تكريم 75 من الأئمة والواعظات الحاصلين على التميز الوظيفي
كتبت- إسراء طلعت:
كرَّم د. مختار جمعة- وزير الأوقاف- الحاصلين على جائزة التميز الوظيفي لعام 2023م وسلَّمهم شهادات التكريم بمسجد النور بالعباسية.
وأشار- فى حديثه مع المكرمين- إلى وسائل الدعوة سواء للأئمة أم للواعظات، مستفيضا حول فقه الدعوة، وأهمية اللغة العربية في حياتنا وفي ضبط الحديث والخطاب الديني، مؤكدًا أن الفارق بين العلماء وغيرهم هو الضيق والسعة، فالعلماء يوسعون على الناس ويدركون أن الأصل في الأمور هو الحِّل وليس الحُرمة، وأن الأصل في الناس الخير وليس الشر، ويتعاملون مع الناس بحسن الظن لا بسوء الظن، والجهلاء يتسرعون في التكفير والتبديع والتفسيق وإخراج الناس من الإسلام، وربما يتجاوزون ذلك إلى الحكم على الناس في شأن أخراهم.
حذر من أن أخطر ما في الأمر مداخلة الشيطان، فكثيرًا مما أضر بالجماعات المتطرفة التمييز والإقصاء والاستشعار أنهم أفضل من غيرهم، وأخطر وأعلى أنواع الاستعلاء والكبر وأخطرها على النفس الاستعلاء بالعلم والعبادة، فالعلماء والدعاة أحوج الناس إلى لطف الله؛ لأن العاصي يستشعر بعصيانه الندم والتقصير، وقد يوكل العلماء والدعاة إلى أنفسهم.
فكرة طيبة مباركة
من جانبه أكد الشيخ خالد الجندي- عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية- أن اختيار هذا العام عامًا للواعظات فكرة طيبة مباركة؛ لأن وجود الواعظات في وزارة الأوقاف هو العلامة الفارقة منذ أنشأت إلى اليوم، وقد انتصرنا في أشرف معركة بفضل الله ثم بفضل الواعظات اللواتي انضممن إلى الوزارة؛ ليقمن بتغطية جزء خطير جدًّا جدًّا للغاية، ما كنا نقوى على مواجهته ألا وهو توعية السيدات الفضليات المسئولات عن تربية النشء في مجتمعنا، وقد قامت الواعظات بمواجهة هذا الخطر، واستطعن إيجاد جسور من الصلة والثقة بينهن وبين المستمعات فتغيرت أخطر مؤامرة كانت تحاك لهذا البلد، بعدما فشل المتطرفون والمتشددون والمتنطعون وتجار الأديان والمتطاولون على الثوابت والقيم والمحرفون لبشاشة الدين ولوسطيته بعدما تحطمت مؤامراتهم على صخرة علماء وزارة الأوقاف والأزهر الذين تصدوا لهذا التيار المنحرف المتشدد، فبعدما فشلوا في التسلل إلى مساجدنا وإلى أماكن الحديث والتواصل مع الناس كانت الخطة الأخرى بث نساء يحملن رسالات في منتهى الخطورة، رسالات متطرفة متشددة معوجة.
أضاف: كانت مشكلة كبيرة، أعيتنا وأقضت مضاجعنا وأرَّقت أعيننا وأعجزتنا عن المواجهة، لعدم وجود جسور تواصل مع النساء، فماذا نفعل؟ تفتَّقت الفكرة في ذهن د. مختار جمعة بالتركيز على تطوير كتيبة الواعظات، مشيدًا بما قام به الوزير من خدمات جليلة للدعوة، ففوجئت النسوة اللاتي قمن بنشر الأفكار المسمومة بمن يواجههن ومن يقف لهن، وتفككت أفكار المتطرفين بفضل جهود وزير الأوقاف في تقديم الواعظات المؤهلات للمجتمع، من واعظات مثقفات ومدربات فكن خير رسل لخير دعوة ورسالة، حيث أقبلت الأسرة على الإسلام الوسطي المستنير.
اشار إلى أننا لم نعد نسمع عن مشاكل في الأسرة المصرية بفضل هؤلاء الواعظات، وهذه نتيجة مبهرة للغاية، وقد أثبتن القدرة على المواجهة بما يحملن من علم، مشيدًا باهتمام الوزير بالجوهر والمظهر، من خلال الدورات التدريبية المكثفة، وهذا الزّيّ الوقور الذي يظهرن عليه، مؤكدًا أن هؤلاء الواعظات هن نقطة فارقة نستطيع أن نقيم بها العمل الدعوي في مصر، كما لهن دور ريادي في داخل مصر وخارجها.
وذكر “الجندي” عددًا من النساء اللاتي حملن مشعل الدعوة، فلولا امرأة فرعون ما أخذنا عبرة استقلالية المرأة وقدرتها على الاحتفاظ بعقيدتها مهما كان مركزها، فكانت امرأة فرعون مثالًا نادرًا للمرأة التي اختارت الجار قبل الدار، قال تعالى: “وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ”، لأنها تعلم حسن جوار الله.
أضاف: لا ننس أبدًا السيدة مريم (عليها السلام) التي علَّمت الناس الثقة واليقين في أمر الله، ولا ننس أمها التي كانت مثالا للأم التي نذرت لله ولم تبتغ بذلك غير وجه الله، ولا ننس خالتها التي لم ينقطع أملها في الله حتى جبر الله خاطرها بيحيى (عليه السلام)، ولا ننس أم موسى وأخته وزوجته ثلاث نساء واعظات بسلوكهن، فأم موسى جبر الله خاطرها فقال تعالى: “فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ”، فكان جبر خاطرها مثالًا لمكانة المرأة عند الله التي ألقت بوليدها في النهر ابتغاء مرضاة الله، ولا ننس أخت موسى الحنون التي استخلصته من قصر فرعون حتى ترده إلى أمه جبرًا بخاطرها، ولا ننس زوج موسى التي اختارت موسى (عليه السلام) لقوته وأمانته: “قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ” والتي سارت معه، وبنات سيدنا لوط (عليه السلام) اللواتي كن رمزًا للطهر في مجتمع خبيث، ولا ننسى أبدًا امرأة العزيز التي اعترفت بخطئها وأقرت به ولم تمتنع عن التوبة ولم تكابر، وبلقيس التي كانت مثالًا للحكمة والتي لولا حكمتها ما آمن مجتمع بالكامل.