حركة الكون والكواكب تذكرنا بقيمة الزمن الذي ينقضى ولا يعود
استثمار العمر فى طاعة الله تعالى.. نجنى ثماره الطيبة فى الآخرة
الشيخ حسن شحاتة:
أقسم الله بالوقت في آيات كثيرة
ليلفت الأنظار إلى أهميته وشرفه
الشيخ أحمد جاويش:
نبينا الأعظم علمنا فنون إدارة الوقت وإدارة الذات
أدارالندوة:
إبراهيم نصر
تابعها: محمد الساعاتى
تصوير: أحمد السعداوى
أكد العلماء المشاركون فى ندوة “عقيدتى” بمركز شباب حلمية الزيتون بالقاهرة، أن للوقت أهمية عظيمة في حياة الإنسان، وأنه يعد من النعم التي امتن الله عز وجل بها على عباده، وأن استثمار العمر فى طاعة الله تعالى يجنى الإنسان ثماره الطيبة فى الآخرة، وأن خير الناس من طال عمره وحسن عمله، وأن نعم الله التى لا تحصى ولا تعد، منها الوقت الذى هو رأس المال الحقيقى للإنسان، وأن سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ علمنا فن إدارة الوقت وفن إدارة الذات.
قال العلماء: إن الوقت هو الحياة، وأوقاتنا هي رأس مالنا في هذه الدنيا، ومن فرّط في وقته وعمره فقد فرّط في خير كثير، فأيّام الله تعالى تتسارع، والأزمنة تتلاحق، وكل شيء من حولك يذكرك بقيمة الوقت والزمن الذي تعيشه، فطلوع الشمس وغروبها، والقمر الذي قدره الله منازل، وحركة الكون والكواكب، والسماوات والأرض، فكل هذه الأشياء تذكرك بقيمة الزمن الذي هو رأس مالك، فهل شعرنا بذلك، وهل عملنا لذلك؟
أضافوا: إن الوقت هو الحياة، وأوقاتنا هي رأس مالنا في هذه الدنيا، ومن فرّط في وقته وعمره فقد فرّط في خير كثير، فأيّام الله تعالى تتسارع، والأزمنة تتلاحق، وكل شيء من حولك يذكرك بقيمة الوقت والزمن الذي تعيشه، فطلوع الشمس وغروبها، والقمر الذي قدره الله منازل، وحركة الكون والكواكب، والسماوات والأرض، فكل هذه الأشياء تذكرك بقيمة الزمن الذي هو رأس مالك، فهل شعرنا بذلك، وهل عملنا لذلك.
أقيمت الندوة برعاية كريمة من الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة، بالتعاون مع جريدة “عقيدتى” تحت عنوان: “اغتنام الأوقات ومخاطر إضاعتها”، وأدارها الكاتب الصحفى إبراهيم نصر مدير تحرير “عقيدتى”، وحاضر فيها كل من: الشيخ حسن شحاتة عضو الإدارة العامة للإرشاد الدينى بديون عام وزارة الأوقاف، والشيخ أحمد ضيف الله جاويش عضو الإدارة العامة لشئون القرآن بديوان عام وزارة الأوقاف، وحضر من وزارة الشباب والرياضة الأستاذة عبير محمد السيد مدير عام الإدارة العامة للشباب، والأستاذ أشرف مبروك، وجمع من الشباب والفتيات.
للوقت أهمية عظيمة
وفى بداية كلمته بالندوة أكد الشيخ حسن شحاته عثمان أن للوقت أهمية عظيمة في حياة الإنسان، وأنه يعد من النعم التي امتن الله عز وجل بها على عباده، لقوله تعالى: “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا”..
أضاف: والمتأمل في كتاب الله تعالى يجد أنه اهتم بالوقت اهتماما بالغا، فلقد سميت سور في القرآن ببعض الأوقات، سورة الفجر، وسورة الليل، وسورة الضحى، وسورة العصر، كما أقسم ربنا عز وجل بالوقت في آيات كثيرة ليلفت الأنظار إلى أهميته وشرفه، فقال سبحانه: “وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ” وقال سبحانه: “وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى” وقال سبحانه: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغشى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى” وقال ربنا عز وجل: “وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْر إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ” وقال تعالى أيضا: “كَلاّ وَالقَمَرِ* وَاللّيلِ إِذ أَدْبَر* والصُّبحِ إِذا أَسْفَرَ” ولأهمية الوقت أيضًا نجد أن العبادات لها أوقات محددة ومعلومة، فالصلاة قال عنها ربنا عز وجل: “إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا موقوتًا” وقال سبحانه: “وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ” وعن الصوم قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ” وفي الحج قال الله عز وجل: “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ” والزكاة لها وقت محدد أيضًا.
فاستبقوا الخيرات
وقال الشيخ حسن شحاته: ربنا جل وعلا ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل فينادي على عباده: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، فلا يزال كذلك حتى يضئ الفجر، فالوقت أغلى وأثمن ما يملكه الإنسان في حياته، والوقت أنفس ما عُنيت شريعة الله بحفظه، وأراه أسهل ما عليك يضيع، لذا يجب على الإنسان أن يحافظ علي وقته وأن يحرص على الاستفادة منه فيما ينفعه في سائر أحواله وأموره، قال الله تعالى: “فاستبقوا الخيرات” وقال الله سبحانه: “وافعلوا الخير لعلكم تفلحون” وقال سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ”، لذا فإن إدارة الوقت هي استثماره وتوظيفه، في الطاعات في عمل الخير.. في نفع الناس حتى يبقى ذكر الإنسان بعد موته، ولله در الشاعر الذى قال:
دقات قلب المرء قائلةٌ له:
إن الحياة دقائقٌ وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها
فـالـذكر للإنـسان عـمـر ثـاني
فعمر الإنسان وحياته إنما هو ما ينتجه أو يخلفه من تراث معرفيٍ أو فكرى أو علمي، وكل ما يقدمه لخدمة الناس، فعندما سئل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: يا رسولَ اللَّه أي النّاس خير؟ قال: “من طال عمره وحسن عمله، قال: فأي النَّاس شر؟ قالَ: مَن طالَ عمره وساء عمله”، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناسِ: الصحة والفراغ”، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “اغتنِمْ خمسًا قبل خمس: شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك”، وقال الحسن البصري رحمه الله: يا ابن آدم إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضك.
واختتم الشيخ حسن كلمته بقوله: فعلى الإنسان أن يوظف وقته في فرض يؤديه، أو حق واجب يقضيه، أو مريض يعوده، أو رحم يصلها أو صديق يزوره، ولابد من ترتيب الوقت وخاصة ونحن مقبلون على امتحانات نصف العام.
الوقت هو الحياة
وفى كلمته وصف الشيخ أحمد ضيف الله جاويش الوقت بالحياة فقال: إن الوقت هو الحياة، وأوقاتنا هي رأس مالنا في هذه الدنيا، ومن فرّط في وقته وعمره فقد فرّط في خير كثير، فأيّام الله تعالى تتسارع، والأزمنة تتلاحق، وكل شيء من حولك يذكرك بقيمة الوقت والزمن الذي تعيشه، فطلوع الشمس وغروبها، والقمر الذي قدره الله منازل، وحركة الكون والكواكب، والسماوات والأرض، فكل هذه الأشياء تذكرك بقيمة الزمن الذي هو رأس مالك، فهل شعرنا بذلك، وهل عملنا لذلك.
أضاف: وقد جاء في الأثر أنه “ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني لا أعود إلى يوم القيامة”. وكان الحسن البصري رحمه الله يقول: “يا ابن آدم إنما أنت أيام إذا ذهب يوم ذهب بعضك”، وقال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “ما ندمت على شيء، ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي”
موعظة بليغة
وأشار الشيخ أحمد ضيف الله إلى أن سورة العصرفيها بيان لطائفة نجت من الخسران، قال تعالى: “وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ”، وفي هذه السورة العظيمة منهج كامل للمسلم وموعظة بليغة للاهتداء بها، وفيها استثنى الله سبحانه طائفة من الناس من عاقبة الخسران، وهي الطائفة التي أقامت حياتها على أربعة أسس جليلة، وهذه الأسس هي الإيمان بالله تعالى، وعمل الصالحات، والتواصي بالحق والتعاون على تحقيقه، والصبر في سبيل ذلك كله على مواجهة الصعاب والشهوات والأذى، وعندما نقطف من أزهار السنة ونستمع لحبيبنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ يبين لنا فضل الوقت وأهميته، فعن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفراغُ” (رواه البخاري)، وعن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اغتنِمْ خمسًا قبلَ خمسٍ: حَياتَك قبلَ موتِك، و صِحَّتَك قبلَ سَقَمِك، وفراغَك قبلَ شُغْلِك، و شبابَك قبلَ هَرَمِك، وغِناك قبلَ فقرِكَ” (أخرجه الحاكم والبيهقي)، ومن أول ما يُسْأل عنه العبد يوم القيامة الوقت والزمن، قال ـ صلى الله عليه وسلّم ـ: “لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ”. رواه الترمذي.
وعلينا أن نغتنم الوقت قبل فواته، قال عليه الصلاة والسلام: “اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ» رواه الحاكم في المستدرك.
وكذلك عمر الإنسان
وذكر ابن الجوزي في كتابه (المُدهِش) أن رجلًا كان يبيع الثلج، فكان ينادي عليه فيقول: ارحموا من يذوب رأس ماله! لقد كان هذا الرجل يستدِرّ عطف الناس وأموالَهم بأن بضاعته تذوب مع الوقت فتفنى؛ فلو لم يبع الثلج لذاب، ولضاع رأس المال، فهو ينادي في السوق: ارحموا من يذوب رأس ماله. أي: اشتروا مني الثلج وإلا ذاب وضاع رأس مالي كله. وكذلك عمر الإنسان ينقضي. وأحد السلف قال: ما تعلمت سورة العصر إلا من بائع الثلج وهو يدلنا على تعلم حقيقي وجد أثره في قلبه، فينبغى للمسلِمِ أنْ يقضِيَ عمرَهُ فِي إصلاحِ أمورِ معاشِهِ، ومعاده وإتقانِ عملِهِ، والْتِزَامِ أوامرِ ربِّهِ حتَّى تتحقَّقَ لهُ السعادةُ فِي الدُّنيا والفوزُ فِي الآخرةِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قال – صلى الله عليه وسلم -: “مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ”.
وفي عصرنا الحاضر كثرت المؤلفات في التنمية البشرية وفي فنون إدارة الوقت، وإدارة الذات، وتحدث ديل كارنيجي في هذا الباب وكثرت المؤلفات في التنمية البشرية، لكنك إذا تأملت حياة الحبيب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجدت صورة عملية كاملة لاغتنام الوقت وأثره السابغ في الحياة، فكَانَ ـ صلى الله عليخ وسلم ـ إِذَا أَوَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ دُخُولَهُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءًا لِلَّهِ وَجُزْءًا لِأَهْلِهِ وَجُزْءًا لِنَفْسِهِ، ثُمَّ جَزَّأَ جُزْأَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَيَرُدَّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ والْخَاصَّةِ وَلَا يَدَّخِرُ أو قال لا يدخر عَنْهُمْ شَيْئًا.
وقضى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى دعوته أعواما معدودة لكن كان لها الأثر الأكبر في الحياة، ولذا ألف مايكل هارت كتابه: “الخالدون مائة أعظمهم محمد” والكتاب يتناول شخصيات كان لها أكبر الأثر في الحياة، فالواحد منا قد تمر به أعواما كثيرة لكن لا يحسن ضيافتها ولا يدري ما أنجز فيها.