“الاستراتيجية الوطنية”.. تهدف لخلْق “حياة كريمة” للمواطنين
كتب- مصطفى ياسين
وافقت اللجنة المُشتركة المُكوَّنة من: لجان حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي والشئون الدستورية والتشريعية على قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي، موصِية المجلس بالموافقة النهائية عليه.
وبعد المناقشات المُستفيضة التي دارت بين مندوبي الحكومة وأعضاء اللجنة المشتركة، فإنها ترى أن مشروع القانون المعروض جاء- بعد ما أدخلته اللجنة من تعديلات- مُتماشيًا مع أحكام الدستور والاتفاقيات الدولية ذات الصِلَة.
يُذكر أن مشروع القانون مُقدّم من الحكومة- ومُحال من مجلس النواب- بإصدار قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي، وقد اختارت اللجنة المشتركة النائب جميل حليم- مقرراً أصلياً- والنائب سيد حجازي، مقررًا احتياطيًا لها فيه أمام المجلس.
كان المستشار عبدالوهاب عبدالرازق -رئيس مجلس الشيوخ- قد أحال إلى اللجنة المشتركة مشروع القانون- الاثنين ٢٦ من فبراير- لبحثه وإعداد تقرير عنه للعرض على المجلس، وفى استجابة سريعة جدًّا- عُقدت ثلاثة اجتماعات لنظر المشروع برئاسة النائب محمد هيبة؛ رئيس اللجنة المشتركة.
تعزيز الحماية الاجتماعية
أوضحت اللجنة المشتركة أن المنظومة الوطنية للحماية الاجتماعية لأي بلد تعكس مستوى التطوّر الاجتماعي والاقتصادي له؛ إذ إنها تعدّ مرآة لمستوى التشاور بين مختلف الفاعلين في الساحة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وتعتبر سياسة الضمان الاجتماعي من الأدوات الرئيسة في تعزيز الحماية الاجتماعية، حيث تهدف إلى توفير شبكة من الدعم والرعاية للفرد في مختلف مراحل حياته؛ ويُعتبر هذا النظام خطوة حاسمة نحو تحقيق التوازن الاجتماعي وتحسين جودة الحياة.
ويُقصد بالضمان الاجتماعي؛ جميع التدابير الرامية لتقديم الإعانات، سواء كانت نقدية أو عينية، لضمان الحماية من جملة أمور- منها: افتقار الدخل المُتأتّي من العمل أو عدم كفايته نظرًا لظروف المرض أو العجز أو الأمومة أو إصابة العمل أو البطالة أو الشيخوخة أو وفاة أحد أفراد الأسرة؛ وكذا افتقار سبل الوصول إلى الرعاية الصحية أو عدم القُدرة على تحمّل أعباء الوصول إليها وعدم كفاية الدعم الأسري؛ للأسر التي لديها أطفال وبالغون معالون؛ بالإضافة إلي مستوى الفقر، ومن ثمَّ؛ فالضمان الاجتماعي نظام قانوني ووسيلة إلزامية تأخذ بها الدولة لتحقيق الأمن الاجتماعي لمواطنيها في مواجهة المخاطر الاجتماعية التي يحدّدها القانون من خلال حصولهم على إعانات نقدية أو عينية.
وفي هذا المقام وجب تمييز مفهوم الضمان الاجتماعي عن بعض المفاهيم المتشابهة؛ حيث تستخدم مصطلحات “الضمان الاجتماعي، المساعدات الاجتماعية، التأمينات الاجتماعية” في سياق سياسات الحماية الاجتماعية، إلا أن لكل منها مدلوله الخاص، فالمساعدات الاجتماعية -أو الإعانات الاجتماعية- يقصد بها إعانات الضمان الاجتماعي التي تتوقف على مستوى دخل المتلقي، بشرط إثبات الحاجة، أو تقوم على أشكال مشابهة من الاستهداف مثل الاستهداف الجغرافي، فهي وسيلة لخفض مستوى الفقر والحدّ منه، ويمكن أن تكون في شكل نقدي أو عيني – بما مؤداه: أن المساعدات الاجتماعية ما هي إلا أحد أوجه تحقيق مستهدفات الضمان الاجتماعي، أما التأمينات الاجتماعية؛ فيمكن تعريفها بأنها نظام تأميني له طبيعة إلزامية، تموّله اشتراكات العاملين وأصحاب الأعمال، يتقرر هذا النظام لحماية العاملين -في حياتهم– من مخاطر إصابات العمل والمرض والبطالة، فضلاً عن تأمين مستقبلهم الاقتصادي ومستقبل ذويهم.
النهج المصرى
وقد تبنّت الدولة المصرية نهجًا جديدًا لتحقيق العدالة الاجتماعية، من خلال تطبيق حزمة من السياسات الاجتماعية الشاملة لدعم وحماية الفئات الأكثر احتياجًا وتعزيز الأمن الإنساني، بالتزامن مع الإصلاحات الاقتصادية، وبات التعامل مع قضية الحماية الاجتماعية بمنظور احتوائي شامل، فبلغت مخصصات الحماية الاجتماعية ٥٢٩,٧ مليار جنيه بالموازنة العامة للدولة (٢٠٢٣/٢٠٢٤) للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية؛ وهذا كله في سياق رؤية مصر٢٠٣٠، التي تركّز على الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري، وتحسين مستوى معيشته في مختلف نواحي الحياة، وذلك من خلال التأكيد على ترسيخ مبادئ العدالة والاندماج الاجتماعي ومشاركة كافة المواطنين في الحياة السياسية والاجتماعية، فالعدالة الاجتماعية والحماية الاجتماعية، تمثّلان محورين أساسيين في استراتيجية ورؤية مصر٢٠٣٠، بما يؤدّى إلى تحقيق الحماية للفئات الأولى بالرعاية، من خلال توفير الاحتياجات الأساسية للأسر التي تعيش في فقر مدقع، وتوفير الرعاية الصحية لهم، وحماية ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير عمل لائق مستمر للفقراء ومحدودي الدخل.
“حياة كريمة”
ويأتي مشروع القانون المعروض حلقة من حلقات جهود الدولة لتوفير “حياة كريمة” للمواطنين سيمَّا الفئات الأولى بالرعاية، وكان منها قانون الأشخاص ذوي الإعاقة الصادر بالقانون رقم (١٠) لسنة ٢٠١٨ ليقدم كافة سبل الرعاية والحماية لذوي الإعاقة لتمكينهم من المشاركة بصورة كاملة وفعّالة مع المجتمع وعلى قدم المساواة مع الآخرين، ومشروع قانون حقوق المسنين الذي يضمن حقوق المسنين صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وترفيهيًا.
ولا مراء أن مشروع القانون المعروض يعدّ تجسيدًا واقعيًا وترجمة حقيقة لكل من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والاستراتيجية المصرية للتنمية المستدامة ٢٠٣٠؛ وذلك فيما استهدفه من توسيع لمظلّة الضمان الاجتماعي، وربط سياسات الدعم بأهداف الاستثمار في البشر، فالدعم ليس المنتهى وإنما هو المدخل لتكافؤ الفرص والتمكين الاقتصادي للأُسر المستفيدة منه.