– ” السوشيال ميديا” أفردت مسرحًا جديدًا للاحتيال السبراني
– بلورة المعارف الجديدة ودمجها لعلاج المشكلات المجتمعية
– التطوير التكنولوجي لمواجهة التحديات الناشئة في الجريمة الرقمية
– تأثيرات سلبية للمخدرات على الاقتصاد وفقدان جزء كبير من قوى الإنتاج
متابعة : فتحي الدويدي
تصوير: رجب محمود
أكد المشاركون في الملتقى العلمي الأول للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية على أهمية التكامل بين العلوم الطبيعية والاجتماعية فى مواجهة الجريمة؛ مشددين على ضرورة تبادل الخبرات بين مؤسسات الدولة والتكامل فيما بينها في مكافحة الجرائم .
شددوا على توظيف المعرفة العلمية لفهم الظواهر الاجتماعية، وتوحيد المعايير المستخدمة فى كشف الجرائم للوصول إلى أفضل النتائج، واعادة النظر في الأساليب المستخدمة في مواجهة الجرائم والتفكير بطرق مبتكره للتكامل بين العلوم الطبيعية والاجتماعية في هذا المجال.
وناقش المشاركون في الملتقي على مدار يومين عددًا من الموضوعات والقضايا شملت الاتجاهات الحديثة في التزييف والتزوير، والاحتيال وتأمين المستندات ، ومستقبل التحقيقات الرقمية في مسرح الجريمة، ووسائل التواصل الاجتماعي كمسرح للجريمة، واستخدام طرق الليزر الاستطيافية في الكشف والتعرف على المواد المخدرة، ومتطلبات تحقيق العدالة في فحوص المخدرات للأفراد.
كما استعرض المشاركون الجرائم الرقمية وآليات مواجهتها، وأنماط الاحتيال المصرفي، وتفكيك الشبكات الإجرامية، والإطار التشريعي المصري لمكافحة الجرائم السيبرانية.
وكان المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية قد نظم الملتقي العلمي الأول بمشاركة عدد من الأكاديميين والتنفيذيين من مختلف المؤسسات من مختلف التخصصات العلمية والمهنية ذات الصلة بموضوعات الملتقى.
تبادل الخبرات
أكدت الدكتورة هالة رمضان مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية على ضرورة التكامل بين كافة المؤسسات البحثية والعلمية التي تعمل في مجال مواجهة الجرائم وتبادل الخبرات فيما بينها.
ومن جانبه شدد الدكتور أيمن حسان رئيس مصلحة الطب الشرعي على الشراكة القائمة بين مصلحة الطب الشرعي وعدد من الجهات المحلية والدولية التي تعمل في مجال مواجهة الجريمة؛ للاستفادة من التجارب المختلفة في هذا المجال، والتعرف على رؤى وخبرات جديدة لدراسة الظواهر الاجتماعية والعلمية. وأكد سيادته على ضرورة الحرص على مواكبة التطورات العالمية والحصول على اعتماد الجودة في الجهات التي تعمل في مجال مكافحة الجريمة، وتكاتف الحكومات لمواجهة المنظمات والشبكات الإجرامية، إلى جانب وضع استراتيجيات واضحة تساهم في بناء العقل الإنساني وتوعيته بآليات التصدي لهذه الجرائم.
وقالت الدكتورة نانسي الجندي، أستاذ الباثولوجيا الإكلينيكية ورئيس الإدارة المركزية بوزارة الصحة والسكان: أن التكامل بين العلوم الطبيعية والاجتماعية يمثل تطوير للأساليب والنظريات المستخدمة لحل المشكلات الاجتماعية، وذلك عن طريق توظيف المعرفة العلمية من مختلف التخصصات لتحليل وفهم الظواهر الاجتماعية.
وطالبت الجندي بضرورة وجود منظومة جودة قوية إلى جانب توحيد المعايير المستخدمة في كشف الجرائم للوصول إلى أفضل النتائج.
ومن جانبها أكدت الدكتورة إيناس الجعفراوي رئيـس شعبـة البحـوث الكيميائية والبيولوجية على أهمية المنهج متعدد التخصصات في بلورة معارف جديدة ورؤى متعددة يمكن دمجها في رؤية واحدة تفيد في علاج المشكلات المجتمعية، كما أشارت إلى ضرورة التضافر المؤسسي بين الجهات المختلفة التي تعمل في مجال مواجهة الجريمة، إلى جانب الالتزام بأخلاقيات البحث العلمي.
التقنيات الحديثة
وكان الملتقي قد ناقش خلال جلساته عدد من أوراق العمل منها الورقة قدمها اللواء مدحت بدور وكيل الإدارة العامة للمساعدات التقنية الداخلية سابقًا، والتي استعرض فيها تقنية التعرف على الوجوه كأداة في حل الجرائم والمحافظة على السلامة العامة، حيث تستخدم لتحديد ذاتية الجناة من خلال مقارنة صور الوجوه كما هو الحال في تسجيلات كاميرات المراقبة للجناة، أو للتعرف على هوية الجثث المجهولة باستخدام تقنية معالجة الوجوه المشوهة سواء في الحوادث الجنائية كما هو الحال في حوادث التفجيرات والكوارث المختلفة. وكذلك كيفية إعادة بناء صور الوجوه من وصف شهود الواقعة والمجنى عليهم كما هو الحال في حوادث الخطف والسطو المسلح وخطف السلاسل من السيدات.
ومن جانبه استعرض الدكتور زكريا أبو كبيرة خبير فحض الجرائم المادية والرقمية بالإدارة المركزية لأبحاث التزييف والتزوير، بمصلحة الطب الشرعي بوزارة العدل، التحقيقات الرقمية في مسرح الجريمة، مشيرا إلى التطورات التكنولوجية والزيادة المستمرة في عدد الجرائم الرقمية تؤدي إلى تطورات سريعة في مجال مسرح التحقيقات الرقمية.
وتناولت ورقة العمل مستقبل مسرح الجريمة والتحقيقات الرقمية بجانب الاتجاهات والتقنيات المتطورة التي تؤثر عليها، بما في ذلك الحوسبة الحكومية، والتعلم الآلي، والذكاء الاصطناعي، كيفية تطبيق هذه التقنيات لجمع وتخزين وتحليل الأدلة الرقمية بطريقة أكثر فعالية وكفاءة، ودراسة مزايا وعيوب استخدام هذه التقنيات في التحقيقات الرقمية، بما في ذلك مسائل الخصوصية ومتطلبات المعرفة المتخصصة والاتجاهات الجديدة في الجرائم الإلكترونية ومسرح الجريمة.
واكد على ضرورة البحث والتطوير المستمر في مجال التحقيقات الرقمية ومسرح الجريمة لمواكبة المشهد الرقمي المتطور والتصدي للتحديات الناشئة في مجال التحقيقات في الجريمة الرقمية.
وتعرض الدكتور وليد رشاد ذكي أستاذ علم الاجتماع المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية لوسائل التواصل الاجتماعي كمسرح للجريمة، مشيرًا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أفردت مسرحًا جديدًا للجريمة السيبرانية، ويتسم هذا النمط من الجرائم بعدد من الخصائص الاجتماعية، أولها أنها جرائم تقنية تتحرك على مرجعية رقمية، وثانيها أنها جرائم لا تخضع للمحلية ولكن تتحرك على مرجعية عالمية، وثالثها أنها جرائم يغلب عليها الطابع الرمزي، حيث تتحرك على خلفية رقمية، ورابعها أن جرائم لها طابع اقتصادي، حيث تشير الإحصاءات إلى أن معظم الجرائم التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي والانتهاكات ذات طابع اقتصادي.
المستندات الرقمية
وفي ورقة العمل التي قدمها الدكتور حسام الدين مصطفى محمد رئيس الإدارة العامة لأبحاث التزييف والتزوير ومدير عام التدريب الفني لخبراء التزييف والتزوير السابق بمصلحة الطب الشرعي بوزارة العدل حول جرائم الاحتيال وتأمين المستندات ذوات القيمة، أوضح أن عمليات الاحتيال المصرفي خطرًا جسيمًا على المصارف، والعاملين بها، والعملاء – ما يكون له تبعات بعيدة المدى تعود بالسلب على المجتمع بأسره، وتشكل خطرًا حقيقيًا على أمن الوطن والسلام الاجتماعي, وهذه الورقة تؤكد حقيقة أن الاحتيال المصرفي هو أحد مصادر تمويل الإرهاب الدولي, كما تؤكد أن أخطر عمليات الاحتيال المصرفي هي تلك التي تعتمد على المستندات المزورة. ولكل ذلك تسعى الحكومات والمصارف والشركات الكبرى إلى تأمين المستندات، وخاصة تلك التي يطلق عليها: (المستندات ذوات القيمة)، وهى المستندات التي لها قيمة مادية مرتفعة، أو قيمة قانونية فائقة.
ومن جانبه تناول الدكتور إبراهيم محمد عبد العزيز، خبير كشف التزييف والتزوير والاحتيال في العملة والمستندات بمصلحة الطب الشرعي بوزارة العدل ، دور الاحتيال المستندي في إثبات جريمة العنف ضد الزوجة؛ مشيرا إلى انتشار حالات العنف ضد المرأة عامة وضد الزوجة بشكل خاص بصورة كبيرة في الكثير من المجتمعات.
وأوضح أن الخلاف الدائم بين الزوج والزوجة مؤشرًا قويًا على التوتر في العلاقة بينهما، الأمر الذى قد يحتدم في أي لحظة مؤديا إلى الطلاق وانتهاء العلاقة الزوجية وهو ما يلقى بالعديد من المسئوليات والالتزامات المادية والقانونية على عاتق الزوج. وقد رصدت الكثير من الأبحاث أسباب انتشار تلك الظاهرة والصور المختلفة من العنف المستخدمة فيها، وكذلك السياسة الوقائية للحد منها، إلا أن أيًا منها لم يتناول ظهور المستندات ودورها في مثل هذا النوع من الجرائم. وحيث إن الزوج يقوم باستخدام المستندات التي تحمل توقيع الزوجة الصحيح في التنصل من هذه الالتزامات والهروب من تلك المسئوليات بعد حدوث الطلاق أو من الممكن أن يزور توقيع الزوجة، فمن هنا جاء دور خبراء التزييف والتزوير في إثبات عدم صحة مــا يدعيــه الـــزوج بشــــأن تنــــازل الزوجـــــة عـــــن كـــــل حقوقهـــا الماديـــــة والقانونية.
التطور التكنولوجي
وتحدث الدكتور أحمد عبد الشافي، خبير السموم بمصلحة الطب الشرعي بوزارة العدل عن استخدام طرق الليزر في الكشف والتعرف على المواد المخدرة، موضحا أن مختبرات السموم تستخدم عادة مجموعة متنوعة من تقنيات الكروماتوجرافيا وأدوات تحديد الهوية للمواد المخدرة في عينات ما بعد الوفاة وفى السوائل البيولوجية.
واستعرض الدكتور محمد عبد السلام مستشار الجودة والسلامة بالمعامل المركزية بوزارة الصحة استخدامات وتطبيقات أدوات الجودة لتحسين العمليات وحل المشكلات، لافتا إلى أن الكثير من الهيئات والمنظمات تستخدم أدوات الجودة لأغراض مختلفة تتعلق بمراقبة الجودة وضمانها، وهذه الأدوات يمكن تطبيقها على أى حالة، وهناك سبع أدوات أساسية للجودة مستخدمة في المنظمات إذ تستطيع هذه الأدوات أن توفر الكثير من المعلومات بشأن تطوير العمليات وتحديد المشكلات ووضع الحلول المناسبة لها، ويمكن لأدوات الجودة أن تخدم أغراضًا عديدة في حل المشكلات، وكذلك يمكن استخدامها للمساعدة في اتخاذ القرار واختيار مشاريع تحسين الجودة وإجراء تحليل السبب الجذري، وكذلك توفر بنية مفيدة لجلسات العصف الذهني، لتوصيل المعلومات، وتبادل الأفكار مع فريق. كما أنها تساعد فى تحديد الخيار الأمثل عند توفر أكثر من حل محتمل. يمكن أن توفر أدوات الجودة أيضًا المساعدة في إدارة مشروع لحل المشكلات أو تحسين الجودة.
وحول متطلبات تحقيق العدالة في فحوص المخدرات للأفراد أوضح الدكتور نيبال بد، مدير غدارة المخدرات بالمعامل المركزية بوزارة الصحة أنه يتم استخدام فحوص المخدرات للأفراد للعديد من الأسباب، من أهمها التعرف على المتعاطين، ورصد وردع التعاطي، وفى مراقبة التوقف عن التعاطي في البرامج العلاجية، وأيضًا لتقدير اتجاهات التعاطي لدى عامة السكان . ويتم استخدام هذه الفحوص لأغراض مختلفة.
تشريعات قانونية
وقدم اللواء دكتور نبيل محمود حسن أستاذ القانون الجنائي بكلية الشرطة، رؤية تحليلية لبعض أحكام القانون رقم 73 لسنة 2021 بشأن شغل الوظائف والاستمرار فيها أوضح خلالها تفاقم مشكلة المخدرات في مصر، نتيجة تزايد حجم الإنتاج العالمي للمخدرات وتعدد العصابات الإجرامية الدولية العاملة فى مجال الاتجار غير المشروع فى المخدرات، مشيرًا إلى تعدد الآثار السلبية لتلك المشكلة وتزايد عدد قضايا المخدرات التى يتم ضبطها، وتأثير ذلك على الاقتصاد القومي للبلاد، نتيجة فقدان جزء كبير من قوى الإنتاج، ونتيجة للمبالغ الطائلة التي يتم صرفها على شراء المخدرات من الخارج وعلى علاج المدمنين، وإنشاء سجون للمحكوم عليهم فى قضايا المخدرات، فى وقت تسعى فيه الدولة المصرية لتحسين اقتصادها.
واضاف: المشرع المصري اصدر تشريعًا جديدًا يحقق خفضًا أكبر على طلب المخدرات. فصدر القانون رقم 73 لسنة 2021 ، أوجب إجراء تحليل لكل من يتقدم لشغل الوظيفة أو الاستمرار فيها للتأكد من ثبوت عدم تعاطيه للمواد المخدرة.
عوامل نفسية
واستعرض الدكتور حسام الوسيمي، أستاذ علم النفس المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، الاضطرابات النفسية المصاحبة لتعاطى المواد ذات التأثير النفسي، مشيرًا إلى أن العديد من الدراسات أكدت على وجود علاقة متعددة الأبعاد بين الاضطرابات النفسية وتعاطى المخدرات، فقد يكون منشأ التعاطي لدى بعض الحالات محاولة السيطرة على اضطراب نفسى أو عقلي، كما يمكن أن تنشأ الاضطرابات النفسية والعقلية بسبب تعاطى المخدرات، بالإضافة إلى أن كلا النوعين من الاضطرابات قد يشتركان في العوامل المسببة ذاتها.
وتناول الوسيمي الأبعاد النفسية لحالات التشخيص المزدوج مستعرضًا معدلات الانتشار، و الاضطراب النفسي بوصفه سببًا للإدمان، و أنواع الاضطرابات النفسية التي قد تسبب الإدمان، والاضطرابات الناجمة عن التعاطي والإدمان، و العلاقة بين التشخيص المزدوج والانتكاسات المتكررة ومقاومة العلاج، مطبقًا ذلك على حالة تعاطى التامول بهدف علاج سرعة القذف، وحالة تعاطى الحشيش باعتباره محاولة خاطئة للتعامل مع القلق العام والتفكير الزائد.