بقلم الأستاذ الدكتور أحمد محمود كريمة
أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر
كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين القاهرة
مفهومها ومعناها: ما يذكى قربًا إلى الله – عز وجل – فى أيام النحر (يوم عيد الأضحى العاشر من ذى الحجة وتالييه) من الأنعام (الإبل : بلوغ خمس سنين، والبقر والجاموس : بلوغ سنتين فصاعدا ، والضأن : ما بلغ ستة أشهر فصاعدا، والمعز : ما بلغ سنة قمرية فصاعدا ) ، ولا تصح الأضحية من غير ذلك ولو كان مباح الأكل منه كالطيور والأرنب ، لقول الله – عز وجل – : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ) – من الآية 34 من سورة الحج – .
شروطها إجمالاً: سلامتها من العيوب التي تنقص اللحم أو الشحم أو تخل بالهيئة .
شروط المضحى إجمالاً: نية التضحية، وكون النية مقاربة للذبح، وألا يشارك المضحي فيما يحتمل الشركة (الإبل ، البقر ، الجاموس ، ما لا يزيد عن سبعة) ومن لا يريد القربة أصلاً ( كأن ينوى أحدهم النذر أو مجرد اللحم أو لإكرام ضيف أو مناسبة كالعقيقة والزواج أو جزاء التمتع فى الحج أو جزاء ترك واجب أو فعل محظور فى النسك ( الحج والعمرة ).
وقتها: يدخل وقتها من طلوع فجر يوم النحر (العاشر من ذى الحجة) وهو يوم العيد حتى غروب شمس اليوم الثاني عشر من أيام التشريق) لفعل الصحابة – رضى الله عنهم (مجموع الأيام ثلاثة أيام).
متفرقات:
1- ألا يزيل شيئاً من شعر رأسه أو بدنه بحلق أو قص، ولا شيئًا من أظفاره بتقليم أو غيره، من أول ليلة الأول من ذى الحجة إلى الفراغ من ذبح الأضحية، وهذا مسنون، فإن فعل لا يبطل الأضحية ، ويكون مكروهًا فى حق نفسه كراهة تنزيهية، لخبر (إذا رأيتم هلال ذى الحجة وأراد أحدكم أن يضحى فليمسك عن شعره وأظفاره) – أخرجه مسلم 3/1565 .
2 – الأكل منها والادخار بلا حد، أما تثليث المقادير (تصدق ، وإهداء ، والأكل منها) ليس على الوجوب ويترجح مذهب المالكية فى ذلك ( بلا حد )
3 – إذا وجدت بالناس شدة وأزمة اقتصادية فمن الأولى عدم الادخار من لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام ( يوم العيد وتالييه ) لحصول ذلك فى عهده – ﷺ- حيث قال : (من ضحى منكم فلا يصبحّن بعد ثالثة وفى بيته منه شئ … ) – أخرجه البخارى ومسلم – ، فإن زالت الأزمة أو الشدة جاز الادخار ولو بعد ثلاث .
4 – الأفضل فيما يفعل فى لحم الأضحية : الأكل منها وأهله وعياله ، ثم التصدق والإهداء ، ومعلوم أن القربة فى إراقة الدم ، وهذه الأمور تتحقق حال فعلها داخل البلد ، أما فعلها خارج البلد فمانع من تحقق ذلك ! .
تنبيهات :
أ ) بدعة نيابة فى ذبح الأضحية خارج مصر بدعوى رخص ثمنها ، هذه مفسدة لأنها تؤدي إلى خلو البلاد من إقامة شعائر الله – عز وجل – ، ولتفويت ذلك الأكل منها والتصدق والإهداء ، قال الله – عز وجل – : (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ) – الآية 28 من سورة الحج – ، (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) – الآية 36 من سورة الحج، ولو فرضنا وجود مصالح (رخص الأثمان أو الأسعار) فيقابلها مفاسد من تعطل إقامة شعائر الإسلام فى الوطن.
ب ) تجوز النيابة فى ذبح الأضحية إذا كان النائب مسلمًا ومأمونًا ، والأفضل أن يذبح بنفسه إلا لضرورة.
ج ) لا يقوم غير الأضحية من الصدقات مقامها ؛ لأن ما تقرر قربة وشعيرة لا يقوم غيره مقامه .
ومن المقرر شرعًا : أن الأضحية أفضل من الصدقة ؛ لأنها من شعائر الإسلام ، وفيها شكر عملى لله عز وجل على نعمة الحياة ، وتجديد حدث الفداء العظيم (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) – الآية 107 من سورة الصافات – ، روت أم المؤمنين سيدتنا عائشة – رضى الله عنها – أن سيدنا النبي – ﷺ- قال : ( ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله – تعالى – من إراقة دم ، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها ، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض ، فطيبوا بها نفسًا ) – أخرجه ابن ماجه وفيه مقال – ، وقد ضحى رسول الله – ﷺ- والخلفاء الراشدون – رضى الله عنهم – من بعده ، ولو علموا أن الصدقة أفضل من الأضحية لعدلوا إليها .
د ) إعانة ومواساة مستضعفين مسلمين فى الأرض كأهل فلسطين لا يكون بتعطيل الأضحية أو جعل ثمنها لهم ، بل من مصارف أخرى مثل : زكوات مالية بأنواعها مفروضة ( وفى سبيل الله ) – من الآية 60 من سورة التوبة، وصدقات مالية وعينية تطوعية ، وليس بتعطيل ذبح الأضاحي .
هـ ) تجوز التضحية عن الميت خاصة إذا أوصى ، أو وقف وقفًا ماليًا بذلك أو كانت واجبة بالنذر من ماله وهو الأولى ، أو مال وارثه حسب رضاه ووسعه ، وكذلك لو كانوا مشتركين فى أضحية ومات أحد الشركاء قبل فعلها فيجوز فعلها عنه لأن الموت لا يمنع من التقرب إلى الله – عز وجل – عن الميت كما فى الصدقة والحج .
وقد صح أن سيدنا رسول الله – ﷺ- ضحى بكبشين أحدهما عن نفسه ، والآخر عمن لم يضحى من أمته – أخرجه أبو يعلي والبيهقي بإسناد حسن.
وهناك أحكام أخرى مثل: ما يستحب وما يكره عند إرادة التضحية تطلب من محالها، ومن العلماء التخصصيين فى الفقه الإسلامي .
والله – عز وجل – ولى التوفيق