حقيقة يعلمها الكثير من الناس ولكن القليل هو من يطبّقها ويبذل أقصى ما عنده كى يحقق المغزى من الحديث الشريف (من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) وبالفعل الكثير يرى المنكر ولا يغيره ولا حتى بأضعف الإيمان وهو أن يخطر على باله أن يهم بعمل شئ ثم تتحرك مشاعره فيتحرك قلبه فيستنكر ما يراه من فعل الباطل، لكن الغالبية فى هذا الوقت الذى نعيشه تقول ليس لى شأن بما يحدث حولى، هل أنا من سيصلح الكون، هل إذا تكلمت وأنا وحدى سينصلح حال الناس؟ لا. سوف أكتفى بأن أكون فى حالى، لكن الشئ المدهش عندما نجد هذا التحرك لنصرة الحق ولتغيير الباطل ولدفع المنكر يصدر من سيدة بسيطة رأت فتاتين تُختطفان من شخص يقود دراجة نارية، فلم تتردد لحظة واحدة إلا وقد ألقت بنفسها أمام الموتوسيكل لكى توقفه حتى تنقذ الفتاتين، ولم تكن تعلم أنه قد سرق الهاتف منهما، وأنهما قد تعلّقا به حتى يأخذا الهاتف، فقام بسحلهما فى الأرض وهو يسير بالموتوسيكل ،لكن كان فى تفكيرها ألا تدعه يأخذ الفتاتين حتى تستر عِرضهما، فألقت بنفسها أمام الموتوسيكل كى توقفه فقام بدهسها دون تردد ولا شفقة ولا رحمة! فأصيب العمود الفقري ودخلت على إثر الحادث إلى المستشفى لتضع ما يثبت العمود الفقري الذى أصيب نتيجة المحافظة على عِرض البنات، يا لها من سيدة قوية شريفة عندها المبادئ والشرف والشهامة والمروءة جزء لا يتجزأ من شخصيتها لتضرب أروع الأمثلة فى الشهامة والشجاعة التى قلَّت فى هذا الزمان عند الكثير من الناس وتكون نموذج يحتذى به فى المواقف الصعبة، وأرجع بذاكرتى إلى الوراء وأتذكر حادثا حصل فى محافظة ما وقام الرجل بفصل رأس أحدهم ثم أخذ يسير بها فى الطرقات متباهيا بهذا الفعل المتردى والجريمة الشنعاء التى توضح ماذا وصلنا إليه من تدنى الأخلاق! وللأسف الجميع وقف في صمت ينظر ماذا يحدث، لكن السيدة الشهمة المضحية لم تفكر لحظة واحدة فى أنها ستصاب إذا ألقت بنفسها أمام الموتوسيكل بل فعلت بكل الحب وبكل ما تحمله معانى الشرف ما يمليه عليها ضميرها، لو فعل معظم الناس ما فعلت هذه المرأة من المحافظة على العِرض والتصدى لكل ظالم ومتجبِّر في الأرض، لكنا فعلا خير أمة أخرجت للناس، يا ليت الجميع يتعلم أننا لا نسير فى الأرض لكى نتجبّر فيها، ارفقوا بالناس وكونوا عباد الله إخوانا، لماذا يؤذى بعضنا البعض؟ لماذا لا نعيش فى سلام؟ إنشروا السلام بينكم واجعلوا التعاون ومساندة الآخرين منهج حياتكم، وتعلّموا من امرأة بسيطة كيف تكون الأخلاق؟ بل قولوا كيف يكون الشرف؟ وكيف سنغير من أنفسنا حتى نكون ممن اتبع حديث الرسول (من رأى منكم منكرا….) ليتنا نتحلّى بجزء من أخلاق النبى، ليتنا نتغير ونعود إلى الزمن الجميل الذى كنا جميعا فيه أسرة واحدة، الكل يحب الخير للآخرين، الجميع يحمل همّ جيرانه، شكراً سيدتى فأنت حقا طبّقتى المعانى الجميلة للدين بهذا الفعل الرائع الذى لا يصدر حقا إلا عن امرأة ذات قلب كبير، شكراً عنوان الشهامة والتضحية.