أمين العام لمجمع الفقه الإسلامي بجدة: كل أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر لها أدلة ونصوص شرعية تؤيدها
– مستشار الشئون القضائية والدينية ديوان الرئاسة بأبو ظبي: التسامح مبدأ من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، وأساس من أسسه الثابتة الراسخة
– أميـن عــام المجــلس العالمـــــي للمجتمعـــات المسلمـة: إذا نجحنا في نشر ثقافة التنمية المستدامة من المنظور الشرعي سيقف هذا العالم أمام حقبة ناصعة من عصر تنمية مستدامة بمنظور إسلامي حضاري
– رئيس لجنة الإفتاء والإرشاد باتحاد علماء إفريقيا: لو كان للبيئة لسانٌ ينطق، وصوتٌ يُسمع لصكت أسماعنا صرخاتُ الغابات وأنينُ المياه وحشرجةُ الهواء
– أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة أرسطو باليونان: ينبغي التعمق في دراسة موضوع التنمية المستدامة بالربط بعلوم الشريعة المتنوعة
– د. عبد الله مبروك النجار: جرائم التعدي على التنمية المستدامة تصنف من ضمن كبريات الجرائم التي تمس الأفراد والدول والأمم في صميم مصالحها
– رئيس قطاع الشئون الشرعية بدار الإفتاء: بذلنا جهدًا كبيرًا في بيان الحفاظ على الموارد الطبيعية بمجموعة من الفتاوى الهامة
– المدير التنفيذي في الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف بالإمارات: الفتوى والتنمية يتمحوران حول الإنسان، فينبغي أن تكون أدوات الفتوى فاعلة في تحقيق كل أهداف التنمية
قال معالي السيد/ الداه ولد اعمر طالب وزير الشئون الإسلامية والتعليم بموريتانيا: إنَّ الحديث عن التنمية المستدامة في المفهوم الاقتصادي يتطلب تقديم بعض المفاهيم، مشيرًا إلى أن التنمية المستدامة في المفهوم الاقتصادي هي التنمية التي تعايش هموم الناس.
جاء ذلك خلال ترأسه الجلسة العلمية الأولى التي انطلقت تحت عنوان “دور الفتوى في تحقيق أهداف التنمية المستدامة” بالمؤتمر العالمي السابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تحت مظلة دار الإفتاء المصرية والمنعقد بالقاهرة 17 – 18 أكتوبر 2022م برعاية فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي مضيفًا أن ارتباط الفتوى بالشرع وأصوله لا يعني إعاقة تنمية المجتمع، مؤكدًا أن المسئولية الشرعية المنوطة بدُور الإفتاء هي الوقوف على حاجة المجتمعات.
وخلال الجلسة قال صاحب الفضيلة الشيخ/ قطب سانو – الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي بجدة: إن أهداف التنمية المستدامة تتطور كل فترة وتزيد فقد أصبحت 17 هدفًا بعدما كانت ثمانية أهداف فقط في تسعينيات القرن الماضي.
وشدد فضيلته على أن كل الأهداف السبعة عشر لها أدلة ونصوص شرعية تؤيدها، فعلى المفتي أن يؤمن أن هذه الأهداف صحيحة شرعًا بل الشرع يطالب بأدلة أكثر من الأهداف السبعة عشر، فهناك أهداف روحية.
وقال الشيخ السيد علي بن السيد عبد الرحمن آل هاشم مستشار الشئون القضائية والدينية بديوان الرئاسة بأبو ظبي وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في كلمة له بعنوان “قيم التسامح وأهداف التنمية المستدامة”: إن موضوع التسامح في الإسلام ومفهومه الواسع السليم الذي يعتبر مبدأً من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، وأساسًا من أسسه الثابتة الراسخة، ذلك أن الإسلام كما في شريف علم العلماء الأجلاء دين ختم الله به الديانات والشرائع والرسالات الإلهية، وارتضاه للناس دينًا خالدًا، صالحًا لكل زمان ومكان، يجدون فيه ما ينظم ويصلح علاقتهم بربهم، وعلاقتهم مع بعضهم البعض، من الناس من كل قبيل أو أتباع أي دين أو معتقد. فالتسامح في مفهومه الإسلامي الواسع الجلي يعني تسامح المسلم مع أخيه المسلم، وتسامح الأمة مع بعضها البعض أفرادًا وشعوبًا ودولًا.
وأردف فضيلته: وانطلاقًا من أهمية موضوع (التسامح) ومن دوره في الحياة وسلوك وتعامل الناس به والحاجة إلى بلورته وأن يكون منطوق الإفتاء في شرع الله مستوعبًا ما يعنيه موضوع هذا المؤتمر العلمي الجليل القدر (الفتوى وأهداف التنمية المستدامة) مقدرًا لسماحة العلامة الشيخ الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي جمهورية مصر العربية، ورافعًا لمقام فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية رعايته لهذا المؤتمر داعيًا الله تبارك وتعالى المزيد من التوفيق ومقدمًا له تحية أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة فلهما منا الدعاء ومن الله التوفيق والحفظ آمين.
وقال د. محــــــــــــــمد بشـــــــــــــــــــاري أميــــــــــــــن عــــــــــــــام المجــــــــــــــلس العالمــــــــــــــي للمجتمعــــــــــــــات المسلمــــــــــــــــــــــــــــة في كلمة له بعنوان “نحو تنمية مستدامة حضارية” رؤية تأصيلية لانعكاسات الفتوى الإسلامية على تحقيق رفاه الإنسان: إن الدور الفقهي (الإفتائي) يمثل عصبًا رئيسًا في الجهاز التنفيذي والإجرائي العامل على ديمومة المواكبة الإنسانية الحضارية للمعطيات الواقعية، وقد تقدم في مجال إسهامات نتاجات الجهد الشرعي الفقهي (الفتوى) الكثير من الرؤى التأصيلية، التي آن أوان تطبيقها مثبتةً دَورها الكبير في تحقيق التنمية المستدامة، والدفع بأسبابها، وتجاوز تحدياتها، مما يخلص لمشاركة فاعلة مع القوى الوطنية المختلفة بتحقيق رفاه الإنسان، وتحقيق أعلى النسب الإيجابية في استراتيجيات التنمية البشرية، وأهدافها الاجتماعية ك (تحقيق العدالة بين الجنسين)، والتربوية كالحد من مظاهر التنمر، والثقافية. والمساهمة المبنية على وعي يدرك تموقع العالم من خريطة التحديات، مسهمًا في طرح حلول القضايا المناخية.
وأوصى فضيلته بتصدير الروابط الشرعية ذات العلاقة بموضوع الاستدامة في السياق القرآني، والسيرة النبوية الشريفة، وتفعيل الجانب الفقهي المعني بالاستدامة التنموية. وكذلك فلا بد من الإلمام المفاهيمي بالتنمية في مختلف القطاعات والمجالات التي ترتبط برفاه ورقي حياة الإنسان، وصون كرامته، وحفظ ضرورات الشرع بنهضة تنموية مستدامة في كافة السياقات من اقتصاد، وتربية، وتعليم، وسياسة، وإعلام، وصحة، وتنزيل الخطط التنموية في سياقها.
واختتم بشاري كلمته قائلًا: إذا نجحنا في نشر ثقافة التنمية المستدامة من المنظور الشرعي، واستطعنا أن نحدث مواكبة ملحَّة بين حاجيات هذه الاستدامة وسياقاتها في التشريع الإسلامي، واستطعنا تحقيق خطط وبرامج تأهيل القائمين على الشأن الإفتائي، بما يحقق تجاوز تحديات التنمية، سيقف هذا العالم أمام حقبة زمنية وتاريخية ناصعة من (عصر تنمية مستدامة بمنظور إسلامي حضاري )، يثبت دعائم الرؤية التأصيلية لانعكاسات الفتوى الإسلامية على تحقيق رفاه الإنسان، وبالتالي تعميم حالة من الأمن والاستقرار والعدل الذي تتعطش إليه مساحات إنسانية شاسعة، بالإضافة لإبراز الدور الفقهي في بناء المؤسسات، والمشاركة في تحقيق الأهداف التنموية الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، والبيئية، والإسهام بشكل مباشر بازدياد مساحة التشارك والتعاون مع القوى الوطنية الدافعة بصون حقوق مجتمعاتها ونهضتها وتطورها، وإبراز مكانتها على المستوى المحلي والعالمي.
وقال الدكتور محمد أحمد لوح رئيس لجنة الإفتاء والإرشاد باتحاد علماء إفريقيا عميد الكلية الإفريقية للدراسات الإسلامية في كلمة بعنوان “الفتوى وقضايا البيئة”: لقد أصبحت قضية البيئة، ومشكلاتها، وتلوث البيئة، واستنزافها، واختلال التوازن في البيئة، بل التوازن في الكون.. أصبح هذا كله حديث العلماء والمفكرين والباحثين والمثقفين في العالم كله، بل أصبح هذا همَّ الجماهير الغفيرة من الناس، لأن فساد البيئة واستنزاف مواردها يهدد الجميع؛ حتى قال بعض الباحثين: “لو كان للبيئة لسانٌ ينطق، وصوتٌ يُسمع لصكت أسماعنا صرخاتُ الغابات الاستوائية التي تُحرق عمدًا في الأمازون، وأنينُ المياه التي تخنقها بقع الزيت في الأنهار والبحار، وحشرجةُ الهواء الذي يختنق بغازات المصانع والرصاص في مدن العالم الكبرى.”
لقد بات للبيئة عِلْمٌ مستقل قائم بذاته، يبحث في قضاياها، ويفصل في موضوعاتها، ويعالج مشكلاتها، أُلِّفَ فيه عدد كبير من الكتب في أنحاء العالم، وبمختلف اللغات، ولا عجب أن تنشأ للبيئة وحمايتها ورعايتها في كل الدول مؤسسات رسمية وشعبية، علمية وعملية، إلى جوار المؤسسات الإقليمية والدولية، وأن تعقد الندوات العلمية، والحلقات الدراسية، والمؤتمرات العالمية، لمواجهة هذه القضية الكبيرة بما تستحقه.
واختتم فضيلته كلمته بعرض مقترحات يمكن أن تساعد الفتوى الرشيدة على تحقيقها في مجال البيئة منها: أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية هي غالبًا السبب الرئيس للتدهور البيئي، وعلى أهل الفتوى أن يولوا عناية خاصة بعلم الاقتصاد وعلم الاجتماع كي تصدر عنهم فتاوى مناسبة تسهم في معالجة قضايا البيئة ومشكلاتها، كما يجب التعاون بين الحكومات وأهل الفتوى على العمل على سد حاجات الإنسان الأساسية دون تجاوز قدرات النظم البيئية المختلفة على الوفاء بهذه الحاجات، وأيضًا يجب عليهم العمل على تربية الجيل الحالي كي يكتسب رؤية مستقبلية تمنعه من استنزاف الموارد الطبيعية المتاحة له، كيلا يقلل من فرص أجيال المستقبل في التنمية والرفاهية.
وقال الدكتور يوشار شریف داماد أوغلو أستاذ الشريعة الإسلامية بقسم العلوم الإسلامية بكلية اللاهوت جامعة أرسطو ثسالونيكي اليونان: إن حفظ الدين على رأس مقاصد الشريعة، حيث حثَّ الإسلام على التنمية المستدامة بالتشجيع على العمل، ونبذ الركون والكسل؛ حيث إن الشريعة حثت على الاعتدال في كل شيء ليكون قادرًا على الاستمرارية في عبادة الله تعالى وعمارة الأرض، وغيرها.
وأضاف فضيلته كذلك أن حفظ النفس من أهم مقاصد الشريعة التي تجعل حفظها في أهداف التنمية المستدامة وتطبيقاتها، وذلك مثل نهي الإسلام عن قتل النفس، ورتَّب الوعيد الشديد على الانتحار، وحث الإسلام على الحفاظ على صحة الأبدان، وحرص على عدم انتشار الأوبئة عن طريق دفن الميت، وغيرها.
ولفت النظر إلى أن العقل هو طريق التمييز بين المصالح والمفاسد، ومعظم مصالح الدنيا ومفاسدها معروف بالعقل، وأن العقل هو وسيلة الإدراك والتعلم والتفكير، وهو آلة الفهم والتأمل، كما أن حفظ مقصد النسل متداخل مع حفظ مقصد النفس في كثير من جوانبه، فمن كمال الشريعة عنايتها بحفظ مقصد المال وإن كان يأتي بعد حفظ الدين والنفس من حيث الأهمية؛ وإن من أهم تطبيقات التنمية المستدامة لحفظ المال؛ حث الإسلام على الادخار، وهو من أهم ما يواجه به الفقر ويحد من انتشاره، وحث الإسلام على المحافظة على الموارد الطبيعية، كما دعا إلى ترشيد الاستهلاك بكل وجه، وغيرها.
وأوصى فضيلته في ختام كلمته بضرورة الاهتمام والحرص على موضوع التنمية المستدامة، ودراسته من جميع جوانبه الشرعية والصحية والاجتماعية والاقتصادية، وكذلك تأصيل تطبيقات التنمية المستدامة المتخذة في بلاد المسلمين خاصة وفي العالم عامة؛ حيث إنها تنطلق من مبادئ الشريعة وأحكامها السمحة، فضلًا عن التعمق في دراسة موضوع التنمية المستدامة بالربط بعلوم الشريعة المتنوعة: كالفقه، والقواعد الفقهية، والتفسير، والحديث، الجدير بالمفتي أن يعرفها ويصدر فتواه بوضعه هذه المقاصد والتنمية المستدامة نصب عينه.
وقال معالي الأستاذ الدكتور رضوان السيد أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة محمد بن زايد بالإمارات: إن دار الإفتاء المصرية تفاجئنا في مؤتمراتها على الدوام بطرح الجديد والمتقدم في وجوه النظر ومساعي الاجتهاد والتجديد بما يخدم المصالح العامة، ويتيح للعلماء المشاركة في قضايا مجتمعاتهم وهمومها وآمالها في حاضر مستقر وآمن، ومستقبلي عزيز ومزدهر.
وأضاف فضيلته أن قضايا التنمية والاستدامة تظل أهم القضايا العالمية، وشغل العالم الشاغل؛ لمواجهة مشكلات الفقر وعدم الاستقرار بل والمشكلات التي تتسبب بالحروب. فللحروب والاضطرابات علتان رئيسيتان في الحقيقة: الدوافع الجيواستراتيجية، وحروب واضطرابات التغالب على الموارد الشحيحة بداخل الدول وفيما بينها.
وشدد فضيلته على أن التقارب بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية والذي يحدث منذ فترة، يستدعي التساؤل حول علاقة العلوم الدينية بالعلوم الطبيعية، وقبل ذلك وبعده علائق العلوم الدينية بالعلوم الاجتماعية. وإذا صارت العلاقات بين العلوم الدينية والطبيعية ضرورية بسبب الرؤى التي تمتلكها الأديان عن الكون والعالم والاضطرار لمقاربتها بطرائق أخرى تتسق مع التطورات العلمية؛ فإن الأديان ذاتها تحتاج إلى علائق وثيقة بالدراسات الاجتماعية.
وشدد على أنه يمكن القول إنه حصل انفصام بين علوم العبادة والعمارة في الأزمنة الحاضرة، فدخل الفقه المعاصر في حالة مرضية بسبب تقلص دوائره المؤثرة. وما يزال التجاوز للحالة الحاضرة ممكنة استجابة لدعوات القرآن للنظر في الآفاق، واستجابة لاحتياجات مجتمعاتنا المعاصرة. فالالتفات إلى الدعوات القرآنية والاحتياجات يوصل لاستلهام منهج التجربة في الوصول إلى كشف حقائق الواقع وفهمه وتغييره.
واختتم فضيلته كلمته بالتأكيد على عدة مطالب منها: ضرورة إزالة الانفصال بين العلوم والدراسات الإسلامية من جهة، وعلم الاجتماع الديني من جهة ثانية، وكذلك مراعاة الزمان والمكان في التأمل الفقهي وفي الاجتهاد، وكذلك ضرورة الاطلاع على بحوث ودراسات أساتذة الإسلاميات والعربيات بالغربين الأوروبي والأميركي. وذلك ليس للتقليد أو الإدانة؛ بل من أجل إمكان الإفادة والاستفادة، مؤكدًا فضيلته على أن هذه المطالب كفيلة بالتكامل أن تصنع حيويات بارزة بدأت بشائرها في مجالات عدة من دراسات الإسلام وعلومه، وينبغي المضي فها من أجل التغيير والإصلاح اللذين ما عاد انتظارهما مسوغًا ولا جائزًا.
وقال الأستـــــاذ الدكتــــــور عبـد الله مبــــروك النجــار عضـــــو مجمــــع البحـــوث الإســـــــلامية بالأزهر الشريف وعضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة: إن جرائم التعدي على التنمية المستدامة تصنف من ضمن كبريات الجرائم التي تمسُّ الأفراد والدول والأمم في صميم مصالحها، ومن أهمها بقاء تلك الدول لتؤدي رسالتها على سبيل التداول فيحمل اللاحقون الأمانة التي من أجلها كافح السابقون، وتحقق الأجيال القادمة الآمال النبيلة التي فني أجدادهم في سبيل تحقيقها.
وأضاف: وإذا كانت حماية تلك المصالح من صميم المقاصد التشريعية للسياسة العقابية، فإن تلك السياسة يجب أن تكون ملائمة لمجابهة مخاطر التعدي على تلك المصالح الراقية بدون هوادة حتى لا تثير شهية الطامعين فيها، وقد رأينا أن في فكرة موضوعية المساءلة عن الجريمة متسعًا لاستيعاب الصور الخطيرة لذلك ذالتعدي، وقد استبان أن تلك الفكرة ليست طارئة ولا مستحدثة في مجال السياسة العقابية، وإنما هي مستقرة في تشريعات الأمم السابقة، وهى موجودة في التشريع الإسلامي منذ بدايات نزوله، لكنها لم تأخذ حظها من الاستقلال في دراستها وإبرازها للناس على النحو الذي يكفل لها التطبيق والذيوع، ربما لأن وحشية الجناة في ارتكاب تلك الجرائم التي تهدد وجود الأمم وبقاءها لم تكن قد ظهرت على هذا النحو المخيف، وربما كان ذلك للسير على منوال مبدأ معاملة الجناة بناءً على أصل البراءة، فاكتفي بالأصل دون عدول عنه أخذًا بالأحوط ودون اهتمام بما يطرأ عليه من تلك الجرائم بعيدة الخطر عميقة الأسى، والتي تمثل سببًا للعدول عن هذا الأصل أخذًا بمبدأ الاستحسان أو سدًا لذريعة التطاول على المصالح العليا للمجتمعات الإنسانية، وربما لاعتبارات غير ذلك.
واختتم د. النجار كلمته قائلًا: غير أن هذا النظر قد تغير الآن، وأصبح ما يستوجب الخروج عليه هو الواقع نظريًّا وعمليًّا، أما من جهة النظر فقد جاءت مشروعية القسامة، ومبدأ موضوعية العقوبة استثناءً صحيحًا واستحسانًا مشروعًا عليه، وأما من جهة العمل فقد تطورت وسائل ارتكاب الجرائم وأصبحت مخاطرها لا تقتصر على فرد أو مجموعة أفراد، ولكنها أصبحت تتعدى ذلك إلى المساس بمصير الأمم وبقائها، ومن ثم كان العدول عن الأصل فيها استحسانًا جائزًا شرعًا وواجبًا عملًا، وهى دليل على أن التشريع الإسلامي قد سبق التشريعات الوضعية في تقرير أصل المبدأ، وذلك حين قدمه للمجتمعات الإنسانية فطورت تشريعاتها العقابية على منواله، وظهر فيها ما عرف في التشريعات الجنائية القانونية المختلفة بموضوعية المسئولية عن الجريمة، ووحدة العقاب في الجرائم الخطيرة.
من جهته قال الدكتور علي عمر فخر، رئيس قطاع الشئون الشرعية بدار الإفتاء المصرية: إن التنمية المستدامة ظهرت كمفهوم في عام 1972 إلا أن المصطلح قدم رسميًّا في عام 1982 كمفهوم واضح، وعرفت فيه التنمية المستدامة على أنها تشمل مواءمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية مع الدينية ومراعاة الموارد الطبيعية.
وأضاف تعرف منظمة التغذية التنمية المستدامة على أنها إدارة وحماية قاعدة الموارد الطبيعية بطريقة تضمن إرضاء الحاجات، وبالرغم من شمولية مفهوم التنمية، فإن التأكيد على البُعد البيئي في فلسفة التنمية يعني أن المشروعات الاقتصادية الكبيرة يجهد البيئة من خلال ما تحدثه من تلويث لها، ومن ثم تأخذ التنمية في اعتبارها سلامة البيئة.
وتابع: انطلاقًا من أن التوعوية القومية التي تعد الفتوى من أهم أدواتها وتأتي كواحدة من الإجراءات الهامة التي تجابه الأخطار التي تواجه البشرية، فقد بذلت دار الإفتاء المصرية جهدًا كبيرًا في بيان الحفاظ على الموارد الطبيعية وأصدرت الفتاوى التي تدعم هذا المحور مثل فتاوى ترشيد المياه، وإدارة المخلفات، وفتوى حكم ذبح الأضاحي، وحكم حرق قش الأرز، كما أصدرت فتوى عن حكم صيد السلاحف البحرية وغيرها من الفتاوى التوعوية التي تؤكد اهتمام دار الإفتاء بقضية التنمية المستدامة والعمل على رفع مستوى الوعي العام.
قدَّم فضيلة الدكتور عمر الدرعي المدير التنفيذي في الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف بالإمارات التحيةَ من دولة الإمارات لشعب مصر ولدار الإفتاء ولقائدها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأكد أن الفتوى والتنمية يتمحوران حول الإنسان، فينبغي أن تكون أدوات الفتوى فاعلة في تحقيق كل أهداف التنمية.
واقترح فضيلته في ختام كلمته بعض المبادرات فضلًا عن استحداث مادة إفتائية حول المناخ مع مطالبته الجهات الإفتائية بدعم الدول الوطنية.