مبادرة جديدة أطلقتها وزارة الأوقاف ضمن حملتها لبناء وعي سليم، يبدأ من أسرة مستقرة، كان شعارها “سكن ومودة”، ومن المقرر أن يبدأ تنفيذها الفعلي على الأرض من محافظة القاهرة خلال 10 أيام، كما انطلقت الدورة الأولى من المبادرة- التي تهدف إلى التثقيف العام بأهمية الاستقرار الأسري، وبث روح السكن والمودة بين أفرادها جميعًا- بأكاديمية الأوقاف الدولية بالسادس من أكتوبر؛ لإعداد 84 من المدرِّبات من الواعظات المعتمدات ضمن المبادرة.
قال د. مختار جمعة- وزير الأوقاف-: الهدف من إطلاق مبادرة “سكن ومودة”، بناء الوعي من أجل الإسهام في عملية الاستقرار الأسري، من خلال قيام كل فرد في الأسرة بواجبه الأسري من منطلق المودة والرحمة: بين الزوجين، بين الآباء والأبناء، بين الأهل والجيران، فالمؤمن أينما وقع نفع، وخير الناس خيرهم لأهله، وخيرهم أنفعهم للناس.
الحقوق المتبادلة
من جانبها قالت د. وفاء عبدالسلام- منسق المبادرة-: مبادرة «سكن ومودة» تهدف إلى تعريف المقبلين على الزواج والمتزوجين حديثا بالحقوق المتبادلة بين الزوجين وكيفية التعامل على أساس السكن والمبادرة والحنيفة، التي حث عليها ديننا الحنيف مصداقًا لقوله تعالى «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة»، مشيرة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم، أكد في تعاليمه الدينية السمحة أن خير الناس هم خيرهم لأهلهم، موضحة «من المفهوم ده جاءت تلك المبادرة من وزارة الأوقاف إيمانا منها بأن الأمن المجتمعي يبدأ من الأمن الأسري”.
أضافت: المبادرة تستهدف ترسيخ المودة والمحبة في البيوت المصرية، والوزارة تهدف إلى إعادة المودة والرحمة في كافة الأسر المصرية، حيث أن لفظ «المودة» يعني السلوك الذي به يتم التعبير عن الحب، “لو الحب ميل في القلب فالمودة هي السلوك اللي بيعبر عن هذا الميل القلبي، وعايزين نرجع السكن والمودة والحب، ولذا جائت المبادرة.”
أوضحت ان المبادرة تستهدف المتزوجين حديثا أو منذ فترة طويلة والراغبين في الزواج، لتعديل السلوكيات الخاطئة وإصلاح ما أفسده الدهر نتيجة عدم الفهم، قائلة: لكل المتزوجين تعالوا أعرفوا ممكن نعدل من سلوكيات كتيرة كنا بنعملها خاطئة، وتعالوا نشوف المنهج النبوي الشريف وديننا الحنيف يبين لنا أزاي يكون التعامل، ونصلح ما تم إفساده بسبب التقدم التكنولوجي الأخير”.
وأشارت إلى أن د. مختار جمعة وجَّه بالدفع بشباب الأئمة والواعظات من اجل التعامل مع الشباب حديثي السن، وسيتم الدفع بعلماء من الأزهر للحديث عن الأمور الفقهية، بالإضافة إلى علماء في الاجتماع وعلماء في الطب للحديث في كل الأمور.
أوضحت أن التوعية ستكون شاملة ولن تقتصر على الامور الدينية والفقهية، وأن الوزارة ناشدت مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الانضمام إلى المبادرة، قائلة: “حرصنا أن المبادرة تكون واعية وشاملة جميع الأجزاء مثل النواحي الطبية، وغيرها من الأمور التي تخص المتزوجين، والمبادرة حاليا في مرحلة فرز المحافظات لبدء تحضير الدورات”.
تابعت: “دخلنا مرحلة الفرز وتلقينا طلبات من كل محافظات الجمهورية، وسنقسم مقدمي الطلبات وفقا لمحافظاتهم من أجل التحضير لدوراتهم، ودورة القاهرة ستبدأ في غضون أسبوع أو 10 أيام”.
دعائم الأسرة
وفي سياق متصل أكد د. خالد صلاح- وكيل وزارة الأوقاف لشؤون المساجد والقرآن الكريم- أهمية مبادرة «سكن ومودة» لما لها من أثر إيجابي على المجتمع، وأن هذه الدورة تهدف إلى الارتقاء بدور الواعظات في إرساء دعائم الأسرة المصرية، مبينا أن استقرار الأسرة سبيل لاستقرار المجتمع والوطن والدولة الأسرة مستقرة تعني دولة مستقرة قوية.
وثمَّن د. حسام الدين موافي- أستاذ أمراض الباطنة بكلية الطب جامعة القاهرة- حرص د. مختار جمعة، على التطوير والتثقيف للواعظات من خلال التدريب المستمر، مبينًا أن سبب استقرار الأسرة هو السكن والمودة، وأن وزارة الأوقاف قد أحسنت الاختيار حين أطلقت على هذه المبادرة، مؤكدًا أن الحياة الأسرية تُبنى أساسًا على المودة والرحمة وأنها سكن واستقرار، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”.
وأشار إلى أن الأخلاق مقسمة كالأرزاق لذلك يجب أن نتنبه جيدًا عند بناء الأسرة وهو ما أكد عليه النبي في أحاديث كثيرة منها قوله: “تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”، وقوله: “إذا أتاكُم من تَرضونَ خُلقهُ ودينهُ فزوّجوهُ، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ”، فالأخلاق هي أساس الاختيار لبناء أسرة تنعم بالسكن والمودة والرحمة.
وعلق د. هاني تمام- الأستاذ المساعد بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر- قائلا: المبادرة تعد من أهم المبادرات في العمل المجتمعي، موضحا أن المجتمع قد شهد في السنوات الأخيرة زيادة في حالات الطلاق بمعدل غير مسبوق مما حدا بمؤسسات الدولة إلى التحرك نحو العمل على إرساء دعائم الأسرة المصرية وكان من جهود وزارة الأوقاف في هذا الأمر هو إطلاق هذه المبادرة لتدريب الواعظات.
وأشار إلى أن كل فعل بشري له حكم شرعي وتختلف مراتب الأحكام الشرعية باختلاف الفعل الذي قام به الإنسان، موضحاً أن كلا من الزواج والطلاق يخضعا للأحكام الشرعية، فالأمر يحتاج إلى علم بأحكام الأسرة حتى نستطيع تنظيم الحياة الزوجية.
وأكد أن الزواج قائم على المودة والرحمة والاحترام والمحبة بين الزوجين وقد أكد علماء الفقه على هذه الأمور، والتي منها أن الزواج يُبنى على التأبيد والاستمرارية ليعلم الرجل والمرأة أن القدوم على هذه الخطوة لابد أن يكون على أساس ثابت فليس الزواج مرحلة وتمر بل حياة واستقرار وإقامة أسرة تساعد في بناء المجتمع بمفهوم أشمل هو “سكن ومودة”.