بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
والمراد بِعَبْدِهِ خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم، والإضافة للتشريف والتكريم.
وجاء التعبير بلفظ العبد، للدلالة على أن مقام العبودية لله- تعالى- هو أشرف صفات المخلوقين وأعظمها وأجلها
🌹و القرآن يدل على أنه بروحه وجسده صلّى الله عليه وسلم يقظة لا مناما، لأنه قال:
بِعَبْدِهِ والعبد مجموع الروح والجسد.
ولأنه قال: سُبْحانَ والتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام، فلو كان مناما لم يكن له كبير شأن حتى يتعجب منه
أن الآية هنا دالة قطعا على إثبات الإسراء، وآية سورة النجم دالة على المعراج: وهو العروج والصعود إلى السموات، إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام، بعد وصوله إلى بيت المقدس.
وقد وصف الله المسجد الأقصى بأنه مبارك ما حوله، والبركة تشمل بركات الدين والدنيا أنه مهبط الأنبياء
ثبوت حادثة الإسراء بنص القرآن الكريم بدلالة قطعية
***وكان الإسراء بالروح والجسد يقظة راكبا البراق، لا في الرؤيا والمنام، بدليل نص الآية بِعَبْدِهِ وهو مجموع الروح والجسد، ولو كان مناما لقال:
«بروح عبده» ولم يقل: بِعَبْدِهِ، وقوله تعالى:( ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى )
إن تلك الرؤيا لمحمد صلّى الله عليه وآله وسلم كانت رؤيا عيان، لا رؤيا منام
**إن المقصود من الإسراء والمعراج أن يري الله نبيه الآيات العظمى الدالة على وجوده ووحدانيته وقدرته، ومن تلك الآيات: الجنة والنار وأحوال السموات والكرسي والعرش، فيصبح العالم في عينه حقيرا أمام عظمة الكون، وتقوى نفسه على احتمال المكاره والجهاد في سبيل الله. ومن تلك الآيات التي أراه الله العجائب التي أخبر بها النبي الناس، وإسراؤه في ليلة، وعروجه إلى السماء، ووصفه الأنبياء واحدا واحدا، كما ثبت في صحيح مسلم وغيره.
**كما أن في الإسراء من مكة إلى بيت المقدس الإشارة إلى وحدة الأنبياء في الرسالة والهدف والتوجه إلى الله تعالى وحده، وإن اختلفت القبلتان، وتمايزت الشرائع، وتمادى الزمان في فترات إرسال الأنبياء عليهم السلام، فهم من أولهم آدم عليه السلام إلى خاتمهم محمد صلّى الله عليه وآله وسلم دعاة إلى توحيد الله وعبادته وإلى إصلاح لإنسان والمجتمع، وإسعاد الفرد والجماعة، وتصحيح مسيرة الناس قاطبة على أساس من الحق والعدل والاستقامة والأخلاق السوية
وآن الصلاة إنما فرضت بمكة ليلة الإسراء حين عرج بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلم إلى السماء
🌿🌾 قبل أن أتحدث عن الإسراء والمعراج نتذكر مناسبة السورة لم قبلها وهي أخر سورة النحل ،، ففي ختام سورة النّحل من حكمة الإسراء، وأنه
كان استضافة للنبىّ الكريم فى رحاب الملأ الأعلى، ليستشفى مما نزل به من ضيق، وما ألمّ به من ألم، فى هذا الصراع الذي كان محتدما بينه وبين قومه، حتى لقد كانت تتنزّل عليه آيات الله تدعوه إلى أن يرفق بنفسه، وأن يتخفف من مشاعر الحزن على أهله، ألا يكونوا مؤمنين. وفى هذا يقول سبحانه «فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ» (8: فاطر) ويقول جلّ شأنه:
«أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» (99: يونس) ويقول سبحانه:
«إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ» (56: القصص) ..
ويجتمع هذا كله فى قوله تعالى فى آخر سورة النحل: «وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ» ..
فناسب هذا الختام للسورة أن تجىء بعدها سورة الإسراء، وما كشف الله لنبيه فى هذه الرحلة المباركة من جلال ملكوته، وما أراه من أسرار علمه وحكمته!
***فقوله تعالى: «سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا» يشير إلى أمرين:
أولهما: أن تكريم الإسراء كان ليلا، وثانيهما: أنه كان بحيث لم يشعر به أحد، بل وقع فى ستر، بحيث لم يلحظه أحد من المتصلين بالنّبيّ، القريبين منه، الذين كانوا يشاركونه الحياة فى بيته، وفى الحجرة التي كان ينام فيها.
ويتضح من هذا أمرين أيضا:
أولهما: أن الإسراء بالرسول، صلوات الله وسلامه عليه، كان بجسده، ولم يكن بروحه الشريف وحده.. وأنه لو كان بروحه لما جاء التعبير القرآنى عنه بلفظ «أسرى» الذي يدلّ فى ذاته على الستر والخفاء، ولما جعل هذا السّتر فى مضمون ستر آخر هو الليل، كما يقول سبحانه: «ليلا» ..
وثانيهما: أن هذا الإسراء بالنبيّ الكريم، لم يكن معجزة متحدّية، وإنما هو رحلة روحيّة، واستضافة من الله الرحمن الرحيم، للنبىّ، فى رحاب ملكوته، حيث يشهد من ملكوت الله، ويتزود من ألطاف الله، ما لم يشهده بشر، وما لم يتزود به إنسان!
***والإسراء- هو رحلة سماوية، أرادها الله سبحانه لنبيّه الكريم، ليريه سبحانه وتعالى من آياته، ما لا تراه العيون، ولا تتظنّاه الظنون! وحدود هذه الرحلة- كما يذكر القرآن- هى: من المسجد الحرام بمكة، إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس.
وزمانها، لحظة من لحظات الليل.. كما يقول سبحانه: «سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا..»
فالآية صريحة فى «الإسراء» وفى أنه كان فعلا للنبى الكريم، وأنه واقعة حقيقية، وليس رؤيا مناميّة، وإلّا لما كان له ذكر خاص فى سورة خاصة…..
أسباب رحلة الاسراء:
كان الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- قبيل الإسراء، فى وجه خصومة عنيفة ظالمة، من قومه.. يدعوهم إلى الرشاد والخير، فيلقونه بالتكذيب والبهت، وبرمونه بالسّوء والأذى.. وهو رحيم بهم، حريص على هدايتهم، تكاد تذهب نفسه حسرة عليهم، إذ يراهم يتمزقون شعبا، ويتقطعون أوصالا، بين يدى دعوته التي يدعوهم إليها..
وليس حال أدعى من هذه الحال، للخروج من هذا الجوّ الثقيل الخانق، إلى جوّ آخر، فيه راحة للصدر واسترواح للنفس! ولكن: إلى أين المذهب والنبىّ قائم على دعوة السماء، موجه برسالتها؟
إنه لا مفرّ للنبىّ- إن أراد أن يظل فى سجل الأنبياء- من أن يثبت فى موقفه، لا يزايله، ولا يتحول عنه أبدا، وإن هلك! وقد قالها رسول الله- صلوات الله وسلامه عليه- لعمّه أبى طالب، حين دعاه عمّه إلى أن يترك ما هو فيه، ويلقى قومه بالموادعة، حتى لا تتمزّق وحدة قريش، ويقتل بعضها بعضا، فقال قولته الخالدة: «والله يا عمّ لو وضعوا الشّمس فى يمينى ولقمر فى بسارى على أن أترك هذا الأمر ما تركته، أو أهلك دونه» !
ولكن.. ها هى الأحداث تزداد شدة، والشر يشتد اشتعالا، فتأتمر قريش فيما بينها على أن تكون جبهة واحدة فى وجه النبي، ومن يقف إلى جواره من قومه..
وقد أبت العصبية العربية على بنى هاشم، وبنى عبد المطلب- رهط النبي الأدنين- أبت عليهم العصبية العربية، أن يتخلوا عن النبي، وأن يسلموه لقريش، تنال منه، وتستبد به! وكان من هذا أن عمدت قريش إلى مقاطعة بنى هاشم، وبنى عبد المطلب، وعقدت فيما بين بطونها وأفخاذها عهدا، على ألا يتعاملوا مع بنى هاشم، وبنى عبد المطلب، فلا يزوّجوهم، ولا يتزوجوا منهم. ولا يأخذوا منهم أو يعطوهم.
بل إنها القطيعة التامة فى كل شىء بتواصل الناس به.
وقد واجه بنو هاشم، وبنو عبد المطلب، هذه الحرب الاجتماعية والاقتصادية، بشجاعة وصبر، وإباء، وأبوا أن يعطوا الدنيّة فى هذا الامتحان، الذي تعرف فيه معادن الرجال.. فجمع أبو طالب- عميد بنى هاشم- أهله، وانحاز بهم إلى شعب أبى طالب واستمر هذا الحصار، نحو ثلاث سنين، بلغ بهم الجهد فيها غايته، حتى سمع أصوات صبيانهم يتضاغون جوعا من وراء الشّعب! وطبيعى أن النبي الكريم، كان خلال هذه المحنة يحمل فى نفسه كل ما لقى آل عبد المطلب، وآل هاشم، من جهد ومشقة.. فكل ما كان يقع من آلام فى محيط أفرادهم، فردا فردا، وفى جماعاتهم، أسرة أسرة، كان يقع على مشاعر النبي
**فذهب الى الطائف وحين بلغ الأمر من الشدة والضيق مداه فى نفس النبي، وأصبح جو مكة ثقيلا خانقا.. أراد- صلوات الله وسلامه عليه- أن يلتمس له متنفسا خارج مكة، لعله يجد أعوانا على الحق، وأنصارا للخير، يستمعون له، ويستجيبون لدعوته.
كان لا بد أن يلتمس النبي لنفسه ولدعوته مجالا آخر خارج مكة، بعد أن لقى هو وأهله الأدنون ما لقوا من هذا البلاء الشديد، أثناء الحصار
حتى مات عمه أبو طالب، بعد خروجه بقومه من الشّعب بستة أشهر.. ثم لحقت به الزوجة البرّة الرحيمة السيدة خديجة، بعد موته بثلاثة أيام!! فانظر كيف ابتلى النبي الكريم هذا الابتلاء فى عمه وفى زوجه، وكيف تفرغ يده من كلّ قوة مادية على هذه الأرض كانت تقف إلى جانبه، وتشد أزره؟ ومتى كان ذلك؟
🌿🌾 وفى هذا الجو الثقيل الخانق، الذي كان يضيق به صدر الرسول فى مكة- خرج إلى الطائف، يعرض نفسه، ويقدّم دعوته إلى «ثقيف» يلتمس منهم الاستجابة له، والنصرة لدعوته، والمنعة بهم من قومه.. وكان معه فى رحلته تلك، مولاه زيد بن حارثة! ولما انتهى الرسول الكريم إلى الطائف، عمد إلى سادة ثقيف وأشرافهم، فدعاهم إلى الله، فلم ير منهم إلا إعراضا، وسفها، وتكذيبا، واستهزاء
وجعلوا يسفهون عليه صلى الله عليه وسلم بأبي وأمي وروحي يانبي الله ، ويرمونه بالحجارة حتى دميت قدماه، وزيد بن حارثة يقيه بنفسه، حتى أصابه شجاج فى رأسه! وترك الرسول الكريم- بأبى هو وأمي- الطائف على تلك الحال، وقد امتلأت نفسه أسى وحسرة، وفاض صدره، ضيقا وحزنا! ولكن إلى أين المسير؟
🌿🌾 وفى ظل شجرة، وجّه الرسول صلى الله عليه وسلم وجهه إلى ربّه، يناجيه، ويطلب العون والمدد من رحمته، فخلق قلبه بهذا النداء الدافئ العميق، وتحركت شفتاه بهذا الدعاء الندىّ العطر، المعقود بأنفاس الأمل والرجاء فى مالك الملك، ومن بيده ملكوت السماوات والأرض.. فيقول صلوات الله وسلامه عليه:
«اللهمّ.. أشكو إليك ضعف قوّتى، وقلّة حيلتى، وهوانى على الناس! «يا أرحم الراحمين. أنت ربّ المستضعفين، وأنت ربى …
«إلى من تكلنى؟ إلى بعيد يتجهّمنى ؟ أم إلى عدوّ ملّكته أمرى؟
«إن لم يكن بك غضب علىّ فلا أبالى «غير أن عافيتك أوسع لى..
«أعوذ بنور وجهك، الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحلّ علىّ غضبك، أو أن ينزل بي سخطك.
«لك العتبى حتى ترضى «ولا حول ولا قوّة إلا بك..
🌾 بهذه الكلمات المشحونة بالإيمان الوثيق بالله، المخلّقة بأنفاس النبوّة الطاهرة، اتجه الرسول إلى ربّه.. متضرعا، متوجعا، طالبا رضا ربّه ورحمته، فى صبر وحمد، على السّرّاء والضرّاء! وهذا درس عظيم لجميع المؤمنين
لقد أبلى الرسول الكريم بلاءه، فى الأرض، واستنفد كل ما يعطى ويأخذ منها ومن أهلها، فكان لا بد من عالم آخر، يتزود منه بزاد روحى، يشيع فى كيانه قوى مجدّدة، لا تنفد على كثرة ما ينفق منها فى هذا النضال المتصل بينه وبين قومه، حتى يحكم الله بينه وبينهم بالحق، وهو خير الحاكمين..
فكانت رحلة الإسراء!
وفى الإسراء إلى العالم العلوي.. يجد الرسول من آيات ربّه، ومن دلائل قدرته، وعجائب ملكوته، ما تذوب فى عباب محيطاته كل شرور العالم الأرضى وآلامه
وكان مسراه- صلّى الله عليه وسلّم- وما ذكر منه، بلاء وتمحيصا، وأمرا من أمر الله، فى قدرته وسلطانه.. فيه عبرة لأولى الألباب، وهدى ورحمة، وثبات لمن آمن به وصدّق، وكان من أمر الله على يقين.. فأسرى به كيف شاء، ليريه من آياته ما أراد، حتى عاين ما عاين
🌿🌾 فكانت رحلة الاسراء شأنا خاصّا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ورحلة روحيّة فى الملأ الأعلى، أرادها الله سبحانه وتعالى له، ليشرح بها صدره، وينعش بها روحه، ويذهب بها ما ألمّ به من ضيق وحزن، بموت عمّه، وزوجه، وبتألّب قريش عليه، وعلى آله، وبما لقى من أهل الطائف من لقاء بارد ثقيل، وردّ سمج قبيح
وهذا إخبار بأمر شهده الرسول وحده.. فإذا حدّث به كان حديثه الصدق كلّه، لا ينبغى لمن آمن بأنه نبىّ أن يكذّبه، أو يشك فى شىء مما يقول..
إنه أمين السّماء.. لا يكذب أبدا.. هذا مبدأ يجب أن يسلم به كل من يدخل فى هذا الدين، ويؤمن بالله ورسوله.. والله سبحانه وتعالى يقول: «وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا»
و حديث الإسراء اختبار عملىّ لإيمان المؤمنين.. فمن آمن بالله، لا يكون إيمانه إيمانا حقّا، حتى يؤمن برسوله، ولا يكون مؤمنا برسوله حتى يصدّق كل قول يقوله، ويسلّم به، قبل أن ينظر فيه، أو يعرضه على عقله ….
🌿🌾 و المعراج:
هو عروج النبي- صلوات الله وسلامه عليه- أي صعوده إلى السماء، من بيت المقدس بعد أن أسرى به إليه..
والآيات التي تتكلم عن المعراج هى ما جاء فى أول سورة النجم فى قوله تعالى: «وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى»
🌿🌾 وحديث المسلمين عن الإسراء، ينبغى أن يكون حمدا لله، وتنزيها له، وثناء عليه، أن أنزل نبيّهم هذا المنزل الكريم، ورفعه إلى هذا المقام العظيم وأفاض عليه ما أفاض من ألطافه ومننه.. وهذا ما يدعونا إليه الله سبحانه وتعالى فى قوله جل شأنه:
«سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» أي فسبّحوا الله واحمدوا له، أن أسرى بعبده محمدا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وأن أراه من آياته وأسبغ عليه من آلائه، ما هو أهل له عند ربّه «ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»
🌿🌾 **العبروالعظات المستفادة:
أولا- أدى حادث الإسراء والمعراج في ليلة واحدة إلى تمحيص المؤمنين، وتبيان صادق الإيمان، ومريض القلب منهم.
ثانيا- كان اطلاع الله رسوله صلّى الله عليه وآله وسلم على آيات الكون الأرضية والسماوية ذات العجائب درسا واقعيا لتعليم الرسول بالمشاهدة والنظر، ومن المعلوم أن التعليم المحسوس أوقع في النفس، وأرسخ في الذهن.
ثالثا- إن بشرية النبي صلّى الله عليه وآله وسلم واحتياجه إلى الهواء في طبقات الجو والسموات العليا والملأ الأعلى لم تمنع من إتمام تلك الرحلة، لأن قدرة الله تعالى كفيلة بتوفير حاجياته ومتطلباته، كما يزود الآن رواد الفضاء بالأكسجين.
وإن في غزو الفضاء الآن لدليلا مؤكدا على صحة الإسراء والمعراج، وأن محمدا صلّى الله عليه وآله وسلم هو أول رواد الفضاء، وأنه تجاوز أسرع ما توصلت إليه محطات الفضاء.
رابعا- إن جمع الأنبياء في المسجد الأقصى وإمامة نبينا بهم دليل واضح على وحدة رسالاتهم وختمها برسالة النبي صلّى الله عليه وآله وسلم، وبلورتها وانصبابها في شريعته التي ختمت الشرائع السالفة
وصل اللهم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واله وصحبه أجمعين
وكل عام وأنتم بخير