الجميع يعرف تلك الحقيقة ولكنهم ينكرونها لأنهم ببساطة لا يريدون أن يتذكروا لحظة الوقوف بين يدى الله تعالى يحاسبهم على كل ما فعلوه فى هذه الدنيا، لكن أريدكم أن تتذكروا لحظة ستأتى على كل منكم من أشد اللحظات وهى لحظة زيارة ملك الموت لك ليأخذ الروح بإذن الله، هذه اللحظة من أحلك ما مر عليكم فى حياتكم، إنها لحظة الموت ومفارقة الحياة التى كانت مليئة باللهو واللعب وتضييع الأوقات وارتكاب المعاصى وعدم التوبة منها والخوض فى الأعراض وغيره والالتصاق بالشيطان وأعوانه وتنفيذ أوامره من فعل الموبقات، لحظة تنتقل فيها إلى عالم لا تعرفه مطلقا وتنزل إلى قبر لم تنم فيه من قبل، يا له من موقف عصيب شديد على كل إنسان! وما أدراكم ما ضمَّة القبر لم ينج منها أحد! الأمر والله مخيف ومرعب بشكل لا يتصوره عقل أحدكم! كلنا راحلون، لكن السؤال الذى يطرح نفسه: من الذى سيؤنس وحدتنا ووحشتنا فى قبورنا؟ حتما إنه العمل الصالح ومن قبله رحمة الله الواسعة، وعند البعث من القبور والوقوف لبدء الحساب ترى ماذا سيخفف عنا هذه الأهوال؟ لاشك إنها الطاعات ثم الطاعات، عزيزى الشاب وأختى فى الله، متى سنفيق من غفلتنا ومتى سنغير من أحوالنا التى باتت تؤرقنا جميعا؟ الشباب فى هذه الأيام أصبح فى غفلة مرعبة، الدنيا تجرى وهم يلهثون وراءها كى يأخذوا منها كل شئ، ويا ليتهم سعداء! يا ليتهم راضون! بل الحق أنهم ساخطون، ساخطون على كل شئ حتى أصبحت حياتهم كئيبة! ولِمَ لا وهم قد حصلوا على كل نعم الحياة؟! إلى ماذا يتطلعون بعد ذلك؟! هل إلى آمال زائفة، أم طموحات غير معقولة؟! هل نحن المخطئون عندما قدمنا لهم كل شئ؟ هل نحن من سيدفع ثمن هذا التدليل؟ أنا لا ألوم الأبناء فقط على قلوبهم القاسية بل أعتب أيضآ على الآباء والأمهات الذين أعطوا أبناءهم كل شئ بلا حدود، فجميع الطلبات مجابة وكل آرائهم منفَّذة حتى وإن كان فيها جانب من الخطأ ،فقط لأننا لا نريد أن ندخل معهم فى صراع، أود أن أذكركم ونفسى بأننا سنقف جميعا يوم القيامة لنأخذ من حسنات بعضنا البعض، سنقف ليسألنا الله عن كل ما فعلنا، نعم كلنا راحلون فليترك كل منا بصمة طيبة وأثرا جميلا قبل الرحيل، عباد الله هى كلمات أكتبها لعل معناها يصل إلى القلوب، الحياة أخذت الجميع فى دوَّامة العيش للدنيا ولم يعد يسعى للآخرة إلا القليل، يا شباب الجيل كفاكم عقوقا للوالدين، كفاكم عدم أحترام وتجبّر فى الأرض، شبابكم هذا نعمة من نعم الله فاغتنموه فى طاعته لا فى عصيانه، كفاكم ظلما لأنفسكم ولتنظر كل نفس ماذا قدّمت وماذا معها للآخرة أحضرت؟ اتقوا الله فى أنفسكم فقد قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد) إذن ما دمتم على قيد الحياة فأمامكم فرصة ذهبية للرجوع وتصحيح الأخطاء التى باتت قاتلة، وانظروا ماذا جمعتم لتأخذوه معكم إلى الدار الآخرة، هل أكثر ما فى صحيفتكم حسنات أم سيئات؟ الأمر أكبر مما تتخيلون فاعتبروا وأبصروا، ولتعلموا جميعا أننا عما قريب كلنا راحلون.