بدأت معرفتي بواعظات الأزهر الشريف عندما تمت دعوتي لإلقاء محاضرات للواعظات في دورة العقيدة التدريبية المقامة لهن في مدينة البعوث الإسلامية، في منتصف ٢٠١٨
وفي أثناء المحاضرات تعرفت على مجموعة كبيرة منهن ، وشعرت بمدى حرصهن على العلم والتعلم والتفقه في الدين ، وكم يجتهدن في تبليغ الدعوة والنظر لها كرسالة وأمانة ، فالدعوة بالنسبة لهن ليست مجرد عمل أو وظيفة، بل باب كبير لإصلاح المجتمع مما يفسده الآخرون ، ومجال واسع لتبصير الناس وتوعيتهم بما يحقق الخير لهم في الدنيا ويفتح لهم ابواب الجنة في الآخرة.
وتفكرت كثيرا كيف يمكنني معاونتهن على أداء رسالتهن ، ولأنني أمارس العمل الدعوي منذ حصولي على الدكتوراة عام ٢٠٠٠ فلدي خبرة في هذا المجال وهن حديثات عهد بها حيث بدأن العمل منذ ٢٠١٥ ولكن كيف السبيل إلى ذلك ؟
ولكني سألتهن كما يتساءل كثير من الناس
لماذا اختار الأزهر الشريف مسمى الواعظات بدلا من الداعيات والوعاظ بدلا من الدعاة
فعلمت منهن أن كلمة الوعظ مشتقة من :وعظه يعظه وعظا وعظة : اي أمره بالطاعة ووصّاه بها ، فاتّعظ : ائتمر وكفّ نفسه. والاسم الموعظة ، وهو واعظ ، والجمع وعاظ والمرأة واعظة والجمع واعظات ،
وقلن : إن الوعظ يستعمل في النصح والأمر بالطاعة والدعوة إلى كل خير والتذكير بما يرق له القلب ويلين من ثواب وعقاب وأنها قد وردت بمشتقاتها في القرآن الكريم في كل هذه المعاني الطيبة
(..فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ )البقرة ٢٧٥
أما الدعوة فإنها وردت في الدعوة إلى الله وفي الدعوة إلى النار قال الله تعالى:
يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ
ذُنُوبِكُمْ ﴿٣١ الأحقاف﴾ وقال تعالى 🙁
أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ
وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ )٢٢١ البقرة
فلما كان الوعظ لا يكون إلا في الخير اختاره الأزهر الشريف ليكون هو مسمى الوعاظ والواعظات ممن يعملون في مجال الدعوة إلى الله بالحسنى والموعظة الحسنة.
فلما علمت ذلك تمنيت على الله أن يكتب لي أن أعينهن على حسن الأداء لهذه المهمة التي تحملنها عن طيب خاطر ، ورجوت الله أن يجعل لي نصيبا في خدمة الإسلام والمسلمين
وقد سمع الله ما يدور في نفسي وما يتمناه قلبي وما يرجوه لساني ويردده بالدعاء
فلم تمر إلا أيام قليلة حتى دعيت إلى لقاء مع فضيلة الإمام الأكبر حيث شرفنا بمهمة عمل تتعلق بالتطوير وتنمية المهارات ،
وفي اللقاء الثاني لمتابعة ما تم فوجئت بفضيلته يكرمني باختياري كمساعد للأمين العام لمجمع البحوث الاسلامية لشؤون الواعظات وتنمية مهارات السيدات الأزهريات في الدعوة .
يا الله : ما أقربك منا ، وما أعظم الإخلاص لوجهك الكريم ، والرغبة الخالصة في خدمة الإسلام والمسلمين ،ونفع المجتمع وإصلاح أحواله مما يفعله المفسدون .
وفي اللقاء نبهني فضيلة الإمام الأكبر إلى أن المهمة صعبة وأن الطريق شاق ولكنه سيدعمنا ويذلل لنا الصعاب وأنه يأمل في الكثير من إصلاح أحوال المجتمع على أيدي الواعظات لو تم صقلهن وتنمية مهاراتهن وتطوير الخطاب الديني عندهن
ووعدته ببذل قصارى جهدي ، كما ابديت لفضيلته تخوفي من الخطأ ،
فقال لي كلمة لن أنساها.
قال: إذا لم تخطئي فأنت لا تعملي ، وأنا يهمني العمل وتصحيح الخطأ مطلوب ، وعدم تكراره واجب.
كلمات تشجع على العمل وتطمئن من الخطأ وتحذر من الكسل ومن تكرار الخطأ وتحفز على النجاح .
وبدأت العمل ،
فكان اللقاء الثاني لي مع الواعظات بصفتي مسؤولة عن شؤونهن وتنمية مهاراتهن ، كان اللقاء في مجمع البحوث الإسلامية، بمتابعة ورعاية كريمة واعية من فضيلة الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عياد الذي اختار لمكان التقاء الواعظات الدائم معي مكانا راقيا وقريبا منه، فكان اللقاء الثاني حيث فتحن لي قلوبهن بكل ما يرونه عائقا أمامهن في سبيل الانتشار والوصول بصورة كريمة و صحيحة للجماهير وقدمن مقترحاتهن لما يحتجنه في مجال تنمية مهاراتهن الدعوية والمعوقات التي تحول دون ذلك
فكان أن بدأت بوضع خطة جديدة في العمل معهن بما يتناسب مع ما سمعته منهن وما وجدته لديهن من قدرات ومهارات يمكننا أن نستكملها ونبني عليها.