د: أحمد عشماوي:
بنصوص القرآن والسنة..الأكل العشوائي والتخمة محرمة شرعا
د: محمد حمدي حجاج:
زيادة الوزن كارثة صحية.. وهذه قواعد التغذية الصحية .
د:محمد صلاح:
أضرارها بلا حدود..وهذه أهم الأمراض المرتبطة بها.
تحقيق- هالة السيد موسى:
نظرا لتزايد أعداد المصابين بالسمنة في العالم ، فقد تم اختيار يوم الرابع من مارس كيوم عالمي لمكافحة السمنة والدعوة للحد منها والقضاء عليها..وغفل القائمون على تلك الأيام العالمية أن الإسلام حارب السمنة بنصوص ثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية منذ أكثر من 1400 عام ،وهو ما توافق عليه الأطباء حاليا، من هنا تأتي أهمية هذا التحقيق الذي يؤكد توفق الدين والعلم في رفض السمنة.
أكد الدكتور أحمد عشماوي الأستاذ بجامعة الأزهر أن الإسلام جاء ومعه حل لكل المشكلات وراحة لكل المعضلات، ومن بين ذلك مشكلة الأطعمة وما تتسبب عنه من تخمة وسمنة وبدانة، فقد كان نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه أمثلة يحتذى بها في المثالية الجسمانية فلم يكونوا أصحاب بطون مرهلة أو أوزان زائدة. لذا كان هذا الفرق ملاحظا عند اليهود لما أبصروا الفرق بين أجسام المؤمنين وأجسام غيرهم.فشتان بين قوم تصحبهم رشاقة الحركة بسبب خفة الوزن وأقوام أكلوا فثقلت أجسادهم وخلدوا إلى الأرض فأعيتهم أمراضهم وقلت حيلهم. لذا قالوا لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بعدما عاد منتصرا من غزوة بدر:لا يغرنك أنك لاقيت أغمارا لا صلة لهم بالحرب، أي أوزانا ثقيلة، فوالله لو لاقيتنا لعلمت أننا نحن الرجال. فأنزل الله تعالى قوله :” قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ .قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ۖ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ۚ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ”
وأوضح أن هناك فرق بين من يعيش ليأكل ومن يأكل ليعيش.لذا نجد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يبصر المؤمنين بالفرق الجوهري بين المؤمنين وغيرهم في كل شيء حتى في أكلهم وشربهم بما نزل عليه من القرآن الكريم. ففي القرآن الكريم”وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ” .وفي حديث نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم” المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء”. وعلى هذا نجد أن الإسلام دين الجمال في كل شيء حتى في شكل البدن وقوته، ومن هنا حق لنا أن نفهم حديث نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) فليس المراد قوة الأيمان وحده ولكن تتسع المعاني لقوة البدن أيضا.لأن قوة البدن تكون في جاهزية دائمة لنصرة الحق.
وأضاف قائلا: من أراد أن يكون قويا في بدنه معافا في صحته فليسر في حياته متجنبا الإسراف والتبذير في الطعام والشراب. وقال الله تعالى” يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ” وقال الله أيضا:” إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا”. ومن هنا تأتي النصيحة النبوية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:”ما ملأ ابن آدم وعاء شرا بطنه.حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه” ولأجل صحة هذا الحديث واستحسانه استحسن العلماء حديثا رغم ضعف سنده جاء فيه:”نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع” فمعناه حق في أنه لا يصح للإنسان أن يعيش يومه أكولا شروبا لا يتوقف.وإنما لابد أن يكون كل شيء بحساب فأمراض السكري والقلب معظمها يأتي بسبب البدانة وزيادة الوزن. ولا شك أن حفظ البدن مطلب شرعي قدمه الكثير على حفظ الدين نفسه. ولا يكون حفظ البدن إلا بالوسطية في كل ما يتناوله المرء والابتعاد عما حرمه الرب فإن من أسباب السعادة أن يرزقنا الله ابدانا صحيحة معافاة سليمة
التغذية الصحية
أوضح الدكتور محمد حمدي حجاج أستاذ التغذية بكلية الاقتصاد المنزلي جامعة حلوان أن الوزن الزائد يُعرَّف على أنه تراكم غير طبيعي أو مفرط للدهون يمثل خطرًا على الصحة. حيث يعتبر مؤشر كتلة الجسم (BMI) أحد الطرق المنتشرة عالمياً للحكم علي وزن البالغين والذي يتم حسابه بسهولة عن طريق قسمه الوزن الفعلي(كجم) علي مربع الطول بالمتر فإذا كان الناتج 25- 30 يعد زائد الوزن، وأكثر من 30 فهم يعانون من السمنة.
وأشار إلى زيادة الوزن والسمنة تعتبر من مشكلات الصحة العامة العالمية.حيث قدرت منظمة الصحة العالمية (WHO) زيادة انتشار السمنة بنحو ثلاثة أضعاف في العقود الأربعة الماضية (ما بين 1975 و 2016). في عام 2016، كان أكثر من 1.9 مليار بالغ يعانون من زيادة الوزن منهم أكثر من 650 مليون منهم يعانون من السمنة. تشير الدلائل إلى أن إجمالي سنوات العمر المعدلة للوفاة والعجز (DALYs) التي تُرجع إلى السمنة قد زادت بشكل كبير بين عامي 1990 و 2017. وعلى الصعيد العالمي، في عام 2017، ساهمت السمنة في 34.1 مليون حالة وفاة و 1.2 مليار DALYs. كانت زيادة معدل الوفيات ومعدلات DALYs المرتبطة بعوامل الخطر هذه كبيرة لكلا الجنسين في عام 2017 ، مع 2.4 مليون حالة وفاة و 70.7 مليون DALYs في النساء و 2.3 مليون حالة وفاة و 77.0 مليون DALYs عند الرجال ، مما يعكس أن زيادة الوزن والسمنة مرتبطة بالعديد من المشاكل الصحية. حيث كانت أمراض القلب والأوعية الدموية هي الأسباب الرئيسية لمعدل DALYs، يليها مرض السكري وأمراض الكلى والأورام ” تمثل 89.3٪ من جميع DALYs المرتبطة بزيادة الوزن والسمنة”. كما أفادت منظمة الصحة العالمية أنه في عام 2019، كان ما يقدر بنحو 38.2 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، حيث كان الوزن الزائد والسمنة يعتبران مشكلة البلدان مرتفعة الدخل، وهما الآن في ازدياد في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، لا سيما في المناطق الحضرية. وفي أفريقيا، زاد عدد الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن دون سن الخامسة بنسبة 24٪ تقريبًا منذ عام 2000. وكان ما يقرب من نصف الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة في عام 2019 يعيشون في آسيا.
وكشف أن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم يُعد أحد عوامل الخطر الرئيسية للعديد من الأمراض كأمراض القلب والأوعية الدموية “أمراض القلب والسكتة الدماغية بشكل رئيسي”، والتي كانت السبب الرئيسي علي سبيل المثال للوفاة في عام 2012طبقاً لما أعلنته منظمه الصحة العالمية؛ داء السكري؛ الإضرار بالكفاءة الوظيفية للعديد من المفاصل؛ وكذا بعض أنواع السرطان “بما في ذلك سرطان بطانة الرحم والثدي والمبيض والبروستاتا والكبد والمرارة والكلى والقولون”.أيضاً ترتبط السمنة لدى الأطفال بزيادة فرص الإصابة بأمراض متعددة في مرحلة البلوغ والوفاة المبكرة. ولكن بالإضافة إلى المخاطر المستقبلية المتزايدة، يعاني الأطفال المصابون بالسمنة من صعوبات في التنفس وزيادة خطر الإصابة بالكسور وارتفاع ضغط الدم والعلامات المبكرة لأمراض القلب والأوعية الدموية ومقاومة الأنسولين والآثار النفسية.
ويتساءل الدكتور جحاج: ما هي الأسباب التي تؤدي للإصابة بزيادة الوزن والسمنة؟ وأولي الإجابات، بل وأهمها انه يوجد اختلال في توازن الطاقة بين السعرات الحرارية المأخوذة والسعرات الحرارية التي يتم حرقها. يلي ذلك زيادة تناول الأطعمة الغنية بالطاقة كالغنية بالدهون والسكريات؛ وزيادة الخمول البدني بسبب الطبيعة المستقرة بشكل متزايد للعديد من أشكال العمل، وتغيير أنماط النقل مع زيادة التحضر. وغالبًا ما تكون التغييرات في أنماط الاستهلاك الغذائي كالاعتماد على الوجبات السريعة الفقيرة في محتواها من العناصر الغذائية وفي المقابل عالية فيما تحتويه من سعرات حرارية مع تزايد الإقبال على المياه الغازية والعصائر الجاهزة والمحلاة وغيرها من الحلوى والمعجنات والمقرمشات التي توجد علي نطاق واسع ومتنوع ومما يعزز هذه الأنماط الضارة هو نقص الوعي التغذوي عند الكثير مع تغير نمط المعيشة وتسارع وتيرتها مع الفقر الكبير في ممارسة الرياضات البدنية التي للأسف افتقدتها الكثير من الفئات العمرية المختلفة. ولابد من توضيح أن السمنة أحياناً تكون لأسباب طبيه لها علاقة بالعديد من العوامل المرضية ، وللحد من زيادة الوزن والسمنة يجب البداية المبكرة والسبق في الوقاية منهما وذلك بعدة طرق أولها: نشر الوعي الغذائي لدي فئات المجتمع كافة مع توضيح الأضرار التي تترتب على الإصابة بكل من زيادة الوزن والسمنة. مع نشر ثقافة جودة اختيار الأطعمة الصحية بنوعيات وكميات مناسبة لكل فئة عمرية. كذلك يجب متابعة وزن وطول الأطفال بشكل دوري وعرض ذلك على متخصصين لترجمة هذه المقاييس من أجل الاكتشاف المبكر لأي تغير يطرأ علي الوزن. ومما لا شك فيه لابد من الاهتمام بالمجال الرياضي أياً كانت المرحلة العمرية بما لا يقل عن ساعة يوميا للأطفال وما لا يقل عن نصف ساعة مع تقدم المرحلة العمرية ويا حبذا لو زادت وكانت بشكل منتظم ومستمر.
وأنهى الدكتور حجاج كلامه قائلا:يجب زيادة استهلاك الفاكهة والخضروات، وكذلك البقوليات والحبوب الكاملة مع تقليل محتوى الوجبات من الدهون والسكر والملح ولو طبق هذا الأمر في مجالات الصناعات الغذائية لكان أفضل.ولذا فإن تقييد تسويق الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكريات والملح والدهون، وخاصة تلك التي تستهدف الأطفال والمراهقين أمر في غاية الأهمية.
أضرار السمنة
يقول الدكتور محمد صلاح حسين استشاري الجهاز الهضمي :على الرغم من كون السمنة وزيادة الوزن لا تعني بالضرورة الإصابة بالأمراض، إلَّا أنَّها تشكل عامل خطر على صحة جسم الإنسان، فهي تزيد من فرصة تعرّض الشخص لعدد من الاضطرابات والمشاكل الصحية، فهي بالإضافة إلى كونها قد تكون معيقة للشخص في ممارسة حياته اليومية وحركته بشكل طبيعي قد تكون مرتبطة برفع خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة والخطيرة المهددة للحياة، وتتزايد مخاطر السمنة المفرطة بارتفاع مؤشر كتلة الجسم لتشمل الآتي:
1-السكري من النوع الثاني:تؤدي السمنة إلى زيادة خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، ويُعرّف على أنّه ارتفاع تركيز السكر في الدم ليتجاوز تركيزه الطبيعي، وقد يؤدي ذلك إلى الإصابة بالعديد من المضاعفات؛ كتلف الأعصاب، ومشاكل في النظر، والجلطات الدماغية، وأمراض القلب،وأمراض الكلى.وبما أنَّ السمنة تزيد فرصة الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، ينصح بخسارة 5-7% من وزن الجسم في حالات السمنة وزيادة الوزن، والمداومة على ممارسة التمارين الرياضية لتقليل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
2-أمراض القلب والجلطة الدماغية: تؤدي السمنة زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، إذ تؤدي السمنة إلى ارتفاع ضغط الدم ومستويات الكولسترول الضار في الجسم، ممَّا يؤدي إلى زيادة فُرص الإصابة بأمراض القلب والجلطات القلبية، لكن ما يدعو إلى الطمأنينة هو أن خسارة الوزن تساهم في تقليل فرص الإصابة بهذه الأمراض، وربما يظهر هذا التأثير الإيجابي حتى وإنْ كان نزول الوزن بسيطًا، وهنا تبرز أهمية تخفيف الوزن الزائد والتخلص من السمنة.
3-أمراض الكلى:ترتبط السمنة بأمراض الكلى بصورة مباشرة وغير مباشرة، إذْ تزيد السمنة من مخاطر الإصابة بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم، اللذان يُعدّان السبب الرئيسي للإصابة بالفشل الكلوي المزمن، والسمنة تزيد من فرص الإصابة بالفشل الكلوي وتفاقم مشاكل الكلى، حتى في حالة عدم الإصابة بالسكري أو ضغط الدم المرتفع.
4-أمراض المرارة: من الشائع إصابة الشخص بأمراض المرارة وحصوات المرارة في حال كان يعاني من السمنة، لذا يُنصح بخسارة الوزن بمعدل 0.45 كيلوجرام تقريبًا في الأسبوع، ويجدر الابتعاد عن الأنظمة أو الطرق التي تُسبب نزول سريع في الوزن، أو نزوله بكميات كبيرة خلال فترة قصيرة، وذلك يزيد من فرصة تُعرض الشخص للإصابة بحصى المرارة.
5- مشاكل الحمل: تعد السمنة مُسبب رئيسيّ للإصابة بالمشاكلالصحية أثناء فترة الحمل، والتي نذكر منها الآتي:
سكري الحمل.ما قبل تسمم الحمل أو مقدمات الارتعاج وهي حالة ارتفاع ضغط الدم خلال فترة الحمل، وقد ينعكس أثرها سلبًا على الحامل والجنين.
الحاجة للجراحة القيصرية عند الولادة.