د.المحرصاوى: الاعتراف الدولى بـ”العربية” لا قيمة له عندنا!
كتبت- مروة غانم:
نظمت كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة نهاية الاسبوع الماضى، ندوة علمية بمناسبة الاحتفال باليوم للغة العربية، تحت عنوان “قراءة النص اللغوى بين التجديد والتبديد”، وأكد المشاركون فى الندوة أن اعتماد الأمم المتحدة للغة العربية كلغة سادسة على مستوى العالم يعتبر اعترافا واعتمادا لا قيمة له بعد تقدير الله لهذه اللغة السامية منذ أكثر من 1400عام، وهذا أكبر تقدير للغة العربية، فضلا عن تشريفه لها بأن جعلها لغة كتابه العزيز ولغة نبيّه الكريم، مشيرين الى أن اللغة العربية هى مفتاح التفقّه فى الدين، مطالبين بالاعتزاز باللغة والحفاظ عليها.
أشار د. محمد حسين المحرصاوى- رئيس أكاديمية الأزهر للتدريب والرئيس السابق لجامعة الأزهر- إلى أن الله جعل العربية لغة عالمية قبل اعتراف الأمم المتحدة بها حيث قال تعالى: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، فرسولنا رسول عربى، ولغته عربية، وقد أرسله الله رحمة للعالمين بلغته العربية .
أضاف: لقد تكفل الله بحفظ اللغة فقال: “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” واتفق العلماء على أن الذكر هنا يعنى القرآن, فالقرآن لا يكون قرآنا إلا إذا قرىء باللغة العربية أما الترجمات التى توجد فى مشارق الأرض ومغاربها فهى ليست ترجمة للقرآن إنما هى ترجمة لمعانيه, ولا تصح الصلاة ولا العبادة بقراءة هذه التراجم .
لغة أهل الجنة
واستطرد د. المحرصاوى: لقد شرف الله اللغة العربية بأن جعلها لغة كتابه ولغة رسوله الكريم وجعلها لغة أهل الجنة كما ورد فى بعض الأثار وامتدحها بقوله :”وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المؤمنين بلسان عربى مبين” فقد مدح اللسان العربى بأنه لسان عربى مبين .
وطالب أبناءَ العربية بمراعاة لغتهم والحفاظ عليها لأن الحفاظ عليها يعتبر محافظة على الدين, فالاسلام غاية واللغة وسيلة فاذا انعدمت الوسيلة استحال الوصول الى الغاية .
مفتاح الدين
أما الدكتور أحمد عيد- وكيل كلية اللغة العربية- فقال: العربية هى أفصح اللغات وأوضحها بيانا وأعلاها مقاما وأشرفها نبيا ورسالة وأمة، وما كان للعربى قبل نزول القرآن شأن يذكر وما كادوا يطمحون أن يتعدى سلطان لغتهم حدود الجزيرة العربية حتى بُعث النبى فنزل الروح الأمين بالتنزيل العزيز على قلب الصادق الأمين بلسان قومه ففتح بمبادئه السمحة وتعاليمه الراقية أعينا عميا وآذانا صُمًّا وقلوبا غُلْفًا وبلادا شتى ,فأقبل الناس أفواجا على تعلم اللغة العربية لأنها مفتاح التفقه فى الدين لكى يحققوا الغاية التى خُلقوا من أجلها وهى عبادة الله الواحد الأحد .
أضاف: لقد كان صحابة رسول الله أحرص الناس على اللغة العربية فقد ورد عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أنه كتب الى أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه، يطلب منه التفقه فى السنة والعقيدة, ومطلب عمر لأبى موسى يجمع كل ما يحتاج اليه المسلم فى حياته ليكون على المنهج القويم لأن الدين فيه أقوال وأفعال, والطريق الى فهم أقواله هو فقه اللغة العربية والطريق الى معرفة أفعاله وفهمها هو فقه السنة النبوية .
وأشار الى أن قراءة القرآن لا تجوز فى الصلاة أو غيرها إلا باللغة العربية, فمن فضل القرآن على العربية أنه نقلها من لغة محلية يعبّر بها جنس واحد عن أغراضه إلى لغة عالمية تسع الناس أجمعين وتجمع بين أبنائها وتوحّد الأمة.
وشدّد على أن الملتزمين باللغة العربية فى حياتهم تحدثا وكتابة، يتميزون عن غيرهم بكثير من الصفات منها: قوة العقل مع المروءة، والمروءة تحمل الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق، لذا كتب عمر لأبى موسى يقول له: “خذ الناس بالعربية فانها تزيد فى العقل وتثبت المروءة”، وكان بعض السلف يقول: عليكم بالعربية فانها مروءة ظاهرة, وكذلك رقة الطبع مع لين المعاملة، فقد نبّه الى هذا الأمر الامام الشافعى رحمه الله حيث قال: من تعلم القرآن جل فى عيون الناس، ومن تعلم الحديث قويت حجته، ومن تعلم النحو هِيْبَ، ومن تعلم العربية رقّ طبعه، ومن تعلم الحساب جزل رأيه، ومن تعلم الفقه نبل قدره، ومن لم يصن نفسه لم يصنه علمه، وخلاف ذلك كله التقوى. أما الصفة الثالثة التى يتميز بها الملتزمون باللغة العربية فهى سرعة الفهم مع جودة الاستنباط ،وقد قال الإمام الشافعى عن هذه الصفة بأن أصحاب العربية هم جن الإنس، يبصرون ما لا يبصر غيرهم.
والصفة الرابعة لأصحاب العربية هى فهم أقوال الشرع لأن الله أنزل القرآن بالعربية حيث قال جل شأنه: “إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون” والنبى كان أفصح العرب فلا يفهم عنه إلا من عرف قواعد لسانه وأساليب بيانه.
أما الصفة الخامسة فهى البعد عن الغلو والتطرف الدينى، فالعربية تحمى أبناءها من التطرف الدينى الذى نعانى خطره داخل البلاد وخارجها .
وشدّد وكيل اللغة العربية، على أن المسلم الذى يستوعب لغته جيدا ويعرف قواعدها وأساليبها يسلم من سوء الفهم ويجتنب الوقوع فى الوهن .
وطالب الوافدين وكل من يتكلم العربية الإعتزاز بلغتهم، مشيرا الى أن أزمتنا الحالية هى أزمة أمة وهنت، وألسنة ضعفت، وليست أزمة لغة ولا أزمة كلمات، فما ضعفت العربية يوما وما عجزت عن الوفاء بحاجة أهلها ولكن الضعف فى الكسالى من أبنائها، فالعربية لغة عزيزة لكتاب عزيز لا تسلم مقاليد خزائنها إلا للنبهاء من أبنائها وهم قلة.