عشنا سعداء ونحب أن نموت شهداء، عشنا الأيام الماضية ذكري شهداء مصر، وتعود بنا هذه الذكري الي صفحة ناصعة من صفحات مآثر جيوشنا الإسلامية، وعلي وجه الخصوص، الجيش المصري بقيادة المغاوير من المماليك.
وأتوقف سريعا علي لوحة بديعة رسمها الجيش المصري في تحدي المعارك الحاسمة بين الجيش المصري وجحافل المغول، وعلي قرية قريبة من دمشق بالشام تسمي شقحب. دارت معركة بين الجيش المصري وجنود الشام من جهة، وجحافل المغول بقيادة محمود قازان. وأترك ساحة المعركة وأعود قليلا الي وقت الاستعداد للمعركة. واقترب من الأمراء والقادة وعلماء الإسلام لأستلهم منهم عبق التضحية والفداء، وتعلو عزتي لعنان السماء وانا اشاهدهم يدفعون بأنفسهم علي خوض المعركة مهما كانت قسوتها وشدة بأسها فقد تأسّوا بسيرة صحابة رسول الله فكان غاية أملهم أن يُدفنوا مُدرجين في دمائهم شهداء في سبيل الله وأوطانهم وحماية الشعوب الإسلامية من نجس المغول.
أتوقف بجوار السلطان محمد بن قلاوون، علي أرض المعركة، وهو يحاول أن يتقدم بنفسه الي الأمام ليواجه العدو، يقف أمامه كبار الأمراء لمنعه من التقدم. يأبي ذلك ويلوم الامراء ويقول: والله أنا أول من يحمل قدامكم، فيقول له والي طرابلس: يا خوند نحن ما نريد منك أن تحمل ولكن اثبت مكانك. فإذا ثبت السلطان ثبت العسكر. فقال السلطان: إن اخترتم ذلك هات قيد فقيدوا فرسي به حتي أموت وهو واقف. فتصايح الأمراء بالدعاء له معجبون بشجاعته وإقدامه. وبالفعل تم تقييد فرس السلطان حتي لا يهرب الفرس. وبايع الله علي ذلك.
اترك السلطان وأقترب من الأمير المقاتل سيف الدين أسندمر، وهو يهتف وسط الجموع: أعلموا أن هذه الواقعة هي وقعة الانفصال بيننا وبينهم. فإن كانت النصرة فهي بشارة تستمر بنا، وإن كانت غير ذلك فنعوذ بالله. أعلموا أن كل زوجة لي طالق وكل جارية ومملوك لي حر، إن ولّيت ظهري حتي أبلغ قصدي فإن مُتُّ فما من موتة اكرم منها.
أترك هذا المشهد واقترب من المجاهد الأمير حسام الدين الاستاذ دار، وهو يعلن عزمه علي خوض الوغي ويهتف بصوت جهوري كلما يسمعه جندي تشتعل حميته، فيقول وسيفه يقطع به الأجواء: كنت انتظر هذا اليوم. والله لا عشت بعده، وقد عشنا سعداء ونرجوا أن نلقي الله شهداء. أراه يشق بسيفه الهواء ويشد لجام فرسه ويصيح صيحة المجاهدين المنتصريين: الله اكبر، الله اكبر. بصوت يدفع الكسيح لخوض غمار المعركة بكل حمية وحب وعشق .المعركة فيها مشاهد مبهرة عديدة خاصة مشاهد علماء الاسلام خاصةً الامام ابن تيمية.
وهذا ما يمكن أن نشاهد بعض فصوله في أعداد قادمة إن شاء الله.