كان معروفا عن الشيخ محمد متولي الشعراوي (إمام الدعاة) استعداده لشهر رمضان المعظم استعدادا خاصا، فكان يقول: لا أحب أن يكون استقبالنا لهذا الشهر استقبالا تقليديا. حيث نستقبله بالترحيب والتحية والفرح. فإن كنا نفرح به، فنحن نحب أيضا أن يفرح رمضان بنا، وهو لا يفرح بنا إلا إن عشنا وقته كما أراده الله، عشنا وقته لا لذاته، ولكن لتنبسط فيوضاته على كل حركاتنا في الشهور التي تليه.
وإذا ما أردنا أن نعرف فضل هذا الشهر، فلا أدل على فضله من أن يقول الله فيه “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان” ثم يطلب تكريما لذلك الحدث في ذلك الزمان، أن نستقبله بالصوم، والصوم هو كما نعرف: إمساك عن شهوتي البطن والفرج نهار رمضان، والدقة في العبارة أننا لا نمسك عن الطعام جملة، ولا نمسك عن النساء جملة، ولكننا نمسك نهار رمضان عن الشهوتين، والشهوة شئ فوق الضرورة، والشئ فوق الضرورة يعتبر هوى، ويعتبر شهوة.
فإذا كان الله سبحانه وتعالى استهل سورة من سور القرآن بقوله: “الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علَّمه البيان”، فهو قد امتنّ على خلقه قبل أن يمتنّ عليهم بالخلق من العدم بماذا؟ علّم القرآن، ثم امتن خلق الإنسان، فكأن القِيم مقدمة على أمر المادة، فإنسان في الحياة بلا قيم ولا شرف ولا لغاية سعيدة له، ولكن الإنسان بكل قيمه.
والحق سبحانه وتعالى حين يخلق خلقه، ولله المثل الأعلى، نضرب المثل بالصانع حين يريد صنعة، أنه قبل أن يصنع الصنعة، يضع في نفسه مهمة هذه الصنعة، ومقاييسها، ويضع لها ما يناسبها حتى تؤدي مهمتها على خير ما يرام.
فهنيئا لمن فرح بالشهر الكريم واستقبله بسعادة وسرور. وعمل فيه على إدخال الفرح والسرور على البسطاء والضعفاء والمساكين وأصحاب الحاجات.
رحم الله الشيخ الشعراوى رحمة واسعة.