المخطط الخبيث بدأ منذ سنوات وسيمتد للقضاء على الأديان لخدمة اليهود
هذه تفاصيل مؤامرة هدم مقدساتنا واحتلال أرضنا وطمس هويتنا
ستظل مصر الأزهر حجر العثرة في تنفيذ المخطط..ومطلوب دعمها
المؤامرة لن تقتصر على الأديان السماوية بل كل البشر بما فيهم الملحدين
“دين الدجال” خطوة لتحقيق حلم “اسرائيل الكبرى”..وكلنا أتباع وخدم لها
حوار :
جمال سالم
فتحي الدويدي
تصوير: أحمد حسن
تعد الدكتورة هبة جمال الدين مدرس العلوم السياسية بمعهد التخطيط القومي،عضو المجلس المصري للشئون الخارجية ، والخبيرة المتخصصة في الشأن الاسرائيلي، من أوائل من حذروا من المخطط الصهيوني – الماسوني الخبيث تحت شعار ” الديانة الإبراهيمية ” من خلال مؤلفاتها ومقالاتها ولقاءتها الاعلامية حيث كشفت تفاصيل المؤامرة من بدايتها وتطوراتها وتداعياتها الحالية والمستقبلية على أرض الواقع من خلال مسميات خادعة بوضع السم في العسل حتى يتقبلها العرب والمسلمين حتى لو كان الثمن ضياع هويتهم وهدم مقدساتهم واستبدالها بمقدسات أخرى مشتركة تخدم الصهاينة ، من هنا تأتي أهمية الحوار معها لنتعرف منها على ما ما يتعلق بقضية الساعة التي فجرها الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب مؤخرا خلال احتفالية بيت العائلة المصرية ورفضها لمزاعم الديانة الابراهيمية ، فكان هذا الحوار الثري الذي يكشف الكثير من الحقائق بالأرقام والسماء والتواريخ
** ما بداية اهتمامك بقضية الديانة الإبراهيمية ؟.
** ما أكتبه وأقوله نتاج عمل بحثي أستمر قرابة 4 سنوات، أنتجت خلاله العديد من المؤلفات ، والحمد لله كنت أول من طرق الباب لدراسة الأبعاد السياسية للمشترك الإبراهيمي، أو الديانات الإبراهيمية أو الدين الإبراهيمي منذ سنوات طويلة، ليس تباهيًا ولكن للتنويه بالموضوع البحثي الجديد الذي يحتاج لباحثين لإستكمال القضية البحثية المهمة، التي من المفروض أنها ستكون محل الإهتمام الفترة القادمة ، وأيقنت أنه في ظل موجة من تطبيع العلاقات الرسمية، التي لن تقف فقط عند دولة بعينها، ولكن ستمتد لأغلب الدول العربية، وفي ظل مشروعات معلنة وأخرى سيتم الإعلان عنها ترفع مسمى الإبراهيمية ” كمبادرة مسار إبراهيم ” و” الولايات المتحدة الإبراهيمية “، كما أعلن عن بيت العائلة الإبراهيمي وغيره من المشروعات.
ولادة الفكرة
** كيف كانت ولادة الفكرة الخبيثة ؟
** الغريب أن مفهوم الإبراهيمية، جاء سنها بيد عربية مصرية، وضعها الإرهابي المصري سيد نصير عام 1991 لتكون مخرجًا له من محبسه المستمر حتى اليوم بالسجون الأمريكية، فبعد اتهامه بقتل الإرهابي المتطرف الحاخام مئير كاهانا الإسرائيلي بداخل الولايات المتحدة، برأه القضاء الأمريكي بحجة أن فارغ الرصاص لا يثبت أنه القاتل، ولكن اللوبي الصهيوني تدخل ليستمر في حبسه إلى الآن، ورغبة منه في الخروج قام بتسليم هيلاري كلينتون مشروعًا اسمه” الإتحاد الإبراهيمي الفيدرالي”، كحل يخدم الأمن القومي الأمريكي، يقدم حلاً للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، عبر إقامة دولة إبراهيمية، تتلاشي خلالها الحدود ويعيش الفلسطينيون مع الإسرائيليين بجواز إبراهيمي، ولكنه لم يتلق أية ردود من جانبها، فأصر على رسالته ومع تغير الإدارات الأمريكية كان يعاود الإرسال، حتى رد عليه نائب الرئيس الأمريكي ديكي تشيني بأن رسالته قد وصلت، وبالفعل رسالته وصلت وأخذت الإدارة الأمريكية الفكرة وبرنامج أبحاث دراسات الحرب والسلام، وبدأوا في اختبار المفهوم عام 2000 ، فقامت جامعة هارفارد بإرسال فريق من الباحثين، لمنطقة الشرق الأوسط ليجوب الدول العربية، وتركيا وإيران وبالطبع إسرائيل، وبدأوا باختبار وضع نبي الله ابراهيم، هل يمكن أن يكون الجذر الشائع الذي تتجمع حوله الخلافات، ويحل خلاله الصراع العربي- الإسرائيلي. وبالفعل سرعان توصلوا إلى أن الشارع العربي “مسلم ومسيحي ويهودي” يحمل مكانة كبيرة لنبي الله إبراهيم.
تسييس الفكرة
** كيف تم تسيس الفكرة ؟.
** بدأت الفكرة تُسيَّس وجاءت جامعة هارفارد عام 2004 بفكرة لإقامة مسار سياحي للسياحة الدينية يحمل اسم “مسار إبراهيم”، هذا المسار يقدم رؤية لتسوية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، حيث يقوم على إهمال الأسباب الهيكلية للصراع ،أي الأسباب التاريخية التي تتعلق بالأرض والتاريخ وخلافه، والحديث عن الأسباب البنيوية للصراع التي تدور حول الهوية “من نحن ؟”و “كيف نعرف؟”. وأننا أسرة واحدة وأبناء عمومة ومن ثم لا مجال للصراع والتنازع. ومن ثم مع الأسرة الواحدة يكون الإحترام هو أساس التعامل وأن سبب الصراع الأزلي هو شعور السيدة سارة والسيدة هاجر بعدم الإحترام المتبادل ،وإن تم الإحترام بين الأسرة الواحدة سيعم السلام، فهذا الحديث الخادع جيد لأن الأسرة الواحدة مفهوم محبب وقريب إلى النفس ، ولهذا تم استخدام الإبراهيمية وفقًا لجامعة هارفارد، لتكون مدخلا لقبول التطبيع الذي فشلت فيه إسرائيل منذ إعلان وجودها عام 1948 .
ولكن هل نعلم أن بوثيقة جامعة هارفارد تقول أن” لابد من طرح تساؤل هام حول ملكية أرض المسار فهى لا تخص الشعوب التي تقييم على أرض المسار وأنما تخص أصحاب الفكرة أو اسرائيل أو أمريكا وأن ملكية أرض المسار ستحدد لاحقا “.
في عام 2013 أعلن جون كيري عن الأرض الإبراهيمية المشتركة للأديان فهل هي أرض مسار إبراهيم خاصة إذا نظرت لخريطة المسار المعلن من مؤسسة مسار إبراهيم، التي تتبع جامعة هارفارد ستجدها هي خريطة أرض إسرائيل الكبرى!! .وبتقرير بروكنجز الدوحة بعنوان”الدبلوماسية والدين ” نجد أن باراك أوباما تحدث عن الدين الإبراهيمي العالمي: فهل نحن أمام مدخل للعبور من المشترك بين الديانات الإبراهيمية للوصول للدين الإبراهيمي العالمي؟.
ولن نذهب بعيدا فكانت بداية التطبيق العلني للحوار الإبراهيمي الشعائري هى صلاة الكورونا في 14 مايو 2020 يوم اعلان استقلال اسرائيل كما تدعي الأفعى الصهيونية، وانتهت بدعاء ينتهي ب:” وبما أنك على كل شئ قدير” فنحن كمسلمين لا ندعو بتلك الكيفية فهل هذا تجرأ على الله لنشكك في قدرته استغفر الله العظيم أم أن ذلك هو فعل اليهود.
الولايات الإبراهيمية
** كشفت حقيقة ما يسمى ” الولايات المتحدة الإبراهيمية ” فما هي حقيقتها ؟.
** هذا ما طرحته جامعة فلوريدا عام 2015 في مشروع جديد اسمته بـ” الولايات المتحدة الإبراهيمية ” هنا قد يرفض البعض هذا الطرح ولكنه الأقرب لما ذكره اليهودي الصهيوني كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي السابق ترامب وزوج ابنته خلال لقاءه في سكاي نيوز ليقدم ملامح عامة للصفقة القرن ، كما جاءت أهم المشاهدات التي طرحتها جامعة فلوريدا ونشهدها الآن للأسف وأهمها : الصراع السني- الشيعي هو أحد مداخل القبول بمثل هذا الطرح والذي يمتد على الأرض العربية في أكثر من دولة على الأرض ، كما أن العنف والإرهاب المتبادل بين أنصار الأديان المختلفة ليكون الحل هو المطالبة ب”السلام الديني العالمي” والوصول لما يخطط له ، هنا قد نجد سلسلة دموية من الأعمال الإرهابية المتعاقبة في مدى زمني ضيق ، فلنتذكر معا حادث نيوزيلاندا ثم حادث سريكلانكا ثم كنيسة نوتردام ثم حريق بالمسجد الأقصى ثم حادث سريلانكا مرة أخرى ثم حادث خارج كنس يهودي بالولايات المتحدة وغيرها ليكرس لفكرة أن التطرف الديني هو السبب ولهذا لابد من إلغاء الاديان الحالية ودمجها في دين عالمي واحد .
أدلة دامغة
** قد يرفض البعض هذا الربط، فما تقولين ؟
** أتساءل :هل هى مصادفة أن يكون مرتكبي حادث سريلانكا تنظيم “ملة إبراهيم”؟. هل هي مصادفة أن يعلن متطرف حادث نيوزيلاندا شعارات عنصرية تعيدنا بالأذهان إلى الحملات الصليبية؟. هل مصادفة أن مع محاولات رئيسة نيوزيلاندا باحتواء الوضع ويكون الرئيس المسلم الذي يؤجج المشاعر ويسعى لمزيد من الإحتقان هو اردوغان عندما قام بتحويل كنيسة أيا صوفيا إلى مسجد وأحد المستفيدين من مخطط هارفارد وفلوريدا؟. لن أقدم إجابات ولكنها ستظل تساؤلات لإعمال العقل الذي يقتضي القول أن هذا المخطط لن يطبق طالما كنا أكثر وعيا ورفضا لبدعة تسمية الأديان السماوية بالإبراهيمية وعدم الإنسياق لدعاوى التسامح التي يروج لها الصهاينة وأنصارهم داخل مجتمعاتنا دون اقامة دولة فلسطينية على الأرض في حدود 1967 ، فكيف يطالبون بالأخوة الإبراهيمية وهم يقتلون إخواننا وأبناءنا بدعاوى عنصرية تمتد للحديث عن العودة إلى الأراضي العربية ككتاب آفي ليبكن بعنوان “العودة إلى مكة” الذي ترجمته سياسيا في حزب سياسي قائم على الأرض عام 2018 تعترف به إسرائيل التي ترفع شعار التسامح وتسعي لتوطيد علاقاتها العربية خاصة مع دول الخليج ، وموافقتها على انشاء حزب متطرف يدعي الحق في مكة والكعبة والمدينة ويسعى لهدم الكعبة لهدم الإسلام ما أبدعه من تسامح صهيوني بالفعل؟!
دين الدجال
** وصفتم الديانة الإبراهيمية بانه ” دين الدجال ” فماذ تقصدين بهذا الوصف ؟
** الإبراهيمية ليس لها أديان ، فلا تقل أديان ابراهيمية فستؤدي حتما إلى دين إبراهيمي واحد، لأنه سيجمع بين البوذية والهندوسية والزردشتية وعبادة الشيطان بنكهة صهيونية، عبر تنحية الإسلام والمسيحية كمختلف عليه من قبل أنصار اليهودية المتصهينة ، وذلك تمهيدا للوصول لدين جديد دين الدجال.
نحن نرفض تسيس نبي الله إبراهيم عليه السلام ونعت السلام باسمه ، فصحيح أن القرآن أقر بأن سيدنا إبراهيم مسلما حنيفا، ولكن أتباع المخطط الإبراهيمي الصهيوأمريكي لا يعترفون بالإسلام دينا ، ومن ثم فسيدنا إبراهيم ليس مسلما كما يدعون، ولا مسيحي بالطبع فهم من الأغيار، ولكنه لا يخص إلا اليهود ومن قبلهم ، وعلينا أن لا نقع في فخ التسيس تحت شعار ” التسامح والسلام” فالسلام علي أسس سياسية تضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة علي حدود ٦٧، عاصمتها القدس الشرقية وعودة لمزارع شبعا وهضبة الجولان ، وهنا تعيش إسرائيل جنبا الي جنب مع الدول العربية والإسلامية بسلام ، فلا تقل “السلام الإبراهيمي” وإنما قل “مبادرة السلام العربية “
إزالة الحدود
** تؤكدون أن إزالة الحدود أحد أدوات الديانة الإبراهيمية المزعومة ، فكيف يكون ذلك ؟ .
** إزالة الحدود سيتم عبر مشروعات الربط الجغرافي للمنطقة كلها مع إسرائيل وكذا الربط الإقتصادي بمشروعات استثمارية كبرى تعتمد على التكنولوجيا الإسرائيلية ، والدعم الشعبي سيأتي عبر مشروعات طرق الحج الديني المشترك مثل “مسار إبراهيم” الذي تشرف عليه جامعة هارفارد ، و”المسار التركي الصوفي” الذي أرسته تركيا ليصل لمكة المكرمة والمدينة المنورة ، علاوة على “مسار فرسان المعبد” الذي يمتد من فرنسا إلى القدس ويصل إلى سبعة مليون خطوة.
كل هذه المسارات مسارات سياحية تعمل عليها الجماعات والقري المحلية والبدوية الموجودة على طول المسار لتحمي المسار بسبب المنافع الإقتصادية التي تم إرساءها خلاله على طول الطريق لتتكامل مع مشروعات اقتصادية لتغير شكل المنطقة، وخلق شبكة من المريدين والمؤيدين عبر مشروعات تعاونية مشتركة مع الجمعيات النسائية، وكذا مشروعات ريادة أعمال للشباب لخلق واقع أكثر تأييد ودعم مجتمعي. مع التأكيد أن هذه المشروعات قائمة بالفعل، وقد وصل طول المسار على الأرض إلى 2000 كم تطمح جامعة هارفارد ليصل إلى 5000 كم، ولكنها ترفع تساؤل مهم: لمن ملكية أرض المسار الذي يمتد لعشرة دول من تركيا والعراق وسوريا وفلسطين والكيان الصهيوني ولبنان والأردن ومصر والسعودية ثم ايران مستقبلا لترسم بالفعل خريطة أرض اسرائيل الكبرى.
الحل هو الحل
** ماذا علينا أن نفعل ؟
** علينا الوعي وعدم التسليم بأنه لم يعد امامنا إلا الانتظار وبناء سياسات بناء على رد الفعل في ضوء مخططات مستقبلية أكبر تستغل فيها الأديان لإعادة ترسيم حدود المنطقة بحجة المشترك الديني والعقائد المتداخلة وطرق الحج المشتركة بين الأديان ، بمعني آخر نحن أمام واقع ومستقبل يحتاج للإعداد له لنكون فاعلين وليس مفعولا بنا، وهذا هو دور مراكز الفكر العربية التي تغيب عنها أجندة الدراسات المستقبلية ،فقد يدعي البعض العمل بها وإصدار مجلة أو تنظيم مؤتمر يرفع مسمى الدراسات أو التحديات المستقبلية، لكن كل هذا الجهد غير كاف ولا يتوائم مع المد الغربي في هذا الفرع المهم من العلم حيث يتم التركيز على مستقبل الأديان ودورها في حل النزاعات الحادة وتغير علاقات القوى وخلق رأي عام عالمي أكثر تأثيرا يساهم في إعادة بناء التنظيم الدولي والمؤسسات العالمية الجديدة وتحقيق السلام العالمي عبر بناء بوتقة واحدة لمختلف الأديان تخلق دوافع ومحركات مشتركة من خلال آليات جديدة كالسياحة والثقافة وتنمية المجتمعات ومسارات التنمية والمسارات الدينية نحو بناء ثقافة عالمية مشتركة يكون لها الغلبة في الإسراع بحركة التاريخ نحو خلاص العالم، هذه التوجهات الحديثة تطرح علينا تساؤلا هاما حول المساحة التي تحتلها هذه القضايا داخل الأجندة البحثية لمراكز الفكر المصرية والعربية
الواقع والمستقبل
** هذا هو المخطط المستقبلي أم أن هناك خطوات على أرض الواقع ؟
** بدأ تنفيذ خطة المؤامرة تتشكل على الأرض، فمثلا في سوريا تم جعل اقليم شمال وشرق سوريا ساحة للحركة لتشكل اتحاد إبراهيمي فيدرالي بالمنطقة لرفض إقامة الدولة القومية السورية كبداية لتعميمها واتساع نطاقها قريبا، كما الصفقة ستحقق منافع كبيرة تواجه ندرة الموارد وتداعيات الظواهر البيئية الخطيرة كنقص المياه ،وكذا انخفاض أسعار البترول بسبب تصديره دون تصنيع بسبب نقص التكنولوجيا وعدم الإنتباه للنظر لرشادة الإنفاق لعوائد البترول مما يتطلب قوى أكثر قدرة على التعامل مع التحديات البيئية نظرا لما تمتلكه من تكنولوجيا وهذه القوى هى اسرائيل يليها تركيا التي ستتحكم في الموارد مركزيا بحكم تفوقها تكنولوجيا، واختيار تركيا لتكون في دائرة الإهتمام بالصفقة لتحييد امريكا واسرائيل كفاعل مدمر للنظم المحيطة ومتقاطع في أكثر من ملف إقليمي بسبب مطامع إستعمارية وأمجاد زائفة يسعى لتحقيقها.
** معنى هذا أن “صفقة القرن” هذا جزء من المخطط لتنفيذ مخطط الديانة الإبراهيمية وليست مجرد تبادل أراضي كما أشاعوا من قبل ؟
** بالتأكيد فالمخطط والمنفذ واحد وهو القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة لخدمة اسرائيل والصهيونية العالمية ، وظهر هذا من خلال تسريبات تطرح نظرية تبادل الأراضي بإعتبارها صفقة القرن، ومع النهج الصهيوني لإشغال الرأي العام جاء الرد الأمريكي جليا أن المبادرة ليست موجهة لسيناء أو للأردن وإنما هي مبادرة تشمل الشرق الأوسط ككل ، كما أن لقاء كوشنر مع قناة سكاي نيوز عربية ليطرح ملامح الصفقة ولكن عبر شفرة غير مفهومة للأغلبية، وردد البعض أن توماس فريدمان هو مهندس الصفقة رغم أنه أبدى إعتراضه أكثر من مرة على نهج ترامب في التعامل مع الصراع العربي – الاسرائيلي، وبالتالي يمكننا قراءة الوضع والجهة المخططة للصفقة وهل هى وليدة فترة حكم ترامب أم أنها مشروع جديد للمنطقة ككل كما وصفها كوشنر
بهذا التساؤل يمكنني طرح عدد من التلغرافات السريعة للصندوق الأسود لصفقة القرن التي من أسمها يجب التدبر في كينونتها، فهى ليست مشروع سريع وضعه رئيس أمريكي بالشراكة مع صحفي أو غيره وإنما هى بالفعل مشروع للقرن الجديد ليغير شكل المنطقة ككل، كما أن مهندس الصفقة ليس توماس فريدمان فقط ، وإنما جامعة هارفارد بالشراكة مع عدد من مراكز الفكر الأمريكية كمركز راند ومركز EMERGY بجامعة فلوريدا، فالعمل على المشروع بدء منذ عام 1990 مع خطاب الرئيس بوش الأب بالكونجرس الأمريكي عند حديثه عن نظام عالمي جديد عقب الإعلان عن التدخل الأمريكي لنصرة الكويت كبداية جديدة لنظام مختلف طالب وقتها الرئيس الأمريكي مراكز الفكر الأمريكية بمزيد من البحث لوضع الإطار الفكري والحركي لهذا النظام
** لكن البعض يراهن على فشل مشروع صفقة القرن ، فماذا تقولين؟.
** الصفقة مشروع تتدرج مراحله على فترات مختلفة تبدأ بالمنافع الإقتصادية والثقافية والسياحية والدينية لتصل بمرور الوقت لنظام استعماري جديد لمنطقة الشرق الأوسط أولا ثم للقارة الأفريقية ثانيا ، بل إن الصفقة كما أشار كوشنر لبعض ملامحها ستأخذ ثوبا جميلا مقبولا ومحببا للنفس يكون شعاره تحقيق “السلام الديني العالمي” للتخلص من الكراهية والعنف المستمد من الأجداد عبر الإحترام المتبادل لأطراف النزاع دون الخوض في أسباب النزاع الغير قابلة للحل من جانب أطراف الصراع، فمدخل الحل الجديد هو الإحترام المتبادل والتعامل كأسرة واحدة ” أسرة إبراهيمية واحدة”
لابد أن نعرف أن الصفقة ليست موجهة للفلسطينيين وإنما تسعى لإزالة الحدود ومن ثم لن يوجد عقبة أمام الفلسطينين في الإنتقال عبر تحرير الحدود هذا في ظل منح بعض الدول للفلسطينين الحق في التملك كبداية لتغير وضع المكون البشري الفلسطيني على الأرض الذي أشار له الرئيس الأمريكي ترامب خلال حملته الإنتخابية بأن توطين الفلسطينين بالخارج هو أحد أولوياته. وهذا ما ترجمه في إطار خفض المساعدات الامريكية لمنظمة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الأنروا .
الهيمنة الإسرائيلية
** لماذا تجزمين أن الهيمنة ستكون لإسرائيل على أرض الواقع خلال هذا المخطط الإبراهيمي المزعوم ؟
** علينا أن نعي أن إسرائيل كامنة على الحدود وتعمل على تشجيع الهجرة اليهودية إليها، بل وتخشي دوما من الزيادة العددية للعرب حيث بنيت الصهيونية على مقولات أهمها: “أرض أكثر وعرب أقل” و”القضم والهضم” أي تفريغ الأرض من العرب، وتنظر الآن إسرائيل بسعادة للطبيعة السكانية لبعض المجتمعات العربية كعنصر قوة يصب في صالح المخططات الصهيونية، وأقصد بالبنية السكانية لدول الخليج العربي الذي يقل عدد سكانها الأصليين مقابل أعداد العمالة الأجنبية والوافدين والأجانب، وتراهن أن إندلاع حروب بتلك الدول سيسهل تهجيرهم وتخويفهم ومن ثم تفريغ الأرض العربية من سكانها.
دور مصر
** تؤكدين أن مصر ستكون حجر عثرة فس سبيل تنفيذ هذا المخطط الصهيوني ، فما هي الأسس التي استندت إليها في ذلك؟
** أؤكد أننا كشعب مصري نمثل خطرا كبيرا على الأمن الإسرائيلي، بل ونقف ضد مخططاتهم المستقبلية، فرغم ضعف المنظومة التعليمية وضعف الناتج منها، ولكننا نمتلك جينات حضارة تؤهلنا لقيادة العالم لذلك كان المخطط الإستعماري ضد مصر يبدأ بالقضاء علي مقومات المصريين، فوقع الإختيار على إضعاف المنظومة التعليمية، والآن المستهدف التالي هو العمل على تغير الجينات المصرية الحضارية كمخطط كامن تطرحه مراكز الفكر الغربية والإسرائيلية ،ومن أبرز الجهد القائم في هذا الصدد مشروع يموله الملياردير الصهيوني جورج سورس مهندس ثورات الربيع العربي ويموله مع بيل جيتس
مكاسب زائفة
** كيف ترين خطورة ربط الإقتصاد الإسرائيلي بالعربي في ظل هذا المخطط الخبيث باسم الديانة الإبراهيمية وخاصة في ظل موجة الهرولة التطبيعية العربية معها ؟
** هذا أمر جد خطير ،وسيضعف الدول العربية مستقبلا حتى وإن كانت نتائجه على المدى القصير إيجابية، فهو اقتصاد دولة استيطانية توسعية ترفض ترسيم حدودها وتعلي من مطالبها وتسمح بأحزاب تنادي بأرض إسرائيل الكبرى، بل والعودة إلى مكة والإستيلاء على الكعبة ، وهذا ما يؤكده الحزب اليهودي- المسيحي ، ولهذا لابد من مخاطبة الأمم المتحدة ممثلة في (الجمعية العامة- مجلس الأمن) بالإنتهاكات الإسرائيلية والأمريكية العنصرية المخالفة للمواثيق والقوانين الدولية، وخاصة أن الفترة القادمة ستشهد سلسلة من المؤتمرات والمحافل لتغيير وضع المنطقة وتحويل إسرائيل لمركز مالي إقليمي وفقا لتصور شيمون بيريز في مشروعه الشرق الأوسط الجديد تمهيدا لإكتمال المخطط الإستعماري الجديد الذي سينتهي بمخطط أرض إسرائيل الكبرى ،لذا وجب التنويه والحيطة والمجابهة لأننا سنشهد محاولات مستميتة لفرض مشروع استعماري جديد .
تداعيات مستقبلية
** ما هي التداعيات المستقبلية للمخطط الصهيوني على القضية الفلسطينية سواء من خلال هذه المخططات ؟.
** المخطط المراد تحقيقه هو إنهاء قضية اللاجئين ونقل مسئولية اللاجئين للدول المتواجدين بها مقابل بعض الأموال والمشاريع الإقتصادية، وتأسيس لمرحلة تطبيع وشراكات ينتج عنها عملية اندماج ، والربط الجغرافي عن طريق السكة الحديد وغيرها من مشروعات يترجم مشروع مقترح من مراكز الفكر الأمريكية يسمى بالولايات المتحدة الابراهيمية ، وربط الإقتصاد الإسرائيلي بالإقتصادات العربية سيقضي على سلاح مقاطعة الشعوب العربية ، وسيحول إسرائيل لمركز مالي إقليمي نتيجة تغير شكل العلاقة مع إسرائيل مما يخلق حالة من التطبيع مع الرأي العام العربي والشعوب العربية بشكل تدريجي وقد يكون المستهدف الأجيال القادمة، لكن سيسبق ذلك حملة انتقادات واسعة ستقلل من شعبية هؤلاء القادة داخل مجتمعاتهم.
السنة والشيعة
** يقال أن مساعي الغرب للتوتر بين السنة والشيعة يصب في خدمة هذا المشروع الخبيث ، فما مدى صحة ذلك ؟
** لاشك أن زيادة حدة التوتر السني- الشيعي، والتصعيد مع ايران، وفي المقابل زيادة التقارب العربي مع إسرائيل بسبب الفزاعة الإيرانية يصب في مصلحة هذا المشروع ، بدليل ما جاء تقرير مركز راند عام 2017 حول مستقبل الصراع السني – الشيعي الذي سيؤدي إلى زيادة النزعة المحلية التي تقضي بمطالبة القرى الصغيرة بالإنفصال لتعلن نهاية الدول القومية العربية وحدد التقرير عام 2027 لاكتمال الدائرة ، وتكون هذه بداية لمخطط أكبر وجهد دولي أوسع سيؤدي إلى تغير شكل المنطقة ككل لصالح الكيان الصهيوني، فمثلا مستقبل سوريا في التوترات الحالية، وسينادوا بإنشاء دولة فيدرالية في سوريا في اقليم شمال وشرق سوريا للأكراد وأخرى للدروز من السويداء لجبل العرب ، لتكون بداية للإعلان عن نهاية الدولة القومية السورية، كذلك الحال بالنسبة لليبيا واحتمال تقسيمها لثلاثة دول يتبعها السودان والحديث عن انفصال كردفان ودارفور.
ترسيخ المؤامرة
** ألا ترين أن إدارة الرئيس ترامب قامت بترسيخ هذا المشروع الخبيث ؟.
** حير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العرب وجعل البعض يأخذ كلمة “الإبراهيمي” بالمعني الظاهري واعتبروه صدفة، وأنه لفظ ليجمع اليهود، وأننا جميعا أبناء إبراهيم، وأن إبراهيم نبي الله أبو الأنبياء كان مسلمًا حنيفًا فلا يوجد سبب للخوف من التسمية، لماذا لم يسم الإتفاق باسم المدينة التي عقد بها الاتفاق ككامب ديفيد، وجنيف، وهلسنكي وغيره من الإتفاقات الدولية المعتادة التي توضح انعكاس مهما لوساطة وريادة، لدور الدولة التي تقع في أراضيها المدينة التي يقترن اسمها بالإتفاق السياسي، فالأمر ليس صدفة، فالولايات المتحدة الامريكية دولة مؤسسات وترامب ليس بالمجنون أو المعتوه أو رجل الصدف، فكل شيء مخطط له، ومعد قبل تولي ترامب من تسعينات القرن الماضي، فالمصطلح لم يخلق من أجل الدين والتسامح .