الإسلام يقودنا لـ”الحياة المستنيرة المتكاملة”
الأزهر مرجعية رصينة وقيمة كُبرى فى حياة مسلمى العالم
المجتمع الأوزبكى “موزاييك” من 130 قومية و16 طائفة دينية
حوار- مصطفى ياسين:
أكد منصور بيك كيليتشيف- سفير أوزباكستان فوق العادة بالقاهرة- أن العلاقات الأخويّة بين الرئيسين عبدالفتاح السيسى و”شوكت مير ضيائيف” قويّة ومتينة جدّا، وتنعكس بالإيجاب على التعاون بين البلدين فى مختلف المجالات، مشيرا إلى أن زيارة الرئيس الأوزبكى إلى مصر تزيد العلاقات قوَّة وترسيخًا، وتفتح الباب واسعًا لمزيد من فُرص التعاون والاستثمار فى كل المجالات والأنشطة الاقتصاديّة والتجاريّة والدينيّة بصفة خاصّة.
لافتًا إلى أن وفدًا رسميًّا رفيع المستوى من أوزبكستان، برئاسة المستشار مُظَفَّر كاملوف- مستشار رئيس دولة أوزبكستان- ضمَّ كلا من: تيمور ميرزايف- وزارة الثقافة والسياحة- عبدالرسول عبدالقليلوف- رئيس جمعية المستثمرين السياحيين- سعد الله أحمدوف- الخبير القانوني- أولوغبك عزاموف- نائب وزير السياحة والثقافة- قام بزيارة لعددٍ من الوزارات والمؤسّسات والهيئات المصريّة، متزامنة مع الزيارة الأولى لرئيس أوزباكستان “شوكت مير ضيائيف”، إلى مصر.
وقال: إن الإسلام يقودنا لـ”الحياة المستنيرة المتكاملة” فى كافة مناحيها وبما يحقّق للإنسانيّة جمعاء التقدّم والرخاء، واصفًا الأزهر الشريف بأنه “مرجعيّة رصينة وقيمة كُبرى فى حياة مُسلمى العالم”، مشيرا إلى أن المجتمع الأوزبكى يشبه الـ”موزاييك” لتشكُّله من 130 قوميّة و16 طائفة دينيّة، تعيش فى تسامح وإخاء.
وفيما يلى نص الحوار، الذى أُجرى معه بمناسبة الزيارة الأولى للرئيس الأوزباكستانى إلى مصر، ولقائه مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، بقصر الاتحادية.
· ماذا يُمثِّل الإسلام بالنسبة لبلادكم والنهوض بها فى كافّة مناحى الحياة؟
** الإسلام يقود ويهدي بقيمه الدينيّة وثقافته المستنيرة الإنسانَ إلى التكامل في مسيرة حياته من المَهْد إلى الّلحد، ويتجلّى هذا التكامل في الترابط العضوي بين القيم المعنويّة المُثلَى للإسلام كـ”دين وعقيدة” وبين الحضارة بكل عناصرها العلميّة والثقافيّة والاقتصاديّة المختلفة، ما يؤدّي بطبيعة الحال إلى تقدّم المجتمع وازدهاره وتطوّره، وفي هذا المعنى يحظى وطننا بنموذج التنميّة المستقلّة القائمة على أُسس هذا التكامل، والذي نتج عنه شعور وطني عام بالثقة والسعادة والرضا، وهو الأمر الذي دفع الكثير من مثقَّفي ومفكّري العالم للتعبير عن تقديرهم الكبير للتجربة الأوزبكية الناجحة والواعدة في الاستقلال والتنميّة .
وكان لقرار الرئيس “شوكت مير ضيائيف” الصادر في 16 أبريل 2018م، “بشأن الإجراءات الخاصّة حول التحسين الجذري للنشاط الديني والمعرفي” أثر حاسم في فتح آفاق جديدة لانطلاق وتنفيذ جُملة المبادرات الجليلة في هذا المجال، ووفقًا للقرار المذكور، فقد تمَّ تأسيس مركز المعلومات والتحاليل لدراسة وشرح المسائل الدينيّة والاجتماعيّة التابع لهيئة الشؤون الدينيّة لدى مجلس الوزراء، وتم أيضا تأسيس مدرسة علم الحديث وصندوق الوقف الخيري الجماعي لدى إدارة مسلمي أوزبكستان، فضلا عن ذلك فقد أُسِّست أكاديمية أوزبكستان الإسلاميّة الدوليّة التي تُمثّل صرحًا علميًا فريدًا جذب انتباه العديد من مفكّري وباحثي العلوم الإسلاميّة في أنحاء العالم المختلفة، مما حذا بالكثير من المؤسّسات الأكاديمية في العالم لبناء جسور علمية وتعاون معرفي مع أكاديمية أوزبكستان الدوليّة.
إن مجرّد النظر والمتابعة لمحتوى المضمون والمنهج الدراسي الذي يتلقّاه طلاب الأكاديمية يؤكّد بيقين لا يخالطه أدنى شك في قيمة الدور الواعد الذي سوف تلعبه الأكاديمية في مستقبل الأيام، وفي هذا الإطار تكفي الإشارة إلى المقرّرات الدراسيّة الرصينة مثل: الدراسات الإسلامية، الأدب الشرقي الكلاسيكي، الاقتصاد الإسلامي والعلاقات الدوليّة، علوم القرآن الكريم والأحاديث النبويّة الشريفة، قضايا العقيدة والتصوّف، اللغة العربيّة وآدابها وثقافتها، وكذلك علوم السياسة ودراسة الحضارات الإنسانيّة (نشأتها وتطوّرها واضمحلالها)، كل هذه المقرّرات ينهل منها حوالي أكثر من ألف طالب في مراحل التعليم المختلفة، البكالوريوس والماجستير والدكتوراه .
يُضاف إلى ذلك ما تتمتّع به الأكاديمية من ثراء المحتوى المعرفي والثقافي المُتمثّل في مكتبة المخطوطات بالأكاديميّة التي تذخر بالمخطوطات النادرة والكتب التاريخيّة القديمة ويتم باستمرار إمداد المكتبة وإثراءها بما يمكن شراؤه من مخطوطات هامّة من المواطنين، فالمكتبة حاليا تضم قرابة خمسمائة مخطوطة نادرة وألفا وخمسمائة كتاب من الكتب التاريخيّة القديمة، فضلا عن ألف كتاب من الكتب ذات الطباعة الحجريّة القديمة .
ولعلّه من رصيد اعتزازنا أيضا هذا الاهتمام الكبير من قِبل الخبراء الأجانب بالمصحف العثماني- المخطوط بيد الخطّاط حبيب الله صالح سنة 2004- وكذلك بأصل مخطوط كتاب “الهداية” لبرهان الدين المرغيناني.
ولقد كان لزيارة وفد مشيخة الازهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب- شيخ الأزهر- أثرًا كبيرًا ليس على مستوى الأكاديميّة فحسب بل اكتسبت أيضا بُعدًا وطنيًّا وشعبيًّا كبيرًا لما يُمثِّله الأزهر الشريف من مرجعيّة رصينة وقيمة كُبرى في حياة مُسلمي العالم أجمع .
إن الحقيقة التي يجب علينا الاعتراف بها وإبرازها، هي أنه في السنوات الأخيرة زادت على نحو ملحوظ زيارات الوفود من رجال الدين والعلماء المشهورين إلى بلادنا، وكذلك زيارات الوفود الأوزبكية إلى الخارج للمشاركة في المؤتمرات العلميّة الدوليّة ولعلّ هذا التفاعل بين الداخل والخارج يكون من شأنه إثراء الفكر وتطويره والانتصار لمضامين التنوير والتسامح التي ركّزت عليها مبادرة الرئيس .
ويُعتبر قسم اليونسكو لدراسة تاريخ الأديان واحدًا من بين 678 قسمًا تابعين لليونسكو في المؤسّسات التعليميّة في مختلف أنحاء العالم، لقد أقام هذا القسم علاقات تعاون مع جامعات: سانت بيتروسبورج الروسية وبيشكيك القرغيزية وبوخارست الرومانية وفريبورغ السويسرية .
ولعلَّ من التجلّيات المهمّة للمبادرة ايضا هو المؤتمر السنوي الذي يُعقد في السابع من أبريل سنويًّا على مستوى الجمهورية بعنوان “القضايا الهامة في الدراسات الدينيّة”، وكذلك المؤتمر الدولي السنوي في 16 نوفمبر “الحوار بين الطوائف والتسامح الديني ضمانا لاستقرار المجتمع”.
مظاهر التسامح
· ما هى صور ومظاهر التسامح الديني في بلدكم؟
** إن أُسس تراصَّ مجتمعنا والقوّة هو انسجام الثقافات المتعدّدة والشعوب الموجودة في أوزبكستان، إن ميزة أوزبكستان المعاصرة هي الأمن والاستقرار ووحدة المجتمع ومشاركة مُمَثِّلي الثقافات والديانات المختلفة في حياة المجتمع.
حيث يقطن في أوزبكستان أصحاب أكثر من 130 قوميّة و16 طائفة دينيّة من ضمن العائلة الكبيرة. وجميعهم يتمتّعون بالإمكانيات الوافرة للحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم القوميّة وتنميتها من جميع الجوانب.
استراتيجية الوفاق
· وما هى استراتيجيتكم لتوفير الأمن والوفاق بين القوميّات والتسامح الديني؟
** اقترح الرئيس “شوكت مير ضيائيف” في كلمته التي ألقاها في الجلسة الثانية والسبعين للجمعيّة العامّة لمنظّمة الأمم المتّحدة في 19 سبتمبر 2017 إصدار القرار الخاص للمنظّمة بعنوان “التنوير والتسامح الديني”. وفي 2018 وبموجب قرار رئيس الجمهورية “بشأن تطوير نشاط هيئة الشؤون الدينيّة لدى مجلس الوزراء لجمهورية أوزبكستان” تم إقرار الأعضاء الجُدد لمجلس شؤون الطوائف الدينيّة الذي يُعتبر جهة استشاريّة عامّة لدى الهيئة. وزاد عدد أعضاء المجلس من 9 إلى 17 عضوا، ممثّلا لكل طائفة من الطوائف الدينية الموجودة في أوزبكستان.
وأصدر رئيس الجمهورية قرارا رئاسيا في 16 أبريل 2018 “بشأن إجراءات التحسين الجذري لنشاط المجال الديني والتنويري، يقضي بتأمين التواصل في نظام التعليم الديني، إذ تمّ تأسيس نظام التعليم الديني من خمس مراحل، ويضم: التعليم الديني في كلٍّ من المراحل الثانوية والتعليم العالي والماجستير والدراسات العليا والدكتوراه، وتوفير الإمكانيات للحصول على الألقاب والدرجات العلميّة في التخصّصات الدينيّة.
وكذلك بموجب هذا القرار تمّ تأسيس أكاديميّة أوزبكستان الإسلاميّة الدوليّة على أساس جامعة طشقند الإسلاميّة والأكاديميّة الإسلاميّة، وينص القرار الرئاسي على تأسيس مركز التأهيل لدى أكاديميّة أوزبكستان الإسلاميّة الدوليّة مع فروعه الإقليميّة في جمهوريّة قاراقالباقستان ومحافظات سمرقند ونمانكان وسورخاندريا.
وكان من الأحداث الهامّة تأسيس المركز الإعلامي “ZIYO” لدى أكاديميّة أوزبكستان الإسلاميّة الدوليّة الذي يعتبر تنظيما إعلاميّا أساسيّا يقوم بدعوة ونشر تراث أجدادنا العلمي والديني وإبلاغ عامّة الناس الأهداف الإنسانيّة الحنيفة للدين وإخبارهم بالمستجدّات في المجال الديني التنويري.
كما تمّ تأسيس صندوق “وقف” الاجتماعي الخيري لدى إدارة مُسلمي أوزبكستان وتشتمل مهام الصندوق: تمويل أعمال تعمير المساجد والأماكن الدينيّة ذات الأهميّة التاريخيّة والمعماريّة وتعزيز قاعدتها الماديّة والتقنيّة وتقديم الدعم المادي والاجتماعي لموظّفي المؤسّسات الدينيّة. وبقرار مجلس الوزراء بتاريخ 28 أغسطس 2018 تمّ نقل 189 مكانا للسياحة الدينيّة إلى سيطرة صندوق “وقف” للاستخدام بدون المقابل.
وفي فترة ما بين يناير وأبريل 2018 تمّ تنظيم مسابقة القرآن الكريم في مختلف المستويات (مستوى المنطقة والمدينة والمحافظة والمستوى الجمهوري) وشارك أكثر من 5 آلاف متسابق.
وكذا تمّ تأسيس مركز الحضارة الإسلاميّة ومركز الإمام البخاري للبحث العلمي ومركز الإمام الترمذي للبحث العلمي. وفي مدينة سمرقند تم إنشاء مؤسّسة تعليمية دينيّة عُليا “مدرسة علوم الحديث”. كذلك تمّ افتتاح خمس مدارس علميّة مختصّة لدراسة علوم الكلام والحديث والفقه والعقيدة والتصوّف في مختلف مناطق الجمهورية.
كما يعمل في الجمهورية مركز مسيحيين الإنجيليّة بأوزبكستان واتّحاد الكنائس المعمدانية الإنجيليّة لأوزبكستان وإلخ.
كما تعمل المؤسّسات التعليميّة الدينيّة مثل معهد طشقند الإسلامي والمدرسة العُليا “مير عرب”. مدرسة علوم الحديث و9 مدارس دينيّة بما فيها مدرستان للبنات ومدرسة طشقند الروحيّة الأرثوذكسيّة ومدرسة طشقند المسيحيّة.
هذه المؤسّسات تهدف لرفع دراسة التراث الروحي لأجدادنا الذين أدّوا أقساطهم الوافرة في تقدّم العلم والحضارة الإسلاميّة على مستوى جديد وتحديث النظام التعليمي وزيادة كفاءة العاملين في المجال الديني وزيادة تأثير العمل على تنمية مشاعر التسامح والأفكار الإنسانيّة للدين الإسلامي الحنيف لدى الجيل الناشئ.
وقد صادَق رئيس الجمهورية على قانون جمهوريّة أوزبكستان “مكافحة التطرّف” الذي يمنع أي نوع من التطرّف، كما صادَق على قانون “بشأن إقرار ميثاق منظّمة شنغهاي للتعاون حول مكافحة التطرّف” الذي وقَّعه رؤساء الدول الأعضاء للمنظّمة في أستانا 9 يونيو 2017.
وقد انعقد في مدينتي طشقند وسمرقند المؤتمر الدولي بعنوان “دور الشباب في منع ومكافحة التطرّف العنيف والراديكاليّة المسبِّبَين إلى الإرهاب”. وفي المؤتمر وضع ثلاث مجموعات العمل توصياتها السياسية لبلاد المنطقة آخذا بعين الاعتبار الأوضاع الخاصّة بها.
وخلال سنوات الاستقلال أدّى أكثر من 116 ألف مواطن مناسك الحج، وأكثر من 93 ألفا أدّوا العُمرة. وأكثر من 1000 مواطن قام بزيارة الأماكن المقدّسة للمسيحيين واليهود في روسيا واليونان وإسرائيل.
أوزبكستان الجديدة
· وماذا عن الحياة الاجتماعيّة والاقتصاديّة الأخرى وتنميتها فى أوزباكستان؟
** لقد شهد العام الماضي الانتهاء بنجاح من تحقيق “استراتيجية العمل في المجالات الخمس ذات الأولويّة لتنمية جمهوريّة أوزبكستان خلال أعوام 2017-2021”. وفي سياق تنفيذ تلك الاستراتيجية، تمّ تحرير سوق الصرف الأجنبي، القيام بالإصلاح الضريبي، تعزيز حماية الملكيّة الخاصّة ودعم ريادة الأعمال، كما تمّ إجراء التغييرات الهيكليّة في الاقتصاد اللازمة نحو إنتاج السلع ذات القيمة المُضافة الأعلى، وجرى تسريع وتيرة التنميّة فى مختلف الأقاليم.
وقد أسفرت النجاحات الاقتصاديّة التي حقّقتها الإصلاحات المتّخذَة في تلك المرحلة عن تعزيز الحماية الاجتماعيّة للمواطنين وتعميق مكافحة الفقر. كما أُتيح خفض معدّل البطالة بشكل كبير، رفع مستوى دخل السكّان، تحسين جودة الخدمات الطبّية والتعليميّة، النهوض بالظروف المعيشيّة للمواطنين.
وينبغى الإشارة إلى أن التطبيق العالمي يتضمّن نهجين أساسييَن لتقديم المساعدة الاجتماعيّة، هما: النهج الشامل، والذى يتمثّل فى تقديم المساعدة لجميع سكّان البلاد، والنهج الموجَّه، المُتمثّل فى إرسال المساعدة فقط للمحتاجين وللشرائح الضعيفة اجتماعيّا من السكّان.
وقد تبنّت أوزبكستان نهجًا موجّها هادفا يتيح إمكانية تخصيص الموارد بشكل مباشر إلى الأماكن الأكثر احتياجا، لمساعدة الشرائح الضعيفة من السكّان.
وسوف يساهم التوسّع فى الدعم المادي وتقديم الخدمات الاجتماعيّة لكبار السنّ والمتقاعدين والأشخاص ذوي الإعاقة، في التحسين المُستدام للظروف المعيشيّة للشرائح الضعيفة من السكّان والحدّ من الفقر في البلاد.
ولمواصلة الإصلاحات الجارية في جميع المجالات، تمّ وضع “استراتيجية التنميّة لأوزبكستان الجديدة لفترة السنوات 2022-2026″، وذلك في المجالات السبع ذات الأولويّة. وعلى وجه الخصوص، وعَبْرَ تنفيذ الإصلاحات الجاريّة، يتمّ إيلاء الكثير من الاهتمام نحو تطوير القُدرات البشريّة.
وكما هو معروف، فإن تطوّر قُدْرات الإنسان يحدث منذ سنوات الطفولة المبكِّرة. لذلك، وفي السنوات الأخيرة، ينصبُّ الكثير من الاهتمام لتطوير التعليم قبل المدرسي، وسوف يظل ذلك النهج في بؤرة الاهتمام خلال السنوات المقبلة. وعلى هذا النحو، فمن المخطّط له بحلول نهاية العام الدراسي 2024/2025، رفع مستوى تغطية نظام التعليم قبل المدرسي للأطفال الذين تقترب أعمارُهم من 6 سنوات إلى 100٪.
لهذا الغرض، يجرى إنشاء أكثر من 7 آلاف هيئة تعليميّة غير حكوميّة جديدة لمرحلة ما قبل المدرسة، وذلك عبر جذب الموارد من القطاع الخاص. وليس التعليم فقط هو المجال الوحيد ذو الأهمية، بل تتضمّن الاستراتيجيّة الجديدة عملية الإصلاح فى جميع المجالات الحيويّة للنشاط الاجتماعي والتجاري.
ويتجسّد الجانب الأقوى الرئيسي لنظام الحماية الاجتماعيّة عَبر وجود مجموعة واسعة من البرامج المختلفة، التي تغطّي جميع الأنشطة البشريّة.
وبالرغم من ذلك، فقد أشار الرئيس خلال الاجتماع الأخير، إلى أن نتائج المسح الاجتماعى من بيت لآخر، قد أثبتت أن هناك 2.2 مليون شخصا في البلاد ما زالوا فى حاجة إلى المساعدة الاجتماعيّة. ومع الأخذ ذلك في الاعتبار، تمّ اتخاذ مجموعة واسعة من التدابير الهادفة لتعزيز الحماية الاجتماعيّة للشرائح الضعيفة من السكّان.
وتحتضن أوزبكستان أكثر من 3 ملايين شخصا، أو حوالي 9 ٪ من السكان، من كبار السنّ. وفى سبيل تقديم الدعم المالي لكبار السنّ، وتوفير الرعاية اليومية لهم والاهتمام بهم، سوف يتم إنشاء منظومة خاصّة بذلك الأمر على مستوى المحلّيّات. وعلى وجه الخصوص: في كل عام، يتم في المصحَّات علاج أكثر من 16 ألف من كبار السنّ المقيمين بمفردهم والمحتاجين إلى الرعاية؛ تقوم الدولة بتوفير الأدوية والأطراف الصناعيّة وأجهزة تقويم العظام لعدد 25000 من كبار السنّ من محدودى الدخل، تغطّي تكلفة العمليات الجراحيّة من موارد الموازنة؛ تغطية ما يصل إلى 540 ألف “سوم”، وذلك قيمة الاشتراك الشهري للتردّد على المرافق الرياضيّة، مثل استادات الكُرة وملاعب التنس، والصالات الرياضيّة وحمّامات السباحة؛ سداد تكلفة تذاكر المسارح والمتاحف بالكامل لكبار السنّ.
كما يجرى تنظيم الرحلات الخاصّة بالمسنين إلى الأماكن المقدّسة والمُتنزّهات الجديدة والمجمّعات والمراكز الثقافيّة.
وعند الحديث حول الأطفال والأيتام، تجدر الإشارة إلى تواجد 376 مؤسّسة اجتماعيّة حكوميّة عاملة في الدولة، بما في ذلك 324 مؤسّسة خاصّة بالأطفال و52 للبالغين، وتقوم تلك المؤسّسات برعاية 39.1 ألف طفل و9.7 ألف من الأشخاص على التوالي.
والآن سوف يتم عبر الاجراءات المُيسَّرة تخصيص الأموال اللازمة من ميزانية الدولة لشراء الطعام والملابس والمنتجات الخاصّة بالنظافة وغيرها من الضروريات الأخرى الخاصّة بالأطفال في دُور رعاية الأيتام العائليّة. وعلى وجه الخصوص، فطبقا لتكلفة الإنفاق على تربية تلميذ واحد، سوف يتم تحويل الأموال اللازمة إلى بطاقات بلاستيكيّة خاصة بالآباء الذين تبنّوا طفلاً. وفي ظلّ هذا الأمر، سوف يتم تحصيل الأموال الخاصّة بفواتير الخدمات (الكهرباء والمياه والغاز) بالأسعار المحدّدة للسكّان.
وسوف يتم دفع 50٪ علاوة لرواتب جميع العاملين في المؤسّسات التعليميّة المتخصّصة للأطفال ذوي الإحتياجات الجسديّة أو النفسيّة الخاصّة. وتمّ تخصيص 30 “مليار سوم” إضافية هذا العام لهذا الغرض. تخصيص 5 مليارات “سوم” سنويّا لصناديق المكتبات لشراء الأعمال الفنيّة الأدبيّة.
بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى تخصيص 600 مليار “سوم” لأعمال الترميم والبناء والتجهيزات لجميع المؤسّسات الاجتماعيّة الحكوميّة البالغ عددها 376، في إطار البرنامج المُستهدَف لعامى 2022-2023.
وقد أكد الرئيس على التوسّع بشكل أكبر فى تطبيق نظام دعم الشرائح محدودة الدخل من السكّان ذوي الاحتياجات الخاصّة. لذلك، تتلقّى المؤسّسات التي توظّف الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة دعما ماليا قدره 400 ألف “سوم” لكل موظّف لمدّة 6 أشهر.
وسوف يتلقّى العاملون فى أنشطة خاصّة والحرفيون من ذوى الاحتياجات الخاصّة إعانات ماليّة لشراء المعدّات والأدوات اللازمة لأنشطتهم، وسوف يتم تدريبهم على شتّى الحِرف على نفقة الدولة.
واعتبارًا من 1 يناير 2023، تمّ تطبيق نظام الإعانات الحكوميّة لدفع رواتب موظفي جمعيّة ذوي الاحتياجات الخاصة، وجمعية المكفوفين وجمعيّة الصُمّ في أوزبكستان وفى فروعها الإقليميّة. وفى سبيل اجتذاب الأطفال المكفوفين وضعاف البصر إلى تلقّى التعليم الكامل في مدرسة “سكن نورلي الجديدة”، وسوف يجرى إقامة 850 فصلاً دراسيّا إضافيّا، و1200 مكانا للإقامة في بيت الطلاب.
وطبقا للمرسوم الحكومى، سوف تقوم الدولة بتجهيز مكتبات هذه المدرسة تجهيزا كاملاً، وإمدادها بالكتب المدرسيّة والمراجع، والكتب الأدبيّة الفنيّة والخاصّة بأدب الأطفال، المطبوعة بطريقة برايل، واعتبارا من 2023 تمّ تحديد مهمّة تطبيق هذه التجربة في جميع أقاليم البلاد.
ويتزايد الإنفاق على الحماية الاجتماعيّة في أوزبكستان من سنة إلى أخرى، وعلى سبيل المثال، بلغ حجم الإنفاق عام 2018، 35 تريليون سوم، وفي 2019 وصل إلى 61.3 تريليون سوم، وعام 2020 – 74.2 تريليون سوم، وفي 2021 – 85.3 تريليون سوم، ومن المقرّر أن تبلغ النفقات 105.5 تريليون سوم لعام 2022.
في عام 2022، تمّ تزويد 3000 طفل من ضعاف السمع الدارسين في المؤسّسات التعليمية المتخصّصة بالأجهزة السمعيّة الحديثة بقيمة 11 مليار سوم. وفي العام الماضي، وبالتعاون مع الصناديق الدوليّة، حصل أكثر من 2000 طفل على الأجهزة السمعيّة.
وقبل حلول أكتوبر، سوف يتمّ شراء 20 هيكلا عظميا صناعيا لتجديد الوظائف المفقودة، و880 كرسيّا متحرّكا، و4000 من أجهزة القياس الحراريّة والصوتيّة، 6000 ساعة “ذكية”، وتسليم كل ذلك إلى مختلف المناطق، وسوف يجرى تخصيص 31 مليار سوم لهذا الغرض. وسوف يتم توفير الأطراف التعويضية وأجهزة تقويم العظام الحديثة طبقا للمعايير الفردية بقيمة 5.8 مليار سوم، وتقديمها إلى 123 من قُدامى المحاربين الأفغان ذوي الاحتياجات الخاصّة.
سوف يتم تخصيص 10 ملايين سوم سنويا لطلاب الجامعات غير الحكوميّة الذين تُركوا دون رعاية الوالدين، وذلك للحصول على السلع الغذائيّة والملابس ومستلزمات النظافة. ففى الوقت الحالى يحصل على هذه المدفوعات طلاب الجامعات الحكوميّة فقط.
كما جرى التطرّق إلى قضية ضمان الحماية الاجتماعيّة للمرأة، وعلى وجه الخصوص، ضمان الالتزام بدفع راتب المرأة التى تترك العمل فى أجازة الأمومة، سواء كان عملها في القطاع العام أو الخاص. وبموجب القانون الحالي، تُمنح المرأة الحامل أجازة أمومة ومنحة مالية مخصّصة للطفل حتى يبلغ العامين من العُمر.
في الختام، ومن أجل المقارنة، يجرى اقتراح النظر في التجربة الدولية لتنظيم الحماية الاجتماعية للسكّان، على وجه الخصوص، استخدام البلدان الأجنبيّة لوحدات إدارية من موظفى الدولة، باعتبار كل موظف منهم يمثل عاملا اجتماعيا محترفا، وشخصيّة رئيسة في نظام تقديم المساعدة الاجتماعيّة والحماية للسكّان.
وقد تمّ إقامة نظام للحماية الاجتماعيّة للسكّان في أوزبكستان، مع الأخذ فى الاعتبار بخصوصية مجتمعنا، ووجود تلك المؤسّسة العامّة الفريدة من نوعها المتمثّلة فى الأجهزة المحليّة، التي لا مثيل لها في البلدان الأخرى.
إضافة لما سبق، فبالعودة إلى عام 2020، وطبقا للتقرير الذى أعدّه خبراء من منظمة العمل الدولية واليونيسيف والبنك الدولي حول تقييم نظام الحماية الاجتماعية في البلاد، استنادا إلى أداة التقييم المستخدمة (CODI)، “تتمتع أوزبكستان بمنظومة للحماية الاجتماعية التى تم صياغتها على نحو دقيق وشامل نسبيا، والتى تتألّف من التأمين الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية والإجراءات المعمول بها فى سوق العمل”.
إن التدابير المُتَّخذة لتقديم الدعم الاجتماعي للمحتاجين تهدف لضمان تحقيق الهدف المحدد في “استراتيجية التنمية لأوزبكستان الجديد”، لتغطية 85٪ على الأقل من إجمالي السكان المحتاجين بحلول 2026، عبر برامج المساعدات الاجتماعية، التي تلبّى معايير تحديد المعونات الاجتماعية، وكذلك للحد من الفقر لخفض نسبته إلى النصف على الأقل.