نهى الإسلام عن كل خُلُق لا يليق بالمؤمن، نهانا عن الغش والخداع والغيبة والنميمة والإساءة للخلق والخيانة وغيرها، وهذه النواقص موجودة في كل مكان وزمان، ولكنها تلوَّنت وغيّرت رداءها، ولكن الجوهر واحد، فلو تحدّثنا عن أكل أموال الناس بالباطل نجد الذهن ينصرف إلى أكل حق المستحقّين من الإرث أوعدم أداء الدين أو الاحتكار، ولكن أليس تغيير بلد المنشأ وطمس تاريخ الصلاحية وعرض البضاعة بطريقة مخادِعة من النواقص أيضاً أليس ما يقترفه أصحاب ما يسمّى بالمهن الراقية والتي تعتمد على تخصّص، هؤلاء يلجأ إليهم الناس ولا يستطيعون مناقشتهم بل تنفيذ المشورة، فمثلا إذا أمر الطبيب بإجراء عملية سيستدين المريض ويجريها ويكتشف في بعض أنه لم يكن بحاجة لها، وكذلك المحامي الذي يدفع بموكله إلى القضايا العديدة، وهو يعلم أنه سيخسرها جميعا! وأيضاً من صور الباطل الشخص المؤتمن والذي يكلّفه آخرون بأداء مصالحهم أو شراء احتياجاتهم أو رعاية أموالهم فيأخذ منها لنفسه أو يسرف في إنفاقها ويفرط (من اقتطع حقَّ امرئٍ مسلمٍ بيمينه فقد أوجب الله له النار) أمّا عن الغيبة والنميمة فلم تعد بحاجة لأُذن تتحدث إليها بسيرة الآخرين ولكن ضغطة زِرٍ واحدة بمثابة التحدّث في كل الآذان “إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ” وكذلك من يعيد النشر دون تحقّق أو تأكّد ألا تنطبق عليه الآية الكريمة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”. تكمن خطورة هذه الذنوب في تعلّقها بحقوق العباد دون أن نشعر، الذنوب ثلاثة: ذنبٌ لا يُغفر وهو الشِرك، وذنبٌ لا يُترك وهو ظلم العباد بعضهم بعضاً، وذنبٌ يُغفر ما كان بينك وبين الله. فعلى كل منّا أن يحذر تلك المستجدّات فالضابط واحد والذنب أعظم.