جملة كثيرا ما نسمعها وهي ذات معنى عميق وحقيقي، فالصاحب يسحبك إلى أبواب الخير وتسير معه طواعية وحبا واطمئنانًا، كما يمكن للصاحب أن يسحبك إلى أبواب الشر وتسير معه طواعية وحبًا واطمئنانًا، وعندما نجد شخصًا تغير حاله من حال خير عادي إلى الشر وإلى طريق السوء ويقع في الهلاك ونسأل اهله أو نسأله شخصيًا عما أداه وأرداه؟ فيقول: صحبة السوء
وقد يكون في فترة حياته الأولى مع صحبة خير ولكنه تركها وتركته واختار لنفسه طريقًا آخر فيه الضلال والبعد عن الله والقرب من الشيطان بصحبة أعوانه.
ولقد صور القرآن الكريم عاقبة هذا في مشهد يوم القيامة حيث يقول من ظلم نفسه “یَـٰوَیۡلَتَىٰ لَیۡتَنِی لَمۡ أَتَّخِذۡ فُلَانًا خَلِیلࣰا (٢٨) لَّقَدۡ أَضَلَّنِی عَنِ ٱلذِّكۡرِ بَعۡدَ إِذۡ جَاۤءَنِیۗ وَكَانَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ لِلۡإِنسَـٰنِ خَذُولࣰا ٢٩الفرقان.
ولذا فإن الذي ينتبه إلى صاحب السوء ويتفلت منه ويهرب في الدنيا ويلوذ بصاحب من أهل الخير أو يعوذ بالله ويلزم العزلة يجد أثر ذلك في الدنيا والنجاة في الآخرة حيث يصور الله مشهد هذه الصحبة يوم القيامة في سورة الصافات “قَالَ قَاۤئلࣱ مِّنۡهُمۡ إِنِّی كَانَ لِی قَرِینࣱ ٥١ یَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُصَدِّقِینَ ٥٢ أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابࣰا وَعِظَـٰمًا أَءِنَّا لَمَدِینُونَ ٥٣قَالَ هَلۡ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ ٥٤ فَٱطَّلَعَ فَرَءَاهُ فِی سَوَاۤءِ ٱلۡجَحِیمِ ٥٥ قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرۡدِینِ ٥٦ وَلَوۡلَا نِعۡمَةُ رَبِّی لَكُنتُ مِنَ ٱلۡمُحۡضَرِینَ ٥٧﴾ وبقية المشهد تصوره السورة كاملا فلنرجع إليه لنعتبر.
وقد أوصى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بمجالسة الصالحين الذين يدعون إلى الخير، وشبه الرسول، عليه السلام، الجليس الصالح بحامل المسك الذي لا تجد منه إلا الريح الطيبة، أما أن يؤثر عليك بخلقه ويجذبك إلى طريق الخير وإما أن تكتسب من صحبته السمعة الطيبة والسيرة الحسنة فالصديق الصالح وسيلة لك تعينك على الخير أما صاحب السوء فقد شبهه الرسول بنافخ الكير الذي إما أن يحرق ثيابك بنيرانه وشررها، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة تعلق بثيابك وينفر منك الناس بسببها، ولذا فقد حرص العلماء على تعليم الناس أهمية الصحبة والصفات التي يجب أن يختار الصاحب صاحبه على أساسها، والصفات التي يجب أن يتحلى بها الصاحب في معاملته مع صاحبه ليحافظ عليه ولا يفقد صحبته، وقد أفردوا لهذا الكتب والمؤلفات ومن ذلك كتاب الإمام عبد الوهاب الشعراني (الأنوار في آداب الصحبة عند الأخيار ) وهو كتاب نفيس وسهل ويسير في لفظه وعميق في معانيه ، وكذلك كتاب الإمام أبي حامد الغزالي (آداب الصحبة والمعاشرة مع أصناف الخلق) فلنرجع إليها ففيها من الخير الكثير والسلوك القويم.
وهكذا فإن صديق السوء لا يؤثر عليك إلا سلبًا فتراه لا ينهاك عن المعاصي، بل على العكس قد يشجعك عليها ويدعوك إليها، ويزينها لك، وإن شعرت بندم بعد ذلك وراجعت نفسك وراجعته فإن لن يزيدك إلا تكبرًا وعنادًا فانظر من تصاحب واختر من تنفعك صحبته في الدنيا والآخرة.