من يظن أو يعتقد أن بناء الأوطان مجرد نزهة أو مجموعة من القرارات يتم اتخاذها ثم يسير الأمر بعد ذلك بشكل روتيني وتلقائي فهو لاشك واهم وغير مدرك لما عليه الأمور.
في الستينات مررنا بتجربة قاسية جدا بعدما خضنا معركة غير متكافئة في عام 1967 وكانت الهزيمة الثقيلة وتعالت المطالبات بضرورة خوض معركة الثأر واسترداد الأرض وخرجت المظاهرات في الجامعات ومرت البلاد بحالة كبيرة من الاحتقان.. وعلي الجانب الآخر كانت القيادة السياسية للبلاد تري أنه لابد من إعادة بناء الوطن وإعادة بناء الجيش من جديد وعندما تحين اللحظة الحاسمة يكون الجميع علي أهبة الاستعداد ويتحقق النصر المنشود وهو ماحدث في عام 1973.
في 2010 مرت المنطقة العربية بأسرها وليس مصر فقط بظروف لاتقل في خطورتها ولا في نتائجها عن الهزيمة العسكرية وشاهدنا جميعا مامرت به مصر من أزمة كادت أن تعصف بالوطن كله لولا حكمة وذكاء الجيش المصري الذي أدار المعركة باقتدار حتي عبر بنا الي بر الأمان.
ثم جاءت الانتخابات الرئاسية التي أفرزت مجئ جماعة الإخوان المسلمين للحكم ومانتج منهم من كوارث كادت أن تقود الوطن إلي حرب أهلية لاهوادة فيها حتي ظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي نجح في استعادة البلاد منهم في مشهد تاريخي لم ننساه أبدا وما أعقبه من ترشحه في الانتخابات الرئاسية في جو ديمقراطي واستحقاقات يحكمها فقط صندوق الانتخاب وتحت إشراف قضائي كامل.
منذ أن تولى الرئيس السيسي الحكم وقرر أن يخوض المعركة الأصعب وهي معركة بناء الوطن وكان من السهل جدا ألا يقترب من هذه الملفات الصعبة والخطيرة وأن تمر فترة حكمه بهدوء وسلام ونقوم بتمجيده وتعظيمه ويكتفي بأنه الرئيس الذي حرر البلاد من براثن جماعة الإخوان… لكنه اختار الطريق المر والاصعب وهو العمل من أجل بناء هذا الوطن من جديد بعد أن استهلك واستنفز علي مدار أكثر من خمسين عاما..هذا البناء ليس نزهة ولارفاهية يقوم بها ولكنه مشوار شاق وقاسي وله ضريبة ولاشك أن الشعب المصري قد تحمل الكثير في سبيل ذلك ولاجدال أن الطريق مملوء بالاشواك وأن هناك من لم يعد يحتمل هذه الفاتورة الصعبة ولكنه قدرنا وعلينا أن نسلم به حتي ينعم أولادنا بوطن محترم وتتوفر لهم حياة كريمة في وطن حديث متحضر في جمهورية جديدة نتمناها لهم..
من هنا فإن ترشح الرئيس السيسي للفترة الرئاسية المقبلة هو أمر في غاية الأهمية فنحن الآن في مفترق طرق وهناك طريق لابد أن نصل لنهايته واي تغيير الآن ليس في صالح أحد وقد ينتج عنه انهيار كامل لكل مابداناه فتكون العواقب كارثية ونحن نعلم الإرث التاريخي لدينا أن من يأتي يمحو كل ماقام به من كان قبله وهنا ستكون الخسارة فادحة ومميتة..
اعلم أن الظروف باتت صعبة علي الجميع ولكن اتركوا الرئيس السيسي ليكمل مابداه وستكون هذه الفترة هي مرحلة الحصاد لما بدأناه قبل عشر سنوات ليتسلم السلطة من بعده من يختاره الناس بهدوء وديمقراطية فقد انتهى عصر الثورات التي لم نحصد من وراءها إلا الخراب.