د. ابراهيم محمد : تخفيف التوتر على الطلاب خلال فترة الامتحانات .. أمر ضروري
د. عبد العزيز آدم : في صباح يوم الامتحان يكون المشهد كله بيد الأسرة
تحقيق- سمر هشام
أكد خبراء على دور الأسرة في تهيئة الظروف المناسبة للطلاب في أيام الإمتحانات .. مؤكدين أن الأسر تمتلك العامل الأدوات النفسية والجسدية التي تساعد الطلاب على التفوق والنجاح والخروج من حالة القلق والتوتر والتي يعيشها الطلاب خلال موسم الامتحانات .
وأكدوا أن النجاح في الامتحانات لا يعتمد فقط على الحفظ والدراسة المكثفة، بل يتطلب استعدادًا شاملًا يبدأ من التخطيط الأكاديمي، ويمر عبر التهيئة النفسية والجسدية ويصل إلى الدعم الأسري المتوازن.
بداية يؤكد الدكتور ابراهيم محمد على أستاذ التربية بجامعة الأزهر أن الامتحانات تعد محطات حاسمة في المسيرة التعليمية، حيث يتوقف نجاح الطلاب فيها بشكل كبير على درجة الاستعداد لها، ولا يقتصر الاستعداد للامتحانات على مجرد فتح الكتب في اللحظات الأخيرة، بل هو عملية منهجية تبدأ بوضع خطة واضحة ومنظمة تتضمن تحديد المواد وتخصيص أوقات محددة للمراجعة لكل منها، مع مراعاة البدء مبكرًا لتجنب التراكم والضغط النفسي، مع التأكيد على أن الأهم من مجرد الحفظ هو الفهم العميق للمفاهيم، لذا ينصح باستخدام الملخصات والخرائط الذهنية وحل الامتحانات السابقة لتثبيت المعلومات وتحديد نقاط الضعف.
ويشير د. ابراهيم إلى أن الاستعداد النفسي والجسدي يؤدي دورًا محوريًا، من خلال الحصول على قسط كافٍ من النوم، فالنوم الجيد يعزز الذاكرة والتركيز بشكل كبير، ويساعد الدماغ على معالجة المعلومات، بالإضافة إلى ذلك، يجب الاهتمام بـالتغذية السليمة وتناول وجبات متوازنة وغنية بالعناصر الغذائية، وتجنب الوجبات السريعة والمشروبات الغازية، إضافة إلى أهمية ممارسة الأنشطة البدنية الخفيفة التي تساعد على تخفيف التوتر وتعزيز التركيز في يوم الامتحان نفسه فالمشي أو ممارسة الرياضة يمكن أن يقلل التوتر ويحسن المزاج بشكل ملحوظ ، وبالتالي يجب الحفاظ على الهدوء والثقة والوصول مبكرًا، وقراءة الأسئلة بعناية قبل البدء بالإجابة، مما يضمن أداءً فعالًا ومثمرًا.
ويرى أستاذ التربية بجامعة الأزهر أن تخفيف التوتر على الطلاب خلال فترة الامتحانات أمر ضروري لتحقيق أداء جيد والحفاظ على الصحة النفسية، حيث يمكن تحقيق ذلك من خلال تهيئة بيئة هادئة ومشجعة في المنزل والمدرسة، وتقديم الدعم النفسي والمعنوي للطلاب.. مؤكداً أن الأسرة تقوم بدور محوري لا يقل أهمية عن دور الطالب نفسه في اجتياز فترة الامتحانات بنجاح ودون ضغوط نفسية مفرطة، فتهيئة بيئة منزلية هادئة وداعمة هي المفتاح لتمكين الأبناء من التركيز والاستيعاب، وينبغي على الوالدين تجنب زيادة الضغط على الأبناء بفرض توقعات غير واقعية أو المقارنات السلبية، وبدلاً من ذلك، التركيز على تشجيعهم وتقدير جهودهم بغض النظر عن النتائج النهائية، ومن الضروري أيضًا توفير مكان دراسة منظم ومريح بعيدًا عن المشتتات .
ويطالب الأسرة بضرورة المساعدة في تنظيم وقت الأبناء ومراجعة بعض المواد معهم إن أمكن، والأهم من ذلك كله منحهم الدعم العاطفي اللازم والاستماع إلى مخاوفهم، وطمأنة الطالب بأن الامتحان ليس نهاية المطاف، وأن الاجتهاد أهم من النتيجة نفسها؛ ليعلموا أن الأسرة هي ملاذهم الآمن في هذه الفترة العصيبة.
ويؤكد د. ابراهيم أن يوم الامتحان هو تتويج لجهود الطالب طوال العام، لذا يجب أن يتحلى بالهدوء والثقة في صباح يوم الامتحان.. مطالبا الطالب بالاستيقاظ مبكرًا لتجنب أي تسرع، وتناول وجبة فطور صحية ومغذية لتزويد الجسم بالطاقة اللازمة، والتأكد من تجهيز جميع الأدوات المطلوبة للامتحان قبل الخروج، والوصول إلى مكان الامتحان مبكرًا، فهذا يمنح الطالب فرصة للتأقلم مع الأجواء وتجنب التوتر اللحظي، وفي أثناء الامتحان عليه أن يقرأ جميع التعليمات والأسئلة بعناية فائقة قبل البدء بالإجابة، ثم يقوم بتخصيص وقت تقريبي لكل سؤال، على أن يبدأ بالأسئلة التي تعرف إجاباتها جيدًا لتعزيز ثقة الطالب بنفسه ، وقبل تسليم ورقة الإجابة عليه مراجعة ورقة الإجابة والتأكد من عدم وجود أخطاء أو نقاط منسية.
أفكار مشوهة
ومن جانبه يقول الدكتور عبدالعزيز آدم عضو الاتحاد العالمي للصحة النفسية : مع تسلل مشاعر القلق إلى نفوس الطلاب خلال أيام الامتحانات ، بسبب ما غرسه المحيطون بهم من أفكار مشوهة عن النجاح والفشل ، لاينبغي أن تُخاض الامتحانات كمعركة، بل ينبغي أن تُفهم كفرصة للنمو والتقييم والتطور ، لكن هذا المفهوم لن يستقر في وجدان الطالب إلا إذا شعر به في بيئته الأولى( البيت ) ، وهنا يأتي الدور الجوهري للأسرة في بناء بيئة نفسية آمنة، يجد فيها الطالب احتواءً حقيقيًا ودعمًا غير مشروط.
ويوصى بضرورة التهيئة النفسية ، التي تعد حجر الأساس في كل استعداد ناجح ، فالطفل أو المراهق لا يمكنه أن يركز أو يبدع وهو خائف، وعندما يشعر الطالب أن محبة والديه وتقديرهم لا يتوقفان على نتيجة الامتحان، بل على جهده وإصراره، فإن هذا يخفف عنه كثيرًا من العبء الداخلي .
ويطالب د. عبد العزيز بضرورة توفير الجو المناسب في البيت خلال الامتحانات، فيجب أن يكون هادئًا، داعمًا، بعيدًا عن التوتر والنقد المستمر ،الأصوات الخافتة، الأحاديث المشجعة، وتجنب النقاشات الحادة أمام الأبناء كلها أمور تساعد على تهدئة النفس .. ومن المهم أيضًا أن يتوفر للطالب مكان مخصص ومنظم للمذاكرة يشعر فيه بالاستقرار والتركيز، وأن يُمنح وقتًا كافيًا للراحة والنوم والطعام الصحي فالعقل المرهق لا يستطيع الاستيعاب، والنفس المتعبة لا يمكنها أن تبدع.
ويؤكد عضو الاتحاد العالمي للصحة النفسية على أهمية شحن الطاقة الذهنية لدى الطلاب وكسر الروتين الممل، من خلال لحظات الاستراحة البسيطة، أونزهة قصيرة ، فهذه اللحظات تعلم الأبناء كيف يعتنون بأنفسهم تحت الضغط، وكيف يهدؤون حين تتعقد الظروف، وكيف ينظمون وقتهم دون أن يفقدوا توازنهم النفسي.
ويقول د. عبد العزيز آدم : في صباح يوم الامتحان يكون المشهد كله بيد الأسرة، حيث تبدأ التفاصيل من تعبير الوجه الأول، من نبرة الصوت، من الكلمة التي تُقال قبل الخروج من المنزل.. فهناك فرق ك بين أن تقول الأم أو الأب: “شد حيلك، وإياك أن تخيب ظني”، وبين أن يقول: “اذهب بثقة، وافعل ما تستطيع، نحن فخورون بك على كل حال” ، فالأولى تُزرع فيها بذور القلق، أما الثانية فتمنح لديه طمأنينة داخلية تعادل ساعات من المراجعة.
ويشير د. عبد العزيز إلى أن الامتحانات لا تقيس فقط ما عرفه الطالب من معلومات، بل تختبر أيضًا قدرته على ضبط نفسه على التعامل مع الضغط، وعلى استدعاء ما تعلمه في وقت قصي ، وهنا يظهر دور الأهل الحقيقي؛ ليس فقط في مساعدته على الحل، بل في غرس الثقة في نفسه، والإيمان بأن التجربة لا تقل أهمية عن نتيجتها.