باعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يوم السبت الماضي 7 أكتوبر 2023 كان يوماً أسوداً على إسرائيل بعد الملحمة الكبيرة التي قام بها الشعب الفلسطيني في غزة عندما اقتحم المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة، في مشهد بطولي خارق لم نعهده من قبل، من الجو والبر، مما أربك الجيش الإسرائيلي الذي تلقى المفاجأة الثقيلة غير مصدقاً لما يحدث، وبعد أن كشفت المقاومة الفلسطينية هشاشة وضعف هذا الجيش الذي أوهم العالم بأنه لا يقهر.
مشاهد مصورة سجلها التاريخ لم نراها من قبل للشعب الفلسطيني الجبار الذي استهان به الجيش الإسرائيلي، وهو يقتحم المستوطنات والثكنات العسكرية ويدمر الدبابات والمركبات العسكرية ويقتل ويأسر العديد منهم، ويبث الرعب في جميع أنحاء الكيان الصهيوني المحتل، خاصة في تل أبيب التي أمطرتها المقاومة الفلسطينية بالصواريخ، وجعلت الإسرائيليين يختبئون في المخابئ مثل الفئران.
ستظل “عملية طوفان الأقصى” التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية صباح السبت الماضي، محفورة في أذهان العالم دفاعاً عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس المشرفة، ودفاعاً عن الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الذي قال الله تعالى عنه في كتابه العزيز: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”، ورداً عن الانتهاكات والاقتحامات والتدنيس الذي يقوم به المستوطنون اليهود كل يوم وتحت حماية القوات الإسرائيلية الغاشمة، بالإضافة إلى المخطط الصهيوني لهدم المسجد الأقصى المبارك من خلال الحفريات التي تقام تحت المسجد بهدف البحث عن هيكل سليمان المزعوم.
كما تأتي الضربة الموجعة للكيان الصهيوني المغتصب والمحتل للأراضي الفلسطينية، رداً على الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها القوات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني من قتل وهدم للبيوت ومصادرة الأراضي، فلم يسلم من أذى هؤلاء المحتلين لا التراب ولا الشجر ولا الإنسان، بالإضافة إلى بناء المستوطنات في كل مكان في فلسطين، حتى أصبح هذا الاحتلال الغاشم وصمة عار في جبين الإنسانية حتى يومنا هذا.
ومن المفارقات الجميلة أن تأتي هذه الملحمة يوم 7 أكتوبر ونحن مازلنا نعيش احتفالات ذكرى حرب 6 أكتوبر المجيدة، وكأن هناك موعداً مع القدر في أن تذوق إسرائيل مرارة ذكرى هزيمة أكتوبر 73، ومرارة الفشل الذريع للجيش الإسرائيلي والاستخباراتي، في يومين متتاليين، ونذوق نحن فرحة النصر على العدو الإسرائيلي فرحتين.
تحية وتقدير باسم كل عربي ومسلم ومسيحي لأبطال المقاومة الفلسطينية البواسل، الذين رفعوا رأس العرب عالياً، ونتوجه إلى الله تعالى بالدعاء أن يتقبل شهداء هذه المعركة الباسلة الذين نالوا شرف الشهادة دفاعاً عن تراب بلدهم وعن الأقصى المبارك، والذين قال الله تعالى عنهم في كتابه العزيز: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ”.