المتتبع لوسائل التواصل الاجتماعى وصفحات الفيس بوك يجد أن هناك عددا كبيرا خاصة من الشباب جنح إلى الإلحاد وأصبحت هناك صفحات متخصصة ومجموعات شبابية تدعو إلى الإلحاد والتحرير من الأديان وأن المادة هى أصل الكون والاعتقاد بالعلم التجريبى المبنى على الفرضيات لا الحقائق.. بل إن الإلحاد الجديد برز كظاهرة معادة للدين وبكل ما يحمل من تعاليم ومبادئ.
ولعل من أبرز الأسباب التى دفعت بعض الشباب إلى الإلحاد مؤخراً ممارسات الجماعات التكفيرية التى تنتهج الوحشية والترهيب والزج باسم الإسلام شعاراً لها.. والتى صدرت مفهوماً مشوهاً لتعاليم الدين السمح ورسخت صورة وحشية قائمة له، مما نفر عدداً من الشباب ودفعهم إلى الإلحاد دفعاً.
وبجانب هذا السبب أيضاً أرى أن التطرف العلمانى الحاد الذى نادى بفصل الدين عن الدولة وما يقوم به من يدعون أنهم مفكرون إسلاميون من إثارة الجدل حول الثوابت الإسلامية والدينية والتشكيك فى مصادر الأحاديث النبوية الشريفة. .بل والتجنى على صحابة رسول الله »صلى الله عليه وسلم«.. كل ذلك وغيره ساهم أيضاً فى خلق حالة من الاضطراب الذهنى عند بعض الشباب.. فاتجه إلى الإلحاد وكفر بكل ما حوله من مبادئ وقيم ومثل وأخلاقيات ومنهج متزن.
وإذا كان خطر تيار التطرف والمتطرفين على الدولة والنظام والاستقرار يجب مواجهته واجتثاثهم من الجذور، فإن الإلحاد ومهاجمة الثوابت الدينية ليس أقل خطراً من هذه التيارات المتطرفة التى كانت سبباً فى انتشاره.. خاصة وأن موجات الإلحاد تحركها منظمات وحركات مشبوهة تهدف إلى ضرب الاستقرار فى مجتمعاتنا الآمنة.
إن عودة الملحدين إلى المنظومة المجتمعية تحتاج إلى تضافر كل الجهود فى المؤسسة الدينية ووزارات الشباب والثقافة والتعليم.. كلٌ فى مجاله لمعالجة التشوهات الفكرية التى طالت عقول بعض الشباب.. وذلك لن يتأتى إلا بمواجهة الفكر بالفكر وإزالة الشبهات التى علقت بأذهانهم، كذلك ينبغى أن تكون مناهجنا الدراسية باعثة على الإيمان بالله تعالى لا مجرد معلومات سطحية وقشور لا تسمن ولا تغنى من جوع.
وعلى عقلاء الأمة وحكمائها ورجالها الوطنيين المخلصين الغيورين على دينهم ووطنهم أن يفطنوا لكل هذه المخططات التى تحاول أن تنال من الوطن وشبابه لخدمة أهداف وقوى معادية.. وهذا يتطلب الوقوف وقفة رجل واحد فى مواجهة كل هذه التحديات بعيداً عن توظيف الخلافات المذهبية لأغراض سياسية والعمل بكل حسم لمواجهة التطرف بشقيه «الغلو والتشدد» والتطرف والإلحاد، ولننتبه إلى أن القوى المعادية كثيرة وقوية وهى تحاول أن تغزو العقول والنفوس وتباشر نشاطها بخطط مدروسة.. وعلينا أن نحصن شبابنا ضد هذه السموم وأن ندرك مسئوليتنا عن هذه المهمة الخطيرة.
< < <
وختاماً:
قال تعالى:
»وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِي وَلَا نَصِيرٍ«.
صدق الله العظيم
سورة الشورى (30 – 31)