د. أحمد ربيع:
فضائل وبركات وخيرات أسماء ربنا لا تحصى
د. عبد الشافي الشيخ:
ما أجوحنا أن ننتفع في حياتنا العملية بصفات ربنا
د. محمد طه رمضان:
تدبر معاني الأسماء المقدسة تزيدنا من الله قربا..ولخلقه نفعا
أدار الندوة.جمال سالم:
تابعها.محمد الساعاتي:
تصوير . أحمد ناجح:
أكد العلماء المشاركون في ندوة “أسماء الله الحسنى.. وتأثير معانيها على حياتنا” التي نظمتها عقيدتي ووزارة الأوقاف بمسجد السيدة نفيسة بالقاهرة، برعاية معالي الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن فهم المعاني الحقيقية لأسماء الله الحسنى تجعلنا أقرب غلى الله وأنفع لعباده إذا حاولنا التأسي بتلك الصفات السامية لتجعلنا سعداء في الدنيا والآخرة.. وأشاروا إلى أنه يجب أن لا نكتفي بمجرد حفظ الأسماء الحسني فقط، وإنما علينا التأمل فيها والتعبد بها إلى الله، ودعوته بها، والعمل بالمعاني الخفية والظاهرة فيها حتى تتحول حياتنا إلى الأفضل.. بدأت الندوة بتلاوة قرآنية مباركة من الشيخ أحمد جمعة، وحضرها الدكتور على الله الجمال، إمام وخطيب ومسجد السيدة نفيسة وجمع كبير من رواد المسجد.
في بداية الندوة تحدث الزميل جمال سالم، مدير تحرير عقيدتي، فأوضح أن أسماء الله الحسنى وشرح معانيها وكلها تدل على عظمته وكماله وجلاله سبحانه وتعالى، منها ما أخبرنا عنه في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومنها ما لا يعلمه إلا هو، وأسماؤه سبحانه المذكورة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تتجاوز المائة بكثير، ولكن يوجد من بينها تسعة وتسعين اسما من علمها وعمل بها فله أجر عظيم، وما أجمل أن نتصف بالصفات التي نفهمها من أسماء الله الحسني ، كالرحمة من الرحمن والرحيم لأن الراحمون يرحمهم الله، والسلام مع خلق الله يجعلنا من أحباء الله السلام ، وينال العفو من الله العفو من يعفو عن خلقه سبحانه ، وغيرها من الأسماء التي إن اتصفنا بها تحولت حياتنا إلى السعادة في الدنيا والآخرة، وإن ابتعدنا عنها كان مصيرنا الشقاء في الدنيا والآخرة.
تمجيد وتعظيم
تحدث الأستاذ الدكتور أحمد ربيع، العميد الأسبق لكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة- جامعة الأزهر، فأوضح أن أسماء الله الحسنى كثيرة، وهي مجموعة من الأسماء الخاصة بالله عز وجل، وهي أسماء لتمجيده وتعظيمه، وتوضيح صفاته، والتعريف به، حيث جاء في القرآن الكريم في كثير من السور ذكر أسماء الله سبحانه وتعالى، ومن المهم بشكل كبير أن يتم التعرف على هذه الأسماء ومعانيها، ومعرفة الفوائد الخاصة بها ، ومحاولة التطبيقها في حياتنا، لأن في ذلك معرفة وتقرب من الله عز وجل، وفائدة لعباده بالأخلاق السامية، وأسماء الله الجسنى كثيرة للغاية ولا نستطيع عدها، رغم قول رسول الله صل الله عليه وسلم:” إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلاّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ “. والدليل على ذلك قول رسول الله صل الله عليه وسلم في حديث آخر:” مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي، إِلاّ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا، قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ: بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا ”
وأوضح الدكتور أحمد ربيع أنه من المستحب دعوة الله بها وفهم معانيها وتطبيقها في حياتنا حيث يقول الله سبحانه وتعالى:” وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ”. كأن يقول يا رحمن ارحمني، يا غفور اغفر لي، يا توّاب تُبْ عليّ ونحو ذلك، يا رزاق ارزقني، وياعفو اعفو عني، معرفة أسماء الله تعالى أهمية كبيرة لأن العلم بالله وأسمائه وصفاته أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق، لأن شرف العلم بشرف المعلوم، والمعلوم في هذا العلم هو الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، فالاشتغال بفهم هذا العلم، والبحث التام عنه، هو اشتغال بأعلى المطالب، وحصوله للعبد من أشرف العبادات، لأن معرفة الله تدعو إلى محبته وخشيته، وخوفه ورجائه، وإخلاص العمل له، وهذا هو عين سعادة العبد ، ولا سبيل إلى معرفة الله، إلا بمعرفة أسمائه الحسنى ، والتفقه في فهم معانيها والاستفادة منها في تحويل حياتنا إلى الأفضل ، فما أعظم التعرف على أسماء الحسنى وفهم معانيها، فذلك له عظيم الأثر على المسلم، حيث تؤثّر على سلوكه؛ فيلتزم بالطاعات وفعل الخيرات، ويجتنب فعل المعاصي والمنكرات، ويُزكّي نفسه، ويتقرّب إلى خالقه ويخشاه ويستحي منه.
وينهي الدكتور أحمد ربيع كلامه مؤكدا أن العلماء اجتهدوا في فضائل معرفة الأسماء الحسنى فوضحوا أنها من أعظم أسباب دخول الجنة ، وتعرِّفك باللَّه عز وجل لأنها أصل عبادة الله تبارك وتعالى، فقال بعض العلماء: أول فرض فرضه اللهُ على خلقه معرفته، فإذا عرَفه الناس عبدوه، فقال الله تعالى:” فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ” فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها، فيعظموا اللَّه حقَّ عظمته، فمن عرف أنه حييُّ كريم قوي فيه رجاؤه وازداد فيه طمعه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:” إن ربكم تبارك وتعالى حَييٌّ كريم يستحي مِن عبده إذا رفع يديه إليه أن يردَّهما صفرًا”، والأسماء الحسنى من أعظم الأسباب لإجابة الدعاء، فقد دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسجد ، فسمع رجلاً يقول:” اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت اللَّه لا إله إلا أنت، الأحد الصمد الذي لم يَلد ولم يُولد ولم يكن له كفوًا أحد. فقال:”لقد سألت اللَّه بالاسم الذي إذا سُئِل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب”. وفي رواية أخرى أنه سمع رجلاً يقول بعد التشهد:” اللهم إني أسألك يا اللَّه الأحد الصمد، الذي لم يَلد ولم يُولد ولم يكن له كفوًا أحد أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:” قد غُفِرَ له، قد غُفِرَ له” ثلاثًا، دعاء اللَّه بأسمائه الحسنى أعظم أسباب تفريج الكروب وزوال الهموم، فقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول:”لا إله إلا اللَّه العظيمُ الحليمُ ، لا إله إلا الله ربُّ السماواتِ والأرضِ ورب العَرشِ العظيم”. فكل الرحمات من الله في الدنيا والآخرة،تكمن في حفظ وفهم وتدبر أسمائه الحسنى، فهو سبحانه القائل:” مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ “.فإذا لم يرحم اللَّه فمن إذًا الذي يرحم !!
الإيمان الكامل
تحدث الأستاذ الدكتور عبد الشافي الشيخ، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية – جامعة الأزهر، فأوضح أن الإيمان بأسماء الله الحسنى ومعرفتها يتضمن أنواع التوحيد الثلاثة:” توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وتوحيد الأسماء والصفات”، وهذه الأنواع هي روح الإيمان، وأصله وغايته ، فكلما زاد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته ازداد إيمانه وقوي يقينه، لأن الله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه، وهذا هو الغاية المطلوبة منهم، فيقول الله عز وجل:” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ. مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ. إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ”. ولهذا يجب معرفة المعبود بأسمائه وصفاته وأفعاله، وليس معنى الإيمان هو التلفظ به فقط دون معرفة الله، لأن حقيقة الإيمان بالله أن يعرف العبد ربه الذي يؤمن به، ويبذل جهده في معرفة الله بأسمائه وصفاته والاجتهاد في طاعته ليزداد إيمانه، لأن العلم بأسماء الله الحسنى أصل للعلم بكل معلوم، وإحصاء الأسماء الحسنى ليس معناه العدد فقط – مع أهميته- كما يفهم البعض وإنما فهم معانيها والاستفادة منها في تغيير حياتنا للأفضل سواء في علاقة الانسان بربه، أو علاقته بخلقه لأن الجزاء من جنس العمل، فمن يرحم خلق الله يرحمه الله، ومن يرفق بخلق الله يرفق به الله، من يعفو عن خلق الله يعفو الله عنه
وأضاف الدكتور الشيخ أن لنا في السيرة النبوية وحياة الأنبياء والصالحين القدوة لنا، فمثلا في تغليب الصديق أبي بكر لأمر ربه العفو على هواه الشخصي في حادثة الإفك حيث كان مسطح بن أثاثة ممن تكلم في الإفك، فلما أنزل الله تعالى براءة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقال أبو بكر الصديق- وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره- والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبدًا بعد الذي قال عن عائشة ما قال فأنزل الله:” وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ” فقال أبو بكر الصديق:” بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي” فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال:” والله لا أنزعها منه أبدًا ”
وأشار الدكتور عبد الشافي الشيخ إلى أسماء الله الحسنى توقيفية ويعني هذا أننا لا يمكننا تسمية الله تعالى بأسماء غير التي سمّى بها نفسه في القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية الشريفة، واجتهد العلماء في أسماء أخرى توفيقية لا تتعارض مع الأسماء التوقيقية ، بل إنها تدور في نفس معانيها الواسعة، ويعد معرفة وفهم معاني أسماء الله الحسنى تمام لعبادة الله تعالى التي تتوقف على تمام المعرفة والإنابة إليه والإقبال عليه، فكلما زادت معرفة عبادة العبد لربه زادت عبادته وخشوعه له فكانت عبادته أكمل ويملأها الإخلاص، لأن معرفة الله تعالى سبب في محبته وبالتالي تقوى المحبة على قدر قوة المعرفة، وإنّ قوة معرفة العبد لله تدعوه إلى محبته وخشيته وخوفه ورجائه ومراقبته وإخلاص العمل له وهذا منتهى سعادة العبد، وسبيل معرفة العبد لله هو معرفة أسمائه الحسنى، كم معرفة الله هو السبيل للتوكل الحقيقي عليه لأنها معرفة الله المسبب والخالق لكل شيء، المتفرد بالنفع والضر والعطاء والمنع والرزق والإحياء والإماتة تجعل العبد يتوكل عليه ظاهرًا وباطنًا ، كما معرفة الله تساعدنا على فهم وتدبر القرآن الكريم مما يساعدنا على التعامل الصحيح بثمراتها من الخوف والرجاء والخشوع والمهابة والرجاء والتوكل، كما معرفة الله تورث الأدب معه سبحانه لأن العبد يتعلم منها أنه لا تقدير إلا ما قدره الله، ولا يكون منه إلا الطاعة والخضوع والقبول.
وأكد الدكتور عبد الشافي الشيخ أنه على الرغم من كثرة أسماء الله الحسني إلا أن لفظ الجلالة (الله) هو أسم الله الأعظم ، لأنه اسم الذات المختص به وحده وجل شأنه، ولا يتسمى به غيره، فهو علم على المعبود بحق، خالق السموات والأرض وما بينها، بل خالق كل ما في الكون ، ويرفض البشر إطلاق أي اسم على الذات الأقدس غير لفظ “الله” وحده هو العلم الحقيقي، لكل اسم من أسماء الله الحسنى معنى مختلف عن غيره ، وجميعهم معاني جليلة ، تدل على عظمة الله سبحانه وتعالى ، كما أننا إذا تأملنا معاني أسماء الله الحسنى ، فنجد “الرحمن” ويقصد به أن الله كثير الرحمة ، وذلك لأن رحمته وسعت كل شيء كما تم ذكر ذلك في كثير من المواضع في القرآن الكريم ، فهو في البسملة فضلا عن كثير من الآيات منهافضلا أنه سبحانه كتاب على نفسه الرحمة، ومرتبط بع أسم الله “الرحيم” معناه أن رحمة الله لا تنتهي أبدًا ، وأنه هو المنعم على عباده ، أما أسم الله “الملك” فيؤكد أن الله يملك كل شيء الدنيا والآخرة، وجميع الخلق ، وأسم الله “القدوس” وهو المتنزه عن جميع العيوب والنقائص، وليس بمثله أحد ، وأما اسم الله “السلام” أن الله هو الذي ينشر السلام بين الناس . ليعيشوا سعداء يعبدونه ويعمرون كونه، أما “المهيمن” هو المسيطر والرقيب لكل شيء، وهو الحافظ لأرزاق الناس وأعمالها ، أما “العزيز” فهو يؤكد أن الله تعالى هو الوحيد الذي ينفرد بالعزة، ولا يستطيع أن يغلبه أحد أو شيء .
سعادة الدارين
تحدث الدكتور محمد طه رمضان ، إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة، فأوضح إن أسماء الله الحسنى هي أسماء سمى الله بها نفسه في كتابه الكريم أو على لسان أحد من رُسُله وأنبيائه أو استأثر الله بها في علم الغيب عنده لا يُشبه ولا يماثله فيها أحد، وهي “حسنى ” يراد منها قصر كمال الحسن في أسماء الله لا يعلمها كاملة وافية إلا الله، فهي أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد وتعظيم الله وصفات كمال الله ونعوت جلال الله، وأفعال حكمة ورحمة ومصلحة وعدل من الله، يُدعى الله بها وتقتضي المدح والثناء بنفسها، فهي طريق الوصول إلى الله القائل:” قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا” وقوله سبحانه وتعالى: “اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى” ورصد العديد منها في آية واحدة “هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ”
وأشار الدكتور محمد طه إلى أنه من جميل قاله إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي ، في معاني أسماء الله الحسنى :” إن حب العبد لذات الله يجعله يعيش في عطاء صفاته، فمن أحب الذات وُهبت له نفحات الصفات.، أما تفسير الحديث الشريف: “إنّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسمًا، مِائَةً غَيْرَ واحدٍ، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ” فإن الله تعالى قد أمرنا بأن نؤمن بأسمائه ذاتًا وصفات، وأن نعبده سبحانه وتعالى طاعةً واجتنابًا لمعاصيه، فهو العالم بالسر وأخفى وفي أسمائه أسرار وفي صفاته مدد يكشفه الله لمن تعامل مع صفاته وأسمائه.
وروى الدكتور محمد طه قصة الأصمعي والأعرابي، حيث يروى أن الأصمعي-عالم اللغة- كان يتحدث في مجلس وكان من بين الحضور أعرابي، فاستشهد الأصمعي في حديثه بالآية الكريمة :”وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ والله غفور رحيم”.فسأله الأعرابي: كلام من هذا؟.تعجب الأصمعي من السؤال وقال: هذا كلام الله عزوجل!. فقال الأعرابي بكل ثقة: هذا ليس بكلام الله سبحانه وتعالى.فهاج المجلس وعلا صوت الحضور، كيف يشكك هذا الأعرابي في كلام الله عز وجل وينكر آياته؟!. ظل الأصمعي محتفظاً بهدوئه وسأل الأعرابي: هل أنت من حفظة القرآن؟.فقال الأعرابي: لا.فقال الأصمعي: حسنًا هل تحفظ سورة المائدة؟ (تلك السورة التي ورد فيها ذكر هذه الآية).قال الأعرابي: لا.فقال الأصمعي: إذًا أخبرني كيف حكمت بأن تلك الآية ليست من كلام الله عزوجل؟.فقال الأعرابي: أنا واثق من أن هذه الكلمات ليست من كلام الله. فتم إحضار المصحف لحسم الجدال الذي انتشر في المجلس، وفتح الأصمعي المصحف على سورة المائدة، وأخذ يبحث عن الآية المنشودة .وقال الأصمعي للأعرابي تلك الآية هي فاسمعها:وبدأ الأصمعي في قراءة الآية:” وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّـهِ”، وسكت الأصمعي برهة من الزمن وأدرك خطأه فالآية تنتهي بقوله تعالى: “وَاللَّـهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” وليس “غفور رحيم”.أعجب الأصمعي بنباهة الأعرابي وفطنته وقال له الأصمعي: يا أعرابي أخبرني كيف عرفت؟. فقال الأعرابي: يا أصمعي، عز فحكم فقطع ولو غفر ورحم لما قطع . فهذا الفهم الذي نحتاجه ليس لأسماء الله الحسنى فقط بل لكل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.