الأزهر “يُعدُّ” اللائحة التنفيذية خلال ستة أشهر
“كبار العلماء” الجهة المرجعية الوحيدة المُخَوَّلة بمنح تراخيص الإفتاء وإلغائها
الفتوى العامة لـ”كبار العلماء.. مجمع البحوث.. دار الإفتاء”
“لجان الأوقاف” تشارك في الفتوى الخاصة.. بعد اجتياز الشروط والاختبارات
الأعضاء: مصر خط الدفاع الأول والأخير عن الإسلام ومبادئه
د. جبالى: بداية فصل جديد في مسار الفتوى المصرية
د. الضويني: طفرة غير مسبوقة في مجال الفتوى
د. الأزهرى: أزهرنا.. القبلة العلمية الأولى
المستشار فوزي: يواجه التطرف في الفتاوى
متابعة:
مصطفى ياسين
إسراء طلعت
وافق مجلس النواب بشكل نهائي على مشروع قانون تنظيم الفتوى، على أن يقوم الأزهر الشريف بإعداد اللائحة التنفيذية خلال ستة أشهر، وينصّ القانون على أن “هيئة كبار العلماء” هي الجهة المرجعية الوحيدة المُخَوَّلة بمنح تراخيص الإفتاء وإلغائها، وكذا وضع برامج التدريب والتأهيل والإشراف عليها.
كما نصَّ القانون على أن (الفتوى العامة هى من اختصاص “هيئة كبار العلماء، مجمع البحوث، دار الإفتاء”، وأن “لجان الأوقاف” تشارك في الفتوى الخاصة.. بعد اجتياز أعضائها الشروط والاختبارات التي تضعها هيئة كبار العلماء. وأن تلك اللجان يترأسّها ممثل للأزهر، وتُحدَّد أماكنها بالتنسيق بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء.
كان مجلس النواب قد وافق بجلسته التى عُقدت- أمس ١١ مايو- برئاسة المستشار د. حنفي جبالي- رئيس المجلس- على مشروع القانون المقدَّم من الحكومة بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية، وسط إشادات واسعة من رؤساء الهيئات البرلمانية، حيث أكد عدد من النواب أبرزهم: د. عبدالهادي القصبي (رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن)، هشام هلال (رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مصر الحديثة)، صلاح أبو هميلة (رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري) أن مشروع القانون استطاع بكفاءة عالية أن يُحدِّد المختصّ بالإفتاء، والتمييز بين الفتوى العامة التي تتعلّق بالشأن العام، والفتوى الخاصة التي تتعلّق بالشأن الخاص، مُعتبرين أن مصر دائماً هي خط الدفاع الأول والأخير عن الدين الإسلامي ومبادئ الشريعة الإسلامية وثوابتها، مشيرين إلى خطورة الفتاوى الشاذّة المغلوطة على المجتمع والتي تصدر من غير المتخصّصين وغير الأكْفَاء في هذا المجال وخطورة ذلك على الشعب المصري، خاصة في ظلّ تنوّع وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع والتطبيقات الإلكترونية مما مثَّل خطراً حقيقياً لأمن المجتمع المصري واستقراره وهُويته.
روح التكامل
أشار د. حنفي جبالي- رئيس المجلس- إلى أن التعاون الذي جمع بين الحكماء والعلماء والمُخلصين يُبرهن على روح التكامل التي تسود بين المؤسسات الدينية، مؤكّداً أن هذا القانون هو بداية فصل جديد في مسار الفتوى في مصر، مُعتبِرَه خطوة نابعة من ضرورة ملحَّة لمواكبة التحديات الراهنة، مؤكّداً أن الدولة المصرية مرجعية دينية راسخة تُمثّل الوسطية والاعتدال وتحرص على نشر الفكر المستنير، مضيفاً: أننا في مرحلة تحوُّل حاسمة وأن المجلس أمامه مسئوليات عظيمة فيما يتم إقراره وسيكون له صدى بعيدا في تاريخ الأمّة، مؤكّداً أن هذا القانون سيأخذ الفتوى إلى آفاق أرحب ليكون أداة فاعلة في نشر نور الدين الصحيح والتوجيه السليم للأمّة.
مقترحات الأزهر
كان د. محمد الضويني- وكيل الأزهر، عضو هيئة كبار العلماء- قد اقترح عدداً من التعديلات على مواد مشروع القانون، أبرزها: تعديل تعريف الفتوى الشرعية لتصبح: (إبداء الحكم الشرعي في فتوى شرعية عامة أو خاصة) بدلاً من (إبداء الحكم الشرعي في فعل يتعلّق بالشأن العام أو الخاص).
كما اقترح فى نص المادة ٣ بحيث يختص بالفتوى الشرعية الخاصة كلٌّ من هيئة كبار العلماء بالأزهر أو مجمع البحوث الإسلامية أو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أو دار الإفتاء أو اللجان المشترَكة بموجب أحكام المادة (٤) من هذا القانون أو أئمة الأوقاف الذين يتوافَر بشأنهم الشروط المنصوص عليها بالمادّة (٤) من هذا القانون.
وأن تضع هيئة كبار العلماء شروط منح التراخيص وحالات تقييدها وإلغائها ونوع الترخيص ومدّته بحيث لا يعد الحصول على الترخيص تصريحاً بالفتوى عبْر الوسائل الصحفية والإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي إلا إذا ذُكر ذلك صراحة بالترخيص، وفي حالة مخالفة أي من شروط الترخيص يحقّ لهيئة كبار العلماء إصدار مذكّرة لإلغاء الترخيص.
وأن يكون إصدار اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض من الأزهر، على أن تُعِدُّ هذه اللائحة لجنة تشكّلها هيئة كبار العلماء بالأزهر خلال شهر من تاريخ العمل بالقانون، تضم في عضويتها كلا من وزير الأوقاف ووكيل الأزهر ومفتي الجمهورية.
ووافق د. أسامة الأزهري- وزير الأوقاف- على المقترحات، تقديراً وتوقيراً للأزهر، مؤكّداً أن وزارة الأوقاف ستظل ابنة بارة للأزهر، فالأزهر هو القبْلة العلمية الأولى التي يُهتدَى به، مؤكداً أن خير من يُمثِّل المؤسّسات الدينية هو الأزهر.
كما وافق المجلس عليها جميعا، مؤكّدا أن المشروع يحقّق انضباط الفتوى في الشارع المصري ويحقق ارتباطاً اجتماعياً وأُسرياً وكان لابد من حسْمه لما يمثِّله من طفْرة غير مسبوقة في مجال الفتوى.
اصطفاف شعبي وديني
كما أشاد د. أسامة الأزهري، بالقانون مؤكّداً على اصطفاف أبناء الشعب في رحاب مجلس النواب الذين اتّفقت كلمتهم على أن هذا القانون يتصدّى لكلّ صور الخطأ والعشوائية في مجال الفتوى ويُبرِز الدين السمح، مؤكّداً أن مصر يقف أبناؤها على قلب رجل واحد حيث تصطفّ وزارة الأوقاف مع دار الإفتاء مع نقابة الأشراف خلف الأزهر وخلف الإمام الأكبر شيخ الأزهر.
توافق الجميع
كما أكد المستشار محمود فوزى- وزير الشئون النيابية والتواصل السياسي- أن المناقشات التي تمَّت لخروج هذا القانون جاءت بتوافق كامل بين جميع الأطراف، مشيداً بروح التوافق التي سادت بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء.
النموذج القدوة
وأكد د. علي جمعة- رئيس اللجنة الدينية- أن المؤسّسات الدينية تضرب النموذج للعالم كلّه في وحْدة الكلمة وفي التنسيق بينها لمصلحة البلاد والعباد.
ضبط الفتوى
وأشاد د. محمد سليمان- رئيس لجنة الشئون الاقتصادية- بالقانون لضبط مجال الفتوى بضوابط واضحة والتأكيد على ألا تصدر الفتوى إلا من أهل العلم الذين أهَّلَتْهُم مؤسسات علمية مُعتبرة بما يضمن أن تكون الفتوى منضبطة ومتماشية مع الثوابت الدينية والمصلحة الوطنية، مؤكدا أهمية ضبط الخطاب الديني وصونه من العشوائية والانفلات في زمن تتعاظم فيه التحديات الفكرية وتتزايد فيه محاولات التشويش على ثوابت الأمّة، مشيراً إلى أن القانون يمنع غير المختصّين من التصدُّر، وضمان ألا تصدُر الفتوى إلا من أهل العلم المؤهّلين الذين يُدركون أبعاد النصوص الشرعية ومقاصدها، ويستوعبون تعقيدات الواقع المعاصر، كما أكد أن القانون يغلق الأبواب أمام فوضى الفتاوى التي تصدر من غير المختصّين وتؤدّي إلى اضطراب الأفكار وزعزعة استقرار المجتمع عن طريق استغلال بعض الجماعات المتطرّفة لهذه الثغرات لتبرير العنف.
تقنين رشيد
وأكد طارق رضوان- رئيس لجنة حقوق الإنسان- أن ترك الفتوى بدون تنظيم دقيق يفتح المجال أمام الفوضى الفكرية وتصدُّر غير المتخصصين لتقديم أحكام شرعية تفتقر إلى التأصيل المنهجي والوعي بمقاصد الدين مما يزعزع ثقة الناس في المرجعيات الدينية الرصينة ويُرْبِك حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، كما أكد أن القانون لا يعد تقييداً للرأي أو الاجتهاد بل هو تقنين رشيد يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح لضمان ألا يتصدّر الإفتاء إلا من يمتلك أدوات العلم وفهم مقاصد الشريعة، مما يُسهم في بناء وعي ديني مستنير ويعزِّز من مكانة المؤسّسات الدينية الرسمية كمرجع موثوق لدى المواطنين، مضيفاً أن مصر كانت دائماً منارة للفكر الإسلامي ومهْداً للعلوم الشرعية بما تمتلكه من علماء أسهموا في نشر الفقه الوسطي وتقديم الفتوى الرشيدة للعالم الإسلامي، مؤكداً أنه لا ينبغي أن تتأخّر مصر عن مواكبة الدول المقارَنة في تنظيم إصدار الفتوى الشرعية وضبطها لإرساء دعائم حماية الوطن وهُويته وتحصين المجتمع من مخاطر الفكر المنحرف والمتشدّد.
ضوابط شرعية
وأشاد صلاح أبو هميل- رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري- باهتمام المجلس بالتصدّي دائماً للقضايا التي يتعرّض لها المجتمع المصري والتي تهدّد بنيانه وثوابته ومقوّماته، ومن بينها مواجهة فوضى إصدار الفتاوى من غير المختصين والتي عانى منها المجتمع في السنوات الأخيرة خاصة في ظل تعدّد وتنوّع وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع والتطبيقات الإلكترونية، مما يمثّل خطراً حقيقياً لأمن المجتمع المصري واستقراره وهُويته، مؤكّداً أن القانون يتناول بالتنظيم الجهات المنوط بها إصدار الفتاوى الشرعية والأشخاص المختصّين بإصدارها من خلال ضوابط شرعية تضمن ألا تصدر الفتوى إلا ممن يملك أهليّة إصدارها.
ضبط المجال
من جانبه أكد د. أسامة رسلان، المتحدث باسم وزارة الأوقاف، أن القانون يحقق مبدأ التخصص ويحفظ هيبة الدولة في الشأن الديني، معتبرًا أن الفتوى ليست رأيًا شخصيًا، بل هي حكم شرعي يستند إلى أصول علمية دقيقة.
وقال: الفتوى يجب ألا تكون بابًا مفتوحًا لكل من شاء، مؤكدًا أن هناك حاجة ماسة لهذا القانون لضبط المجال وتحديد من له حق الكلام باسم الدين، مؤكدا أن مشروع قانون تنظيم الفتوى يعد خطوة هامة في تنظيم الفتوى العامة، ويشكل إطارًا قانونيًا يضمن التخصص ويحمي المجتمع من فوضى الفتاوى المنتشرة في الساحة الدينية. وقال: “الفتوى ليست مجرد رأي شخصي أو اجتهاد فردي، بل هي حكم شرعي دقيق يستند إلى أصول علمية ثابتة، ويجب أن تصدر عن جهات متخصصة ومعترف بها لضمان صحتها وسلامتها”.
وأشار إلى أن الفتوى يجب أن تكون محكومة بضوابط شرعية ومؤسساتية، مضيفًا: “من غير المعقول أن يُترك المجال مفتوحًا للجميع للإدلاء بآرائهم في مسائل شرعية حساسة قد تؤثّر في المجتمع وتساهم في نشر الفوضى الفكرية”.
أضاف: “نرى يوميًا فتاوى مغلوطة وغير موثوقة تثير قلقًا اجتماعيًا وتضر بالأمن الفكري للبلاد. ونحن بحاجة ماسّة لهذا القانون لضبط الأمور”.
كما أكد د. رسلان أن القانون ليس مجرد خطوة تنظيمية، بل هو حماية للدين من العبث ودرع ضد الفتاوى التي تروّج للأفكار المتطرفة والتكفيرية.
تابع: “الفوضى في الفتاوى قد تفتح المجال للمتصدّرين غير المؤهّلين الذين قد يروّجون لآراء بعيدة عن صحيح الدين، وهذا القانون يحدد من هو صاحب الحق في إصدار الفتوى ويضمن أن تكون تحت إشراف المؤسسات الدينية المعترف بها”.
وأشاد بمبدأ التخصص الذي يعزّزه القانون، قائلًا: “عندما يتم ضبط الفتوى وتحديد الجهات التي تصدرها، فإننا بذلك نحفظ هيبة المؤسسات الدينية الرسمية مثل الأزهر ودار الإفتاء، مما يساعد على توحيد المرجعية الدينية وتفادي الفوضى الفكرية”.
أوضح أنه من الضروري أن يكون للمؤسسات الدينية دور رئيسي في هذا المجال لضمان الاّتساق وتوجيه المجتمع نحو الفهم الصحيح.
وقال د. رسلان: “القانون لا يهدف إلى التضييق على حرية الرأي، بل إلى حماية المجتمع من التشويش الفكري وضمان أن تكون الفتوى مستندة إلى علم حقيقي، وليس اجتهادات فردية قد تضرّ بمصالح الأمّة”