن نزاهة الانتخابات والديمقراطية النشطة، أو يُقوّض ثقة الجمهور ويُعرّض أمن العملية الانتخابية للخطر، مما يستدعى معرفة السيناريوهات المختلفة لكيفية التصويت فى ظل جائحة كورونا.
وناقشت تلك الإشكاليات من خلال عدة محاور هى: الحق فى الانتخاب وتأثير جائحة كورونا على ممارسة الانتخاب، والتجارب الدولية فى استخدام بدائل التصويت التقليدى، وسيناريوهات ممارسة حق الانتخاب فى ظل جائحة كورونا. وطرحت الورقة ثلاثة سيناريوهات تتنوع ما بين السيناريو الاتجاهى أو الخطى؛ ومفاده استمرار الوضع الراهن، والسيناريو الإصلاحى أو التفاؤلى؛ ويهتم بالتصويت عن بعد، وهو محل تركيز الورقة باعتباره السيناريو المأمول، ثم السيناريو التشاؤمى.
وقد أشارت الجلسة إلى ظهور مصطلح الأمن الصحى لحماية المواطن، وأن الجائحة أدت إلى ظهور أنماط أخرى من التصويت فى الانتخابات والتى تختلف باختلاف طبيعة المجتمعات.
واستكملت الجلسة الخامسة للمؤتمر ذات القضية برئاسة الدكتورة رباب الحسينى أستاذ علم الاجتماع- المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، والتي أشارت إلى أن إدارة الأزمة كانت السبب الرئيسى وراء نجاح وفشل بعض الدول فى مواجهة الجائحة، مؤكدة على ضرورة طرح سيناريوهات مختلفة للتعامل مع الآثار الناجمة عن الجائحة، بالإضافة إلى ضرورة توفير الآليات التى تتيح التنبؤ بالمخاطر الاجتماعية. وأوضحت أن الروح البشرية تتطلب منا العمل حول فكرة الاستثمار فى البشر والتعليم والإدارة الجادة للمخاطر والأزمات، وأن ثقافة التطوع والمسئولية الاجتماعية للأفراد ستتغير بعد تلك الأزمة.
ولقد تناولت الجلسة ورقتين بحثيتين، الأولى بعنوان “دور المبادرات التطوعية فى تفعيل أطر المسئولية الاجتماعية فى أعقاب أزمة كورونا”، إعداد د. وفاء نعيم، وقد استهدفت الدراسة التعرف على الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للمتطوعين فى المبادرات المجتمعية أثناء أزمة كورونا، والوقوف على الأسباب الدافعة للانضمام للمبادرات المجتمعية، وأثر ذلك على تفعيل المسئولية المجتمعية، وأهم مجالات تقديم التطوع فى المبادرات المجتمعية. والكشف عن دور المبادرات المجتمعية فى دعم الفئات المتضررة من آثار جائحة كورونا والحد من تداعياتها، وأهم التحديات والمخاطر التى تقف أمام تقديم المساعدات للفئات المتضررة، وكيفية التغلب عليها. بالإضافة إلى الكشف عن أهم أدوات العمل التطوعى فى المبادرات المجتمعية لمواجهة أزمة كورونا،ووضع رؤية مستقبلية لمعرفة استمرار المبادرات المجتمعية بعد انتهاء الجائحة.
وجاءت الورقة الثانية بعنوان “العلاقة بين الدولة والمجتمع فى ظل جائحة كورونا ومآلاتها المستقبلية”، إعداد د. أحمد همام، والتى استهدفت دراسة العلاقة بين الدولة والمجتمع فى ظل أزمة وباء كورونا، وكيف أثرت هذه الأزمة على العلاقة القائمة ما بين الدولة والمجتمع، وكذلك تأثيراتها المستقبلية، وذلك من خلال توضيح العلاقة ما بين الدولة والمجتمع من حيث الأطر النظرية، ووضع بناء عملى على أرض الواقع لتجسيد العلاقة ما بين الدولة والمؤسسات المجتمعية فى مصر فى ظل أزمة كورونا، والتكاتف ما بين المؤسسات الرسمية وغير الرسمية لمواجهة هذه الأزمة ووضع سيناريوهات مستقبلية لتحديد مستقبل العلاقة بين الدولة والمجتمع ما بعد الجائحة.
وأوصت الجلسة بضرورة تزويد المكتبة العلمية بالدراسات التفسيرية؛ وليست الدراسات الوصفية لأن أغلب الدراسات اعتمدت على المنهجى الوصفى فقط، وأن يتم فيها الرجوع إلى الخبراء والمختصين، فضلاً عن أن المجتمع المصرى يحتاج للمزيد من الدراسات الخاصة بثقافة التطوع، بالإضافة إلى ضرورة رفع الوعى بين المتطوعين وخاصًا الشباب تحديدًا لتنظيم تطوعهم والحفاظ على سلامتهم، وأكدت الجلسة على أهمية دراسة التجارب الناجحة فى التغلب على الأزمة، مشيرةً إلى أن من أهم أسباب النجاح فى مواجهة جائحة كورونا هو الاستثمار الجيد فى البشر والإدارة الجادة للأزمة.
دور الاعلام
واختتم المركز فعاليات اليوم الثانى للمؤتمر بالجلسة السادسة التى ناقشت محور “دور منظومات الاتصال فى التعامل مع جائحة كورونا”, وترأست الجلسة الدكتورة سلوى العوادلى – أستاذ الإعلام ووكيل شئون التعليم والطلاب بكلية الإعلام جامعة القاهرة، والتي أكدت على أهمية الاعتماد على المنهج العلمى فى توصيف الظواهر الاجتماعية ووضع حلول مقترحة لها، وأضافت أن قيام وسائل الإعلام بدورها التوعوى أثناء جائحة كورونا كان استجابة لحاجة المواطنين الحصول على معلومات بشأن الجائحة وبالرغم من محاولة وسائل الإعلام تزويد الجمهور بتلك المعلومات إلا أن التغطية الإعلامية قد شابتها بعض السلبيات من أبرزها انتشار الشائعات والمعلومات غير الصحيحة حول طبيعة الفيروس وأثاره التى ارتبطت بظاهرة التضليل الإعلامى. وأضافت أن الاتصال هو عملية معقدة لا يمكن عزله عن المتغيرات الاجتماعية والسياسية التى يشهدها المجتمع ومن خلال قراءة التاريخ يتضح تراجع الاتصال التسويقى بشكل خاص فى فترات الكوارث والأزمات.
وبدأت الجلسة بعرض ورقة عمل للدكتورة أسماء فؤاد، مدرس الإعلام بالمركز بعنوان “توظيف وسائل التواصل الاجتماعى فى مواجهة الشائعات خلال الأزمات “واقع أزمة كورونا وسيناريوهات المستقبل”, وتنتمى هذه الدراسة إلى الدراسات الاستشرافية التى تتبنى النمط الاستطلاعى من الدراسات المستقبلية، اعتمادًا على أسلوبى دلفى والسيناريوهات، وقد استهدفت توصيف واقع توظيف وسائل التواصل الاجتماعى فى رصد ومواجهة الشائعات خلال أزمة كورونا، والكشف عن المسارات المستقبلية الممكنة والمحتملة لتوظيف هذه الوسائل فى مواجهة الشائعات أثناء الأزمات خلال الخمس سنوات القادمة “2022 – 2027م”، إضافة إلى التعرف على الآليات المقترحة لتحقيق النمط المستقبلى المرغوب فيه خلال المستقبل القريب. وأوضحت النتائج وجود اتفاق بين الخبراء فى عينة الدراسة على نجاح كل من المركز الإعلامى بمجلس الوزراء ووزارة الصحة والسكان بشكل خاص، والمنصات الرقمية لبعض الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى المعنية أيضا بالأزمة فى توظيف وسائل التواصل الاجتماعى فى نفى الشائعات خلال أزمة كورونا، لكن الأمر كان يتطلب جهودًا ضخمة لإقناع المواطنين بعدم صحة الشائعات؛ نظرًا لارتباطها فى هذه الأزمة بالشعور بالخوف والقلق وعدم اليقين.
و قدمت د. أمانى السيد مدرس الإعلام بالمركز من خلال ورقتها حول “منظومة الاتصالات التسويقية المتكاملة ودورها فى جائحة فيروس كورونا” “تطبيقات الواقع وسيناريوهات المستقبل” قراءة موضوعية لواقع منظومة الاتصالات التسويقية التي اعتمدت عليها الشركات المختلفة لمواجهة جائحة فيروس كورونا، وكيفية التكامل بين الأنشطة التسويقية والترويجية، ومدى قدرة هذه المنظومة على تحقيق المستهدف منها، إلى جانب التعرف على مدى اختلاف الاستراتيجيات التسويقية باختلاف العلامة التجارية وطبيعة الخدمات والمنتجات المقدمة، بالإضافة إلى محاولة رسم ملامح المستقبل من خلال وضع مجموعة من السيناريوهات المستقبلية للتنبؤ بمنظومة الاتصالات التسويقية المتكاملة التى يمكن الاعتماد عليها لتحقيق الأهداف المرجوة للشركات على كافة المستويات فى الفترة من (2022-2027) وخاصة فى أوقات الأزمات.
وأوصت الجلسة بضرورة تقنين الممارسات الإعلامية والاعتماد على المصادر الموثوق فيها، وتفعيل قوانين حماية المستهلك لمواجهة أنشطة الترويج المضلل، ورفع وعى المواطن بحقوقه وواجباته وجعله أكثر قدرة على تحديد ما هو مناسب له.
فيما ركزت الجلسة الثامنة للمؤتمر على محور “انعكاسات الجائحة على الصحة والتعليم”، برئاسة الدكتورة نجوى جمال الدين أستاذ أصول التربية بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، وأوضحت أن المتغيرات التى أفرزتها الفترة السابقة ركزت على اتجاهات عديدة أبرزها القضايا الرقمية والقضايا الخاصة بالصحة النفسية والتعليم الهجين، وأنه لابد أن يكون هناك تخطيط للطوارئ، مشيرةً إلى أن جائحة كورونا كشفت عن جوانب ضعف فى المنظومة التعليمية؛ مما يدفعنا الاستعانة بتجارب الدول فى هذا الصدد.
وقد تم تقديم أربعة أوراق بحثية؛ حيث استعرض الأستاذ الدكتور أكرم إبراهيم قحوف الورقة الأولى نيابةً عن الأستاذ الدكتورة جيهان كمال مدير المركز القومى للبحوث التربوية والتنمية بعنوان تطوير التعليم ما بعد أزمة كورونا: الواقع والمأمول، حيث تناولت الورقة أهم التحديات التى فرضتها جائحة كورونا على التعليم، والسياسيات التعليمية وأساليب الإدارة التعليمية ومدى اختلافها على مستوى العالم، وإدارة المناهج فى ظل جائحة كورونا، بالإضافة إلى استعراض بعض النماذج الدولية والتجربة المحلية لإدارة منظومة التعليم خلال أزمة كورونا، وأساليب التقويم المتبعة وكيفية تنفيذها، واستعراض التأثيرات الحالية والمستقبلية على منظومة التعليم بعد أزمة كورونا، والسيناريو المأمول لتطوير التعليم بعد الجائحة.
وتناول اللواء عصام إبراهيم الترساوى- مساعد وزير الداخلية الأسبق – موضوع “التنمية المستدامة من منظور الأمن الإنسانى (الصحى)”، حيث استعرض الموضوع عبر ثلاثة مباحث يركز أولها على التنمية المستدامة، أما الثانى فتناول الأمن الإنسانى، وناقش المبحث الثالث الرؤية الجديدة لما بعد كورونا، محاولًا استشراف المستقبل ووضع بعض الآليات لما يمكن أن يضع حدًا لآثار الجائحة الوخيمة، مؤكدًا على ما ذكره معالى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى حول أهمية امتلاك القدرة على إنتاج الأدوية واللقاحات والتى تعد بمثابة أمن قومى، وفى هذا الصدد ذكر أنه قد تم إنشاء العديد من المراكز لتسريع وتيرة التلقيح، وبدء إنتاج اللقاح المصرى سواء بهدف الاستهلاك أو التصدير،وتوسيع أعمال الشركة المصرية لإنتاج الأمصال واللقاحات (فاكسيرا)، وإنشاء مصنع آخر فى مدينة 6 أكتوبر لتصنيع الأدوية واللقاحات لتكفى الدولة والمنطقة، ويأتى ذلك بما يتماشى مع اتجاهات المجتمع الدولى والدولة من أجل تحسين جودة الحياة لما بعد كورونا، والتى قد تستمر لفترة قادمة.
وعلى جانب آخر؛ تناولت الورقة البحثية المقدمة من د. منى درويش موضوع “تأثير أزمة جائحة كورونا على الصحة النفسية للأطفال فى المرحلة الابتدائية”، حيث أُجريت الدراسة على عينة مكونة من (239) طفلاً بالمرحلة الابتدائية، تراوحت أعمارهم بين (6-12) عامًا، كما تم التطبيق على أمهات هؤلاء الأطفال. وكشفت نتائج الدراسة عن تأثر الصحة النفسية للأطفال فى المرحلة الابتدائية بأزمة جائحة فيروس كورونا المستجد بدرجة متوسطة.
وانتهت الجلسة بعرض دراسة استشرافية أعدتها د. إنجى النادى بعنوان “العدالة الرقمية فى التعليم ما بعد جائحة كوفيد 19″، تطرقت عبرها لقضية التعليم عن بعد ومعوقات وتحديات العملية التعليمية فى ظل أزمة كوفيد 19، وتسلط الضوء على معوقات تحقيق المساواة الرقمية ونجاح عملية التعليم عن بعد فى أوقات الطوارئ والأزمات، فى محاولة لاستشراف مستقبل شكل التعليم فيما بعد جائحة كورونا. وأوضحت الدراسة أن تجربة التعليم عن بُعد التى فرضتها جائحة كورونا أدت إلى تعميق عدم المساواة الرقمية، حيث كانت الفرص غير متكافئة، فكانت قدرات الطلاب فى الوصول إلى التكنولوجيا كالأجهزة والاتصال بالإنترنت متفاوتة؛ بسبب ارتفاع التكلفة أو ضعف البنية التحتية لشبكة الإنترنت.
وانتهت الجلسة بطرح مجموعة من التوصيات، كان أبرزها ضرورة إعادة النظر فى السياسات التعليمية ووضع سيناريوهات لمواجهة الأزمات وتوقع المخاطر ومراجعتها باستمرار لمواكبة أى تطورات، والتوسع فى تطبيق اللامركزية فى إدارة العملية التعليمية، وضرورة التنمية المهنية للمعلمين ورفع كفاءاتهم، كما تمت التوصية بتنمية البنية التحتية وتخفيض التكلفة المادية لضمان وصول خدمات التكنولوجيا والاتصالات لكافة أفراد المجتمع، بالإضافة إلى تعزيز الثقة لدى لكبار السن على استخدام التكنولوجيا الحديثة وتوفير ما يلزم لحثهم على التعامل مع التكنولوجيا، وعدم الانعزال والشعور بالاغتراب فى مجتمعاتهم .كذلك إنشاء المزيد من المراكز الصحية بالمحافظات تقدم الخدمات الصحية المتعددة كعلاج أو إعطاء اللقاحات، وتدريب جميع أفراد الأطقم الطبية على مهارات مواجهة الجائحة.
تداعيات اجتماعية
في الجلسة الجلسة التاسعة التي عقدت برئاسة الأستاذ الدكتور أحمد مجدى حجازى أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة تحت عنوان “التداعيات الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على جائحة كورونا”، أشاد الدكتور حجازى بالتأصيل النظرى للأوراق المقدمة، مضيفًا أن جائحة كورونا قد أظهرت بوضوح غياب مفهوم العدالة الاجتماعية بين الدول.
وفى إطار هذا المحور قدمت الأستاذة الدكتورة رباب الحسينى أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، ورقة بعنوان “مجتمع المخاطر: التداعيات الاجتماعية لأزمة كورونا”، وطرحت من خلالها رؤية لمجتمع المخاطر الذى تجسده جائحة كورونا، وذلك من خلال التركيز على الفئات المُهمشة (المرأة – الطفل – الشباب) باعتبارها أكثر قابلية واستعدادًا للإصابة بالفيروس وتحمل تداعياته. واعتمدت فى ذلك على مدخلى سوسيولوجيا المخاطر ومجتمع المخاطر العالمى.
أما التداعيات الاقتصادية فقد تناولتها الأستاذة الدكتورة إكرام إلياس، أستاذ الاقتصاد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية من خلال ورقة بعنوان “فيروس كورونا وتضرر الأسهم المحلية: دراسة لأحوال البورصة المصرية”. رصدت من خلالها أثر جائحة كورونا على الاقتصاد العالمى مع الإشارة إلى خصوصية اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط والاقتصاد المصرى بصفة خاصة، كما ركزت على تأثير الجائحة على حركة التبادل فى سوق الأوراق المالية المحلية، موضحة جهود الدولة فى وضع السياسات الاقتصادية فى مواجهة الجائحة.
وقدم كل من د. أحمد على حجازى، ود. جيهان محمد على الشيخ، الأساتذة بكلية الآداب، جامعة دمياط، ورقة بعنوان “جائحة كورونا وتداعياتها الاجتماعية: دراسة ميدانية”.
واستهدفت الدراسة الكشف عن التداعيات الاجتماعية لجائحة كورونا ومدى تأثيرها على القيم المجتمعية، وذلك من خلال رصد أنماط القيم التى ظهرت فى ظل الجائحة، وتقديم رؤى مستقبلية للحد من التأثيرات السلبية لها. وأظهرت الدراسة الميدانية التى طبقت فى محافظة دمياط أن الجائحة قد أدت إلى بروز مجموعة من القيم الإيجابية تمثلت فى التماسك والترابط الأسرى والشعور بالمسئولية، فى مقابل مجموعة من القيم السلبية مثل انتشار الشائعات والخوف الاجتماعى والتباعد الاجتماعى.
وخرجت الجلسة بعدد من التوصيات لعل من أهمها؛ ضرورة وجود آلية للتنبؤ بالمخاطر قبل حدوثها حتى يتم الإعداد لمواجهتها، إلى جانب أهمية نشر الوعى الاقتصادى والثقافة المالية فى كل الأوقات.
ما بعد الأزمة
واختتمت فعاليات المؤتمر السنوى الحادى والعشرين للمركز بعقد ورشة عمل تحت عنوان “مسارات المستقبل ما بعد الجائحة”. ترأستها الأستاذة الدكتورة هويدا عدلى أستاذ العلوم السياسية ورئيس شعبة بحوث ومؤسسات قوى التنمية الاجتماعية بالمركز، والتى أكدت فى كلمتها على أن جائحة كورونا لم تعد مجرد أزمة صحية بل أزمة متعددة الأبعاد، شهدت جملة من الانتهاكات للعديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأن هذه الانتهاكات كانت أكثر تأثيرًا على الفئات الأكثر هشاشة وضعفًا فى المجتمع. وطرحت فى كلمتها العديد من الإشكاليات التى ارتبطت بتأثيرات الجائحة خاصة ذات الصلة بالتعليم والمؤسسات التعليمية، الخدمات الصحية، الحق فى العمل، القطاع غير الرسمى باعتباره أكثر القطاعات التى لها أجنده خاصة فى الدول النامية، قضايا المرأة والعنف الأسرى، العلاقة بين الدولة والمجتمع، إلى جانب مستقبل النظام العالمى.
واختتمت عدلى كلمتها بالتأكيد على أن أزمة كورونا تمثل فرصة لإعادة صياغة العلاقات فى المجتمع على أسس جديدة وذلك فى محاولة للإجابة على السؤال الأتى: كيف يتم صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع فى المستقبل؟
وفى كلمة الأستاذ الدكتور على الدين هلال أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، تطرق إلى أربعة نقاط رئيسية، حيث حذر أولا من المبالغة فى آثار الجائحة. ثانيًا: أحد الآثار التى حسمتها الجائحة هى إعادة الاعتبار لدور الحكومات فى تنظيم المجتمع، ثالثًا: شدد على دور القوات المسلحة الذى ظهر بوضوح فى جميع دول العالم ومن بينها مصر التى قامت قواتها المسلحة بأول حملة تطهير فى الشوارع والميادين. رابعًا: أصبح موضوع الصحة العامة عنصر رئيسى من عناصر الأمن القومى وأحد الحلقات الحاكمة وهو الأمر الذى يجب أن يدفعنا لإعادة النظر فى المنظومة الصحية والتأكد من فعاليتها فى المستقبل.
واختتم أستاذ العلوم السياسية كلمته بالتأكيد على أن الأداء المصرى فى الجائحة كان جيدًا، وأن هناك ثلاث مشكلات هيكلية لابد من الالتفات إليها وهى: الزيادة السكانية، محو الأميه، النظام القيمى الاجتماعى والسياسى السائد بين عموم الناس فى مصر.
وفى كلمة الأستاذ الدكتور محب الرافعى وزير التربية والتعليم الأسبق وعضو مجلس الشيوخ وأستاذ بكلية الدراسات العليا والبحوث البيئية بجامعة عين شمس ركز على تأثيرات الجائحة على المنظومة التعليمية بصفة عامة، وأكد فى بداية كلمته على أن التعليم أساس نهضة أى مجتمع، وأن لدينا ما يسمى بالتعليم فى حالات الطوارئ, ولكن الجائحة أظهرت العديد من التحديات فى المدارس والجامعات.كما تطرق إلى قضية محو الأمية وأشار إلى أننا بحاجة إلى طرق وأساليب جديدة تتناسب مع البعد الثقافى والاجتماعى والاقتصادى للمجتمع.وفى كلمة الأستاذ الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس الهيئة الاستشارية للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية أكد على أن التقدم الاقتصادى المستقر لفترة زمنية ممتدة هو الحل الرئيسى لكل مشكلات المجتمع، وأنه يجب حل المشكلات المجتمعية المحلية بتفكير يرتبط بخصوصية المجتمع، وتطرق سعيد فى كلمته إلى الانتشار العمرانى الجديد فى مصر والفرص التى قد يوفرها فى المستقبل للعديد من المشكلات ذات الصلة بالتكدس السكانى. كما تحدث فى كلمته عن الثورة الرقمية وما تشهده من تطورات متلاحقة تتطلب آليات مختلفة واستعدادات خاصة للتعامل معها وختم كلمته بالحديث عن السياسة الخارجية المصرية وكيفية تعامل مصر مع مختلف القضايا الدولية.
وفى كلمة الأستاذ الدكتورة نيفين مسعد أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة أشارت إلى أن الجائحة كانت أظهرت المشكلات الموجودة بالمجتمع وأن الدولة لا تقاس قوتها بالقوة العسكرية فقط وإنما تقاس بالتكامل بين جميع مؤسساتها كما تطرقت للحديث عن العولمة وكيف تأثرت بأزمة كورونا مثل انعكاسات الأزمة على حركة السفر وتنقلات المواطنين.
وفى كلمة الأستاذ الدكتور أحمد السيد رئيس وحدة نظم المعلومات والمنصات الرقمية بصندوق رعاية المبتكرين والنوابغ بوزارة البحث العلمي تطرق إلى الحديث عن مخاطر تكنولوجيا على الأفراد بشكل عام والأطفال بشكل خاص نتيجة زيادة معدلات استخدام التكنولوجيا خاصة المخاطر ذات الصلة باختراق الخصوصية وسرقة المعلومات كما تحدث عن تأثيرات الأفراط فى استخدام التكنولوجيا على مهارات التواصل الاجتماعى والعلاقات الاجتماعية داخل الأسرة وفى المجتمع.