الدعوة النسائية لا يشعر بها أحد.. فالداعيات 200 فقط.. والإعلام يتجاهلها!
محو الأمية الدينية للمرأة.. على رأس أولوياتنا
حوار: مروة غانم
تعد أول امرأة تدخل مجمع البحوث الاسلامية منذ إنشائه عام 1961 وحتى يومنا هذا، فقد ظل سنوات طوال يقتصر على الرجال فقط من كبارعلماء الازهر الشريف من مصر وخارجها، ولطالما تعالت الأصوات من داخل الأزهر وخارجه، مطالبة بضرورة إيجاد مكان للمرأة داخل المجمع الى أن جاءت د. إلهام شاهين- مدرس العقيدة والفلسفة بلية الدراسات الإسلامية بنات، بالتقدم لفضيلة الإمام ببحث ورؤية حول تدريب وتنمية مستوى الواعظات وخريجات الأزهر، ولم تكن تعلم أنه سيقع عليها الاختيار يوما لشغل منصب مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الاسلامية، كما أنها تقدمت بهذا العمل انطلاقا من إحساسها بالمسئولية تجاه العمل الدعوى لكنها فوجئت بقرار تعيينها بالمجمع.
“عقيدتى” التقت بها داخل مكتبها بمجمع البحوث الاسلامية، فى أول يوم عمل لها، للتعرف أكثر على خطتها فى تطوير الدعوة النسائية وطرق تدريب الواعظات وتنمية قدراتهن، فكان معها هذا الحوار.
*أنتِ أول امرأة لا تدخل فقط مجمع البحوث الاسلامية إنما تتقلَّد منصبا قياديا به، فماذا يعنى ذلك؟
** هذا يعنى مزيدا من الدعم من قِبل فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب- شيخ الأزهر- للمرأة والعمل على تمكينها فى المناصب القيادية، كما أنه يعكس مدى ثقة شيخ الازهر فى المرأة وقدرتها على العمل والإبداع والتغيير وتقديم الجديد فى كل المجالات بالازهر الشريف.
لذا أدعو الله أن أكون أهلا لهذه الثقة وأن أستطيع تقديم عمل ينفع الاسلام والمسلمين.
مفاجأة
*هل كانت لديك أى معرفة مسبقة بقرار إلحاقك بالمجمع؟
** لم يكن لدى أى علم مسبق إنما كانت مفاجأة بالنسبة لى لم أتوقعها أبدا، فهو قرار من شيخ الازهر بناء على تقدّمى له برؤية لتدريب الواعظات والداعيات وتأهيل خريجات الازهر الشريف للعمل فى المجال الدعوى، فما كان من فضيلته إلا أن قام بوضعى فى هذا المنصب لأحقق المشروع الذى تقدّمت به إليه، وقد وعدنى بتقديم كل الدعم الذى أحتاجه، فلم أكن أتوقع أبدا أن السبيل والطريق لتحقيق هذا المشروع هو تقلّد هذا المنصب.
تجربة الداعيات
*ما هو تقييمك لتجربة الواعظات بالمساجد؟
** أرى أن تجربة الواعظات بالمساجد ناجحة لكنها لا تلقَى الدعم الكامل من المجتمع ومؤسساته المختلفة، كما ان الإعلام يتجاهلها تماما، كما أن ندرة وقلة عدد الواعظات مع كثرة عدد المساجد يجعل عمل الداعيات غير ظاهر للعيان وغير واضح للمجتمع، وهذا ما نسعى للتغلب عليه.
*عدد الداعيات من النساء قليل للغاية مقارنة بعدد الدعاة، كما أنه لا يغطى سوى جزء قليل جدا من المساجد، فهل هناك نيَّة لزيادة عدد الداعيات؟
** هذه حقيقة واقعية، فعدد الداعيات ضئيل جدا وأقل بكثير من العدد المطلوب، لكن هذا له أسبابه فليس لدينا كلية للدعوة كما هو الحال بالنسبة للبنين، كما أن خريجات الكليات الشرعية غير مؤهلات للعمل فى مجال الدعوة، لذلك تتوجه معظم الخريجات إما للعمل فى مجال التدريس أو الاعمال الإدارية، لكن لا تتوجه للدعوة لأن الدعوة تحتاج الى تدريب وتأهيل فى عدة مجالات، هذا مقارنة بخريجى كلية الدعوة وخريجى قسم الدعوة بكلية أصول الدين، فهم مؤهلون للعمل بالدعوة مباشرة لانه تم تأهيلهم وتدعيمهم على ذلك.
لكن مع هذا المنصب الجديد بمجمع البحوث الاسلامية، وبالتعاون مع أكاديمية الازهر سوف تكون هناك زيادة فى عدد الداعيات تغطية للقصور فى هذا الجانب، كما نسعى الى زيادة أعدادهن فضلا عن تأهيلهن بالشكل اللائق.
الدعوة النسائية
*رغم أن الدعوة النسائية قديمة إلا أنه لا يشعر بها أحد، فما السبب من وجهة نظرك؟
** كما أشرت سابقا أن ندرة عدد الداعيات له دور كبير فى عدم الشعور بالدعوة النسائية رغم أن الجهد المبذول من الداعيات كبير للغاية، لكن لا يشعر بهن أحد بسبب قلة عددهن وعدم تغطية كافة المساجد وحاجة المجتمع الى عدد كبير من الداعيات.
كما أن الإعلام لا يسلِّط الضوء على الدعوة النسائية بل يتجاهلها تماما! وهذا يزيد من عدم الشعور بهن، بالاضافة الى إحجام كثير من الواعظات عن التواجد الاعلامى الذى يُظهر مجهودهن، تخوّفا من التصيد الإعلامى للأخطاء التى ربما تقع منهن- عن غير قصد- ومحاولة بعض الاعلاميين ذوى التوجهات المختلفة إيقاع الداعية فى شَرَك أو فتوى لإحداث ضجة إعلامية دون مراعاة المردود السلبى لذلك على المجمتع واستقراره.
*البعض يُقْصِر الدعوة النسائية على الأمور الخاصة بالمرأة، فقط فهل تتفقين مع هذا الرأى، أم ترين أن المرأة لديها من القدرات والإمكانيات العلمية التى تؤهلها للحديث فى كافة الأمور وشتى القضايا الخلافية؟
** هذه ميزة وليست عيبا، فأنا من أنصار أن يكون هناك تناول من المرأة للمسائل والامور الخاصة بالنساء وتوضيح كل الامور الغامضة والقضايا الملتبسة، فهذا أمر فى غاية الاهمية فهذا يشبه تفضيل المرأة التعامل مع طبيبة النساء فى الامور الخاصة بها، لكن هذا لا يعنى عدم صلاحية المرأة فى الدعوة فى مجالات أخرى التى يخوضها الدعاة من الرجال، فنحن ندرس بكليات البنات بأقسامها المختلفة ما يدرسه الرجال، لكن ما ينقصنا هو التدريب والتأهيل على العمل الدعوى، وكيفية تقديم هذا العلم الى المجتمع بطريقة دعوية وليست أكاديمية.
خطة التدريب
*باعتبارك مساعد أمين عام مجمع البحوث الاسلامية لشئون الواعظات، ما هى خطتك لتدريب الواعظات ورفع مستواهن العلمى؟
** بالطبع هناك خطة لدىَّ لتدريب الداعيات وتنمية مهاراتهن الدعوية، كما لدى خطة لتأهيل الطالبات وخريجات الازهر لخوض المجال الدعوى، لكننى لا أستطيع الكشف عنها الآن وإنما سيتم تفعيلها قريبا ان شاء الله تعالى، وبمجرد البدء فى العمل وتجهيز كافة متطلباتها سيتم الاعلان عنها وستكون لها ثمار جيدة على أرض الواقع.
ضَعف العائد
*الكثير من الداعيات يشتكين من ضعف العائد المادى نظير عملهن بالدعوة، فهل من حل لهذه المشكلة؟
** فعلا العمل الدعوى يتطلب إنفاقا ماليا كبيرا، كما أن العائد المادى من جراء العمل بالدعوة يعتبر ضئيلا للغاية ولا يفى النفقات التى تنفق عليه، لذا نضع هذا الأمر نصب أعيننا وسنعمل على زيادة أجور الداعيات لكننا نركِّز أولا على التأهيل والتدريب فى المقام الاول.
*هل هناك أى تعاون مع أكاديمية الأوقاف الجديدة لتدريب الدعاة؟
** بالطبع سيكون هناك تعاون، فسوف نقوم بتقديم خطتنا لتدريب وتأهيل الداعيات الى الأكاديمية، واذا ما أراد المسئولون عن الأكاديمية التعاون معنا او الاستفادة مما نقدمه فليس لدينا أى مانع من التعاون مع أى جهة من جهات المجتمع حرصا على الصالح العام.
الأُمية الدينية
*المرأة فى المناطق الريفية والنجوع تعانى من أمية دينية شديدة، فهل هناك خطة للوصول إليهن لمحو هذه الامية؟
** هذه حقيقة لا ينكرها أحد، فلدينا مائتين واعظة فقط على مستوى المجهورية، وهذا عدد قليل للغاية ولا يفى لإشباع حاجة الناس من الجرعة الدينية التى يحتاجونها، وإن شاء الله سيتم زيادة اعداد الداعيات، وسوف نحاول جاهدين الوصول الى كل الاماكن لنستطيع محو هذه الامية الدينية.
منظومة القيم
*المجتمع المصرى يعانى من مشكلات لا حصر لها وتراجعا كبيرا فى منظومة القيم والأخلاق، فما السبب من وجهة نظرك وما الحل؟
** ليس المجتمع المصرى وحده هو الذى يعانى من تراجع منظومة القيم، لكن هذه مشكلة تعانى منها مجتمعات كثيرة، وإذا قمنا بنظرة سريعة على السوشيال ميديا وقراءة سريعة لما يكتب وينشر سنعرف أن هناك انهيارا اخلاقيا كبيرا فى المجتمع الإنسانى ككل وليس فى مجتمعنا وحده، لكن علينا وضع الحلول لتدارك هذه السلبيات وتحجيم الخطر الذى يحيط بمجتمعنا لأننا إذا لم نتمكن من تدارك هذا الخطر ستنهار كافة المجتمعات.
وبالنسبة للحل، ففى مصر يكمن- من وجهة نظرى- فى تكاتف مؤسسات الدولة المختلفة لإعادة منظومة القيم الى المجتمع كقيم أخلاقية عملية وليست مجرد نظرية علمية فقط، لأن انهيار الأخلاق يعنى انهيار ممارستها وليس دراستها، فنحن نريد عودة المنظومة الأخلاقية ولن تعود إلا بتحقيق أمرين، بالعلم والتعليم والتطبيق العملى على أرض الواقع، وهذا لن يحدث إلا بتكاتف كافة المؤسسات العلمية والتربوية والإعلامية والاجتماعية، وعلى رأس ذلك المؤسسة الدينية، إنما إذا حمَّل كل طرف المسئولية للطرف الآخر فلن تقوم للأخلاق قائمة.
*البعض يحمِّل المجلس القومى للمرأة مسئولية انهيار الأسرة ويتهمه بأنه السبب فى ارتفاع معدلات الطلاق فى المجتمع فهل تتفقين مع هذا الرأى؟
** لا أتفق إطلاقا مع هذا التوجه لأننى لا يمكن أن أحمِّل طرفا واحدا مسئولية ذلك، فارتفاع معدلات الطلاق فى المجتمع تُسأل عنه الأسرة كما يُسأل عنه المجتمع والجهات الدينية والاجتماعية والجهات التشريعية والإعلامية فكل منا له جانب لو قام بأدائه كما ينبغى لم تظهر مثل هذه المشكلات.