د.الشحات أحمد بدوي: مساعدة الأخرين.. من مكارم الأخلاق
د.عراقي مسلم: الأيتام أكثر الفئات المحتاجة “جبر خواطرهم”
أدار الندوة: جمال سالم
تابعها: محمد الساعاتي
تصوير: أحمد ناجح
أكد العلماء المشاركون فى ندوة “جبر الخاطر.. وأثره في توثيق العلاقات الاجتماعية” التي نظمتها عقيدتي بالتعاون مع وزارة الأوقاف، برعاية د. مختار جمعة، وزير الأوقاف، بمسجد العظيم جل جلاله، بزهراء المعادي، أن جبر الخواطر من أعظم العبادات ومكارم الأخلاق التي جعل الله ثوابها عظيما في الدنيا والآخرة.. وأشاروا إلى أنه لا يشترط أن يكون جبر الخواطر بالمال فقط وإنما قد يكون بالكلمة الطيبة أو البسمة الرقيقة التي تخفف عن المكروب وقت الشدة.. وأوضحوا أن القرآن الكريم والسنة البنوية فيهما الكثير من نماذج جبر الخاطر التي علينا أن نستفيد منها في حياتنا، حضر الندوة د. على الصغير، المفتش بإدارة أوقاف البساتين، د. أحمد سليم، إمام وخطيب المسجد.
أكد الزميل جمال سالم، مدير تحرير عقيدتي، أن الشدة والفرح من سنن الله الكونية في خلقه، وجبر الخواطر بين خلق الله أيا كانت دياناتهم خلق إسلامي عظيم، قال صلى الله عليه وسلم:” أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ..”، وقال:” ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ حَاسَبَهُ اللَّهُ حِسَابًا يَسِيرًا، وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ”. قالوا: ما هن يا نبي الله، بأبي أنت وأمي؟. قال:”تُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ، وَتَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ، وَتَعْفُو عَنْ مَنْ ظَلَمَكَ”. قال: فإذا فعلت هذا فما لي يا نبي الله؟. قال:”يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ”،وجاء في الأثر:”من سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر”.
مكارم الأخلاق
أكد د. الشحات أحمد بدوي، الأستاذ المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة- جامعة الأزهر، أن دعوة الإسلام لمكارم الأخلاق، ومنها “جبر الخواطر” يؤكد أن ديننا هو دين المثل والقيم والأخلاق، ومن الأخلاق العظيمة، والمبادئ القويمة، والخاطر في اللغة: قد يطلق ويراد به البديهة، ومنه قولنا: سريع الخاطر، أي: سريع البديهة (ذهنه حاضر في الرد والإجابة)، ويطلق ويراد به: الفكر، والعقل، والنفس، والقلب، ومنه قولنا: وقع في خاطري، أي: في فكري وعقلي ونفسي وقلبي، وقيل: بل هو ما يقع في هذه الأشياء، ويردّ عليها عفوا من غير تعمد لإحضارها، ولا يكون له استقرار في النفس، والمراد بجبر الخاطر في شريعتنا الغراء: تطييب الإنسان ونقله إلى حالة طيبة، ورفع حالته المعنوية، وإسعاده، بإجابة طلبه إذا كان له طلب، وبتعزيته ومواساته إذا حلت به مصيبة، وبإزالة انكساره وارضائه واكرامه إذا أصابه ونزل به ما يسقط كرامته، ولهذا فإن جبر الخواطر نوعٌ من أنواع الإحسان إلى الغير.
وأضاف: حثنا القرآن في كثير من سوره وآياته، على سبيل المثال لا الحصر، يقول تعالى:”خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ”، وهناك نماذج كثيرة من جبر الخواطر في القرآن الكريم، ولو تأملنا، لوجدنا تطييب الله لخاطر النبي، فبعد أن نزل الوحي على سيدنا رسول الله في غار حراء؛ انقطع هذا الوحي لفترة من الزمن ليلتقط النبي أنفاسه مما حدث له من رؤية جبريل عليه السلام، وما اعتراه من الهول والفزع لأول لقاء بين بشر وملك، وليحصل للنبي الشوق إلى لقاء جبريل بعد هذه الفترة، حتى أدعت قريش أن ربّ محمد قد ودعه وقلاه (كرهه وبغضه)، فنزلت سورة (والضحى) جبرًا لخاطر النبي وإزالة لانكساره، وردًّا على الكفرة والمشركين، ومبينةً وموضحةً مكانةً النبي عند ربه حيث أقسم سبحانه بوقت الضحى (ارتفاع الشمس واشتداد حرارتها)، وأقسم بالليل إذا ذهب بظلامه، أنه ما ودّع محمدًا وما قلاه (أبغضه)، والله تعالى يقسم بما شاء على ما شاء، فقال:” وَالضُّحَى. وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى. مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى” ثم انظروا إلى التعبير القرآني المنبئ عن مكانة النبي عند ربه، المعلم لنا الأدب مع النبي، فخالف السياق الوارد قبله حيث حذف مفعول قلى (أبغض وكره) المراد به النبي، مع أن (كاف الخطاب) المراد بها النبي ذكرت مع الفعل (ودّع)، قال الله تعالى:{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} ثم تبشر السورة الكريمة النبي بشارة أخروية عظيمة، فيقول تعالى:{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} فقد قرأ النبي قول الله في إبراهيم عليه السلام:{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}، وقرأ قول عيسى عليه السلام:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ:”يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟. فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رسول الله بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ:” يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلَا نَسُوءُكَ”، وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله قال:” أَشْفَعُ لِأُمَّتِي حَتَّى يُنَادِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، أَرَضِيتَ يَا مُحَمَّدُ؟. فَأَقُولُ: نَعَمْ، يَا رَبِّ رَضِيتُ”.
وأوضح أن من العطاء المرضي لجبر خاطر سيدنا رسول الله، ما جاء في سورة الشرح بعد سورة الضحى، قال الله تعالى:” أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ. الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ. وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ. فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” تطييب الحق تبارك وتعالى لخاطر عباده المؤمنين: فقد اشتكى الصحابة لرسول الله ما أصابهم ونزل بهم في غزوة أحد من الجراحات وفقد سبعين من الأحبة، والاعتداء على رسول الله حتى كاد أن يفتك به المشركون، فنزل قول الله: “إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ” ، فكانت هذه الآية تعزية لهم، وجبرًا وتطيبا لخاطرهم ، فالله يقول لهم: إن مستكم الجراح والآلام وفقد الأحبة في غزوة أحد؛ فقد مسّ الكفرة والمشركين مثلها في غزوة بدر، وهكذا تدور الأيام بالناس، فالحياة ليست كلها سراء، وليست كلها ضراء، والحكمة في ذلك: تبين صادق الإيمان من كاذبه، وإكرامُ أقوامٍ بالشهادة، وتمحيص الصف المسلم.
وأنهى د. الشحات قائلا: لله يطيب خاطر امرأة ويجبره: إنها أم موسى عليه السلام فبعد أن ألقى الله في قلبها أن تُرضع موسى وتلقيه في نهر النيل خوفًا على حياته من جنود الفرعون الذين كانوا يقتلون مواليد بني إسرائيل؛ إذا بالله يربط على قلبها، ويطيب خاطرها، فيقول: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}، فقد أمرها الله بأمرين، فقال: (أرضعيه) و(ألقيه)، ونهاها عن أمرين، فقال: (لا تخافي) و(لا تحزني)، وربط على قلبها، وجبر بخاطرها، وأزال حزنها ببشارتين، فقال:{إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ}، لن يقتل، ولن يغيب عنك، {وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}، سيترعرع هذا الرضيع، ويبلغ أشده حتى يكون نبيًا من المرسلين، ثم جبر موسى عليه السلام لخاطر فتاتين من أهل مدين وقام بسقي أغنامهما، راحمًا إياهما من مزاحمة ومخالطة الرجال، بعد أن سار على قدميه ثمانية أيامٍ هربًا من مصر بعد قتله القبطي، وكاد أن يهلك من شدة الجوع والعطش، فيقول الله: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِير. فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}.
تكريم الأيتام
أكد د. عراقي مسلم، مدير إدارة أوقاف البساتين، أن الله جبر خاطر نبيه الكريم بعد ظروف صعبه وهموم عظام وفراق الأحبة، فاليتيم من فقد والده قبل البلوغ، فلا شيء يهز كيان الإنسان ولا سيّما في مرحلة الطفولة كاليتم، فمن فقد أباه يواجه الحياة بدرجة من الصعوبة والمشقة، ولا يقتصر أثر ذلك على النواحي المادية بل يتعداه إلى النواحي النفسية والمعنوية، فيشعر الفرد بحياة مؤلمة فيها الشقاء والبؤس، وهناك سبل يمكن التخفيف من خلالها على اليتيم، وتعويضه عن بعض ما افتقده، فرفع همه الشخص أو تهوين مصيبته والأخذ بيديه حتي يمر بمصيبته، بالنصيحة أو الابتسامة أو الصدقة، ومن يعمل علي جبر الخواطر فهو بالتأكيد شخص شهم ومعدنه أصيل فالإسراء كان من أسبابه جبر الخواطر التي ألمت بسيدنا رسول الله ومشاركته في أحزانه وإجابة دعوته، فقد جبر الله اليتيم ليتمه فذكره في القرآن اثنتي عشرة مرة، فذكره الله تعالى في سورة البقرة أربعة مرات أمر فيها بالإحسان إليه، وفي التي بعدها بالبر إليه، وفي التي بعدها أمر الله بالإنفاق عليه، وفي التي بعدها أمر بإصلاح أمره سواء كان الإصلاح بالمسكن أو المطعم أو المشرب وذكره الله في سورة النساء جبر لخاطر المرأة الكريمة اليتيمة، وفي التي بعدها بالاعتدال في أمرها، وفي التي بعدها بإنكاحها والزواج منها، وفي المرة التي بعدها أمر بإعطائها شيئا عند القسمة إن حضرت، وفي المرة التي بعدها تكلم عن آكل ميراثها ظلما، وفي المرة التي بعدها أمر الله بالإحسان إليها، وفي سوره الأنعام يا صاحب النعم لابد أن تراعي اليتيم وأن تحسن إليه وأن تجبر خاطره كما جبرك الله وأحسن إليك بهذه النعم، وذكره في سوره الأنفال وعلمنا أن بعد ساحة القتال لابد أن يكون شكر هذه النعمة هو الإحسان إلى الأيتام
وأوضح د. عراقي أن الله أمر بالإحسان إلى اليتيم في سورة الإسراء بمناسبة الإسراء التي جبرت بخاطر النبي فهو سبحانه وتعالى في هذه السورة جبر خاطر نبينا اليتيم، وأمر بالإحسان إليه وبناء مسكنه وبالتوسط في أمره في سوره الكهف، وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة، وأمر الله في سورة الحشر أن من جبر الناس بالثواب في الدنيا والآخرة وبإحسان الله، وذكره في سورة الأنسان من بني الإنسانية عموما لا يزل ولا يهان وذكره الله في سورة الفجر للباحث عن أمره متطلعا على حاله لابد أن يراعي اليتيم، وذكره في سورة البلد لأن كل بلد فيها يتيم، ومن نسيه في سورة الفجر ولا فى سورة الضحى فقد ذكره في سورة الضحى مرتين ونبه أن الله تعالى جبر خاطر نبينا” أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ”، ثم قال لنبينا صاحب هذه الرحلة العطرة والذكرى العطرة” فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ” ثم ذكره في سورة الماعون وجعل من أحسن إليه صدق بهذا الدين، ومن أساء إليه فقد كذب بهذا الدين فقال الله تعالى:” أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ”.
عرض د. عراقي لنماذج من جبر الخواطر في السنة النبوية المطهرة، فها هو النبي يجبر خاطر طفلٍ صغير ويعزيه ويواسيه في موت طائره الصغير الذي كان يلعب به، وكذلك بعد غزوة حنين في العام الثامن الهجري جلس النبي يوزع الغنائم، فأعطى المؤلفة قلوبهم قريبي العهد بالإسلام، ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا(حزنوا وتغيرت نفوسهم لذلك) إذ لم يصبهم ما أصاب الناس من الغنيمة، فخطبهم رسول الله، جابرًا لخاطرهم، مذهبًا لحزنهم ووجدهم، ومطيبًا لأنفسهم، فقال:(يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي، وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي)..(لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا- أي: ذكر دورهم في الهجرة وخدمة الدعوة ونصرة رسول الله- أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رِحَالِكُمْ، لَوْلاَ الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا، الأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ، إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ”
واستطرد د. عراقي: جبر النبي خاطر سفانة بنت حاتم الطائي، ففي العام التاسع الهجري قدم سيدنا علي بن أبي طالب بسبايا طيئ على رسول الله، فدخلت سفانة على رسول الله، فقالت: يا محمد إن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب، فإني ابنة سيد قومي، وإن أبي كان يحمي الذمار- ما يتعلق بالأرض والعرض-، ويفك العاني-الأسير-، ويشبع الجائع، ويكسو العاري، ويقري الضيف، ويطعم الطعام ويفشي السلام، ولم يرد طالب حاجة قط، وأنا ابنة حاتم طيئ. فقال رسول الله جابرًا لخاطرها، مطيبًا لنفسها، مجيبًا لطلبها:” يَا جَارِيَة هَذِه صفة الْمُؤمن حَقًا لَو كَانَ أَبوك مُسْلِمًا لترحمنا عَلَيْهِ خلوا عَنْهَا فَإِن أَبَاهَا كَانَ يحب مَكَارِم الْأَخْلَاق وَالله تَعَالَى يحب مَكَارِم الْأَخْلَاق”
وأنهى د. عراقي مؤكدا أن النبي جبر خاطر السائل، فقد جاءت امرأة إلى النبي ببردة- ثوب يشبه العباءة اليوم-، فقالت: يا رسول الله، أكسوك هذه، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها فلبسها، فرآها عليه رجل من الصحابة، فقال:يا رسول الله، ما أحسن هذه، فاكسنيها، فقال:(نَعَمْ). فلما قام النبي لامه أصحابه، قالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي أخذها محتاجا إليها، ثم سألته إياها، وقد عرفت أنه لا يسأل شيئا فيمنعه، فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي، لعلي أكفن فيها”.