ارتبط حب الوطن بحب الأرض التى يعيش فيها الإنسان.. حيث ذكر النبى محمد صلى الله عليه وسلم عن مكة: «ما أطيبك من بلد وأحبك إليّ ولولا أن قومى أخرجونى منك ما خرجت».. وهذا الحديث يظهر بوضوح حب النبى لوطنه، ويدلل على أن حب الوطن أمر فطرى يدعمه الإسلام.
الوفاء بحق الوطن، يعنى أن نؤدى ما علينا من واجبات تجاهه، سواء كانت هذه الواجبات متعلقة بالحفاظ على أمنه واستقراره أو المساهمة فى تنميته وازدهاره.. كما يشمل الوفاء أيضا، الدفاع عن الوطن ضد أى خطر يهدده، والعمل على تحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية.
الوطن هو الأرض التى نشأنا وتربينا عليها وعلى خيرها، وهو أهلنا وأمننا وملاذنا، وهو الحصن الذى يضمنا والمعلم الذى علمنا.. والوطن هو كل ما فينا من معان وقيم نبيلة، ولا يكفى فقط أن نتغنى بحبه والانتماء إليه، بل إن له علينا حقوقاً مفروضة لابد أن نوفيها، وإلا كنا مقصرين مفرطين، بل وخائنين لكل هذه القيم وتلك المعانى التى يمثلها الوطن، وأول هذه الحقوق أن ندافع عنه بكل ما نملك، وأن بذل الإنسان روحه فى سبيل وطنه، فهو شهيد كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن مات دون وطنه فهو شهيد».
ثانى هذه الحقوق، أن نرد لوطننا ما قدمه إلينا، وأن نتفانى فى بذل الجهد من أجل تقدمه ورخائه، وألا تكون مصالحنا الفردية مقدمة على مصالح الوطن.. فإن مصالح الوطن العليا لا تتعارض مع المصلحة الفردية، بل هى فى جوهرها مصالح ذاتية.. فالحق أن حب المرء لوطنه هو حب لذاته ودفاعه عن وطنه دفاع من ذاته ومصالحه الشخصية.
من هذه الحقوق أيضا، أن نحافظ على أمنه وسلامته، وألا نعرضه للفتن والاضطرابات، وألا نستمع للشائعات المغرضة من هنا أو هناك، التى يحاول مروجوها النيل من الوطن، والتى تعرّض أمنه ونظامه للبلبلة والخطر.. من هنا أوجد الإسلام حق الحرابة ليكون رادعاً لكل من تسول له نفسه الخروج على القانون وبث الشائعات والفُرقة بين أبناء الوطن.. فقد أغلظ الله لهم الوعيد وجعل عقابهم شديداً لأنهم يحاولون تعريض المجتمع للفوضي، فقال تعالي: «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم».
إن الوطن بحاجة إلى توحيد الجهد من كل أبنائه جميعاً وعدم الاستماع إلى الشائعات من هنا أو هناك، ولا سبيل إلى الوحدة والقوة إلا بتعميق قيمة الانتماء لهذا الوطن ورعاية حقوقه والاقتناع تماماً بأن هذا فيه خير للأمة كلها، فعلينا أن نتوحد جميعاً ونكون صفاً واحداً فى وجه كل من تسول له نفسه أن ينال من أمن الوطن ووحدته وقوته وعزته وسعيه إلى التقدم والرخاء، فالوفاء بحق الوطن فريضة إسلامية وواجب أخلاقى وإنساني، وعلى كل مصرى أن يسعى للحفاظ على أمنه وتنميته، فمصر ليست مجرد أرض نعيش عليها، بل هى كيان نحمله فى قلوبنا ونسعى دائما لرفعتها.. فحب الوطن والعمل من أجله عبادة تقربنا إلى الله وتؤكد إنتماءنا وهويتنا.