المتدبر لآيات القرآن الكريم يجد بها عدداً كبيراً من الآيات تعتبر بمثابة قوانين لا تتغير ولا تتبدل ويستطيع الإنسان إدارة حياته من خلالها وكذلك الإعداد ليوم لقاء الله ومن أمثلة تلك القوانين ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾ و﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾
ونتعرض اليوم إلى احدى هذه القوانين وهو قانون الحياة الطيبة والتي يتمناها كل إنسان ويطمح إليها، ذهب العلماء إلى ان الحياة الطيبة هي السكينة، هي النور الذي يقذفه الله في قلب المؤمن فيطمئن ،لا تقلقه الدنيا ولا البشر “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”، وتبين الآية الكريمة ذلك القانون الذي يحكم الحياة الطيبة وأن ثمن تلك الحياة هو الإيمان والعمل الصالح فأما الإيمان فهو ما وقر في القلب وصدق عليه العمل، والمؤمنون درجات في إيمانهم، ويستطيع المؤمن الارتقاء بمرتبة إيمانه بالعلم، العلم بكتاب الله وسنة رسوله وأسماء الله وصفاته العُلى، ثم تطبيق ذلك العلم باتباع ما تعلم من أوامر واجتناب النواهي، ثم يأتي العمل الصالح الشرط الثاني في قانون الحياة الطيبة وهو في الوقت نفسه سلم إلى مرحلة إيمانية أرقى “الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان” فلن يدفع الإنسان لإماطة الأذى إلا إيمان وقر في قلبه وهي ادنى صور السعي في حوائج الناس فمنها النفع المادي، والنفع بالعلم، والنفع بالرأي ،والنفع بالنصيحة ،والنفع بالمشورة ،والنفع بالجاه، والنفع بالسلطان، فالإسلام دِينٌ لا يقوم على الفرديّة وإنّما هو دِين اجتماعي أفراده يشدُّون من أزر بعض كالبُنيان المرصوص، وفي العلاقات أغلب العمل الصالح .ويأتي القرآن أيضاً بالضد وهو قانون المعيشة في ضنك وتعب وغياب للحياة الطيبة ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) جعلنا الله وإياكم من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.