كتب- محمد الساعاتى:
في جنازة مهيبة عقب صلاة الجمعة ودّع أهل الخير والدعوة والاقتصاد رجل الأعمال الشهير محمود العربي الذي نعته كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسة الدينية بمختلف مكوناتها من الأزهر والأوقاف والإفتاء، تجلى الوفاء فى أبهى صوره عندما فوجئ المعزّون فى تشييع جنازة رجل الأعمال الشهير الحاج محمود العربى بقرية أبو رقبة، مركز أشمون، منوفية، بوجود براعم كثيرة من حفظة القرآن بكتاتيب القرآنية التى أنشأها الفقيد الراحل وعنى بها على مدى سنوات عمره .
كان الراحل قد تعاقد فى 2020م مع مجموعة من علماء القراءات والمقرئين والمحفّظين للقرآن على أن يتم تعليم جميع العاملين بمجموعة توشيبا العربى، البالغ عددهم 40 ألف موظف، طريقة قراءة القرآن بطريقة صحيحة هم وأزواجهم وأبناءهم، بل وضع مكافآت مالية للموظفين الذين سيتمون حفظهم لكتاب الله.
كان المرحوم محمود العربى دائما ما يتحدث بنعمة الله ونعمة القرآن عليه فيقول: حملت كتاب الله فى قلبى وعقلى، وانطلقت لأعمل به مجتهدا موقنا أن الله هو الرزاق.
ولد محمود العربي 1932 بقرية أبو رقبة، فهو لم يكن مجرد رجل أعمال عصامي حرص على جمع ماله من الحلال منذ أن كان تاجرا صغيرا واستطاع الحصول على توكيلات كبرى الشركات العالمية في منتجات متعددة بل مثل نموذجا فريدا في دعم التنمية ومحاربة البطالة بالمنتجات المفيدة التي لا يستغنى عنها أي بيت .
شارك العربي، الشعب المصري همومه فقد كان والده مزارعًا مستأجرا يزرع أرضًا ليست ملكه، وقام بإرساله إلى “الكُتَّاب” وهو في سن ثلاث سنوات فتعلم القرآن، ولم يلتحق بالتعليم بسبب ظروف والده الاقتصادية، وبدأ كبائع في متجر حيث ظهر لديه ميل للتجارة منذ صغره فكان يبيع لعب الأطفال على مصطبة منزله بالقرية في العيد ويدخر الأصل والمكسب يعطيه لأخيه غير الشقيق فيشتري له غيرها، ولما وجد فيه الأخ هذه الموهبة اصطحبه للقاهرة حيث عمل بالموسكي بائعا من محل لمحل ثم اشترى وشريك له محلا بالموسكي، وبدأ التحول من عامل لصاحب عمل ولم ينس الرجل حق الشريك ولا حق الفقير فكان في ماله حق معلوم للسائل والمحروم.
كان حلم “العربي” التحول من رجل تجارة لرجل صناعة، وهمّه أن يفتح أكبر قدر من البيوت بزيادة عدد العاملين معه وانتقل النشاط لأماكن أخرى غير الموسكي ليمتد لجزيرة بدران بشبرا وبورسعيد وبنى المصانع في بنها ثم توسع لتحتل الجزء الأكبر من المنطقة الصناعية بقويسنا بالمنوفية وتدور العجلة ومع نفس الخط الصناعي التجاري يسير الخط الخيري، ويعاون الرجل نخبة من أهل الثقة وأهل الخبرة يتقدمهم أخوه الحاج محمد العربي وكوكبة من الرجال المخلصين للشركة .
في 1975 زار “العربي” اليابان، ورأى مصانع شركة توشيبا التي حصل على توكيلها، فطلب منهم إنشاء مصنع في مصر، وكان لديه أرض في طريق مصر- إسكندرية الزراعي، زارها خبراء من اليابان وأقروا بصلاحيتها، وتم إنشاء أول مصنع للشركة في مصر. وفي 1982 تم بناء مجمع صناعي في بنها. وعلى مدار العقود التالية زادت شراكاته مع شركات يابانية مصنعة للأجهزة الإلكترونية وغيرها ليصبح وكيلاً لعلاماتها التجارية وفي الوقت الحالي، وصلت مبيعات “مجموعة العربي” أكثر من 400 منتج في 22 دولة، وتتكون شبكة التوزيع والخدمات للمجموعة من أكثر من 2800 مركز بيع وأكثر من 180 مركز لخدمات ما بعد البيع .
دخل المعترك السياسي بناء على طلب محافظ القاهرة وأصبح نائباً بمجلس الشعب، إلا أنه لم يترشح مجدداً لتفضيله مجال التجارة والصناعة والابتعاد عن مجال السياسة،وحصل على أرفع وسام ياباني (وسام الشمس المشرقة) من الإمبراطور الياباني أكيهيتو في مايو 2009. لدوره في دعم وتحسين العلاقات الاقتصادية المصرية اليابانية
قام محمود العربي ببناء مجموعة كبيرة من المعاهد الدينيىة ومكاتب تحفيظ القرآن والمؤسسات الخيرية، ليس في قريته أبو رقبة فقط بل في العديد من الأماكن التي في حاجة إلى ذلك، ولم يتأخر يوما عن عمل لخير وبناء بيوت الله وشيد مسجدا فخما “الرحمن الرحيم” الذي يعد تحفة معمارية بكل ما تعني الكلمة من معان.