يحتفل د. شحاته غريب- نائب رئيس جامعة أسيوط سابقا- بتوقيع كتابَيْه “ثوابت مصرية” و”دَقَّات على أبواب الوطن” بعد ظهر بعد غد الاثنين ٢٧ يناير بقاعة حفلات التوقيع بلازا واحد، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
ينقسم الكتاب الأول “ثوابت مصرية” إلى ستة فصول تدور حول ما تعرّضت له مصر من ظروف عصيبة، وصعبة للغاية، خلال السنوات الماضية، وتحديدا بداية من أحداث يناير ٢٠١١م، ولم يشهد التاريخ المصري أصعب وأحلك الفترات أكثر من هذه السنوات،
فقد تعرّضت مصر لأزمات عديدة تتمثّل في انتشار الفوضى، وعدم الاستقرار، والانفلات الأمني، وقد استغلّت بعض القُوى هذه الأزمات لتحقيق أجندتها، سواء كانت على المستوى الداخلي، أو الخارجي، وخاصة أن هذه القوى تعلم جيدا مدى ثِقل مصر إقليميا ودوليا إذا نعمت بحالة من الاستقرار، والسلام الداخلي، وهو ما لا يتمنّى حدوثه أصحاب الأجندات الخفية والمشبوهة، لتحقيق مآربهم وأهدافهم الخبيثة!
ويمكن القول أن استغلال الجانب الإثيوبي لما مرّت به مصر من تحديات، لبناء ما يسمّى بسدِّ النهضة، واستغلال إسرائيل الظروف لعرقلة مسيرة الطريق نحو الحلّ العادل للقضية الفلسطينية، يعدّ من أخطر التهديدات الخارجية التي تعرّضت لها مصر، وتشكّل تهديدا للأمن القومي، كما أن استغلال جماعة الإخوان المتأسلمة للظروف، لنشر الفوضى، ودعم وتنفيذ العمليات الإرهابية، يُعتبر أكثر الأحداث خطورة على وحدة الوطن وسلامة أراضيه.
وجدير بالذكر أن الأمور المتعلّقة بالأمن القومي المصري والعربي قد زادت تعقيدا بعد قيام ثورة الثلاثين من يونيو ٢٠١٣م، للتخلص من الفاشية الدينية، حيث لم تقبل الحركات الإرهابية والمتطرفة هذه الثورة، وأخذت تهدّد الشعب المصري، من خلال ارتكاب العمليات الإرهابية في أنحاء متفرّقة من الوطن، لترويعه، وترهيبه.
يقول د. شحاته: ولكن رغم كل هذه التحديات والظروف القاسية التي عاشتها الدولة المصرية، قد استطاعت قيادتها السياسية مواجهة كلّ ذلك، من خلال إطلاق الأجندة الوطنية التي تتعلق برؤية مصر ٢٠٣٠م، في فبراير ٢٠١٦م، لتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير الحياة الكريمة للمصريين.
ونظرا لأن القيادة السياسية تؤمن بحق المصريين في المشاركة في رسم ملامح وطنهم، تم إطلاق الحوار الوطني، ليكون منصّة كبيرة لإبداء الرأي في كل الملفّات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرهم، وصولا إلى مخرجات واقعية يمكن تنفيذها، تتماشى مع الرؤية المصرية، وتطلّعات الشعب المصري نحو تحقيق التنمية الشاملة في كل المجالات.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كانت سياسة مصر الداخلية قد تبنّت قضية الحوار بين كل الأطراف المجتمعية، والسماح لكافّة القوى الداخلية بالمشاركة في تحديد ملامح هذه السياسة، فإن سياسة مصر الخارجية تتّصف بالتوازن والاعتدال، وتحرص دائما مصر وقيادتها السياسية على مراعاة ثوابت الدولة المصرية في علاقاتها العربية والإقليمية والدولية، ويشهد الواقع المعاصر أن مصر لم تتدخّل قط في الشئون الداخلية لأي دولة، وتحرص على مساندة كافة الدول لتحقيق التنمية الشاملة، طالما أن ذلك لا يمسّ الأمن القومي المصري.
وقد جاءت فصول الكتاب على النحو التالي: الأول: السد الإثيوبي. الثاني: التحديات ورؤية مصر 2030. الثالث: الدور المصري فى القضية الفلسطينية. الرابع: الانتخابات الرئاسية والجمهورية الجديدة. الخامس: الحوار الوطني.. رؤية زعيم. السادس: ثوابت السياسة المصرية والعلاقات العربية الدولية.
“دَقَّات على أبواب الوطن”
أما الكتاب الثاني “دَقَّات على أبواب الوطن”، فتدور فصوله حول ما مرّ به الوطن العربي من أزمات عديدة وقاسية خلال السنوات الماضية، وإذا كانت هذه الأزمات يرجع وجودها تاريخيا إلى سنوات كثيرة ماضية ولأسباب خارجية أكثر منها داخلية، إلا أن الأزمات التي دقَّت أبواب الوطن بعد ما يسمّى بـ”الربيع العربي” ترجع إلى أسباب داخلية في المقام الأول، نتيجة تواطؤ بعض الحركات والجماعات ضد مصالح الوطن، وعملهم الدائم مع بعض القوى الخارجية، لتنفيذ أجندات هذه القوى، التي تسعى إلى تقسيم الوطن، وتفتيت جيوشه، ودعم إنشاء الميليشيات المسلّحة، لاندلاع الحروب الداخلية بين أبناء الوطن الواحد!
ولا ريب أن ما يحدث في فلسطين والعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان ولبنان والصومال، يؤكّد بجلاء أن أبواب الوطن تكاد تكون مفتوحة بسبب الخيانات الداخلية أمام قوى الشرّ الخارجية، مثل داعش والقاعدة، والتكفيريين، وغيرهم من الحركات الإرهابية المتشدّدة، والحركات التي لا تعمل لحساب الوطن، ومصلحته، واستقراره، ولكنها تعمل لحساب دول أخرى، مثل العديد من الحركات والأحزاب، التي تعمل تحت الولاية الإيرانية!
يقو د. شحاته: وإذا كانت الأزمات التي تدقّ باب الوطن عديدة كما ذكرت، إلا أن ما يحدث في فلسطين يندى له الجبين، بسبب ما يرتكبه الكيان الصهيوني من جرائم وحشيّة ضد الفلسطينيين، ومهما تحدّث الأمريكان وغيرهم عن حقوق الشعب الفلسطيني، فإن الصراع يعدّ وبحق صراع وجود، ولن تقبل إسرائيل إطلاقا بقيام الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، وكي يحدث ذلك، فإن الأمر يحتاج إلى تضامن عربي قوي، واضح، وصادق، ولعلّ ما حدث مؤخّرا في القمة العربية الإسلامية في المملكة العربية السعودية في ١١ نوفمبر ٢٠٢٤م، يؤكد أن هناك نيّة صادقة من الزعماء العرب، لأخذ مواقف حاسمة ضد الكيان الصهيوني، ويُعتبر التوجّه نحو الأمم المتحدة لطلب تجميد عضوية إسرائيل من أهم القرارات التي اتّخذتها هذه القمّة، وخاصة أن هذا التوجّه يمثّل ضغطا كبيرا ليس فقط على إسرائيل، ولكن أيضا على الداعمين لها، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا!
وجدير بالذكر أن الحرب في غزّة قد اتّسعت دائرتها، ولم يقتصر الأمر عليها فقط، بل امتدت الحرب لتطول مناطق أخرى، مثل لبنان، ومنطقة البحر الأحمر، واشتعال كل منطقة القرن الأفريقي، في ظلّ تصرّفات الرئيس الإثيوبي “آبي أحمد” غير المسئولة، ومحاولاته المستمرة للتدخّل في الشأن العربي، وخاصة ما يتعلّق بتهديد وحدة الصومال، ودعم الصراع المسلّح في السودان، وهو ما حذّر منه تكرارا ومرارا الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث طالب بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزّة، وعدم اشتعال الأحداث في الساحة اللبنانية، لأن كل ذلك سيؤدي حتما إلى توتّرات إقليمية، قد تأخذ المنطقة إلى مصير مجهول!
ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، وما يحدث بصفة خاصة في الوطن العربي، فإذا كانت الدَقَّات على أبواب الوطن عديدة، فإن الإدارة الأمريكية ليست ببعيدة عن حدوث هذه الدَقَّات القاسية والعصيبة، ومهما تغيّرت الإدارات الأمريكية، فإن ثوابت هذه الإدارات فيما يخصّ الصراع العربي الإسرائيلي لا تتغيّر، وكلّها تؤمن بأن إسرائيل تعدّ أحد الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن الأيادي الأمريكية لم تبعد عن اشتعال الأحداث في منطقة القرن الأفريقي، والأحداث العالمية، كالحرب الروسية الأوكرانية، وتداعياتها السيّئة على الوطن.
وقد جاءت فصول الكتاب على النحو التالي: الأول: الميليشيات والحركات المسلّحة والأمن القومي العربي. الثاني: القضية الفلسطينية.. صراع وجود. الثالث: أزمة القرن الأفريقي. الرابع: الدور الأمريكي والاستقرار العالمي.