الحكمة من نسبة الصيام إلى الله دون بقية العبادت، نعلم جميعاً أن العبادات كلها لله؛ فنحن نصلى لله ونزكّي لله ونحج لله ونصوم لله؛ ومع ذلك أضاف الله الصوم ونَسَبَه لنفسه دون بقية العبادات فقد نسبها للعبد، فعن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: “قَالَ اللَّهُ: ” كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ” ( البخاري ومسلم).
فالصوم لا يدخله شرك بخلاف سائر الأعمال كالصلاة والصدقة والطواف والذبح والنذر وغير ذلك من أنواع العبادة، فإن المشركين يقدمونها لمعبوداتهم، وكذلك الدعاء والخوف والرجاء فإن كثيرًا من المشركين يتقربون إلى الأصنام ومعبوداتهم بهذه الأشياء بخلاف الصوم، فما ذُكر أن المشركين كانوا يصومون لأوثانهم ولمعبوداتهم، فالصوم إنما هو خاص لله عزَّ وجلَّ.
والمعنى على هذا الوجه: كل أعمال العباد عَبَدَ وتَقَرَّبَ بها العباد لغير الله إلا الصيام فإنه لي لم يعبد به غيري فأنا أجزي به، والله أعلم.