بقلم أ. د. أحمد محمود كريمة
أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة
كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين القاهرة
مع إطلالة وإشراقة أيام ليالى عشر ذى الحجة ، يحسن بنا نحن المسلمين التعرف على الأحكام الفقهية ذات الصلة : –
معناها : عشر ذى الحجة : اسم للعدد الذى يبتدء من أول الشهر إلى العاشر منه .
مضاعفة العمل فيها : اتفق الفقهاء على أن أيام عشر ذى الحجة ولياليها أيام شريفة ومفضلة ، يضاعف العمل فيها ، ويستحب الاجتهاد فى العبادة فيها ، وزيادة عمل الخير والبر بشتى أنواعه ، وهى أفضل أيام السنة، حيث أقسم الله بها – عز وجل { وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ }، وما عليه جمهور المفسرين أن المقصود من الآية هى عشر ذى الحجة ، ولورود أخبار صحيحة منها قوله – ﷺ-: ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعنى أيام عشر ذى الحجة ، قالوا يا رسول الله ولا الجهاد فى سبيل الله ، قال : ولا الجهاد فى سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ ) ( ) ، وقوله – ﷺ- ( ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذى الحجة ، يعدل صيام كل يوم منها بصيام السنة ….. ).
استحباب الصوم فيها : ذهب الفقهاء إلى أن الصوم يستحب فى العشر الأول من ذى الحجة عدا العاشر منه ( يوم عيد الأضحى أو النحر ) واتفق الفقهاء على استحباب صوم يوم عرفة إلا للحاج، والأصل فيه حديث : ( سئل رسول الله – ﷺ- عن صوم يوم عرفة ، قال : يكفر السنة الماضية والمستقبلة)، ومعنى تكفير ذنوب السنتين الماضية والمستقبلة أي يغفر ذنوب سنتين ، وقيل : يغفر له ذنوب الماضية ، ويحفظه عن الذنوب فى المستقبلة .
ويرى جمهور الفقهاء أن ما يغفر صغائر الذنوب دون الكبائر لخبر : (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفّرات ما بينهن من الذنوب إذا اجتنبت الكبائر)، ويرى البعض أنه لا حرج على فضل الله – تعالي – فهو لفظ عام يشمل الذنوب صغيرها وكبيرها .
وذكر أهل العلم أن عشر ذى الحجة ليس كعشر بل يحتوى على فضائل عشر :
الأولى : أن الله – عز وجل – أقسم به فقال { وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ } .
الثانية : أنه تعالي – سماه الأيام المعلومات {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ } قال ابن عباس – رضى الله عنهما – : هى أيام العشر .
الثالثة : شهادة رسول الله – ﷺ- بأنه أفضل الأيام .
الرابعة : أنه – ﷺ- حث على أفعال الخير فيه .
الخامسة : أن الشارع حض على كثرة الأدعية والذكر فيه .
السادسة : أن فيه يوم التروية ( الثامن منه ) .
السابعة : أن فيه يوم عرفة .
الثامنة : أن فيه ليلة جمع وهى المزدلفة .
التاسعة : أن فيه الحج الذى هو ركن من أكان الإسلام .
العاشرة : أن فيه الأضحية علم الملة الإبراهيمية والشريعة المحمدية.
وذكروا أن السلف الصالح – رضى الله عنهم – كانوا يعظمون ثلاث عشرات :
العشر الأول من ذى الحجة ، والعشر الأخير من رمضان ، والعشر الأول من المحرم .
وإذا كان من توصية بحق ، فالواجب اغتنام هذه الأيام بالقربات وأهمها الذكر الشرعى ، قال رسول الله – ﷺ- : ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) ( ) ، والتوسعة على الفقراء بالإطعام والإكساء والإعانة لهم والتوسعة عليهم وإيثارهم فى شدة الغلاء بما يمكن من لحوم الأضاحى ، فذلكم سبل تجاوز عقبات يوم الحساب{ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ }.
فأروا الله – عز وجل – من أنفسكم خيراً .
مسألة : حكم صيام الثمانية من ذى الحجة : أى من أول ذى الحجة إلى يوم 8 منه : اتفق الفقهاء على استحباب صوم الأيام الثمانية التي من أول ذى الحجة قبل يوم عرفة ، لخبر ابن عباس – رضى الله عنهما – عن النبي – ﷺ- : ( ما من أيام العمل الصالح ….. ) – سبق ذكره وعزوه – .
وذهب المالكية والشافعية : أنه يسن صوم هذه الأيام الثمانية للحاج أيضًا ، واستثنى المالكية صوم يوم الثامن ( يوم التروية ) للحاج ، وقالوا : صوم يوم التروية يكفّر سنة ماضية .
وذهب الحنابلة : وأكده : الثامن .