الكفاءة معيار واضح لا يختلف عليه اثنان ، وهو القدرة الفائقة على إنفاذ المهام التي تقتضيها طبيعة العمل أو الوظيفة أو المهنة أو القيادة التي تُسند إلى شخص ما .
ولا شك أن اجتماع الكفاءة مع الأمانة مع الولاء والانتماء الوطني يعطي الشخص طاقة غير عادية ، وقدرة فائقة في أداء مهامه الموكلة إليه ، فإذا اجتمعت الكفاءة مع الولاء للوطن ، والولاء للعمل ، والولاء للمهنة ، والولاء للمكان الذي يعمل به الإنسان ، فذاك أمل منشود ، أما إذا كان الولاء لشخص ما ، أو جماعة ما ، أو حزب ما ، هو مناط الاختيار والتقديم على حساب الأمانة أو الكفاية أو الكفاءة فهذا أمر جد خطير ، سواء في مقاييس الشرع ، أم في مقاييس الوطنية ، وهما مرتبطان لا ينفكان ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى جَمَاعَةٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ فِيهِمْ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ ، فَقَدْ خَانَ اللَّهَ ، وَرَسُولَهُ ، وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ ” ، على أن الولاية أيا كان شأنها كبيرًا أو صغيرًا تتطلب الأمانة والكفاءة معا ، يقول الحق سبحانه على لسان يوسف (عليه السلام) : ” قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ” ، ويقول سبحانه على لسان ابنة شعيب (عليه السلام) في شأن موسى (عليه السلام) :” يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ ” ، فلا الأمانة وحدها تجدي ولا العلم وحده يغني .
ولما سأل أبو ذر الغفاري النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يوليه قال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : ” يا أبا ذر إنك ضعيف ” ، وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة ، إلا من أخذها بحقها ، وأدى الذي عليه فيها ” ، وقد ولَّى النبي (صلى الله عليه وسلم) كلّا من خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهما مع حداثة إسلامهم قيادة الجيش وفيه كبار الصحابة والسابقون في الإسلام ، لما كانا يتمتعان به من كفاءة وكفاية وخبرة بفنون الحرب وضروب القتال والنزال .