هو مبدأ قانوني ينص على أن حرية الفرد لا يجب أن تٌمنَع إلا إذا سببت هذه الحرية اذية لفرد آخر. وقد صاغ جون ستيوارت مل هذا المبدأ في كتابه عن الحرية حيث قال: “الغرض الوحيد الذي من أجله يمكن ممارسة السلطة بشكل صحيح على أي فرد من أفراد المجتمع المتحضر، رغماً عنه، هو منع إلحاق الأذى بالآخرين. هذه هي الحرية في الغرب والمأخوذة من مباديء فلسفية . ورغم ذلك يدعي بعض أدعياء اتباع الحرية الغربية أنهم يستقون مبادئهم في الحرية من تلك البلاد
فيفهم البعض منهم أن الحرية تعني تنفّيذ ما يريدُه دون النّظر إلى المحيطين به، أو مراعاتهم أو مراعاة العادات والتقاليد في المجتمع أو الدين، فيمارس ما يحلو له دون الرّجوع إلى أيّ مبدأ أو دين، متناسيا أن الحرية في مفهومها المطلق، الديني والفلسفي، الذي فطر عليه الإنسان وفهمتها واستوعبتها البشرية، تنتهي عندما تتجاوز حرية الآخرين، بمعنى أنه حينما تؤذيني حريتك وتعرقل مصالحي وتلحق الضرر بأمني وسلامتي وديني وأخلاقي، فإنك بذلك تكون قد تجاوزت المفهوم الراقي والمسئول للحرية، فالحرية تعني في الدين المسؤولية أمام الله فيما أعطاك ومنحك لتتصرف فيه وتمارسه بحرية تحاسب عليها أمامه
يتضح ذلك جليا من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :” يُسأل المرء عن أربع؟ يُسأل عن عمره فيم أفناه ، وعن علمه فيم فعل ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟ … وعن شبابه فيم أبلاه؟ “
فمن يدعي أن حرية الرأي تعني أن تقول ما تشاء خطأ قانوني وخطأ فلسفي وخطأ ديني ، لأنك عندما يكون قولك مؤذ لغيرك فأنت تضر به وبذلك تكون حريتك قد انتهت عندما تعدتك لغيرك
فما بالكم إذا كانت الأقوال والأفعال تؤذي مجتمعات بأكملها وأجيال حالية ومستقبلة
عند ذلك تكون تلك الحرية المُدَّعَاة جريمة يعاقب عليها القانون.
وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم على أننا يجب علينا ألا نترك أصحاب العقول الضالة ذوي الفهم السقيم يتصرفون كما يحلو لهم ولا بما يرونه موافقا لمصالحهم مدعين حريتهم في ذلك، لأن ضررهم يقع علينا وعليهم وعلى من يأتي بعدنا
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ, فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا, وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا, فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ, فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا, فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا, وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا) رواه البخاري