كتب- مصطفى ياسين:
أكد خبراء وسياسيون أن المشروع الوطني الذى تعيشه مصر حالياً يجعل منها دولة قوية، حولت التنوع الثقافي الاجتماعي إلى عنصر قوة وصلابة، وقد عرفت طوال تاريخها بامتلاكها سبيكة عصية على الانكسار أو التفتت، مشيدين بمواقف القيادة السياسية وصنع حالة السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
جاء ذلك خلال انطلاق فعاليات مؤتمر “التنوع وآليات التضامن المجتمعي”، الذى ينظمه منتدى حوار الثقافات، بالهيئة القبطية الإنجيلية، بأحد فنادق العين السخنة، ويستمر لمدة يومين، بمشاركة نخبة من علماء الدين الإسلامى والمسيحى وقادة الفكر والسياسة والقضاء وأعضاء مجلسى النواب والشيوخ.
حيث اوضحت د. سميرة لوقا، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، رئيسة منتدى الحوار، خلال إدارتها الجلسة، إلى أن مصر لديها القدرة على تخطى العقبات والتحديات بفضل نسيجها الوطنى والاجتماعي ، مشيرة إلى أن المنتدى يضم مجموعات متنوعة من ١٣ محافظة.
تعزيز التضامن
وأعربَ القس د. أندريه زكي ،رئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية ، عن تقديره لدور الدولةِ المصريةِ، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي ومجهوداتِه في دعم قضيَّةِ المواطنة، وتعزيز التضامن الاجتماعي من خلال إجراءاتٍ وقراراتٍ عمليةٍ أبرزت التوجُّهَ الجادَّ من جانبِ الدولةِ في المضي نحو تحقيقِ المواطنةِ وتعزيزِها ودعمِها.
إن ما نشهده من متغيرات وظروف عالمية أثرت تأثيرًا شديدًا على الأوضاع الاقتصادية في دول كثيرة، يفرض علينا جميعًا التفكير في آليات واستراتيجيات إبداعية في قضية التضامن الاجتماعي. وأرى أن هذا التضامن لا ينفصل عن مبدأ المواطنة والتنوع الثقافي، بل يرتبط بهما ارتباطًا وثيقًا.
إدارة التنوع الثقافي في سبيل دعم التضامن ، تختلفُ تعريفاتُ التنوعِ الثقافيّ بين المجالاتِ والحقولِ المعرفيةِ المختلفةِ؛ بين الأنثروبولوجيّ والعلومِ السياسيةِ وعلمِ الاجتماعِ. ورغم هذا الاختلافِ، يتمثلُ الهدفُ الرئيسُ من دراسةِ هذه القضيةِ والنقاشِ بشأنِها في إدراكِ أهميةِ احترامِ هذا التنوعِ في إطارِ المواطنةْ.
اضاف: كما يتَّصلُ مفهومُ التنوعِ الثقافيّ اتصالًا وثيقًا بإشكاليةِ الوحدةِ في إطارِ التنوعِ، والانسجامِ في سياقِ احترامِ الاختلافِ، ونظرًا لأنَّ مفهومَ المواطنة يقدمُ إطارًا قانونيًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا للتعايشِ الإيجابيّ بين مواطنين متنوِّعين ثقافيًّا، فإنَّ هذا يؤكدُ على ضرورةِ دراسةِ العلاقةِ بين المواطنةِ والتعدديةِ الثقافيةِ، تدعيمًا لدورِ التنوعِ الثقافيّ في بناءِ المجتمعِ، ودعمًا لعلاقةِ الانتماءِ المشتركِ في الوطنِ الواحدْ.
وفي هذا الإطار تسهم إدارة التنوع -تحت مظلة المواطنة- في تعزيز قيمة التضامن الاجتماعي؛ إذ إن التضامن لا يقف عند حدود الدعم الاقتصادي، بل يمتد إلى الشعور بالانتماء واحترام التنوع والهويات المتعددة، والتكافل بين أبناء الوطن الواحد والعمل سويًّا لخدمته.
وهذا ما نصت عليه المادة الثالثة في الإعلان العالمي بشأن التنوع الثقافي، بوصفه عاملًا محركًا للتنمية، والتي تقول: “إن التنوع الثقافي يوسع نطاق الخيارات المتاحة لكل فرد؛ فهو أحد مصادر التنمية، لا بمعنى النمو الاقتصادي فحسب، وإنما من حيث هي أيضًا وسيلة لبلوغ حياة فكرية وعاطفية وأخلاقية وروحية مُرضِية”.
أشار د. أندريه إلى أن التماسكُ الاجتماعيُّ وإدارةُ التنوع واحدٌ من أهمِّ آلياتِ إدارة التنوع هو التماسكُ الاجتماعيُّ، الذي يتحقَّقُ بتحطيمِ القوالبِ التي تصنِّفُ الآخرين؛ فالتصنيفُ والوصمُ يساهمان في هدمِ الآخرِ واستبعادِه، والتعاملُ مع كلِّ دعاوى الكراهية التي لا تفكِّرُ في مصلحةِ الوطنِ واستقرارِه وأمنِه. لذا يهتمُّ التماسكُ المجتمعيُّ بما يمكن تسميتُه “إعادة التسمية” Renaming، والتي يمكنُ من خلالها معرفةُ الآخر كما هو وليس كما نتصورُه أو نحاولُ أن نتصورَه. هذه العمليةُ من إعادةِ التسميةِ لا بد أن ترتبطَ بما يمكنُ تسميته بإعادة الصُّنع Remaking أو مبادراتٍ جديدةٍ غير تقليديةٍ يمكنها أن تساهمَ في العبورِ بالجماعةِ الوطنيةِ إلى أرضٍ جديدةٍ بها مساحاتٌ مشتركةٌ أوسع، ولديها قدرةٌ على احترامِ الاختلافِ.
كما يمكنُ التعبيرُ عن التماسكِ الاجتماعيّ بالبناءِ الاجتماعيّ؛ فمظاهرُ الحياةِ المتنوعةِ يمكن أن تؤلفَ فيما بينها وحدةً متماسكةً، وفي هذا السياقِ يكون القانونُ هو المنظمَ للعلاقاتِ الاجتماعيةِ والنظامِ السياسيِّ والاقتصاديِّ، كما تلعب العاداتُ والتقاليدُ دورًا مهمًّا في عمليةِ البناء الاجتماعيِّ.
المواطنة كآلية لإدارة التنوع
استطرد: يمكننا تعريفُ المواطنة باعتبارها “عمليةً شاملةً تتجاوزُ المساواةَ لتصلَ إلى العدالةِ بواسطةِ ربطِ الحقوقِ السياسيةِ بالحقوقِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والثقافيةِ”. وبأنها تفاعلٌ بينَ الناس والجغرافيا، تتعلقُ بحقوق المواطنين وتتصلُ بالمكانِ المقيمين عليه، وتعززُ من شرعيَّةِ كلٍّ من المفهومِ الإقليميِّ والوطنيِّ.
وعلى المستوى السياسيِّ، يتنامى مفهومُ المواطنةِ من خلالِ التعايشِ ومجتمعِ المساواةِ، لكن هذه المساواةَ لن تتحققَ على المستوى السياسيّ بمفردِه.
لذا يحتاجُ النقاشُ حول المواطنةِ إلى الاهتمامِ بالتنوعِ الثقافيّ والدينيّ في المجتمعِ، وهي آليةٌ لا تنحصرُ في النطاقِ السياسيِّ، بل ترتبط أيضًا بالعملِ المجتمعيّ. وهنا يتجلَّى دورُ المجتمعِ المدنيّ ليمدَّنا بالأرضيَّةِ التي تعزِّزُ المواطنةَ.
إنَّ نشرَ ثقافةِ التنوعِ والتعدديةِ للوصولِ إلى مواطنةٍ داعمةٍ للتنوعِ، من أجل الوصول إلى مفهوم أشمل للتضامن الإنساني، هو عملٌ تتشاركُ فيه أطرافٌ متعددةٌ؛ فالدولةُ من خلالِ التشريعاتِ والإجراءاتِ وسيادةِ القانونِ، والمؤسسةُ الدينيةُ من خلال الحرصِ على خطابٍ دينيٍّ متسامحٍ داعمٍ لقبولِ الآخرِ والعيشِ المشتركِ والصالحِ العامِّ، ومؤسساتُ التنشئةِ (الحضانات والمدارس والجامعات) عليها دورٌ أيضًا لدعمِ ثقافةِ التعدديةِ والتنوعِ، ومنظمات المجتمع المدني بما لها من أدوات وإمكانات تستطيع أن تعمل بها في تعزيز مفهوم التنمية المستدامة والتضامن الإنساني.
المواطنةُ الداعمةُ للتنوعِ الثقافيِّ تنظرُ إلى التعدديَّةِ باعتبارها فرصةً، وتعملُ على تعزيزِها وتُحسِن إدارتَها، في سبيل دعمِ استقرارِ الوطنِ وسلامتِه وتقدُّمِه.
في هذا الإطارِ أؤكدُ أنَّ الحالةَ المصريةَ ليستْ بعيدةً عن هذا، وأنَّ ما تقومُ به الدولةُ في هذا السياقِ يدفعُ بهذا الاتجاهِ، وأنَّ التغييرَ الفكريَّ والثقافيَّ يحتاجُ إلى وقتٍ، وسيتحقَّقُ بكلِّ تأكيدٍ طالما أن هناكَ إرادةً وعملًا جادًّا مخلِصًا.
التضامن الاجتماعي وحماية كرامة الإنسان
التضامن الاجتماعي يدعم خطوات العمل بين الأطراف المتنوعة من أجل حماية كرامة الإنسان من خلال التمكين؛ فتمكين الإنسان من النهوض بمستواه المعيشي ومستوى الدخل، وكذلك تمكينه بتنمية الوعي بقيم المواطنة لديه، وتمكينه لإدراك أهمية التنوع واحترامه… كل هذا يدعم توجهات التنمية المستدامة.
إن واحدًا من أهم مؤشرات التنمية المستدامة هو بناء قدرات أفراد المجتمع؛ فالإنسان هو هدف التنمية ووسيلتها. وتعني عملية بناء القدرات تمكين المجتمعات من ممارسة دورها الحقيقي في كافة مراحل العملية التنموية، وقدرات هذه المجتمعات على التنظيم والإدارة ومواجهة التحديات.
وفي السياق ذاته، أود أن أشير إلى عدد من المبادرات التي تبنتها الدولة المصرية، في دعم قيمة التضامن، تحت مظلة المواطنة، ومنها مبادرة كتف في كتف، ومبادرة حياة كريمة، وكلها مبادرات تأتي كجزء من عملية ترسيخ الوعي بقضية المواطنة وأهميتها في دعم التماسك الاجتماعي.
واكد د. أندريه ضرورة شمولية عملية التنمية، فهي في كل جوانبها مترابطةٌ، ولا يصلح العمل على بُعد دون آخر في أبعادها ومحاورها، فالتنمية الاقتصادية مرتبطة بتمكين الشخص وبناء قدراته، وهذا مرتبط بتزكية الوعي والمعرفة، ومرتبط بإدارة التنوع واحترامه في سبيل تعزيز المواطنة الفاعلة.
مبدأ كونى
وبدأت الجلسة الأولى بإدارة د. نهى بكر، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان ، وأوضح فيها د. احمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية عضو مجلس الشيوخ ، أن التنوع ليس مرتبطا فقط بالمجتمع وانما هو مبدأ كونى بل داخل كل عنصر طبيعي ، فالتناغم والتضامن هو أساس التنوع.
وأكد د. عبدالمنعم سعيد ، عضو مجلس الشيوخ ، أن وجود حالة النمو الاقتصادي والاجتماعي للدولة، وكذا السلام الإقليمي مع الدول المجاورة، يقضي على الصراعات الفردية، وذات الشئ حين تكون هناك علاقات بين الرموز الدينية ، وكذا المشروع الوطني وهو ما تعيشه مصر حالياً.
وأوضح د. محمد فايز فرحات، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والسياسية بالاهرام، أن التنوع والتعدد السلبى لم يعد موجوداً كما السابق، وانما أصبح تنوعاً وظيفياً واقتصادياً واجتماعيا يقوى المجتمع ولا يضعفه، نتيجة وجود نمط قيادة سياسية تحديثى مختلف لديها مشروع تنموى شامل، للحجر والبشر وإعلاء قيمة مشاركة المجتمع المدني.
الثقافة والتضامن
وفى الجلسة الثانية بعنوان الثقافة وتعزيز التضامن الاجتماعى، وادارها الكاتب الصحفى د. سامح فوزى، أكد الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة سابقآ، استحالة حدوث كتلة واحدة مصمتة، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو دينية أو غيرها، فلابد من أن يكون هناك آخر يفكر بطريقة مختلفة، معرباً عن اطمئنانه على البيئة الشعبية دوماً والتفاؤل بها فالمجتمع القوى الحاضر هو الذى حمى البلاد فى أحلك الظروف، وتنوع وتعدد المجتمع على كافة المستويات جزء من نجاح الدولة.
مخزون تراثى
وقال د. هشام عزمى، رئيس المجلس الأعلى للثقافة: في واقع الأمر٬ فإن مصر تتمتع بمخزون تراثي متفرد في تاريخ الإنسانية. ويشهد تاريخُها القديم: الفرعوني والبطلمي والقبطي والإسلامي ٬ وصولا إلى العصر الحديث بهذا التفرد والتميز. وفي كل مرحلة من مراحل التاريخ المصري٬ كانت الثقافة والفكر والإبداع حاضرة وبقوة٬ وكانت هي دوما روح الحضارة المصرية. بل أن مصر لم تنهض إلا بها٬ فلا زراعة ولا صناعة ولا نهضة إلا بفكر يدعمها وثقافة تسندها وإبداع يعززها.
فلقد تميزت مصر عبر تاريخها الطويل بتنوع تراثها الثقافي. وأسهم في هذ التنوع عوامل داخلية بيئية واجتماعية٬ حيث كان تنوع سكانها واختلافهم ما بين سكان حضر وريف وبدو …وكذلك تنوع بيئاتها ما بين صحراوية وزراعية وساحلية٬ مع تبيان اللهجات والعادات والتقاليد عاملا رئيسيًا في ترسيخ قيم التنوع والاختلاف٬ ومغذيا وداعما لها عبر العصور. فضلا عن عما أسهمت فيه العوامل الخارجية والتي تمثلت في التفاعل مع الثقافات المختلفة التي وفدت إلى مصر بطرق مختلفة منذ العصور القديمة. وهكذا ٬ تشكلت مظاهر التنوع الثقافي في مصر. فمن سيوة للنوبة٬ ومن القناة للصعيد٬ ومن سيناء إلي الوجه البحري٬ تتنوع الثقافات ويتباين التراث … تنوع وتباين يبدو في ظاهره اختلافا٬ لكنه كان دائما في جوهره عامل توحيد لا تفريق٬ بل انصهارٌ في بوتقة واحدة ترسخ وتعزز الروح والهوية المصرية.
اضاف د. عزمى: لقد أصبح هذا التنوع الثقافي واحدا من أهم مظاهر حيوية مصر الثقافية٬ هذه الحيوية التي جعلت مصر متفردة في منطقتها ورائدة فيها٬ بل جعلتها البواية الثقافية الرئيسية لها ٬ حيوية ثقافية شكلت وجدان الشعب المصري وجعلت من موسيقاه وأغانيه قانونا ومن كلماته هديا ونورا٬ وجعلت من البسمة والضحكة عنوانا للمصريين ٬ حيوية ثقافية حصنتهم وأكسبتهم القدرة على المقاومة عبر الأزمان.
ولقد آمنت مصر بهذا التنوع الثقافي واحتضنته قبل قرون طويله من أية اتفاقيات أو معاهدات لحماية التنوع الثقافي. ولعل أهمها الإعلان العالمي للتنوع الثقافي الذي أعلنته اليونسكو عام ٢٠١١ ٬ والذي تناول التنوع الثقافي وحقوق الإنسان وترسيخ عدة مبادئ للهوية والتنوع والتعددية والتأكيد على التنوع عاملا من عوامل التنمية وحقوق الإنسان ضمانا للتنوع الثقافي.
استطرد د. عزمى، وفي هذا الإطار٬ تقوم استراتيجية وزارة الثقافة المصرية على تأسيس منظومة قيم ثقافية إيجابية في المجتمع المصري٬ تحترم التنوع والاختلاف وتمكين الإنسان المصري من الوصول إلى وسائل اكتساب المعرفة٬ وفتح الآفاق أمامه للتفاعل مع معطيات عالمه المعاصر٬ وإدراك تاريخه وتراثه الحضاري المصري٬ وإكسابه القدرة على الاختيار الحر وتأمين حقه في ممارسة الثقافة وإنتاجها. وأن تكون الثقافة مصدر قوة لتحقيق التنمية وقيمة مضافة للاقتصاد القومي وأساساً لقوة مصر الناعمة إقيمياً ودولياً.
كما تعمل وزارة الثقافة على تعزيز قيم المواطنة وتعميق الولاء والانتماء للهوية المصرية٬ وكذا الارتقاء بشتى المجالات الثقافية والفنية بشكل إبداعي مبتكر وتنمية الموهوبين والمبدعين.. كما تعمل الوزارة علي دعم الصناعات الثقافية ونشرها دون تمييز تحقيقاً للعدالة الثقافية. إضافة إلي تعزيز مكانة قوة مصر الناعمة وتحقيق ريادتها على الخريطة الثقافية العالمية.
يُعد دعم الصناعات الثقافية والابداعية وكذلك الحفاظ على التراث من أهم مظاهر دعم وتعزيز التنوع الثقافي في مصر. ولقد اشتملت استراتيجية وزارة الثقافة علي هدفين استراجيين وثيقي الصلة بهذا المجال. وذلك بما يتماشى مع خطط الدولة المصرية للتنمية المستدامة كما تجسدت في رؤية مصر 2030.
يتمثل الهدف الاستراتيجي الأول في دعم الصناعات الثقافية كمصدر قوة للاقتصاد المصري٬ وذلك من خلال تمكين الصناعات الثقافية المصري. حيث نسعى إلى زيادة الاستثمارات في هذا القطاع، عبر طرح مشروعات جديدة من أجل خلق بيئة محفزة لرواد الأعمال والمبدعين المصريين، تمكنهم من تطوير منتجاتهم وعلاماتهم التجارية، حتى يتمكنوا من الوصول والمنافسة بها في الأسواق العالمية.
واعلن د. عزمى، تسير وزارة الثقافة بخُطى ثابتة في هذا الاتجاه، حيث تم تأسيس الشركة القابضة للاستثمار في الصناعات الثقافية والسينمائية، التي يبدأ عملها بإنشاء شركتين، إحداهما للسينما، والأُخرى للحِرَف التقليدية.بعدها سوف يمتد نشاط الشركة إلى كل ما له علاقة بالفعاليات الثقافية والإبداعية؛ الأمر الذي يساهم في إدارة ما تملكه الدولة المصرية من أصول في كافة المجالات سواء المتاحف، صالات العرض السينمائي وأي أصول تخص الوزارة، بما يعود بالنفع على الاقتصاد المصري.
أما عن دعم الوزارة للمهرجانات والأنشطة الثقافية، فهي إحدى الوسائل التي تستطيع بها قوة مصر الناعمة تحقيق الريادة في كافة المجالات، سواء كانت سينما، مسرحاً، كُتّاباً، فنوناً تشكيلية، وغيرها. وفي هذا الإطار٬ فلقد تم تنظيم المئات من الأنشطة الثقافية الداعمة للصناعات الثقافية.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلي واحدة من أهم المبادرات الداعمة للصناعات الثقافية٬ مبادرة صنايعية مصر التي تهدف إلي تدريب الشباب على الحرف التراثية على مستوى محافظات مصر للجنسين من خلال هيئة قصور الثقافة وبالمجان. ولقد استفاد المئات من هذه المبادرة والتي بدأت بأربع محافظات في مرحلتها الأولي.
وفي السياق ذاته٬ تم تنظيم أكثر من ألفي نشاط ثقافي بالمناطق الحدودية والنائية ٬ في أسوان ـ البحر الأحمرـ شمال سيناء ـ مطروح ـ الوادي الجديد .
كما جددت وزارة الثقافة ممثلة فى المجلس الاعلى للثقافة بروتوكول التعاون الموقع مع اتحاد المعاهد الوطنية الثقافية الأوروبية لإطلاق النسخة الثانية من مبادرة دوائر الإبداع لتنمية الصناعات الثقافية فى مجال تنمية الصناعات الثقافية ورفع قدرات العاملين بالقطاع الثقافى بشقيه الحكومي والأهلى.
و يأتي تجديد البروتوكول في إطار العمل على تنفيذ استراتيجية وزارة الثقافة والخاصة بدعم الصناعات الثقافية ضمن خطط التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، وأضافت أنه يهدف إلى إعداد وتنمية مديرى الثقافة والفنون وتقديم الدعم التدريبي والمالي لأصحاب المبادرات والأفكار المبتكرة في مجال الصناعات الثقافية. حيث بدأ تنفيذ الدورة الثانية في سبتمبر الماضي بمحافظة بورسعيد على أن تبدأ المرحلة الثانية في محافظة إلمنيا خلال شهر إبريل القادم. ويشمل البرنامج تقديم مستويين من الدعم هما دعم تدريبى يقدم للمقبولين من أصحاب الأفكار والمشاريع الثقافية التى تحمل سمات الابتكار، ودعم مالي يقدم فقط للمشاريع الثقافية الأكثر اكتمالا ووضوحا.
أما الهدف الاستراتيجي الثاني لوزارة الثقافة٬ و الداعم للحفاظ على التنوع الثقافي فيتمثل في حماية وتعزيز التراث غير المادي بكافة أشكالة ؤأنواعه ٬ بهدف ضمان حماية وصيانة هذا التراث الحضاري ورفع الوعي الداخلي والخارجي به.
وتقوم وزارة الثقافة بجهود حثيثة لحماية وتعزيز التراث الثقافي٬ خاصة فيما يتعلق بتسجيل العديد من الملفات على قائمتي الصون العاجل للتراث غير المادي والقائمة التمثيلية للتراث غير المادي بمنظمة اليونسكو. حيث تم تسجيل ملفات الدمى اليدوية التقليدية ” الأراجوز” ٬ وكذلك ملف النخلة بالتعاون مع الألكسو كما تم تسجيل ملفات السيرة الهلالية ٬ النسيج اليدوي ٬ الخط العربي والتحطيب. وتوجت هذه الجهود مؤخرا بتسجيل رحلة العائلة المقدسة علي القائمة التمثيلية للتراث.
إضافة إلى ذلك٬ فلقد تم إنشاء سجل لتوثيق تراث السينما المصرية ليضم العديد من مقتيات السينما للمملوكة إلى وزارة الثقافة بالإضافة إلي إدراج أكثز من 200 فيلم تسجل التراث القومي للسينما المصرية.
كما تجدر الإشارة في هذا السياق٬ إلى نجاح مصر في استرداد أربع مخطوطات أثرية وإعادتها إلي دار الكتب المصرية قبل بيعها في مزادات علنية بالخارج.
واختتم د. عزمى معلناً٬ ستستمر وزارة الثقافة المصرية في تقديم كل الدعم للحفاظ على التنوع الثقافي في مصر٬ مؤكدة علي أهميته كواحد من أهم ملامح تفرد مصر الثقافي٬ وتأكيدا علي ما يسهم به هذا التنوع في ترسيخ الهوية الثقافية المصرية وتعزيز مكانتها في العالمين.