د. دينا سامى :
الشريعة حذرت من الطمع ..حضت على العمل الشريف والكسب الحلال
د.منى محمود :
الغش والخداع حرام ..ونحذر من الانسياق وارء النصب باسم الدين
تحقيق – مروة غانم:
بالرغم من الفتاوى الكثيرة التى أصدرتها دار الإفتاء المصرية تحذر الناس فيها من الإنسياق وراء النصابين والمخادعين إلا أن الناس لم تسمع لها ولم تأخذ بفتواها وراحت تبحث عن الربح السريع دون بذل أى مجهود لذا كانت النتيجة ضياع كل ما يملكون فضاع المال وبقيت الحسرة على ما راح ، وللأسف فإن أسهل وسيلة للنصب باسم الدين الترويج بأن فوائد البنوك حرام وتوظيفها لدي المستريح الذي غالبا ما يحاول أن يحمل لقب ” شيخ ” أن الانتساب لآل البيت ..من هنا تأتي أهمية هذا التحقيق .
أكدت الدكتورة دينا سامى أستاذ مساعد التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر بالزقازيق أن ظاهرة المستريح ظهرت فى الأونة الأخيرة وسببها الأساسى هو البحث عن المال لأنه فتنة فكما ابتلى الله تعالى بعض الناس بالفقر فقد إبتلى آخرين بالمال حيث قال الله تعالى:” فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ. وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ “. فالمال فتنة فى كل الأمم والشعوب حتى فى زمن قارون فقد افتتن الناس بما لديه من المال وتمنى المحيطون به أن يكونوا مكانه لما لديه من المال والقصور وأدعى قارون أنه أوتى هذا المال من تلقاء نفسه ولم ينسب الفضل لله عزوجل .
وأضافت أن فتنة المال تورث الطمع، ومادام هناك طماعين يظهر ما يطلق عليهم بالمستريحين الذين يتسترون بستار الدين ويحرمون التعامل مع البنوك، بل إنهم يدعون أن دار الافتاء المصرية تحل البيوع الربوية وتناسوا أن العلاقة بين المودع فى البنك وبين البنك نفسه من العقود الاستثمارية الحديثة وقد أحلتها دار الافتاء بناءا على دراسات مستفيضة فى الفقه الاسلامى، كما أن استغلال هؤلاء المستريحين لجهل البسطاء فى هذا الشأن فيسيطروا على عقولهم بهذا الربح الكبيربل ويجندون آخرين من أجل استجلاب الضحايا والوعد بالربح المضاعف السريع الذى لا يعادله ربح أخر فيتكالب الناس عليهم .
وأشارت إلى أن الحفاظ على المال مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية ولابد أن يحافظ الإنسان على ماله ويضعه فى المكان الآمن لكن بسبب الفكر المتطرف الذي يصدر فتاوى دون دراسة ومرجعية صحيحة يعزف بعض الناس عن إيداع أموالهم فى بنوك الدولة ويذهبون للمستريح ليوظف لهم أموالهم دون أن يتحققوا من مصدر ماله .
وأوضحت أن الشريعة الإسلامية حضت وحثت على الكسب الحلال حيث يقول الله تعالى :” يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا ” .والكسب الحلال يتطلب أن يعرف الإنسان جيدا مصدر ماله لأن كل منا سيسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ،فهؤلاء المستريحين يكسبون أموالهم بالغش والتدليس وخداع البسطاء والجهال ونسوا قول الله تعالى :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ “
وطالبت كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها وزارة الأوقاف والازهر الشريف ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بتحذير الناس من الإنسياق وراء هؤلاء النصابين والخداعين لما يمثله هذا الموضوع من كارثة حقيقية على كافة المستويات الإقتصادية والإجتماعيبة والأمنية لأنه لو تم استثمار هذه الملايين المنهوبة بطريقة مشروعة لكانت حققت نماءا ورخاءا منقطع النظير على كل المجتمع ، فلابد من توقيع أشد العقوبات على أمثال هؤلاء كما يجب على كل انسان أن يعمل ويجتهد وألا يستسهل ولا يتواكل على غيره وأن يبحث عن الرزق الحلال ويتحراه جيدا .
الكسب الحلال
وافقتها الرأى الدكتورة منى محمود مدرس الحديث وعلومه بجامعة الأزهر مؤكدة على أن الشريعة الإسلامية حثت على التحلي بمكارم الأخلاق حيث قال النبى صلى الله عليه وسلم :” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” فالأمانة من محاسن الأخلاق كما أن التعامل فى التجارة والأمور المادية يستلزم الأمانة حتى تتم التعاملات بين الناس بلا منازعات وعلى العكس من ذلك فإن الغش والخداع يجلب على المجتمع الويلات مع وجود البغضاء والتشاحن بين الناس وهناك الكثير من الأحاديث النبوية التى تحض الناس على التحلى بالأخلاق الكريمة
وأشارت إلى أن النصب والاحتيال باسم الدين جريمة كبرى أساسها المكر والخديعة والغش واستحلال المحرم فضلا عن إبطالها للحقوق وإسقاط الواجبات كما أنها تعد من أبواب الفساد فى الأرض وأكل لأموال الناس بالباطل، فالنصاب الذى يتحدث باسم الله وآياته ويدعى أنه على علاقة بأولياء الله الصالحين وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو ماكر ومخادع يوظف الشريعة الإسلامية ليوقع غيره فى مكره وخداعه لكى يحقق مآربه الدنيوية الدنيئة .
وأوضحت أن الطمع والبحث عن المال والربح السريع أى كان مصدره من أهم أسباب ظهور المستريحين فى المجتمع فضلا عن تكاسل الناس وعدم رغبتهم فى العمل وبذل الجهد مع الرغبة الشديدة فى تحقيق الثراء السريع ، ولقد حذر النبى صلى الله عليه وسلم من خداع الناس وغشهم حيث قال صلى الله عليه وسلم :” من غشنا فليس منا ،والمكر والخداع فى النار ” وهذا الحديث يعنى أن من خدعنا بأى صورة كانت فليس على هدي الإسلام ، كما يعني أن الغشاش على خطر عظيم ولا يسير على خطى النبى صلى الله عليه وسلم وسنته، وهذا زجر شديد من النبى صلى الله عليه وسلم كما فيه تهديد لمن تمادى فى الغش والخداع والمكر والخداع من أنواع الغش وهما يؤديان بصاحبهما إلى النار .
وطالبت الجميع بالوعى وعدم الإنسياق وراء أى شيء دون معرفة تفاصيله، وعلى الجميع التناصح فيما بينهم والاستشارة وتبين الحقائق والتأكد منها لقول الله تعالى :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ “