د. إبراهيم على: إعادة برمجة الذات.. بداية التصحيح
د. عاصم حجازى: العمل التطوعي يكسب الثقة والسعادة
تحقيق: سمر هشام
منذ أيام قليلة حلَّت إجازة منتصف العام، وانطلق أبناؤنا- كل حسب هواياته وميوله- فى قضاء هذه الأيام، سواء فى اللعب او “التقوقع” فى المنزل، وزادت المشكلات الأسرية فيما بين الآباء والأبناء، واحيانا مع الجيران بسبب اللعب فى الشارع.
“عقيدتى” استعرضت مع الخبراء، أنسب الطرق لقضاء هذه الفترة حتى لا تضيع هباء منثورا.
يؤكد د. ابراهيم محمد على- الأستاذ بكلية التربية جامعة الأزهر- أن الوقت يمثل بالنسبة للفرد رأسماله، فإذا انقضى رأس المال ضاعت الأرباح وانعدمت الفائدة، وهو يمر على الجميع بسرعة ثابتة ومحددة؛ ولذلك ينبغي على الآباء تعويد الأبناء المحافظة على الوقت والاستفادة منه واستثماره بالطريقة التي تعود عليهم بالنفع والفائدة خاصة في وقت الإجازات.
عوامل التفوق
أشار إلى أن عملية تنظيم الوقت وإدارته أحد أهم عوامل التفوق والنجاح، فكلما تمكن الأبناء من تنظيم أوقاتهم كلما عاد عليهم بالنجاح وتحقيق الأهداف، ولا يخفى على أحد أن بعض الأبناء يدركون أهمية الوقت وقيمة تنظيمه إلا أنهم لا يعرفون كيفية ترتيب أمورهم وتنظيم أوقاتهم؛ فتكون النتيجة ضياع الأوقات دون تحقيق الأهداف؛ بالتالي يجب على الآباء الجلوس مع الأبناء ومناقشتهم والتخطيط معهم لتحديد كيفية قضاء وقت الفراغ والقيام بالأنشطة التي يمكنهم القيام بها، وتوجيههم لاستثمار أوقات إجازة نصف العام ببرامج تساعدهم على تنمية مهاراتهم العقلية والمعرفية والبدنية، واستغلال طاقاتهم في برامج وأنشطة هادفة تملأ وقت فراغهم بما هو ممتع ومفيد.
أضاف: فترة إجازة نصف العام تعد فرصة ممتازة لتنمية مهارات الطلاب وصقل مواهبهم وتكوين خبرات جديدة، ولعل تحديد الأهداف وإعادة برمجة الذات من خلال ترتيب الأولويات ورسم خطة واضحة تحتوي على الأنشطة التي يرغب الأبناء في القيام بها وتنفيذ هذه الأولويات والحرص على تحقيقها في مواعيدها المحددة خلال وقت الإجازة من أهم الوسائل المعينة على تنظيم الوقت وحسن استغلال وقت الفراغ.
أوضح د. ابراهيم، أن طرق الاستثمار الأمثل لإجازة نصف العام الدراسي تختلف من طالب لآخر، ومن بيئة لأخرى، لكن ثمة مجموعة من النصائح يمكن من خلالها تحقيق أكبر استفادة من وقت فراغ الطلاب في إجازة نصف العام، لعل من أهمها: تعلم بعض المهارات الجديدة، حيث تمثل الإجازة فرصة رائعة للتدريب على تنمية المهارات المختلفة، كمهارات إدارة الوقت وتنظيمه، حل المشكلات، التفكير الناقد والإبداعي، التواصل مع الآخرين، كيفية مواجهة الضغوط، اتخاذ القرار.
وأكد أهمية مشاهدة محتوى علمي مفيد وهادف حيث ينبغي على الآباء توجيه الأبناء لمشاهدة البرامج الهادفة التي تساعدهم على تنمية معارفهم وتكوين خبراتهم وتساعدهم على التحفيز والتفوق والإنجاز، كالأفلام الوثائقية وتعلم اللغات ومعرفة التاريخ، ممارسة الهوايات المحببة لكل أبنائنا ببعض الهوايات المحببة إليهم، فيجب تشجيع الأبناء على ممارسة هواياتهم المفضلة بما يساعدهم على الإبداع في مجالاتهم المحببة؛ مما ينعكس على تحسين صحتهم العقلية والبدنية ويساعد على تحسين حالتهم المزاجية.
وطالب د. ابراهيم بضرورة توجيه الأبناء لاستثمار الإجازة بقراءة الكتب التي لم يتسن لهم قراءتها أثناء الفصل الدراسي، كما ينبغي لهم أن يخصصوا وقتًا يوميًا لقراءة آيات من القرآن وحفظ بعض السور القرآنية، ولابد من التحضير للفصل الدراسي الثاني فيمكن توجيه الطلاب لاستثمار بعض الوقت للإطلاع على المواد الدراسية التي سوف يقومون بدراستها في الفصل الدراسي الثاني، حتى يصبحوا ملمّين بها ومستعدين لدراستها وذلك بعد الحصول على وقت كافٍ من الراحة والترفيه.
تقييم ذاتي
من جانبه يوضح د. عاصم حجازى- أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة- أن أجازة منتصف العام ليست طويلة بما يكفي لوضع خطط تستغرق وقتا طويلا لتحقيقها ولكنها بالتأكيد كافية لاستعادة النشاط والعودة إلى الفصل الدراسي الثاني بقوة ونشاط، لذلك على الطالب وولي الأمر أن يحسنا استثمار هذه الفترة القصيرة، فهناك مجموعة من الأنشطة التي يمكن أن تساعد في تحقيق ذلك على الوجه الأمثل فيجب العمل على إجراء تقييم ذاتي لأداء أبنائنا في الفصل الدراسي الأول، ولتكن هذه عادتهم دائما بين الحين والآخر أن يقوموا بإعادة النظر في خططهم وأهدافهم وخطواتهم التي اتخذوها لتحقيق تلك الأهداف والتعديل فيها وتطويرها أو تغييرها إذا لزم الآمر، وكذلك وضع خطة للتخلص من نقاط الضعف وعلاجها أو تقليل تأثيرها السلبي وتقوية نقاط القوة وتحديد الإجراءات التي سوف تقوم باتخاذها لتحقيق ذلك وتوفير الأدوات والمستلزمات التي تحتاجها, فقد تضطر إلى تغيير مكان المذاكرة أو تحسين الإضاءة أو تغيير طريقتهم في الاستذكار وما إلى ذلك.
وطالب د. حجازى بضرورة تخصيص وقت من يوم أبنائنا لقراءة القرآن الكريم، فقراءته تنشط الذهن وتستثير قدرات الأبناء المعرفية وتنشطها وتجعلهم أكثر استرخاء وهدوءا وطمأنينة وثقة في النفس وتعيد شحن طاقتهم ليكون أداؤهم في الفصل الثاني أكثر كفاءة، وكذلك زيارة الأماكن المفتوحة والتاريخية وزيارة المتاحف والمعارض الفنية فالخروج من المنزل أمر لابد منه في فترة الأجازة فهو يعمل على توسيع مداركهم ويجعلهم على صلة وثيقة بحضارتهم وتراثهم ومجتمعهم وثقافتهم ويعزز من شعورهم بالولاء والانتماء وحبهم وارتباطهم بوطنهم ويجعلهم أكثر استرخاء ويخلصهم من ضغوط الفصل الدراسي السابق وضغوط الامتحانات.
أضاف: الطلاب بحاجة إلى تعلم بعض المهارات التي تساعدهم في الدراسة كإتقان التعامل مع برنامج معين على الكمبيوتر مثلا أو تدريب أنفسهم على مهارة التلخيص فخصصوا لذلك وقتا كافيا في الأجازة، وقد تجد أيضا أن بعض المواد صعبة الفهم بالنسبة لهم وتحتاج إلى مجهود مضاعف فيمكنهم أن يوفروا لنفسهم مصادر الدعم اللازمة لتجاوز تلك المشكلة, ويمكنهم تخصيص وقت للإطلاع علي مذاكرتهم أيضا، وكذلك تخصيص أيضا ما يكفي من الوقت لممارسة الرياضة وممارسة هواياتهم المحببة, فإن ذلك من الأنشطة المهمة جدا لتعزيز صحة أبنائنا النفسية والجسدية.
وأكد د. حجازى ضرورة تعزيز العلاقات الإجتماعية بأصدقائهم وأقاربهم مهمة جدا لذلك فعليهم تخصيص وقت من الإجازة لزيارة عائلتهم وأصدقائهم, للحفاظ على شبكة الدعم الاجتماعي الخاصة بهم قوية ومتينة, كما أن مقابلة الأصدقاء والعائلة تمنحهم شعورا بالسعادة والإيجابية وتجعلهم أكثر حماسا ودافعية.
أشار إلى أن فترة الأجازة يصادفها وجود معرض الكتاب وهو حدث ثقافي فريد يمكنهم أيضا أن يقوموا بزيارته في رحلة مع أسرتهم للأطلاع على الكتب وشراء ما يرغبون فيه واستثمار فترة الأجازة في القراءة فهي من أنفع الوسائل لتنمية الإبداع والخيال وتثقيف الفرد.
و أنهى د. حجازى حديثه مؤكدا على ضرورة الاشتراك في أحد الأنشطة التطوعية التي تقيمها مؤسسات خاضعة لإشراف الدولة، فإن العمل التطوعي يكسب أبناءنا الثقة بالنفس ويمنحهم شعورا بالسعادة ويعلمهم الكثير من المهارات كالتعاون والقيادة والعمل في جماعة، ويمكنهم أيضا أن يتعلموا مهارة جديدة أو يشتركوا في مسابقة فنية أو ثقافية أو رياضية أو أن يساعدوا أسرهم في إنجاز شئ ما، وتجهيز ما يلزمهم من أدوات مدرسية وكتب وكراسات وأقلام من الأمور المهمة التي يجب أن تنتهي من إعدادها في الأجازة قبل بدء الفصل الدراسي الجديد.