كتبت :مروة غانم
غالبية المسلمين يستخدمون التقويم الهجري دون أن يعرفوا من الذي وضعه ؟ .. وما هي الظروف والملابسات التي وضع فيها ؟ .. ومتى بدأ العمل به ؟
تذكر كتب التاريخ أن الذى قام بوضع التاريخ الهجرى هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب , وذلك حينما وصله كتاب من أبى موسى الأشعرى ” والذى كان أميرا على البصرة وقت ذاك ” يستفسر منه عنه المكاتبات التى يرسلها له بصفته خليفة للمسلمين فى أى سنة تكون حيث قال الأشعرى: يا أمير المؤمنين يأتينا كتابك وقد أرخ به فى شوال ولا ندرى أى شوال تقصد هل هو فى السنة الماضية أم الحالية , فما كان من عمر إلا أن جمع مجموعة من كبار الصحابة وعرض عليهم الأمر وكان من بينهم علي بن أبى طالب رضى الله عنه وعثمان بن عفان فأشار عليه البعض أن يكون التأريخ من بداية بعثة النبى صلى الله عليه وسلم فى حين رأى أخرون ومنهم علي بن أبى طالب أن يكون التقويم من هجرة النبى صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة فاستحسن عمر الرأى الأخير وعقب قائلا بأن الهجرة فرقت بين الحق والباطل , ورأى بعض الصحابة أن يكون رمضان هو أول شهور السنة الهجرية فى حين رأى ابن الخطاب أن يكون شهر الله المحرم هو أول شهور السنة الهجرية ، مبررا ذلك بأنه الشهر الذى ينفض الناس فيه بعد حجهم وتم اعتماد هذا التاريخ الهجرى بعد مرور سبعة عشر عام من هجرة النبى صلى الله عليه وسلم , كما اتفقوا على تكون بداية السنة الهجرية من محرم وتنتهى فى ذى الحجة .
وكان المسلمون قبل ذلك يتبعون التقويم المعتمِد على الأحداث البارزة آنذاك، على سبيل المثال عام الفيل الذي ولد فيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم .
ويبلغ التقويم الهجري إثني عشر شهراً وذلك بالاعتماد على دورة القمر، حيث أنه إلى يومنا هذا يتم اعتماد الهلال القمري في معرفة بداية الشهور وأواخرها خاصة هلال شهر رمضان وهلال شهر شوال وهلال عيد الأضحى.
تتكوّن السنة الهجرية من 12 شهراً، كما قال الله تعالى في كتابه الحكيم في الآية (36) من سورة التوبة: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِعِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
يبدأ كل شهر هجري مع بداية وقت القمر الجديد، حيث يكون تعداد أيام أشهر التقويم الهجري حسب دورة القمر حول الأرض، وتتناوب الأشهر بين 29 و30 يوماً، باستثناء شهر ذي الحجة، حيث تختلف عدد أيامه في دورة قدرها 30 سنة؛ وذلك للحفاظ على تناسب التقويم مع مراحل نمو القمر الحقيقية. وقد ارتبط التقويم الهجري بالفرائض الّتي فرضها الله تعالى على المسلمين، مثل الحج والصوم.
أقسام ومعاني
وقد قسم العرب الشهور الهجرية إلى قسمين كالتالي:
– الأشهر الحُرُم: وعددها أربعة، وهم: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب. وسميت بالأشهر الحرم لأن القتال كان محرماً فيها عند العرب في الجاهلية، وبقي الحال على ما هو عليه حتى بعد ظهور الإسلام، وذلك لقوله تعالى في الآية (5) من سورة التوبة: (فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
– الأشهر الحِلُ: وهي بقية الأشهرالهجرية الاثني عشر، ويبلغ عددها ثمانية، وهي كالتالي: صفر، وربيع الأول، وربيع الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة، وشعبان، ورمضان، وشوال. وسميت بالأشهر الحِلُ لأن القتال فيها كان حلالاً عند العرب في الإسلام والجاهلية.
ولأسماء الشهور الهجرية أسباب ومعانٍ وذلك على النحو التالي:
– مُحَرم: يسمى أيضاً بالشهر الحرام، وهو أول شهور السنة الهجرية، وسمي كذلك لأنه من الأشهر التي يحرم فيها القتال.
– صَفَرْ: هو ثاني الشهور الهجرية، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى العرب الذين كانوا يتركون بيوتهم صَفْراً أي خالية حين كانوا يخرجون إلى القتال.
– ربيع الأول وربيع الآخر: جاءت تسمية هذا الشهران في الربيع فلزمهما ذلك الاسم ويقال أيضاً أن الاسم نسبة إلى العرب الذين كانوا يستثمرون كل ما استولوا عليه من أسلاب في صَفَر، حيث يقول العرب (ربيع رابع) أي مُخْصِب.
– جمادى الأولى وجمادى الآخرة: سمي هذان الشهران بهذا الاسم نظراً لجمود الماء فيهما بسبب فصل الشتاء.
– رجب: وهو الترجيب والتعظيم.
– شعبان: قيل شعبان لأن العرب كانوا يتشعّبون للقتال بعد امتناعهم عنه في شهر رجب، وقيل لأن العرب كانوا يتشعبون في المناطق بحثاً عن الماء.
– رمضان: سمي شهر رمضان بهذا الاسم من شدة الرمضاء وهي الحر، وهو شهر الصيام للمسلمين.
– شوال: سمي بهذا الاسم نسبة إلى الإبل التي تشول أذيالها في بداية فصل الشتاء.
– ذو القعدة: سمي ذو القعدة بهذا الاسم لأن العرب تقعد فيه عن القتال باعتباره أحد الأشهر الحرم.
– ذو الحجة: هو آخر الشهور الهجرية، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى قيام المسلمين بأداء فريضة الحج فيه.