ألقى خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر فضيلة الأستاذ الدكتور/ ربيع الغفير، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، ودار موضوع الخطبة حول نعمة حب الوطن.
قال الدكتور الغفير: إن من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان أن يكون له وطن يأوي إليه، يعيش في رحابه آمنا مطمئنا، لا يخشى علي نفسه أو ماله، فلايشعر بهذه النعمة إلا من فقد وطنه، وترك أهله وداره، فنعمة الوطن نعمة عظمى تستحق أن نشكر الله عليها في كل الأوقات.
واضاف الدكتور الغفير: إن معنى حب الوطن لا يرتبط بمشاعر الإنسان فقط وانتمائه لوطنه، وإنما هو شعيرة دينية، وفطرة إنسانية عند ذوي النفوس السوية، بل هو سنة نبوية تجلت في حديث المصطفي ﷺ حين أُخرِج من مكة.عن ابنِ عباسٍ, قال “لما خرجَ رسول اللهِ ﷺ من مكةَ قال : أمَا واللهِ إني لأَخرجُ منكِ وإني لأعلمُ أنك أحبّ بلادِ اللهِ إلى اللهِ, وأكرمهُ على اللهِ ؛ ولولا أهلكِ أخرجُوني منك ما خَرجتُ”.
وحينما هاجر إلي المدينة قال ﷺ ” اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وصَحِّحْهَا، وبَارِكْ لَنَا في صَاعِهَا ومُدِّهَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ”.
وأضاف الدكتور الغفير: إن قضية الأوطان ورفعتها قضية دينية يغفل عنها الكثير من الناس، فالحفاظ على الوطن هو مسؤولية كل شخص يعيش على أرضه ويتنعم بخيراته.
الدكتور الغفير: إن الحفاظ على الأوطان يكون بالاتحاد والبعد عن التفرق والتشرذم، فلا تتقدم أمة اختلف أبناؤها، وعلى النقيض فلا تتخلف أمة اتحد بنيها وكانوا على قلب رجل واحد.
إن المولى – عز وجل – سمى القتال بين أفراد الوطن الواحد”كفراً” قال -تعالى-“﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُه﴾، فلابد من الجميع أن يتكاتف ويتحد ويكونوا على قلب رجل واحد، قال – تعالى- ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾
إذا ماراجعنا التاريخ، سنجد كثيرا من الأمم تهاوت وتساقطت وزال نعيمها بسبب اختلاف وتشتت أبناؤها.
وإن من أهم ماتُبنى به الأوطان أن نتقن العمل، ونصلح علاقتنا بالله – تبارك وتعالى – وأن نملأ قلوبنا ثقة ويقينا برزقه وعطائه، وأن نصلح ذات بيننا، وأن يبدأ كل منا بنفسه أولاً.