بقلم الداعية
د.نيفين مختار
الناس نيام فإذا ما ماتوا إنتبهوا ، حقيقة مؤكدة لا تحتمل الشك أن الناس فى غفلة تأخذهم دوامة الحياة بحلوها ومرها، ويدور كل فى فلك الدنيا ويلهث ورائها إلا قلة قليلة جدآ قد أدركوا المعنى الحقيقى للدنيا وأنها لا تساوى عند الله جناح بعوضة فهل يتكالبون ويتعاركون على أقل من جناح بعوضة، للأسف حقيقة مؤلمة فهذا حال معظم الناس ، وأخرون لم يدركوا أيضآ حقيقة الدنيا ولكن هؤلاء صنف من الشباب إن لم يكن معظمهم يتفننون فى تضييع أوقاتهم فى اللهو والعبث بما لا يجدى ولا ينفع.
وأكاد أن أقسم أن هؤلاء وهؤلاء سيندمون أشد الندم يوم الحسرة والندامة يوم لا ينفع مال ولا بنون، يوم لا ينفع أحد إلا عمله الصالح، وأصبحت أرى أناس كل همهم فى الحياة الجرى وراء ملذاتهم والنيل من الدنيا كثيرآ وكذلك محاولة الوصول إلى القمة ولو على حساب الآخرين، ولو كان في سبيل تحقيق ذلك أن يبخسوا حق المتميزين حتى يخلوا لهم الطريق وتخلوا لهم الساحة.
أصبحت أسمع ذلك من الكثير فقد قالت لى إحداهن بالحرف أن زميلتها فى العمل صعدت على أكتافها، وعندما أخبرتها بأنى لم أفهم معنى العبارة ، قالت لى أنها متفوقة فى العمل على زميلتها ولكن زميلتها تسعى بشتى الطرق أن تصل حتى وإن كان على حسابها فكلما عقد إجتماع تتعمد أن تخفى صورها ومجهودها فى عرض تقييم الأعمال التى يقومون بها حتى تخفى تماما ما تقوم به ،ثم تبرز أعمالها هى ومن تحب من زميلاتها فقط أمام رئيسهم،ذلك لأنها تكره نجاحها ولا تحبها أن تتفوق عليها وبالتالى فهى تبخس كل أعمالها وتقدم عليها من لا يستحق.
للأسف هذا النموذج أراه كثيرا وقد أصبح موجودا فى كل مكان من أشخاص لا يحبون إلا أنفسهم ويكرهون نجاح الآخرين المتميزين المتفوقين عليهم ، وهذا الكره نابع من حقد واضح، وللأسف هؤلاء لا يحبون إلا أنفسهم مع أن الرسول صل الله عليه وسلم قال( حب لأخيك ما تحب لنفسك ) ولكن قليل من يطبق هذا، الكثير يقول نفسى نفسى، ومعظمهم يتعمد ظلم غيره فى سبيل أن يظهر هو على الساحة أمام رؤسائه.
ولعلى وأنا أفكر فى حال هؤلاء الناس لسان حالى يقول: وما الغريب فى ذلك فمعظم الناس نيام، معظمهم فى غفلة، يعيشون وكأنهم أحياء ولكنهم والله أموات، ماتت قلوبهم وماتت ضمائرهم وأصبحوا تائهون فى دوامة الحياة، ساقطون بداخلها، كلما أرادوا الخروج منها جذبتهم إلى أسفل فى أعماقها حتى أصبح الخروج منها شبه مستحيل فقد أغرتهم الدنيا بحلوها وجاذبيتها.
وهؤلاء يعيشون فقط للدنيا وملذاتها فهم أحياء ولكنهم أموات، ماتت القلوب وماتت الضمائر، لكن على الصعيد الآخر أجد بعض الناس يعطونا الأمل فى أشخاص أتقياء، أوفياء، يتمنون الخير للجميع لأنهم يرون الدنيا بعين من يسعى فيها لكى يحقق ما يرضى الله ورسوله فيتقى الله سبحانه فى نفسه وفى غيره كى يحظى ويفوز برضاء الله عليه، فمن أى الفريقين أنتم؟؟ ممن تسعون لقضاء حوائج الناس ومساعدة الغير، أم من الذين يتملقون لأحدهم ويحاولون بشتى الطرق الممكنة الوصول ولو حساب الآخرين، حذارى أن يصل أحدكم إلى الوضع الذى يكون فيه مثل هؤلاء الذين يعيشون وهم أحياء ولكن أموات.