لم يأت وصف مصرنا الحبيبة بأنها “أُمّ الدنيا” من فراغ، بل استحقّت هذه الصفة وعن جدارة وليس افتخارا وتباهيا منَّا لمصرنا ووطنا الحبيب لمجرد انتمائنا لها، وإنما جاء ذلك نتيجة خبرات وتجارب تراكمت عبر تاريخ طويل من الحضارة الإنسانية التى سبقت العالم أجمع، بل إن أكثر من يعرفون ويُقِرّون بهذه الحقيقة هم غير المصريين، ولكنهم منصفون وموضوعيون اعترفوا بذلك وفى أكثر من مناسبة وظرف.
وما جدَّد لدىَّ تذكّر هذه الحقيقة، هو ذلك القرار الإنسانى- قبل كونه دبلوماسيا وسياسيا- والذى اتّخذه الإنسان النبيل/ علاء عاقل- رئيس لجنة تسيير أعمال غرفة المنشآت الفندقية- ويحمل رقم 41 لعام 2022م، وتم توزيعه على كافة الفنادق المصرية فى 24 فبراير الجارى، عقب الأحداث التى وقعت بين روسيا وأوكرانيا، وينص على: (التأكيد على استمرار إقامة السائحين الأوكرانيين والروس المتواجدين بالفنادق المصرية، وعدم الامتناع عن تقديم أى خدمات تُقدَّم لهم، لحين عودتهم إلى بلادهم).
وأرفق بهذا المنشور خطابا من السيد/ عبدالفتاح العاصى- مساعد وزير السياحة لشئون المنشآت الفندقية والمحال والأنشطة السياحية- والذى أشار فيه إلى الأحداث السياسية الجارية بين الدولتين، مما ترتب عليه غلق المجال الجوى الأوكرانى.
فهذه هى مصر التى عهدناها، بل عهدها كل العالم، “أُمًّا” للجميع، خاصة فى الأزمات والمَلَمَّات، وليست جائحة كورونا ببعيدة عنَّا حيث وصلت المساعدات المصرية لكل بقاع الأرض تقريبا.
وبالتالى فإننا كمصريين يحق لنا أن نفخر ونزهو بما تُقدّمه بلدنا الحبيبة، ونحمد الله تعالى أن قدَّرنا ويسَّر لنا أن نكون عونًا لإخواننا فى الإنسانية، حينما يقعون فى الأزمات، فيجدون الوطن الكبير “أُمّ الدنيا” تفتح لهم ذراعيها بالترحاب وكرم الضيافة.
ليس هذا فحسب بل لنا جميعا أن نرفع رءوسنا عالية خفَّاقَة، ونُعلى أصواتنا فرحًا وفخرًا كوننا مصريين، لما يلقاه إخوتُنا المصريين فى الخارج من احترام وتقدير، فى هذه الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث يُعامَل المصريون النازحون من أوكرانيا معاملة كريمة، وطبقا لشهود العيان، فإن المصريين بمجرد رفعهم العَلَم المصرى يمُرّون بسلام وأمان، ولا يعترض طريقهم أحد على الحدود وكل الأكمنة الأوكرانية أو حتى للدول التى تستقبلهم.
والحق يُقال: إن هذا لم يكن ليحدث لولا القيادة الحكيمة التى وهبها المولى سبحانه وتعالى لمصر فى هذه المرحلة العصيبة، والتى استطاعت المصابرة والمثابرة حتى استعادت مكانة مصر، بما حقَّقته لها من إنجازات فى كافة الأصعدة، وعلى مستوى كل المتطلبات الحياتية، حتى صارت مصر القوية العفيّة التى يخشاها الجميع، و”يعمل لها ألف حساب” لإمكاناتها وقُدْرَاتها الذاتية وليست المعتمِدة على غيرها، لأنها أدركت أن سِرَّ قُوَّتِها فى وِحْدَة صفِّها، وتكاتف أبنائها جميعا، واصطفافهم خلف قيادتهم، على قلب رجل واحد، لإيمانهم بإخلاص ووطنية ”رُبَّان السفينة”، الذى أعلنها صريحة منذ اليوم الأول لتحمّل المسئولية، أن مصر هى “أُمّ الدنيا” بأبنائها المخلصين فى كل مواقع العمل والمسئولية، ولذلك فلا غرو أن ترتفع قلوبُنا قبل أصواتِنا بالشكر والثناء للمولى عزَّ وجلَّ، وشعارنا دوما وأبدا “تحيا مصر”.